شعوب وقادة.. نقطة على السطر
بقلم: زيد سفوك

النشرة الدولية –

ساد مفهوم واسع لدى الكثير من الشعوب أن بقاء الأنظمة الحاكمة واستمرارها في إدارة شؤون البلاد مرتبط بالاعتماد على التفاهمات الدولية من جهة، والتفاهم ما بين الحاكم والشعب من جهة أخرى، والقيادة الناجحة هي التي تصل لسياسة مرنة وتوفق ما بين الاثنين وترتقي للقمة، ولا يمكن تجاهل أن بعض دول الخليج العربي استطاعت أن تصل للقمة وتحافظ على هذه المكانة.

الإمارات العربية المتحدة من إحدى الدول التي رسمت لوحة جميلة للمستقبل، وابتعدت قدر الامكان عن سياسة التجاذبات والتحالفات العسكرية والصراعات في المنطقة وتمسكت بسياسة الثقافة والعلم والتطور والازدهار، وأسست شراكة مع من يشابهها بذات الفكر النير، وكان واضحاً أنها تنتهج سياسة ناجحة وتعلم أن التطرف والعنصرية باتت تغزو دول المنطقة لتنخر بين الشعوب، كما أنشات مؤسسات بحثية وتطبيقية مستقلة وعملية على الأرض لمكافحة التطرف العنيف بجميع أشكاله ومظاهره، ودعمت بناء مراكز وأبحاث ودراسات قيمة للتصدي للفكر المتطرف ونشر المعرفة، ولم تكن مؤسسات ومراكز نظرية فقط، بل كانت ولا زالت لها فعالية على الأرض وصدى بين دول المنطقة.

إن توسع الصراع في الشرق الأوسط منذ اندلاع ما سمي بثورات الربيع العربي أواخر عام 2010 وبداية 2011، بيّن تماماً أن الشعوب أصبحت سلاحاً بيد أصحاب القرار، فبانتهاء الحروب العسكرية المباشرة في منطقة الشرق الأوسط التي سميت بحروب الخليج، ( 1980 –1988 بين إيران والعراق، أغسطس 1990 – فبراير 1991 احتلال العراق للكويت)، أدركت دول آسيا وإفريقيا أنها البداية لتغيير البوصلة في عصر النهضة القادم.

استباحة الأرض وغزو عقول البشرية وإنمائها بالإرهاب والتطرف من قِبل الدول ذات المطامع والغزوات دخل حيز التنفيذ دون رادع، وبدأت الكثير من الأنظمة بالاستقواء بدول حليفة سواء من خلف الستار أو على خشبة المسرح، وامتدت السياسة لترتكز على بناء تحالفات مع القوى العظمى، والبعض منها اعتمد في ذلك لبقاء نظامه في سدة الحكم، والبعض الآخر في سبيل ضمان بقاء بلادهم وشعوبهم بعيدة عن أي خطط مستقبلية تهدف لزعزعة استقرارها وتدميرها، ومن بين هذه التوازنات نجح الأكثر نضجاً وتعمقاً بالبحث عن حلول جذرية لا مؤقتة، كانت الإمارات والأردن وإقليم كوردستان وبعض الدول الأخرى أوائل من اكتسبوا هذا النجاح، وحافظوا على استمرار تقدمهم وحماية شعوبهم وتطور بلدانهم.

انتهجت هذه القيادات سياسة امتداد جسور المحبة والثقافة بين الحاكم والشعب، وأسسوا كيان متين من الداخل، وفتحوا أبوابهم للانفتاح أمام الملأ ونجحوا بجدارة في استقطاب أصحاب العقول المُفكِّرة والمُنتجة حتى باتت أبو ظبي وأربيل وعمان وبعض العواصم الأخرى منبراً لمستقبل ناجح هو آتٍ لا محالة، ولا بد أن نؤمن بحقيقة أن القضاء على التطرف والعنف والكراهية والعنصرية يأتي من خلال نشر الوعي الثقافي والاهتمام بجيل المستقبل وتوعيته وفق أسس سليمة، وإرثاء ثقافة العيش المشترك وانمائها من خلال منطق الشراكة وقبول الآخر واحترام الشعوب ودعمها في نيل حقوقها وتحررها، لكل شعب الحق في الحياة على أرضه منبع جذوره.

Back to top button