السلطات الأميركية تفكك شبكة من القراصنة الإلكترونيين في الصين
النشرة الدولية –
في سياق الصراع الجيوستراتيجي ذي الأبعاد المتعدّدة بين واشنطن وبكين، الذي كان قد خفت قليلاً في الآونة الأخيرة بفعل التواصل واللقاءات الثنائية المتتالية على مختلف المستويات لمعالجة القضايا العالقة بينهما، أكدت السلطات الأميركية، الأربعاء، تفكيك شبكة من القراصنة الإلكترونيين تتمركز في الصين وتُعرف باسم «فولت تايفون»، مُتّهمةً إيّاها باختراق بنى تحتية رئيسية في الولايات المتحدة بهدف تعطيلها حال نشوب نزاع، فيما اعتبر خبراء أن العملية تُمثّل «انتصاراً استخباراتيّاً»، ولو مرحليّاً، مهمّاً للغاية للولايات المتحدة، حيث «قطعت» الأخيرة «يد» الصين السيبرانية عن بناها التحتية.
وفي هذا الصدد، أكد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي «أف بي أي» كريستوفر راي خلال شهادة أمام لجنة في الكونغرس في شأن المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، أن واشنطن وحلفاءها حدّدوا خلال عملية «مئات أجهزة التوجيه التي استولت عليها «فولت تايفون» التي ترعاها الصين»، مشيراً إلى أن «البرمجيات الخبيثة التي تستعملها الشبكة مكّنت الصين من بين أمور أخرى، من إخفاء أعمال استطلاع سابق للعمليات واستغلال للشبكات ضدّ بنى تحتية حيوية مثل قطاعات الاتصالات والطاقة والنقل والمياه لدينا».
واتهم راي القراصنة بالإعداد «لإحداث فوضى والتسبّب في ضرر حقيقي للمواطنين الأميركيين»، لافتاً إلى أنه «متى وإذا قرّرت الصين أن الوقت حان للضرب، فإنها لا تُركّز فقط على الأهداف السياسية أو العسكرية، إذ إنّ استهداف المدنيين جزء من خطتها»، في حين أوضحت وزارة العدل أن العملية الأميركية حصلت على إذن من محكمة فدرالية في تكساس، مؤكدةً أنه من خلال السيطرة على المئات من أجهزة التوجيه التي كانت معرضة للخطر لأنّها لم تعُد مدعومة بالتصحيحات الأمنية أو تحديثات البرامج الخاصة بالشركة المصنّعة لها، سعى القراصنة إلى إخفاء أصل أنشطة القرصنة المستقبلية المرتكبة انطلاقاً من الأراضي الصينية.
وشدّدت الوزارة على أن العملية الأميركية نجحت في مسح البرامج الضارة من أجهزة التوجيه، من دون التأثير على وظائفها المشروعة أو جمع أي معلومات، لكنّها ذكرت أنه لا يوجد ضمان بعدم إمكانية اختراق أجهزة التوجيه مرّة أخرى. ولفت مساعد وزير العدل ماثيو أولسن الذي يعمل في قسم الأمن القومي في الوزارة إلى أن الوصول إلى البنى التحتية الأميركية الذي سعت إليه «فولت تايفون» هو أمر «يُفيد الصين خلال أزمة مستقبلية».
وفي هذا السياق، لفت الباحث لدى «مؤسّسة جيمستاون» ماثيو برازيل إلى أن إعلان تفكيك الشبكة قد يعني أن الولايات المتحدة حيّدت القراصنة مباشرةً في المصدر، رغم أن ذلك ما زال غير واضح، لكنّه اعتبر أنه «إذا كان الحال كذلك، فإنّ المخاطر تزداد على ما يبدو، مع اتخاذ الصين قرار الاستعداد للحرب عبر الانخراط في هذه الأعمال العدائية وتحرّك الولايات المتحدة وتعطيل هذه القدرات».
في المقابل، وصف الناطق باسم الخارجية الصينية وانغ ونبين الاتهامات الأميركية بأنها «غير مسؤولة إلى حدّ كبير وتخلط بين الصح والخطأ»، معتبراً أن «الولايات المتحدة هي مصدر الهجمات الإلكترونية والطرف الخبير فيها»، بينما يشدّد الـ»أف بي أي» على أن الصين تملك أكبر برنامج قرصنة في العالم. ويأتي ذلك بعدما كانت واشنطن وحلفاؤها قد اتهموا «فولت تايفون» في أيار الماضي، باختراق شبكات بنى تحتية أميركية حيوية. كما وصفوها بـ»مجموعة قرصنة ترعاها الدولة الصينية»، ما نفته بكين حينذاك أيضاً.
واتهمت الولايات المتحدة وحلف «الناتو» وحلفاء آخرون عام 2021، الصين، بتوظيف «قراصنة يعملون بعقود» لاستغلال ثغرة في أنظمة البريد الإلكتروني التابعة لشركة «مايكروسوفت»، ما سمح لوكلاء الأمن التابعين للدولة بالوصول إلى معلومات حساسة. وذكرت بيانات حكومية أميركية وتقارير إعلامية أن الجواسيس الصينيين اخترقوا وزارة الطاقة الأميركية وشركات المرافق العامة وشركات اتصالات وجامعات.