“هدنة الرغيف” و”الطريق 749″
بقلم: اكرم كمال سريوي

النشرة الدولية –

تحاول إسرائيل كعادتها قلب الحقائق، وتحميل حماس مسؤولية الاخفاق في التوصل إلى هدنة في غزة، خلال شهر رمضان المبارك

وما تعرضه إسرائيل على حماس هو: الرغيف مقابل الأسرى.

وهذا أبشع انواع الابتزاز، ومجرد خدعة رخيصة، بهدف تجريد حماس من ورقة القوة في المفاوضات.

بعد خمسة أشهر من القتال المضني، يطالب قادة الجيش الإسرائيلي بهدنة لالتقاط الأنفاس.

فوفق تصريحات رئيس الأركان هرتسي هاليفي الذي قال : “إنه رغم الإنجازات فإن الخسائر كبيرة” ، فإن هذا اعتراف واضح، يضاف إلى اعترافات الضباط والجنود الإسرائيليين، الذين يتحدثون عن عمليات رفض للأوامر، وحالات الهرب، والتمارض بعشرات الآلاف، داخل صفوف الجيش الإسرائيلي.

ووفق ما أعلن مستشفى سوروكا الإسرائيلي، منذ ايام قال: أنه استقبل 9 جنود مصابين، اثنان منهم مصابان بجروح بليغة.

وقال المستشفى أيضاً: إنه يعالج الآن 42 جندياً في مختلف الأقسام، 9 منهم في حالة خطيرة، مؤكداً استقباله 2819 جندياً مصاباً، بدرجات متفاوتة الخطورة منذ بداية الحرب.

وطبعاً هذا المستشفى ليس الوحيد الذي استقبل قتلى وجرحى العدو، بل هو واحد من عشرات المستشفيات التي تغص بالمصابين في إسرائيل.

وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي الخميس الماضي، عن مقتل 4 من قادة الألوية،

و39 قائد فصيل، و13 قائد سرية، و6 ضباط يحملون رتبة مقدم، إضافة لضابط أركان حرب.

ووفق تقارير مسرّبة عن  الجيش الإسرائيلي، فإن عدد القتلى من الضباط فاق ال 300 من مختلف الرتب، منذ بداية الحرب على غزة.

وتجدر الإشارة إلى أن أهالي الجنود، والإعلام الإسرائيلي، يؤكدون أن الجيش يخفي عدد الخسائر الحقيقية.

وكتبت يديعوت احرونوت منذ أسبوع : “إن الشعب الإسرائيلي يعيش في كذبة كبيرة، والجيش يخفي حجم الخسائر الحقيقية”.

كل هذه المعلومات تؤكد حاجة الجيش الإسرائيلي إلى استراحة المحارب، ليستعيد تنظيم صفوفه، وتجهيز وحداته، من أجل اكمال الحرب على غزة.

لا نية لدى نتنياهو وحكومته بوقف الحرب. فقط يريدون هدنة لستة أسابيع.

أولاً لالتقاط الانفاس في الجيش المنهك، والذي يعيش “بحالة صدمة” وفق تعبير صحيفة هآرتس.

ثانياً لاسترضاء إدارة بايدن، التي باتت محرجة دولياً وداخلياً، وتخسر عدداً كبيراً من أصوات الناخبين، بسبب تغطيتها الحرب على غزة.

هذا مع العلم أن الجالية العربية في الولايات المتحدة الأمريكية، باتت أكبر من الجالية اليهودية.

ثالثاً تريد إسرائيل امتصاص النقمة على جرائمها،

(خاصة ما قد يحدث خلال شهر رمضان المبارك)، في الدول الإسلامية وكافة أنحاء العالم، إذا ما استمر العدوان على غزة، وارتكاب المزيد من المجازر.

تطرح إسرائيل على حماس هدنة “الرغيف مقابل الأسرى”.

بمعنى أن تفرج حماس عن الأسرى الإسرائيليين لديها، مقابل سماح إسرائيل بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية.

وهكذا بعد الهدنة والإفراج عن الأسرى، تتحرر حكومة نتنياهو من ورقة الضغط الأساسية، التي يطالب بها أهالي الأسرى.

وتعود بعدها لمتابعة حربها على سكان غزة، وتصفية القضية الفلسطينية.

ولقد بدأت إسرائيل بالإعداد لخطتها، بشق طريق عريض، من شرق القطاع إلى غربه ، بحيث يفصل شمال القطاع عن جنوبه.

وقامت إسرائيل بتدمير كافة المباني السكنية القريبة منه، بما يسمح لها بشطر القطاع

وتأمين المراقبة والضرب بالنيران، والسيطرة على الطرق الرئيسية في القطاع.

كما أن هذا الطريق الذي اطلق عليه اسم “الطريق 739” ، سيشكل مستقبلاً ثغرة هامة داخل قطاع غزة، تستفيد منها إسرائيل، في أي عمل عسكري، وتوغل محتمل مستقبلاً داخل القطاع.

أصرّت حماس في مفاوضات القاهرة، على أن إطلاق الأسرى الاسرائيليين

سيكون مقابل وقف تام لإطلاق النار، وانسحاب إسرائيل من القطاع.

وتعلم حماس طبعاً حقيقة النوايا الإسرائيلية، ولكن حماس أيضاً، تتعرض لضغوط كثيفة، تمارسها عليها عدة دول، إضافة إلى الحالة المأساوية التي يعاني منها سكان القطاع.

قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي : إن ما يحدث في غزة، عار على البشرية جمعاء

وخاصة على الدول التي تدعم إسرائيل”

تجنّد الغرب، وكافة وسائل إعلامه، ليسأل عن وفاة المعارض الروسي نفالني، وقبلها أثار ضجة حول مقتل خاشقجي.

ورفض بايدن مصافحة الأمير محمد بن سلمان، بحجة مسؤوليته عن مقتل خاشقجي.

لكن بايدن صافح نتنياهو وأخذه بالأحضان، رغم أنه يعلم أن نتنياهو خدعه بكذبة الادعاء ب “الأربعين طفلاً الذين قتلتهم حماس” .

وكذلك رغم أنه يعلم هو وإدارته، أن نتنياهو وجيشه قتلوا فعلاً، أكثر من 15 الف طفل في غزة، ودفنوهم تحت الانقاض، بقذائف أمريكية الصنع، وبأكثر من مئة شحنة من الأسلحة والذخائر، التي تم إرسالها سراً إلى إسرائيل، وفق صحيفة واشنطن بوست.

لم يسبق لدولة في العالم قبل إسرائيل، أن استخدمت سلاح؛ التجويع، والعطش

ومنع الدواء والعلاج عن المرضى والجرحى، لقتل المدنيين.

لكن إسرائيل فعلت وتفعل ذلك كل يوم والغرب الذي أصمَّ آذاننا

بأنه يدافع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان،

ما زال يدعم إسرائيل، وهي ترتكب هذه الابادة، وتطيح بكل مبادئ الإنسانية

 

وتنتهك كل الأعراف والقوانين الدولية.

هل تحولت غزة إلى مجرد أدغال آسيوية، وما يحدث فيها مجرد فيلم وثائقي، يستمتع قادة الغرب ومثقفوه، بمشاهدة ضباع إسرائيل، وهي تفتك باطفال غزة؟؟؟

حقاً إنه عار على البشرية جمعاء……

زر الذهاب إلى الأعلى