الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا يدعم طلب فلسطين للحصول على عضوية كاملة بالأمم المتحدة

القرار الجديد يوصي مجلس الأمن الدولي بالنظر بإيجابية في طلب فلسطين.. وسفير الإمارات إعتبر التصويت ضد القرار "بمثابة تخلي عن المسؤولية الأخلاقية والقانونية تجاه القضية الفلسطينية، وقد يفسر على أنه ضوء أخضر لإسرائيل لمواصلة انتهاكاتها التي تقوض حل الدولتين".

الأمم المتحدة – عائشة محمود دسوقي |

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم الجمعة، قرارا دوليا جديدا، تدعم بموجبه الجمعية طلب فلسطين للحصول على عضوية كاملة بالأمم المتحدة، وذلك بأغلبية 143 صوتا، ومعارضة 9 دول، وإمتناع 25 دولة عن التصويت.

وأوصى القرار الجديد الذي قدمه دولة الإمارات العربية المتحدة، بصفتها الرئيس الحالي للمجموعة العربية في الأمم المتحدة، يوصي مجلس الأمن الدولي، بإعادة النظر بشكل إيجابي في هذا الطلب، وحدد أيضا طرقا لتعزيز حقوق وامتيازات دولة فلسطين ومشاركتها بالأمم المتحدة.

كما وأكد القرار الذي تم إعتماده خلال جلسة مستأنفة عقدتها الجمعية العامة لدورتها الاستثنائية الطارئة العاشرة تحت عنوان “الأعمال الإسرائيلية غير القانونية في القدس الشرقية المحتلة وبقية الأرض الفلسطينية المحتلة، أكد على قناعة الجمعية العامة بأن دولة فلسطين مؤهلة تماما لعضوية الأمم المتحدة وفقا لميثاقها. ولفت إلى التأييد واسع النطاق من الدول الأعضاء بالمنظمة لقبول فلسطين عضوا بها.

وفي مستهل الجلسة استعرض السفير محمد أبو شهاب الممثل الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة نص مشروع القرار، على أعضاء الجمعية قُبيل التصويت، ودعا الدول الأعضاء إلى التصويت عليه، مؤكدا على أن تبني القرار سيمثل خطوة تاريخية نحو تصحيح الظلم الذي عانى منه الشعب الفلسطيني على مدى عقود، وسيعزز مكانة فلسطين ومشاركتها في المحافل الدولية.

ونوه إلى “أن هذا القرار لا يمثل في حد ذاته إنصافا لدولة فلسطين لأنها وإن منحت حقوقا إضافية، لأنه سيبقيها دولة مراقبة في الأمم المتحدة ولا تتمتع بحق التصويت في الجمعية العامة أو الترشح لهيئات الأمم المتحدة”، معتبرا التصويت ضد هذا القرار “بمثابة تخلي عن المسؤولية الأخلاقية والقانونية تجاه القضية الفلسطينية، وقد يفسر على أنه ضوء أخضر لإسرائيل لمواصلة انتهاكاتها التي تقوض حل الدولتين”.

ويؤكد القرار الجديد مجددا حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير بما في ذلك أن تكون له دولته المستقلة، ويدعو المجتمع الدولي إلى بذل جهود متجددة ومنسقة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967، والتوصل إلى تسوية عادلة ودائمة وسلمية لقضية فلسطين والصراع الإسرائيلي الفلسطيني وفقا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

ونص القرر الجديد على أن دولة فلسطين مؤهلة لعضوية الأمم المتحدة وفقا للمادة 4 من مـيثاق الأمم المتحدة و”ينبغي بالتالي قبولها عضوا” في المنظمة. وأقر على أساس استثنائي، ودون أن يشكل ذلك سابقة، إعتماد عدة طرق ترفع من مستوى مشاركة دولة فلسطين في دورات وأعمال الجمعية العامة والمؤتمرات الدولية التي تعقد تحت رعايتها وسائر أجهزة الأمم المتحدة، بما في ذلك الحق في الجلوس بين الدول الأعضاء حسب الترتيب الأبجدي في قاعات الإجتماعات في الأمم المتحدة، وحق التسجيل في قائمة المتحدثين في إطار بنود جدول الأعمال، غير البنود المتعلقة بقضيتي فلسطين والشرق الأوسط، وأيضا الحق في الإدلاء ببيانات باسم مجموعة سياسية أو جغرافية ما، بما في ذلك إلى جانب ممثلي المجموعات الرئيسية، وكذلك الحق في تقديم المقترحات والتعديلات وعرضها على إجتماعات الأمم المتحدة، وأيضا الحق في تقديم تعديلات للتصويت باسم الدول الأعضاء، وممارسة حق الرد وأيضا الحق في أن يُنتخب أعضاء وفد دولة فلسطين لعضوية مكتب الجمعية العامة ومكاتب اللجان الرئيسية التابعة لها، وكذلك الحق في المشاركة الكاملة والفعالة في مؤتمرات الأمم المتحدة والمؤتمرات والاجتماعات الدولية التي تعقد تحت رعاية الجمعية العامة.

قبل اعتماد القرار، قال السفير رياض منصور المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، إن التصويت بنعم لصالح مشروع القرار “هو تصويت لصالح الوجود الفلسطيني، وليس ضد أي دولة، ولكنه ضد محاولات حرماننا من دولتنا”.

وأضاف أنه لهذا السبب تعارض الحكومة الإسرائيلية ذلك بشدة “لأنهم يعارضون استقلالنا وحل الدولتين جملة وتفصيلا”. وأكد أن التصويت لصالح مشروع القرار هو “استثمار في السلام وبالتالي تمكين قوى للسلام”.

وقال منصور كذلك “بكلمات بسيطة، التصويت بنعم هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله. ويمكنني أن أؤكد لكم أنتم وبلادكم، أنكم لسنوات قادمة ستفخرون بوقوفكم من أجل الحرية والعدالة والسلام في هذه الساعة المظلمة”.

وأكد أنهم يريدون السلام مضيفا أنه “لا توجد كلمة أصعب في النطق عندما يقتل عشرات الآلاف من شعبك. نحن لا نستخدمها بخفة. نحن نريد السلام”. وشدد على أن “حريتنا ليست عائقا أمام السلام، بل هي الطريق الوحيد المؤدي إليه”.

ومن جانبه، و بعبارة “عار عليكم”، أنهى السفير الإسرائيلي جلعاد إردان كلمته أمام الجمعية العامة بعد تمزيق صفحات من مـيثاق الأمم المتحدة. وقال قبل التصويت على مشروع القرار إنه يريد أن يتذكر العالم أجمع هذا “العمل غير الأخلاقي”، مضيفا أن الدول الأعضاء “تمزق ميثاق الأمم المتحدة بأيديها”.

وقال إردان: “لقد اختارت هذه الهيئة الوقحة مكافأة النازيين المعاصرين بالحقوق والامتيازات”، مضيفا أن الجمعية العامة فتحت الأمم المتحدة أمام “الجهاديين الذين يرتكبون الإبادة الجماعية والملتزمين بإقامة دولة إسلامية في جميع أنحاء إسرائيل والمنطقة والذين يقتلون كل رجل وامرأة وطفل يهودي. أشعر بالاشمئزاز”.

وقال إن الجمعية العامة ترتكب “ذنبا لا يغتفر… وتبصق على القيم ذاتها التي صيغت لتلتزم بها هذه المنظمة”. وأضاف أن الجمعية تنتهك الميثاق بتجاوزها مجلس الأمن “والاستهزاء بمعنى محبة السلام”، واصفا الفلسطينيين بـ “محبي الإرهاب”.

وقال: “سيكون هذا اليوم عارا على الأمم المتحدة، فالمنظمة التي تأسست في أعقاب القتل المنهجي لستة ملايين يهودي لا تهتم بميثاقها التأسيسي، وتدفع بنظام إبادة جماعية آخر يهدد وجود الشعب اليهودي”.

موقف الولايات المتحدة

نائب السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة روبرت وود ، قال إن هذا القرار لا يعالج القلق الذي أُعرب عنه الشهر الماضي في مجلس الأمن بشأن الطلب االفلسطيني بالانضمام لعضوية الأمم المتحدة.

وأضاف وود أنه في حال تلقي مجلس الأمن طلب عضوية فلسطين نتيجة لهذا القرار، “فستكون هناك نتيجة مماثلة” في إشارة إلى الفيتو الذي استخدمه ضد مشروع القرار الذي كان يوصي بمنح فلسطين العضوية.

وأوضح أن قرار الجمعية  العامة لا يغير وضع الفلسطينيين كبعثة دولة غير عضو لها صفة المراقب.

وذكر بأنه نتيجة لهذا التصويت لم تحصل البعثة الفلسطينية على حق التصويت في الجمعية العامة، كما أنها لم تحصل على حق تقديم مرشحين لهيئات الأمم المتحدة أو الترشح لعضوية مجلس الأمن. وشدد على أن بلاده “ستواصل معارضة التدابير التي تقوض احتمالات التوصل إلى حل الدولتين”.

وقال وود إن أسرع طريق نحو حصول الشعب الفلسطيني على عضوية الأمم المتحدة هو من خلال المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بدعم من الولايات المتحدة وشركاء آخرين.

كما تحدث رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة دينيس فرانسيس، لافتا بشكل خاص إلى الأحداث المروعة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة خلال الأشهر السبعة الماضية، والتي أشار بأنها تسرع من الحاجة الملحة للتوصل إلى حل سلمي عادل وشامل ودائم للوضع في الشرق الأوسط.

وأضاف “هذه ليست اللحظة التي يتعثر فيها المجتمع الدولي أو يشيح ببصره بعيدا”. ودعا فرانسيس الدول الأعضاء إلى تقييم الوضع دون أن يشغلهم شيء سوى “التزامنا بالسلام باعتباره أقصى طموحاتنا المباشرة”.

وحث أطراف الصراع، بدعم من أولئك الذين لديهم نفوذ، على بذل قصارى جهدهم لتأمين اتفاق لوقف إطلاق النار ينهي المعاناة وإراقة الدماء، وإطلاق سراح جميع الرهائن وحماية المدنيين الأبرياء، وضمان الوصول الفوري دون عوائق للمساعدات الإنسانية دون شروط لجميع الذين هم في أمس الحاجة إليها.

وتجدر الإشارة إلى أن قرار الجمعية العامة الجديد الذي تم التصويت عليه اليوم، عبر بشكل ملحوظ عن بالغ الأسف والقلق إزاء التصويت السلبي “الفيتو” الذي إنتهجه أحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وذلك في إشارة إلى الولايات المتحدة، مما حال دون اعتماد مشروع قرار يوصي بقبول العضوية الكاملة لفلسطين في الجمعية العامة.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد استخدمت حق النقض (الفيتو) الشهر الماضي في مجلس الأمن ضد مشروع قرارجزائري يوصي الجمعية العامة بقبول دولة فلسطين عضوا في الأمم المتحدة. أيد القرار 12 عضوا فيما امتنعت سويسرا والمملكة المتحدة عن التصويت.

فلسطين هي دولة غير عضو لها صفة المراقب بالأمم المتحدة، وقد حصلت على هذا الوضع بعد قرار اعتمدته الجمعية العامة بأغلبية كبيرة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، حيث اعتمد القرار بتأييد 138 دولة ومعارضة 9 وامتناع 41 عن التصويت.

ويتطلب انضمام أي دولة لعضوية الأمم المتحدة توصية من مجلس الأمن تُرفع إلى الجمعية العامة ثم موافقتها على التوصية.

ولكل دولة عضو في الجمعية العامة- من أعضائها الـ193- صوت متساو ولا تحظى أي دولة بحق النقض كما هو الحال في مجلس الأمن الذي يتمتع أعضاؤه الخمسة دائمو العضوية بحق الفيتو، وهم: الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة، الصين، فرنسا وروسيا.

زر الذهاب إلى الأعلى