اخفاق دولي جديد والجبهات تشتعل
بقلم: اكرم كمال سريوي
النشرة الدولية –
الثائر –
لم يكد القرار 2728 يصدر عن مجلس الأمن، بعد أن سمحت الولايات المتحدة الأمريكية بتمريره، دون استخدامها لحق النقض الفيتو، بما يشبه “هز العصا” لنتنياهو، حتى سارع داعمو إسرائيل في واشنطن، لتقديم التبريرات وطمأنتها بأن القرار غير ملزم.
الأسوأ من ذلك، كان تضمين القرار عبارة “وقف إطلاق النار في رمضان”. ليثور بعدها الجدل، وماذا بعد شهر رمضان، الذي شارف على الانتهاء؟
وانطلقت ورشة المحللين والقارئين في “فنجان” مجلس الأمن، حول إلزامية تنفيذ القرار من عدمها!
أعلن نتنياهو أنه لن يُنفذ القرار، لا بل اصدر أوامره للجيش بالاستعداد للهجوم على رفح. وسرّب الإعلام الاسرائيلي معلومات عن أنه تم حجز 50 الف خيمة للشراء من الصين، لإنشاء مخيم إيواء للمدنيين الذين سيتم نقلهم من رفح، أو ربما من غزة إلى النقب، كم اقترح البعض.
وللمفارقة الغريبة، أنه عندما أعلن الإعلام الإسرائيلي، العزم عن نقل المدنيين من رفح، كان العالم يشاهد على الشاشات، فيديو إعدام الجيش الإسرائيلي لمواطنين فلسطينيين عُزًل، يرفعون الراية البيضاء، ويحاولون عبور شارع الرشيد باتجاه شمال القطاع.
ولم يكتف جنود العدو بقتل هولاء المدنيين، بل قاموا بجرف جثثهم ورميها مع القمامة، ودفنها تحت الرمال، في محاولة لإخفاء الجريمة.
التحق قرار مجلس الأمن رقم 2728 برفاقه 181 و 194 و 242 ، ليصبح مجرد وثيقة للتاريخ لا أكثر.
لكن المهم ليس في عدم امتثال إسرائيل للقرار، لأن هذا ليس بجديد، بل المهم هو في وقوف مجلس الأمن مكتوف الأيدي، أمام الاستهزاء الإسرائيلي بقراراته، ورميها في سلة المهملات كما فعل نتنياهو.
والاخطر من ذلك هو ذاك الدهاء الأمريكي، الذي أراد إقناع العالم، بأنه يريد وقف اطلاق النار في غزة، ويحاول امتصاص نقمة الشارع الأمريكي والعالمي، على دعمه اللامتناهي للإبادة، التي تنفذها إسرائيل بحق الفلسطينيين.
هذا ويبحث غالانت في أمريكا، طلبات جديدة لإمداد إسرائيل بالسلاح والذخائر، لأن جيشه بدأ يعاني من نقص في المخزون. خاصة صواريخ القبة الحديدية، التي امامها تحديات كبيرة، بعد التصعيد الخطير على الجبهة الشمالية مع لبنان.
وفيما يتوجه وفد عسكري إسرائيل إلى واشنطن، لبحث تفاصيل خطة الهجوم على رفح، التي باتت شبه مؤكدة لدى حكومة نتنياهو ، يطالب الأميركيون بموافقة إسرائيل على هدنة مشروطة، وتأجيل الحرب إلى ما بعد اكتوبر المقبل، ليتمكّن الرئيس بايدن من تمرير الاستحقاق الانتخابي.
لكن نتنياهو ردَّ بأن أي قرار بوقف اطلاق النار الآن، سيضع حكومته على حافة الهاوية، في ظل ضغط المعارضة ومطالبتها بإجراء انتخابات مبكرة.
قلص الجيش الإسرائيلي قواته في غزة إلى أقصى حد، وكتيبتان فقط تخوضان القتال هناك، بشكل جدي مع حماس على الأرض مع استمرار القصف بالمدفعية والطيران، فيما انكفأت الألوية الباقية، واقتصرت مهمتها على تأمين الأماكن التي دخل إليها الجيش، وتقديم الدعم الناري للوحدات المهاجمة.
ويجري الجيش الإسرائيلي في أماكن تجمعه الخلفية، إعادة تنظيم الوحدات واستكمال الاستعدادات للمعركة المقبلة.
ويتفق رئيس الأركان هاليفي وقائد المنطقة الشمالية أوري غوردن، على أنه يجب حسم معركة الشمال مع حزب الله، قبل الدخول إلى رفح.
وفيما يهدد قادة العدو، بتطبيق ما جرى في غزة على لبنان، بدأ التصعيد الإسرائيلي منذ يومين باستهداف المدنيين وارتكاب المجازر في لبنان، في محاولة لإثارة اللبنانيين ضد المقاومة، وخلق شرخ داخل المجتمع اللبناني.
ويبدو أن الخطة الاسرائيلية تجد أرضية خصبة، أولاً بسبب الانقسام اللبناني حول مواضيع عديدة، ومنها المشاركة في هذه الحرب.
وثانياً بسبب قدرة أمريكا والدول الأوروبية، على التأثير على حلفائهم في لبنان، ودفعهم للوقوف في وجه حزب الله.
لا شك أن الانقسام الداخلي حول المواضيع الوطنية الرئيسية، هو أخطر من أي حرب خارجية.
وانطلاقاً من هذا الفهم العميق، اعربت عدة قوى سياسية كالرئيس السابق للحزب التقدمي الأشتراكي وليد جنبلاط، عن وقوفها إلى جانب حزب الله، في حال توسعت الحرب، وشنت إسرائيل عدواناً واسعاً على لبنان.
لكن ما زال هناك قوى تعارض وترفض بالمطلق وجود سلاح حزب الله.
وتحاول إسرائيل الاستفادة من هذه الثغرة، وتوجه نيرانها نحو أهداف مدنية، لمضاعفة النقمة على حزب الله.
مرة جديدة يفشل المجتمع الدولي في لجم العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، وتبقى إسرائيل فوق المحاسبة والقانون الدولي والشرعية دولية.
وباتت إسرائيل عبارة عن ولّادة أزمات لا متناهية، في منطقة الشرق الأوسط، الذي لم ولن ينعم بالسلام، ما دام الإرهاب الصهيوني، متفلّتاً من أي عقال في فلسطين.