حركة”فتح” والحرب: التحولات والتداعيات فى اليوم التالى فلسطينيًا
بقلم: حسين دعسة

النشرة الدولية –

الدستور المصرية –

في مواجهة سياسية، أمنية، دعت ورقة سياسات بحثية فلسطينية، أعدها عضو المجلس الثوري لحركة فتح والمجلس العسكري الأعلى للثورة الفلسطينية «معين الطاهر»، لصالح مركز الدراسات الفلسطينية، خلصت ودعت إلى ضرورة كشف حقيقة سياسية، ينبغي: «على حركة «فتح» التي تقف على مفترق طرق اليوم أن تدركها؛ ذلك أن: «تداعيات هذه الحرب ستشملها، فإمّا أن

-تستمر في شراء الوهم المتعلق بمسار التسوية.

.. وإمّا أن:

– تسهم مع غيرها(..) في صوغ مشروع وطني فلسطيني جديد يوحّد الشعب الفلسطيني، ويستفيد من الفرص التي خلقتها الحرب-على قطاع غزة-، ويتصدى للمخاطر التي ولدتها».

 

سؤال المرحلة: «حركة (فتح) والحرب: الموقف والتحولات والتداعيات»؟

.. الباحث، السياسي «الطاهر»، تحرى عن سؤال المرحلة: «حركة (فتح) والحرب: الموقف والتحولات والتداعيات»؟

جاءت الإجابات، تمهد المؤشرات خطيرة، تراها حركة فتح مرحليًا، وهذه المؤشرات، بحسب ورقة السياسات:

* أولًا: لا يمكن فصل موقف الرئيس محمود عباس، بصفته رئيسًا للسلطة الفلسطينية، عن كونه في الوقت ذاته رئيسًا لحركة «فتح»، وينطبق هذا على الحكومة الفلسطينية وأجهزتها التي هي حكومة حركة «فتح»، ويرأسها أحد أعضاء لجنتها المركزية.

.. الطاهر، يؤكد أن جملة المواقف: «لا تعكس اتجاهات الرأي العام الفلسطيني، كما عبّرت عنها الاستطلاعات التي أظهرت زيادة ساحقة في شعبية المقاومة، وتراجعًا كبيرًا في تأييد السلطة وشخوصها وسياساتها وفق استطلاع الرأي الصادر عن المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، المعلن في 10/3/2024.

* ثانيًا: وإن ثمة مواقف أخرى وحراكات عبّرت عنها قيادات و«تيارات» داخل الحركة أو على هامشها، لا تتفق مع موقف الرئيس والقيادة الرسمية، بل تنتقدها وتعارضها. وهي حالة دائمة في صفوف الحركة التي تعاني من مفارقة كبرى في داخلها بين الثورة التي وُئدت، وفكرتها التي لا تزال حية في وجدان أجيالها المتعاقبة، ويمكن ملاحظتها بوضوح في انتخابات مجالس الطلبة في الجامعات الفلسطينية، حيث تُسمى قوائم حركة «فتح» بأسماء قادتها الشهداء، وتعلن عن نفسها بأنها «أول الرصاص وأول الحجارة»، وتتهرب من الأسئلة المتعلقة بالتنسيق الأمني والاعتراف بالعدو. وفي ظل هذا التيه الذي باتت تعيشه حركة «فتح»، صار الكادر يتكئ على تاريخ الحركة، وليس على الواقع الذي تعيشه اليوم.

بين المؤشرين الأول والثاني، توصلت الدراسة، التي تتزامن مع تكليف الدكتور محمد مصطفى، بتشكيل الحكومة الفلسطينية، وبعد أقل من أسبوع على لقاء الأحزاب والحركات الفصائل الفلسطينية في موسكو، إلى عملية حرص، وبالتالي مكاشفة حول «موقف الرئيس محمود عباس» من الأحداث والحرب على غزة، التي يرصدها الباحث الطاهر، وهي، تستند إلى تصريحات الرئيس عباس ومقابلاته ورسائله وخطبه.

حدد مركز الدراسات الفلسطينية، هذه المواقف المعلنة من عملية «طوفان الأقصى» والحرب التي تبعتها بما يلي:

رفض الممارسات المتعلقة بقتل المدنيين أو التنكيل بهم من الجانبين إسرائيل و«حماس»، والدعوة إلى إطلاق سراح الأسرى والمدنيين والمعتقلين. وقد اتُخذ هذا الموقف منذ الأيام الأولى للحرب، ولم يطرأ عليه تغيير، بل دعا الرئيس، في الاجتماع الوحيد للمجلس الثوري لحركة «فتح»، الذي عُقد في بداية فبراير 2024، إلى إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين بلا شروط، بدعوى حرصه على المدنيين في غزة، وهاجم بشدة قيادة «حماس» وعملية طوفان الأقصى.

الدعوة إلى وحدة الصف وعدم الانجرار إلى الفتن، لكن هذه الدعوة لم تتجاوز هذا الإطار من دون اتخاذ أي إجراءات عملية لتحقيق ذلك، ولم يسجَّل أي اتصال مباشر بين الرئيس محمود عباس وقادة حركة «حماس»، أو دعوة الأمناء العامين إلى الاجتماع، كما حدث سابقًا خلال مواجهة صفقة ترامب- نتنياهو.

تأكيد سياسة منظمة التحرير الفلسطينية التي تنبذ العنف، وتتبع الطرق السياسية والقانونية لتحقيق أهدافها، والتمسك بالشرعية الدولية والمقاومة الشعبية السلمية والعمل السياسي لتحقيق الأهداف الوطنية.

رفض التهجير، لأنه سيكون بمنزلة نكبة ثانية للشعب الفلسطيني، ورفض فصل غزة عن الضفة الغربية، باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية، وأن مسئوليته تتبع لمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وأن رأس الشرعية الفلسطينية – على حد وصف نبيل أبوردينة- هو الرئيس محمود عباس، ومركز القرار في رام الله.

إدانة تعليق أموال وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وإدانة وقف أموال المقاصة الفلسطينية/ الإسرائيلية.

تأكيد أن ما حدث في السابع من أكتوبر جاء نتيجة انسداد الأفق السياسي، وعدم تمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره، وإبداء الاستعداد للانخراط في العملية السياسية مجددًا.

 

 

شلل الأُطر الرسمية لحركة «فتح» والسلطة الفلسطينية.. لماذا؟

عززت دراسة السياسي الباحث معين الطاهر، مقولات عن «شلل الأُطر الرسمية لحركة (فتح» والسلطة الفلسطينية»، واضعاف السؤال عن الأسباب الحقيقية بالإشارة إلى أنه: لم يجتمع المجلس الثوري للحركة غير مرة واحدة بعد أربعة أشهر من اشتعال الحرب، استمع فيه إلى خطاب الرئيس، بينما دُعي أعضاء اللجنة المركزية إلى اجتماع مشترك ضم العشرات، بينهم أعضاء اللجنة التنفيذية وقادة المؤسسة الأمنية ووزراء ورجال دين مسلمون ومسيحيون، وهو ما أُطلق عليه اسم «القيادة الفلسطينية»، أمّا المجلس المركزي لمنظمة التحرير فلم يُدعَ إلى الاجتماع، ولم يتم التواصل مع أعضائه، ومن المرجح أن هذا التجاهل للمؤسسات والأُطر القيادية جاء نتيجة النصائح التي وُجّهت إلى الرئاسة بشأن ضرورة الانتظار بضعة أسابيع إلى حين انجلاء الموقف بشأن العملية العسكرية. وبناءً عليه، فقد أوعز الرئيس إلى أعضاء اللجنة المركزية والمسئولين كافة بالتزام الصمت، وعدم الإدلاء بأي تصريحات. ولفتت الدراسة الي كيفية الاجتماع عندما: «خالف عباس زكي، عضو اللجنة المركزية، تلك التعليمات، وأشاد بعملية طوفان الأقصى وقادتها، واعتبر الوضع الفلسطيني بخير ما دام محمد الضيف ويحيى السنوار بخير»، والمستهجن أن بيانًا رسميًا، صدر من حركة «فتح» قال إن: «زكي غير مخول الإدلاء بأي تصريحات».

تعرج الدراسة، إلى عقد الرئيس عباس، في أكتوبر، اجتماعًا لمسئولي الأجهزة الأمنية، واجتماعين آخرين لما وُصف بالقيادة الفلسطينية، في 18 أكتوبر 2023 و18 فبراير 2024، بفارق أربعة أشهر بين الاجتماعين، واجتماعًا وحيدًا للجنة التنفيذية في 25 ديسمبر 2023، أي بعد نحو شهرين من الحرب، بالإضافة إلى اجتماع المجلس الثوري.

يفسر الطاهر، عدم اجتماع الأُطر القيادية، والصمت المطبق الذي التزمته أغلبية قيادات حركة «فتح»، معطيات قراءات سياسية ما شكل «الأسباب» التي دعت شخصيات قريبة من الأسير مروان البرغوثي إلى المشاركة بفعالية في التظاهرات والحراكات الشعبية في الضفة الغربية، ودفعت أحمد غنيم، الشخصية القيادية في هذا التيار، إلى حث الفصائل وأعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على الدعوة إلى توحيد الموقف الفلسطيني، وتأسيس قيادة موحدة، بعد أن تجاهل الرئيس مثل هذه الدعوات. وقد انتقد غنيم موقف القيادة الرسمي من الحرب على غزة، وقال إن القيادة اختارت أسلوب الصمت معتقدة بذلك أنها تحمي الضفة الغربية وتحمي حركة «فتح»، وكان مما قاله: كيف يمكن أن تنأى بجزء من نفسك عن باقي نفسك؟؛ كان على رب البيت تحمل مسئولياته السياسية في كل حال، حتى وإن لم يكن طرفًا في ما حدث، لأن جوهر مسألة القيادة الفعل والحضور في أشد الظروف وأقساها. ولا يمكن تقبّل التقصير سياسيًا ونضاليًا في مواجهة حرب الإبادة.

 

 

 

حجم الأزمة وقوة المعركة

الطاهر، وضع في سياق الدراسة، ما أدلى عضو المجلس الثوري لحركة «فتح»، جمال حويل، بتصريحات خلال لقاءات متلفزة بيّن فيها رؤيته لواقع معركة الطوفان واحتياجاتها، مشددًا على الإنجازات التي حققتها المقاومة في 7 أكتوبر، ووصفها بأنها انتصار فلسطيني استراتيجي على الاحتلال الإسرائيلي، أُعدّ له بدقة وإتقان عاليين، ومدفوعًا بأسباب منطقية لا يمكن تجاهلها، أو رؤية الفعل المقاوم خارج سياقها (مثل الحصار الذي كان مفروضًا على غزة). وأكد حويل، مرارًا، أن ما يصدر عن السلطة الفلسطينية من مواقف وتصريحات لا ينسجم مع حجم الأزمة وقوة المعركة، مجددًا مطالبته بسحب اعتراف السلطة بالاحتلال الإسرائيلي، وقطع علاقاتها معه، والدعوة العاجلة إلى اجتماع يجمع أمناء الفصائل الفلسطينية، ويفتح قنوات حوار وطني جديدة، تكون مهمتها ترميم الوحدة الفلسطينية الرسمية والشعبية، ووضع مشروع سياسي بصبغة وقواعد وطنية فلسطينية، تلبي احتياجات الشعب الفلسطيني، وتناسب حجم التضحيات التي بُذلت، وتتفهم حتمية المشاركة الفلسطينية المتعددة.

بالتأكيد، أن تبني مركز الدراسات الفلسطينية، للمواقف التصريحات، سواء من «حويل» أو غيرة، عن أن «حماس» حركة فلسطينية، وجزء أساسي من الشعب الفلسطيني، وشريك أساسي في تمثيله، وهذا ما يستدعي ضرورة وجودها وحركة الجهاد الإسلامي في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، ضمن تفاهمات وتنازلات يفرضها الوضع الراهن على التنظيمات الفلسطينية، وخصوصًا حركتَي «حماس» و«فتح»، مع الابتعاد عن شكل التقسيم السياسي والسلطوي للقضية الفلسطينية، والتأكيد أن الارتباط بين الضفة الغربية وقطاع غزة وسائر الأرض المحتلة هو دافع نحو توحيد الجهود، واستشعار الخطر الصهيوني إزاءهم جميعًا، والتصدي له بناءً على هذا الإدراك.

 

 

 

حوار وطني مع إسماعيل هنية

عمليًا: سياسة القيادي في حركة فتح «محمود حويل»، نقلت إلى الرئيس محمود عباس بشكل رسمي وشخصي،، الدعوات إلى المبادرة لبدء حوار وطني مع إسماعيل هنية، مؤكدًا أن هذا الفعل يتسق مع متطلبات المرحلة القادمة من تنسيق فلسطيني- فلسطيني يحافظ على وحدة الشعب الفلسطيني، ووحدة ساحاته، إذ يرى في الظروف الراهنة فرصة مهمة لإعادة ترتيب العلاقات الفلسطينية- الفلسطينية وتنظيمها، وخصوصًا في ظل وجود التفاف وطني واضح حول المقاومة.

حويل، يبرر أن دعواته الخاصة إلى اجتماع الفصائل وتشكيل «حكومة إنقاذ وطني» و«حكومة وحدة وطنية» هي الإجراء الأول والضروري لمناقشة قضية القيادة الفلسطينية القادمة، مبينًا أن حركة «حماس» جزء لا يمكن استئصاله أو إقصاؤه، ومكررًا مطالبته الرئيس محمود عباس بتطبيق قرارات المجلس المركزي بوقف التنسيق مع الاحتلال، وسحب الاعتراف به، وموجهًا نداء إلى أفراد التنظيمات الفلسطينية في الضفة الغربية للاشتباك مع العدو بكل أشكال المقاومة المتاحة، بما فيها الكفاح المسلح، مؤكدًا الحاجة إلى انتفاضة فلسطينية تحميها أجهزة الأمن الفلسطينية وتدعمها، بعد تغيير وظيفتها، ومنتقدًا مواقف الرئيس محمود عباس وتصريحاته التي وصفها بأنها لا تصل إلى الحد الأدنى من نصرة أهالي قطاع غزة. وهذه آراء تنسجم مع مشاركة كتائب الأقصى ومجموعات أُخرى قريبة من «فتح» في العمليات القتالية في غزة، وكذلك في المقاومة الشعبية والمسلحة في الضفة الغربية، المتمثلة في كتائب المقاومة المحلية التي تشكل بعضها قبل السابع من أكتوبر، مثل كتيبة جنين، أو بعد ذلك مثل كتيبتَي طولكرم وطوباس وغيرهما. وكانت أجهزة الأمن قد تمكنت، قبل الحرب على غزة، من تفكيك ظاهرة مماثلة في نابلس عُرفت بعرين الأسود، في حين فشلت في تفكيك كتيبة جنين على الرغم من محاولاتها المتكررة. وجدير بالذكر أن أجهزة الأمن قد تنحت جانبًا منذ بداية الحرب، قبل أن تعود في نهاية  فبراير إلى مطاردة المجموعات المسلحة واعتقال أفرادها.

 

 

 

رسالة عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» أحمد حلّس

يلجأ الباحث الطاهر، السياسي الخبير بكل حيثيات واقع حركة فتح، يقول في بعض التفاصيل حول أسرار أدوار «اتسمت بها التعبئة الرسمية»، التي عبّرت عنها رسالة عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، أحمد حلّس، وهو المسئول عن التعبئة والتنظيم في قطاع غزة، إلى الرئيس محمود عباس، وكذلك في مواقع التعبئة الفكرية التابعة للحركة، بالتركيز على ما تسببت به هذه الحرب غير المدروسة من زيادة أعباء الشعب الفلسطيني، ووصفها بأنها مغامرة كبرى وتلاعب بمصير الشعب. ولعل هذا الموقف بات أوضح مع البيان الذي أصدرته حركة «فتح» بتاريخ 15 مارس، ردًا على اعتراضات «حماس» والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والمبادرة الوطنية على قرار الرئيس محمود عباس تكليف محمد مصطفى تشكيل حكومة جديدة من دون توافق وطني، واعتباره تعزيزًا لسياسة التفرد وتعميقًا للانقسام، إذ اتهم بيان «فتح» حركة «حماس» بالتسبب بإعادة احتلال إسرائيل لقطاع غزة، وقال إن مغامرة السابع من أكتوبر قادت إلى نكبة أكثر فداحة وقسوة من نكبة عام 1948. وقد وصف بسام زكارنة، عضو المجلس الثوري للحركة، البيان عبر صفحاته الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي بأنه لا يمثل حركة «فتح»، كونه لم يصدر عن أي إطار رسمي للحركة، ولأنه لا يعبّر عن مواقف الحركة المحددة في قرارات مؤتمراتها. كما هاجمت كتائب الأقصى في الضفة الغربية البيان متهمة من أصدره بالعمالة والتصهين.

 

 

 

تيار القيادي المفصول من اللجنة المركزية محمد دحلان

في هذا الجانب من التداعيات، ركز الطاهر، على ما يعرف بـ«تيار محمد دحلان»، وهو يقول في ورقة السياسات: لا يستقيم الحديث عن موقف حركة «فتح» من الحرب وتداعياتها من دون التطرّق إلى تيار آخر في الحركة، هو تيار القيادي المفصول من اللجنة المركزية محمد دحلان الذي عُرف بالتيار الإصلاحي، ذلك أن إحدى نقاط قوة هذا التيار تظهر في تمركزه في قطاع غزة؛ فقد نشط هذا التيار، وبالنظر إلى علاقته الوثيقة مع مصر والإمارات، في تقديم المساعدات الإنسانية، كما كان له تحرك لافت على مستوى الاتصالات السياسية وخلط الأوراق، إذ بدا واضحًا أن ناصر القدوة، عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، الذي جُمدت عضويته إثر تشكيله سابقًا قائمة انتخابية منفصلة، بدأ ينسق خطواته السياسية القادمة مع التيار الإصلاحي لترشيحه لقيادة حكومة انتقالية. وكان من اللافت مشاركته سمير المشهراوي، أحد قادة التيار الإصلاحي، اجتماعه مع قيادة «حماس» في الدوحة، الذي تُوج لاحقًا بلقاء جمع محمد دحلان مع إسماعيل هنية في الدوحة أيضًا، ويأتي ذلك في ظل غياب أي اتصال مع الرئيس محمود عباس والسلطة الفلسطينية، ويبدو واضحًا أن كل طرف بحاجة إلى الآخر، إذ لا يمكن حكم غزة دون مشاركة «حماس» التي بدورها تحتاج أولًا إلى أموال الإمارات لإعادة الإعمار، وثانيًا إلى علاقات حسنة مع مصر، وهو ما تأمل أن توفره لها علاقة محسوبة بدقة مع التيار الإصلاحي في «فتح».

 

 

 

أزمة قيادة وأزمة برنامج وأزمة خطاب

تختلط التداعيات مع السياسات، مع استمرار الحرب العدوانية على أهالي قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، وخطر استمرار الإبادة الجماعية، وسياسة التهجير والتصفية والجماعات والمجازر اليومية التي أصابت المدنيين، عدا عدم توفر سبل الحياة، هذا الخلط، حرر الدراسة من تبعتها السياسية، التي ترى أن الحال في حركة فتح والمؤسسات الفلسطينية، تقترن في نهجها مسارها السياسي والأمني، إلى أنه:

1- ثمة أزمة قيادة وأزمة برنامج وأزمة خطاب في حركة «فتح»، ولا يوجد اتفاق على أهداف الحركة والوسائل النضالية في مرحلة التحرر، وطبيعة العلاقة مع دولة الاحتلال.

2- لا يمكن لحركة تحرر وطني أن تأخذ تفويضها من المحتل، وفي الوقت نفسه تحافظ على نفسها كحركة تحرر وطني. وإذا لم تتنبه حركة «فتح» إلى هذا الانفصام بين فكر الحركة وسلوك قيادتها، فإنها مهددة بفقدان موقعها في قيادة حركة التحرر الوطني، بعد تخليها عن المقاومة.

3- حصرت حركة فتح، نفسها في أسلوب المقاومة السلمية بلا رؤية أو آليات حقيقية، بينما تحتل موقعها في قيادة المقاومة قوى أُخرى.

4- إذا كان مصدر الشرعيات في الحالة الفلسطينية، شرعية المقاومة ضد الاحتلال وشرعية الانتخابات، فقد عطّلت قيادة الحركة المصدرين حين تخلت عن شرعية المقاومة، وعطّلت العملية الانتخابية. وعلى الرغم من أن الاحتلال يستهدف الرئيس محمود عباس نفسه، فإنهم لا يتصرفون على أساس هذا الفهم، بل إنهم ما زالوا متعلقين بالوهم الذي تبيعهم إياه الولايات المتحدة الأمريكية التي تتحدث عن قيادة مستجدة تصنعها لتلائم العلاقة مع الاحتلال.

تكمن خطورة الورقة، من حضورها في وسط مرحلة سياسية صعبة، بعد ما يقارب 170 يومًا على حرب الإبادة الجماعية والتهجير والجماعات، لتكشف سوداوية الحالة الفلسطينية، الرسمية وشبه الرسمية، ما يضع علامات استفهام على تصور واقع المرحلة التالية فلسطينيًا.

زر الذهاب إلى الأعلى