أوروبا تصعّد في وجه روسيا، واستخدام السلاح النووي لا مفر منه
النشرة الدولية –
مقابلة مع الخبير في أسلحة الدمار الشامل والقانون الدولي اكرم كمال سريوي.
جاء في تقرير للحكومة البريطانية، حول مستقبل وسائل الردع النووي البريطاني: أن التهديد المرتبط باستخدام الأسلحة النووية يتزايد، وعلى الأغلب سيبقى مرتفعاً على مدى العقدين المقبلين.
وقال وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس: إن “المخاطر النووية تتزايد”، زاعما بأن روسيا “تحاول بشكل غير مسؤول استخدام الحديث عن السلاح النووي، لإجبار الدول الأخرى على التوقف عن تقديم المساعدة” لنظام كييف.
حول هذا الموضوع وجّه محمد جمعة من اذاعة “سبوتنيك” (موسكو) في برنامج “شؤون عسكرية” عدة أسئلة رد عليها سريوي وكشف عن أسباب التهديد البريطاني. وإمكانية استخدام السلاح النووي. وكيفية حسم الصراع بين روسيا والغرب.
وإليكم أبرز ما قاله سريوي في رده على أسئلة سبوتنيك:
السؤال الاول – بريطانيا تتحدث عن تزايد التهديد باستخدام الأسلحة النووية.. إلى أين تريد أن تصل بريطانيا بهذه التصريحات؟
ولماذا تتسابق مع باريس بدق ناقوس الخطر النووي، وتزيد من درجة التوتر على الساحة الدولية؟
سريوي: لقد تعرّضت كل من بريطانيا العظمى وفرنسا، لجروح عميقة في السمعة، كإمبراطوريات لعبت دورًا مهمًا في التاريخ، وتراجع هذا الدور كثيرًا في العقود الماضية.
لهذا السبب هناك شعور في كل من الدولتين بالألم، وهناك توق لدى قادتهما باستعادة الأمجاد.
لكن اليوم أصبحت بريطانيا وكل أوروبا تقف في ظل الولايات المتحدة الامريكية، خاصة في الموضوع النووي.
لدى بريطانيا 215 صاروخاً نووياً، منها 120 فقط جاهز للاستخدام. ولديها أربع غواصات نووية، كل غواصة مجهزة ب 16 صاروخاً، ولا يوجد لديها سلاح جو نووي.
النقطة المهمة هي أن بريطانيا تستأجر هذه الصواريخ النووية من أمريكا، وهي من نوع ترايدنت د 5 ، وتحتاج إلى اصلاح وصيانة كل مدة في الولايات المتحدة الأمريكية.
النقطة الأسوأ ، هي أن بريطانيا أجرت تجربتي إطلاق لهذه الصواريخ. الاولى عام 2016، والثانية في بداية هذا العام، و باءت التجربتان بالفشل، مما جعل الانتقادات تنهال على القوات المسلحة البريطانية.
الصاروخ في التجربة الأخيرة، كان من المفترض أن يصيب هدفاً في المحيط الهادئ، على بعد حوالي 6000 كلم، لكنه اتجه نحو الولايات المتحدة الامريكية، وسقط بالقرب من غواصة نووية، وكاد يتسبب بكارثة.
تريد بريطانيا تحديث أسلحتها النووية، لكنها تواجه مشاكل عديدة تقنية ومادية. فكل تجربة لصواريخ ترايدنت تكلف حوالي 20 مليون يورو.
ويبدو أن إثارة مسألة الخطر النووي، تندرج أولاً في سياق السياسة الداخلية لبريطانية، لتبرير زيادة الانفاق العسكري على هذا الموضوع، الذي يلاقي معارضة واسعة.
ومن ناحية ثانية هو جزء من الدعاية الغربية، التي تروّج لخطر نووي روسي على أوروبا، من أجل تبرير المزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
السؤال الثاني- هل أصبح العالم تفصله خطوة واحدة غير محسوبة عن حرب نووية مدمّرة”
سريوي: الحرب النووية الشاملة أمر مستبعد، لسبب بسيط، هو أن هناك قوة ردع متبادلة، وهذه الحرب لا يوجد فيها منتصر، بل الكل خاسر.
إضافة إلى أن كل الدول النووية الكبرى، لديها إجراءات معقدة لتفعيل استخدام السلاح النووي. وهذا القرار لا يمكن اتخاذه بشكل فردي، حتى لو كان
الزر النووي بحوزة الرئيس.
النقطة الثانية هي أن كل الدول النووية، بأستثناء الولايات المتحدة الامريكية، لديهم سياسة نووية، تمنع استخدام هذا السلاح، إلّا في حالة الدفاع عن النفس القصوى، كتعرّض البلد لضربة نووية، أو خطر الزوال.
السؤال الثالث- كيف ترى مستقبل الصراع بين روسيا والغرب… هل يقف العالم الآن على شفا مواجهة نووية؟
سريوي: أصل الصراع بين روسيا والغرب، يكمن في عدم خضوع روسيا، ومحاولتها مواجهة الهيمنة الأمريكية. فالغرب يريد من روسيا أن تبقى دولة ضعيفة، ومصدراً لتوريد المواد الأولية إلى أوروبا.
لكن روسيا أيضاً عانت من جراح وندوب انهيار الاتحاد السوفياتي، ونجح الرئيس بوتين خلال السنوات الاخيرة، باستعادة هيبة روسيا ودورها كقوة عظمى. وهذا الأمر يُزعج الغرب، ولهذا السبب حاولوا تطويق روسيا بدول الناتو، وشجعوا النزعات الانفصالية داخل روسيا.
ثم قاموا بافتعال الحرب في أوكرانيا، بهدف هزيمة روسيا. ورغم الفشل والخسائر الكبيرة لأوكرانيا وللغرب أيضاً، ما زال بعض قادة أوروبا يراهنون على استنزاف روسيا.
لذلك فهذا الصراع لن يتوقف حتى لو توقفت الحرب في أوكرانيا.
إن أمريكا وأوروبا يسيطران على نسبة كبيرة من الاقتصاد العالمي، وفرضا الدولار واليورو كعملتين وحيدتين للتجارة العالمية، ويريدان الحفاظ على هذا الدور. فيما ترغب دول العالم بالتخلص من الهيمنة الأمريكية والأوروبية، خاصة التخلص من سيف العقوبات، الذي تسلطه أمريكا على كل الدول، بما فيها الدول الصديقة لها.
السؤال الرابع- هل يمكن القول أن بريطانيا العظمى، مثل العديد من الدول الغربية الأخرى، تخشى ببساطة من التعزيز العسكري للدول المذكورة أعلاه؟
من ناحية عسكرية، يعلم قادة الجيش البريطاني أن جيشهم بات ضعيفاً بالمقارنة مع جيوش الدول الكبرى. وهم بالطبع يخشون من النهضة التحررية، التي تجتاح دول العالم، خاصة أفريقيا.
تسيطر بريطانيا على 14 إقليماً خارج بريطانيا، بمساحة تفوق مساحة بريطانيا بثمان مرات.
وخاضت بريطانيا حرباً ضد الأرجنتين عام 1982، ومنعت عودة جزر فوكلاند إلى الأرجنتين، وما زالت تحتلها حتى اليوم.
لا أحد يصدق مقولة أن روسيا تُشكّل خطراً على فرنسا أو بريطانيا، لكن يتم استخدام هذه الدعاية لتبرير السياسات الغربية في زيادة الانفاق العسكري، واستمرار سياسة الهيمنة والسيطرة على عدة أقاليم ودول في العالم، ما زالت كل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا تحتلها وتستغل خيراتها.
السؤال الخامس- مادام الدول العظمى لم تتوصل الى اتفاق يقضي بالازالة التامة للأسلحة النووية، إذن ما هو الضمان لعدم استخدام الأسلحة النووية ؟
لقد سبق أن استخدمت الولايات المتحدة الامريكية السلاح النووي ضد اليابان. وفي عام 1994 وضع البنتاغون خطة لضرب كوريا الشمالية بهدف القضاء على برنامجها النووي، ثم تراجعوا عن ذلك، بسبب حجم الخسائر البشرية المتوقعة في الكوريتين.
كذلك في عهد الرئيس ترامب وضع البنتاغون خطة “الأنف الدامي” لصرب كوريا الشمالية، لكنهم تراجعوا عن ذلك، خوفاً من الضرر الذي يمكن أن يحدثه الرد الكوري على داخل أمريكا، بعد أن أصبحت كوريا دولة نووية.
ما دام السلاح النووي موجوداً، يبقى خطر استخدامه قائماً في أي وقت. ولا يمكن إطلاقاً استبعاد استخدام هذا السلاح.
هناك أسباب عديدة، تمنع أي دولة من الذهاب نحو هذا الخيار المدمر للعالم.
لكن هذا لا يكفي كضمانة لعدم استخدام السلاح النووي، خاصة مع تطور وسائل استخدامه، بدءاً من وجود أسلحة نووية تكتية صغيرة، يمكن استخدامها على مستوى محدود على جبهات القتال، إضافة إلى القنابل النترونية، التي تقتل البشر دون أن تُحدث أضراراً تُذكر بالمباني والممتلكات، ويزول مفعولها بعد أقل من 24 ساعة.
لهذه الأسباب يبقى احتمال الحرب النووية قائماً في كل وقت، خاصة مع زيادة التوترات، وفشل المؤسسات الدولية كمجلس الأمن، بحل الصراعات وإحلال السلام، في أكثر من نقطة صراع في ألعالم.
للاستماع إلى المقابلة كاملة على هذا الرابط: المداخلة في برنامج “شؤون عسكرية” من الدقيقة 12 وحتى 21:
خبير: قوات العمليات التابعة لجهاز الأمن السوداني تتولى قيادة حرب المدن