إسرائيل اتخذت القرار وامريكا وافقت بشرط!
بقلم: اكرم كمال سريوي
النشرة الدولية –
الثائر –
اتخذت حكومة الحرب الإسرائيلية قرار الهجوم على رفح، وأمهلت حماس حتى بداية شهر رمضان، لإعادة الأسرى وإلا ستستمر الحرب، وستتم مهاجمة رفح.
ورفضت الحكومة الاسرائيلية ما سمته بالإملاءات الخارجية، للاعتراف بالدولة الفلسطينية، لكنها ابقت الباب موارباً، وربطت ذلك بشرط أن يحصل الاعتراف من خلال عمليات الحوار المباشر. محذّرة بأن الاعتراف الآن بدولة فلسطين، من جانب واحد، يعتبر مكافأة لحماس.
وفي حقيقة النوايا المبيّتة، تريد إسرائيل تحقيق أمرين:
الأول إطالة أمد الحرب لإطالة عمر حكومة نتنياهو.
الثاني: تدمير رفح وقتل مزيد من الفلسطينين، بما يسمح لنتنياهو أن يدعي تحقيق النصر على حماس.
بدأت الاستعدادات لترحيل الفلسطينيين من رفح نحو المواسي، ونحو الحدود مع مصر. ويبدو أن اقتحام بعض الفلسطينيين بوابة معبر رفح، هي البروفا الأولى لترحيلهم نحو سيناء.
وافقت أمريكا على خطة إسرائيل في رفح، لكنها اشترطت موافقة إسرائيل، على خطة أمريكية لما بعد الحرب.
تقوم الخطة الامريكية على شقين:
الأول اغراء إسرائيل بالتطبيع مع الدول العربية، وفي مقدمتها السعودية. وتقديم مساعدات مالية دولية، تشترك فيها مع اوروبا ودول عربية، لإنجاز وفتح ما سمي بطريق السلام، الممتد من حيفا إلى الامارات.
الثاني: الاعتراف بدولة فلسطينية منزوعة السلاح، يرتبط إنشاؤها بما يسمى انجاز الاصلاحات داخل السلطة الفلسطينية، وحل الجناح العسكري لحماس، وانضمامها إلى حكومة جديدة، بعد أن يتحول محمود عباس إلى رئيس شكلي للدولة، التي ستبقى لسنوات على الورق.
من المؤكد أن الحرب في غزة ستنتهي، لكن إسرائيل ترغب قبل ذلك ان تقتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين. وتعتبر حكومة إسرائيل المتطرفة، أن وحدها مجزرة كبرى في رفح، تبرر لها قراراً بوقف اطلاق النار.
النقطة المهمة الثانية التي تصر عليها إسرائيل، هي عدم الانسحاب من غزة بعد وقف اطلاق النار.
والسبب أن إسرائيل تريد أن تضمن تفكيك الجناح العسكري لحركة حماس، وتمنع إعادة الإعمار لأطول فترة ممكنة، وابقائها مكاناً غير صالح للسكن.
على أن يتم خلال هذه الفترة، التي ستمتد لسنوات، تهجير أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، وستفتح دول عديدة أبوابها أمام هجرة أهالي غزة.
وقد عملت إسرائيل مع تلك الدول، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، لقطع المساعدات عن الأونروا، وتجفيف المساعدات الانسانية والمالية لسكان القطاع، بما يجعل حياة الفلسطينيين شبه مستحيلة هناك، فيندفعون في موجات جديدة من الهجرة الطوعية.
يعلم نتنياهو أن حكومته ستسقط مع نهاية الحرب، فهي ما زالت مستمرة بسبب الواقع الميداني. ولكن نتنياهو وقع رهينة بيد جماعة أحزاب اليمين، الذين لا يمثلون سوى أقل من 10% من الاسرائيليين، ولا يمكنهم حمايته مستقبلاً.
ولقد سمع نتنياهو كلاماً صريحاً من داخل تكتل الليكود، بأن “من كان رئيس حكومة في 7 اوكتوبر سيرحل فور توقف الحرب”.
لقد كتبت حماس نهاية نتنياهو السياسية، فهو فشل في القضاء على حماس، ويدرك أنه إذا أقدم على مغامرة في رفح، قد يتسبب بمقتل العدد الاكبر من الأسرى لدى حماس.
ورغم أنه على الصعيد الشخصي غير مهتم بحياة هؤلاء الأسرى، ومستعد للتضحية بهم، لكنه يعلم أن هذا الأمر لن يغفره له أهالي الأسرى، المدعومين من جناح المعارضة، وسينتقمون منه شر انتقام.
المشكلة الأكبر لدى نتنياهو، ليست الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، بمن فيهم مروان البرغوثي. لكن نتنياهو يركز على اسماء الأسرى ليجبر حماس على التراجع عن مطلبها الأخطر، وهو توفير الحماية للمسجد الاقصى والقدس الشرقية.
هذا المطلب تعتبره إسرائيل، أنه بمثابة موافقة على إعادة تقسيم القدس، بعد أن نجحت خلال 56 عاماً بتهويدها. وقد ردت حكومة نتنياهو على هذا الطلب، بالموافقة على قرار وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير، تقييد دخول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى، في شهر رمضان المقبل.
لا يمكن لنتنياهو او أي رئيس حكومة آخر الموافقة على ذلك، وهذه هي العقدة الأصعب في المفاوضات الجارية، برعاية مصرية أمريكية قطرية.
أعلن بن غفير أنه لن تقوم دولة فلسطينية في عهد هذه الحكومة، وهذا صحيح، لأن هذه الحكومة ستسقط، وتأتي مكانها حكومة جديدة تقود مفاوضات السلام مع الفلسطينيين.
ولن تتحمل الحكومة الجديدة مسؤولية الاخفاق والفشل، الذي سيتم إلصاقه بحكومة نتنياهو.
من جهة أخرى ما زال هناك معضلة في انجاز الاتفاقات، فالولايات المتحدة الأميركية ما زالت مصرّة على التفرد في الشرق الأوسط، وإبعاد روسيا والصين، وحتى إيران، عن أي قرارات أو مشاريع حلول مستقبلية.
يقود فريق بايدن هذه المفاوضات المعقدة. حيث يعمل وزير خارجيته على مسار التطبيع، ويقود رئيس مخابراته ويليم بيرنز مسألة ترتيب الصفقة بين الفلسطينين وإسرائيل، وتشكيل حكومة تكنوقراط، تشترك فيها حماس مع منظمة التحرير.
بيرنز يؤمن بأن أمن إسرائيل لن يتحقق من دون إنشاء دولة فلسطينية، ويسعى هذا الدبلوماسي المخضرم، أن يعيد لعب دور هنري كيسنجر، في استخدام السياسة الناعمة، لتحقيق أهداف أمريكا في شرق أوسط جديد.
اما هوكشتاين فلقد رسم خطة للاتفاق مع لبنان، على ترتيبات أمنية على الحدود، تضمن أمن إسرائيل مقابل انسحابها من النقاط 13 التي ما زالت تحتلها في لبنان. لكنه ينتظر اعلان وقف اطلاق النار ليعاود مهمته، بعد أن ابلغه حزب الله، أن لا وقف للعمليات ضد المواقع الإسرائيلية في شمالي فلسطين، قبل وقف النار في غزة.
في المحصلة ورغم ضخامة حجم التضحيات التي قدمتها المقاومة في فلسطين، وكذلك في لبنان، لكن ما تحقق من صمود، وكسر لسياسة الردع التي قامت عليها إسرائيل، أجبر أمريكا والعالم، على مقاربة جديدة لملف حقوق الفلسطينيين، وحقهم باقامة دولتهم.
اما في لبنان، للمرة الثانية ستجبر المقاومة إسرائيل على الانسحاب من الأراضي اللبنانية، والتوقف عن انتهاك سيادة لبنان.
فما النصر إلّا صبر ساعة وإن غداً لناظره قريب.