ربيع شهاب.. عواد الذي جعلنا نحب أن نكون أردنيين
بقلم: رنا حداد

النشرة الدولية –

الدستور الأردنية –

قبل أن نتعلّم تحليل الأداء التمثيلي، وقبل أن نُجيد التفريق بين الكوميديا الهادفة والضحك المجاني، كان يكفينا أن نرى «عواد الشاب» على الشاشة لنبتسم من القلب.
لم يكن بطلًا خارقًا، مفتول العضلات، لم يكن زمنه زمن البوتكس و»ذقن تكساس» وعضلات البطن، لكنه جعلنا نشعر بأن البطل الحقيقي، هو ابن الحارة، صديق أمه ومشاكس أخته، وحبيب كل جيرانه.
ربيع شهاب، الفنان الذي لم يقدم شخصية «عواد» فقط، بل خلق رابطًا وجدانيًا بين الفن والناس. من خلال أعماله، من «حارة أبو عواد» إلى «تكسي الحبايب» و»شمس الأغوار»، جعل من الشاشة مرآةً لحياة الأردني البسيط، الباحث عن لقمة العيش، عن العدالة، عن الحب، وعن بعض الفرح في زحمة الأيام.
بأسلوب دون تكلف، وبأداء يُشبه الحياة، غرس ربيع شهاب ضحكته في الذاكرة. كان يضحكنا لنفهم، ويبكينا لنفكر، ويعلّمنا – من دون أن يقصد – أن الفن الأصيل لا يحتاج إلى بهرجة بل إلى صدق. كان في حضوره ما يكفي لنشعر بالألفة، وكأننا نعرفه شخصيًا… ابن الجيران، أو قريب الروح، أو الصديق الذي نلجأ إليه حين نريد أن نضحك «عن جد».
في عام 2003، تعرّض شهاب لجلطة دماغية، غيّبته عن الأضواء، وأعتقد أن جزءًا كبيرًا من الشاشة أظلم في تلك الحقبة، صحيح لم تغب صورته عن القلوب. ما زال اسمه يُستعاد في كل حديث عن الكوميديا الراقية، عن الفن الذي يحمل رسالة، عن «الزمن الجميل» الذي لم يكن جميلًا إلا لأنه كان فيه. إلا أن التجلط لم يصبه وحده، بل أصاب حالة فنية أردنية، لا نعرف أين هي اليوم.
من ينسى إبداعه فيما قدم للطفل مثل «المناهل» و»فارس الفتى الشجاع»؟! هناك، زرع بصوته ما يعجز كثيرون عن غرسه بكل مواهبهم.
ربيع شهاب كان يشبها تمامًا، يتحدث لغتنا، ويجعلنا نشعر بأننا مسموعون، ومحبوبون.
ربما آن الأوان، لا بل تأخّر الوقت، لنرد لهذا الفنان الكبير بعضًا من جميله. ربيع شهاب لم يكن مجرد ممثل، بل ذاكرة حيّة لوطن بأكمله. رجلٌ رسم الضحكة على وجوهنا في زمنٍ كانت فيه الضحكة عملة نادرة.
لا، ما زال في العمر متسع لأن نقول له: شكرًا. وأن نحتفي به بيننا كما احتفى بنا دائمًا عبر أدواره.
دعونا نرفع الصوت بمحبته، تكريمًا. دعونا نقول له، الآن الآن: لقد كنت جزءًا من نشأتنا، من وعينا، من حكايتنا… وما زلت.

زر الذهاب إلى الأعلى