بيلوسوف بدل شويغو لماذا وكيف سينعكس ذلك على الميدان
بقلم: اكرم كمال سريوي
النشرة الدولية –
“الثائر” –
تبديل وزير الدفاع في خضم الحرب، هي خطوة نادرة في تاريخ الدول والحروب. لكن فلاديمير بوتين فعل ذلك، في خطوة فاجأت الكثيرين، خاصة أنه لم يعين رجلاً عسكرياً بالمنصب، بل اختار رجل الاقتصاد اندريه بيلوسوف.
ليس بوتين من يُقدم على خطوة عشوائية وغير محسوبة، فلا شك أنه هناك أسباب وجيهة وأهداف مهمة لهذه الخطوة.
في السياق العام يحتاج أي جيش إلى التجديد والابتكار، وهذا ما أشار إليه المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، عندما تحدث عن التبديل الحاصل في وزارة الدفاع الروسية.
فسرغي شويغو خدم أكثر من 12 عاماً في المنصب، وأصبح في عمر 68 سنة، وتعرض خلال هذه الفترة لانتقادات عديدة، خاصة من قبل القائد السابق لفاغنر يفغيني بريغوجين، الذي نفّذ انقلاباً متهوراً فاشلاً، طالب خلاله بإقالة شويغو ،واتهمه بأنه ضعيف ومتردد.
شويغو الصديق الحميم لبوتين، لن يذهب إلى المنزل، كحال القائد السابق للجبهة الاوكرانية الجنرال سيرغي سوروفيكين، بل سيبقى ضمن فريق عمل بوتين، في منصب سكرتير مجلس الامن.
لكن المنصب الجديد لشويغو لا يمكن اعتباره ترقية، فصلاحيات وزير الدفاع، أكبر بكثير من صلاحيات السكرتير.
اما بيلوسوف الاقتصادي والسياسي المتشدد، الذي كان من أكبر داعمي ضم شبه جزيرة القرم، وهاوي الفنون القتالية، فهو ايضاً متفوق في الرياضيات وعلم الاقتصاد، وبالتالي فهذا يوضح التوجه الجديد للرئيس بوتين في السياسة الدفاعية، واهتمامه بتطوير الصناعات العسكرية.
فبيلوسوف كان مسؤولاً عن برامج تطوير الطائرات الحربية والمسيّرات، التي باتت اليوم تلعب الدور الأكبر في ميدان القتال.
تتعرض روسيا لضغوط اقتصادية كبيرة من قبل الغرب، الذي فرض عليها أكثر من 17 الف عقوبة، في واقعة غير مسبوقة في التاريخ. ولو لم تكن الصين مارداً اقتصادياً حقيقيا، وتحتاج إلى الصادرات الروسية، لكانت روسيا اليوم في وضع اقتصادي مزري للغاية.
لكن روسيا الغنية بشتى أنواع المواد الأولية، خاصة النفط والغاز ومختلف انواع المعادن، الضرورية لتقدم الصناعة الصينية، والجار القريب، نجحت في تجاوز العقوبات الغربية، وقلبت المعادلة لصالحها، بحيث بدأ اقتصاد دول أوروبية عديدة يتراجع، وتضرر كثيراً جراء سياسة العقوبات العشوائية على الصادرات الروسية، وتصدّرت المانيا قائمة المتضررين.
الانعكاسات على الميدان:
ليس وزير الدفاع هو من يضع خطط القتال، بل هو يصدر توجيهات عامة، ويضع الخطوط العريضة للحرب .
أما الخطط العسكرية فيتولى وضعها ضباط الأركان وقادة الوحدات وغرف العمليات.
ولا بد أن يكون هؤلاء من ذوي الخبرة والكفاءة العالية، وبالتالي لا تتأثر أعمالهم كثيراً بتبديل وزير الدفاع، الذي يشكّل غالباً صلة الوصل بين أركان الجيش، الذي ما زال يرأسها الجنرال فاليري غيراسيموف، وبين الرئيس بوتين، صاحب القرار الأول والأخير في هذه الحرب.
يعتقد بعض المحللين أن بيلوسوف سيحمل آلة حاسبة، ويقنن بها مصاريف الجيش وموازنة الدفاع، التي ارتفعت بنسبة 68% ووصلت إلى 10,8ترليون روبل( ما يعادل 111 مليار دولار تقريباً) .
كما يلمح البعض إلى علاقة تعيين بيلوسوف، بتوقيف نائب الوزير السابق شويغو، تيمور ايفانوف بتهم فساد وتلقى رشى مالية.
من الطبيعي أن يكون تعيين بيلوسوف مهماً لناحية ضبط موازنة الدفاع الروسية، والتركيز على الجانب الاقتصادي.
لكن الأهم هو أن بيلوسوف يمثل توجّهاً عسكرياً أكثر تشدداً من شويغو، في الحرب الاوكرانية والمواجهة القائمة مع الغرب.
ويعتبر بيلوسوف من الداعمين لتقوية وتحديث الجيش الروسي، كما أنه يدعم فكرة إنشاء منطقة عازلة داخل أوكرانيا، على أن يكون نهر الدنبر هو الحد الفاصل، الذي يضمن سلامة الداخل الروسي، وإبعاد خطر المدفعية والصواريخ الاوكرانية، التي يزودها بها الغرب.
مع انطلاق الهجوم الروسي من الشمال نحو خاركوف، المدينة الاستراتيجية، التي تركزّت فيها مصانع الدبابات والأسلحة السوفياتية، والتي تشكل عقدة طرق هامة، لوصل موسكو مع مناطق شرق أوكرانيا، وصولاً إلى شبه جزيرة القرم.
قد يكون الهدف الرئيس لبيلىسوف هو فعلاً ضم مزيد من المقاطعات الأوكرانية، وسيخيب أمل الغرب وما أوحى به كلام وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس ،عن إقالة شويغو باعتبارها نقطة ضعف وتراجع في الموقف الروسي.
بيلوسوف الاقتصادي والسياسي المتشدد، والمستشار السابق للرئيس بوتين، قد يصدم الغرب، بتحولات كبرى في الحرب الروسية في أوكرانيا