هجوم على السنوار واستهداف قادة حماس
بقلم: اكرم كمال سريوي
النشرة الدولية-
الثائر-
أعلنت إسرائيل منذ 7 اكتوبر نيتها القضاء على حماس واغتيال قادتها، وجنّدت كل أجهزة مخابراتها، لمعرفة مكانهم وتحركاتهم والوصول إليهم.
أما الشارع العربي والفلسطيني، فانقسم بين مؤيد للعملية ومنتقد لها.
وشنّ بعض الإعلام العربي حملة عنيفة على يحيى السنوار، باعتباره المسؤول الأول عن العملية التي نُفّذت في السابع من أكتوبر الماضي، والتي أعطت الذريعة لإسرائيل بارتكاب هذه المجازر والابادة بحق سكان قطاع غزة.
ومن وجهة النظر هذه يبدو السنوار مذنباً، ولا يحق له أن يغامر بأرواح كل هؤلاء الشهداء، من أطفال ونساء ومدنيين. كما أنهم يسألون: ماذا يعني أن تدفع أكثر من مئة الف مصاب، بينهم أكثر من 30 الف شهيد، من أجل تحرير ستة آلاف أسير؟؟؟!!!
ويؤكد هؤلاء أن السنوار وقادة حماس، أخطأوا بحق سكان غزة، وهم يتحمّلون مسؤولية كل هذا الدمار والخراب الذي لحق بالقطاع وسكانه.
هذه وجهة نظر يبدو أنها أقنعت عدداً كبيراً من الناس خاصة العرب.
ولكن هل يسمح لنا هؤلاء الاخوة العرب بقول رأي آخر؟
وهل هم مستعدون لسماع الحقيقة، كما يراها مؤيّدو مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين ؟؟؟!!!
وفق اتفاقات جنيف الأربعة والقانون الدولي الإنساني، لا يحق لأي جيش أن يستهدف المدنيين، أو المنشآت المدنية، ويجب توجيه النيران نحو المقاتلين والأهداف العسكرية فقط.
ولكن إسرائيل قامت بقصف المدارس والمستشفيات والمراكز الدينية والمجمعات السكنية.
وجرفت البنى التحتية، وقطعت المياه والكهرباء.
ومنعت دخول الغذاء، واستخدمت سلاح التجويع والبرد، وأحدث قذائف الدبابات والطائرات والمدفعية، وأشدّها فتكاً، لقتل أكبر عدد ممكن من المدنيين الفلسطينيين.
وأرادت إسرائيل من وراء ذلك، إيصال رسالة واضحة إلى كل حركات المقاومة.
بأنها ستجعلهم يدفعون أثمان مضاعفة، إذا فكروا مرة أخرى، بأي عمل مقاوم ضد الاحتلال.
إسرائيل المارد المرعب الذي لا يُقاوَم، ولا يجوز لأحد التفكير بمقاومته، لأن الثمن سيكون باهضاً.
هذه الصورة التي تريد إسرائيل، أن ترسمها في عقول كل العرب.
منذ 75 عاماً قامت وتقوم إسرائيل بقتل وتهجير الفلسطينيين، ومصادرة أراضيهم، وتهويد فلسطين.
وتزرع المستوطنين، الذين جاءت بهم من كل أصقاع العالم، وتقتلع الفلسطينيين وتهدم بيوتهم، وتجعلهم لاجئين في أرضهم ووطنهم.
قانون يهودية الدولة الذي أقرّته إسرائيل عام 2018, لم يترك أي حقوق للفلسطينيين في فلسطين.
رفضت إسرائيل المبادرة العربية للسلام، وترفض أي مشروع سلام يعترف بحقوق الشعب الفلسطيني.
نقضت إسرائيل اتفاقات أوسلو، ولم تطبق منها شيئاً.
وأكثر من ذلك، وضعت حكومة نتنياهو، خطة لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية والقطاع، تمهيداً لتصفية القضية الفلسطينية بالكامل.
في كل يوم تزيد إسرائيل من إجراءاتها القمعية بحق الفلسطينيين، ولم تترك لهم من خيار آخر، سوى المقاومة أو الذل.
كيف ستعيش إذا كانت سلطات الاحتلال تمنع عنك أبسط حقوقك، حتى حريتك بالصلاة مقيدة. ويمكن لإسرائيل في أي وقت، أن تنتهك كل حرماتك، وتهدم منزلك، وتعتقلك وتزج بك أو بأحد أولادك في السجن، ليس لأنك ارتكبت عملاً مخالفاً للقانون، بل لمجرد الاشتباه بك، بأنك قد تُشكّل خطراً على أمن إسرائيل.
أن يكون خيار الأنسان أن يعيش ذليلاً، مأسور الحرية، ودون حقوق، في ظل سلطة احتلال ظالم، وبين المقاومة والتضحية في سبيل حريته، فقلة هم من يختار الذلة.
الإنسان خُلِقَ مفطوراً على الحرية، ويمكنه العيش بلا ملك، لكن من الصعب العيش بلا كرامة.
لو كانت الاستكانة خياراً، لما تحرر شعب في العالم.
وربما كانت الامبراطوريات القديمة، ما زالت موجودة حتى اليوم.
لو قبل السوفيات بالاحتلال النازي، واستكثروا عدد ضحاياهم في الحرب، لما تحرروا، ولما تحررت أوروبا والعالم من الحكم النازي.
ولو جزع الفيتناميون والجزائريون والليبيون وغيرهم من الشعوب، وقالوا: جنود الاحتلال يفتكون بنا، ولا داعي لمقاومتهم. لبقي الاستعمار حتى اليوم.
صحيح الخسائر الفلسطينية كبيرة جداً، ولكن اللوم في ذلك ليس على من يطالب بحريته واستقلاله وسيادته على أرضه، ولا على أولئك الأبطال الذين يضحون بأرواحهم فداء للوطن.
اللوم كل اللوم هو على هذا الاحتلال الظالم، الذي استباح أرض وحرية الشعب الفلسطيني، وهو يعتقد أنه إذا أفرط بالقتل والدمار، سيقضي على روح المقاومة، وسيكسر إرادة الشعب، ويبقيه في قيد العبودية والذل والخذلان والانكسار.
لم يُخطئ السنوار في عملية 7 أكتوبر، ولا في مقاومته للاحتلال، ومهما كانت التضحيات كبيرة، فالوطن يستحق من شعبه الدفاع عنه.
فالقضية ليست قضية السنوار أو حماس، بل هي قضية فلسطين، ومقاومة شعبها، في وجه الاحتلال الصهيوني الغاصب.
البعض يقول؛ أن المقاومة هي خدمة لإيران، ومشروعها في السيطرة على المنطقة.
والحقيقة يجب أن نسأل، أين هو المشروع العربي، لتحرير فلسطين؟ ولمنع سيطرة إسرائيل وأمريكا وغيرهم، على المنطقة العربية، وسرقة ثرواتها؟؟؟
تساءلت مراراً، هل فعلاً إيران مذنبة بحق العرب، إذا قدّمت مساعدة لحركات المقاومة ضد أمريكا وإسرائيل؟
ولماذا نطلب من إيران أن تحرر لنا فلسطين؟ فيما نحن غارقون في أرائك الاسترخاء والاستكانة؟ وهل ذنب إيران أن بعض العرب أسقط راية العروبة، وتنازل عن الحقوق، ورفع راية الصداقة لإسرائيل؟؟؟.!
هل حقاً يرى البعض أن من مصلحة العرب أن يسترضوا أمريكا وإسرائيل، ويقبلون بما يخطط له الصهاينة والغرب، من بث للتفرقة والخلاف بين العرب، ومن خطط لإبقاء سيطرتهم على هذه المنطقة؟؟؟
وإذا كان العربي لا يريد أن يكون مقاوماً، أو على الأقل ممانعاً، لما تريده أمريكا وإسرائيل من مشاريع سيطرة وتقسيم واستغلال وتفرقة واحتلال وتهجير، فماذا سيكون يا ترى؟؟؟
وهل من مصلحة للعرب في العداء لإيران؟؟؟
لو اتحد العرب حول مصالحهم، لما تجرأت عليهم الأمم، ولما خذلوا شعب فلسطين، كل هذا الخذلان، وتسابقوا في استرضاء أمريكا، الدولة التي تنهب كل دول العالم. تقدّم أمريكا أوراقاً خضراء لا قيمة حقيقية لها، وتسرق بها كل ثروات العالم. وتحمي الولايات المتحدة مشاريعها ولصوصها بقوة السلاح، وآلاف الجنود، ومئات القواعد العسكرية المنتشرة حول العالم.
ما يؤلم حقاً هو قصر نظر البعض، الذين يصدقون أن أمريكا قادمة لمساعدتهم، وليس لنهبهم والسيطرة عليهم.
من يؤيد العيش بسلام ويقبل بتحمل الذل والمهانة فليعلنها صراحة وليوجه سهامه ولومه لمن يشاء.
لكن كونوا على يقين حفظكم الله!
أن في هذا العالم أناساً أباة، يغدو الموت لعبتهم، إذا أُهينت كرامتهم.
لقد قيل : إن الكرام قليل، لكن في الحقيقة في فلسطين هم كُثر .
وإذا اردتم أن تتأكدوا من ذلك، فاستمعوا إلى ما يقوله أطفال فلسطين، وهم يصرخون في وجه المحتل الظالم: نحن باقون وانتم راحلون وإلى زوال.
تحية من القلب إلى أبطال غزة وكل فلسطين.