كيف ستدار غزة بعد الحرب؟
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –

الجريدة –

ما بعد حرب غزة ليس كما قبلها، سواء أعلنت الهدنة غدا أو بعد شهر، وحدود 7 أكتوبر 2023 ووضعية القطاع التي عاشها حكم حركة حماس وإدارتها، سيختلف بالتأكيد في المرحلة الجديدة.

سيناريوهات عدة تناولت هذا الموضوع، احتمالية عودة سلطة رام الله بقيادة محمود عباس، أو وجود «قوات سلام» عربية أو إقليمية للفصل، أو إدارة تشرف السلطة الفلسطينية فيها مع الإسرائيليين على القطاع، كل هذه السيناريوهات تستبعد مشاركة «حماس»، وهو أمر غير محسوم وغير واقعي حتى كتابة هذا المقال.

من التسريبات التي خرجت إلى النور ضمن الاتفاق الإطاري الأخير وفي المرحلة الثالثة منه، ومع البدء بإعادة إعمار غزة لمدة 5 سنوات يمتنع الجانب الفلسطيني عن إعادة إعمار البنى التحتية والمنشآت العسكرية، ولا يقوم باستيراد أي معدات أو مواد أولية تستخدم لأغراض عسكرية.

وسواء صحت هذه الشروط أو لم تصح، لن يبقى قطاع غزة تحت السيطرة الحمساوية كما كان قبل حرب أكتوبر 2023، وبالتالي سيتم تدجينه، حيث تسد كل النوافذ والممرات على الداخل، ويكون بمنأى عن بروز أو خلق «كيانات عسكرية»، وسيكون وضع القطاع أقرب إلى ما هو معمول به في الضفة الغربية، وهذا النموذج الذي تقاتل إسرائيل والإدارة الأميركية وغيرها من القوى والدول الإقليمية للأخذ به.

غزة بعد حرب أكتوبر 2023 ستكون نسخة معدلة عن حال الضفة الغربية بعد اتفاق أوسلو، وهنا تكمن «خطورة اللعبة» وأهدافها البعيدة المدى بتمزيق وحدة الكيان الفلسطيني المستقل وتشتيتها، أو الذي يمكن المراهنة عليه مستقبلاً بأنه وليد حل الدولتين، وهو حل اتضح تماماً أنه مولود مشوّه غير طبيعي.

من يقرأ «اتفاقية باريس الاقتصادية» سيقف على حقيقة ما نقول، فهي الوجه الأخطر من اتفاقية أوسلو 1993 التي أعطت لياسر عرفات مساحة من الأراضي يستعرض فيها حرس الشرف، ويستقبل ضيوفه مع رفع العلم الفلسطيني فوق مقر إقامته الذي تحوّل إلى «سجن بسبع نجوم».

مصير الضفة الغربية المقسمة أصلاً والمزروعة بالمستوطنات «يقترب من المليون مستوطن»، نشبهه بالجبنة السويسرية، جبنة قليلة فيها الكثير من الثقوب، وصل العيش فيها لمن بقي صامداً من أهلها وشعبها إلى حد إذا كان يريد أحدهم حفر بئر مياه، لا يستطيع ولا يحصل على رخصة لذلك، لأن الإسرائيليين يحكمون الأرض وما تحتها، فبعدما سرقوا مياه الأنهار وروافدها، منعوا الفلسطيني من الحصول على نقطة مياه من أرضه.

اتفاقية باريس 1994 تدخل الضفة الغربية كتابع للاقتصاد الإسرائيلي وبتحكم كامل من سلطات الاحتلال، وقطاعات رئيسة (جمارك، ضرائب، عمالة، زراعة، صناعة، سياحة) والعملة المستخدمة هي الشيكل فقط، وبكل التبادلات والتعاملات، وهذا الاتفاق أعطى إسرائيل السيطرة على الحدود وجباية الضرائب ما عدا تكنيس الشوارع، فقد تركت للسلطة الفلسطينية؟ وقد كانوا يقولون إن البروتوكول هذا (اتفاقية باريس) مؤقت وينتهي بعد خمس سنوات، لكنه استمر حتى اليوم.

باختصار هذا النموذج تريده إسرائيل أن يشمل قطاع غزة، بحيث يتساوى وضعه مع وضع الضفة الغربية، ويتم تطويع القطاع بالكامل وربطه بعجلة الاقتصاد الإسرائيلي والمصالح المباشرة للاحتلال وشركاته الخاصة، فهل سينجح هذا المشروع أم يتهاوى؟

زر الذهاب إلى الأعلى