بين نكبة ومؤتمر.. استعادة النكبة فى حرب غزة
بقلم: حسين دعسة
النشرة الدولية –
الدستور المصرية –
.. ماذا لو توقفت الحرب على غزة؟.
سؤال للصحفي الغربي الذي جاء من القارة العجوز، التي كانت دولته، إحدى قواتها التي استعمرت عدة دول في بلادنا (..)، ردا على سؤال، الحرب، الذي أردفه بسؤال النكبة، وكيف نراها اليوم؟!.
قلت له: السؤال أحيانا يكون بذات القيمة المعرفية أو السياسية.
قلت – أيضا الحرب لن تتوقف، نحن في هذا اليوم نعيش أحداثا، كلها تصب في بعض:
*مؤتمر القمة العربية في العاصمة المنامة.. وهو الدورة 33 من هذا المؤتمر العيد الذي تصر على شكليته جامعة الدول العربية.
*دولة الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني، ترفض قرار الأمم المتحدة الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
.. والمصادفة أن دولة الاحتلال، صادقت، على رفض القرار الذي أصدرته الأمم المتحدة الأسبوع الماضي بشأن الاعتراف بدولة فلسطين، لتصادف ذلك مع حدث مهم.
*الحدث، هو مرور 76 عاما على نكبة فلسطين والأمة العربية والإسلامية على نكبة فلسطين بعد احتلالها من القوات الإسرائيلية التي شنت حرب إبادة وتناوبت على استعمار فلسطين المحتلة من جيش الانتداب البريطاني في العام 1948
وينص قرار الحكومة الاسرائيلية على “رفض قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة والقاضي برفع مستوى تمثيل السلطة الفلسطينية ومنحها صلاحيات إضافية والتي تكون عمومًا من حق الدول الأعضاء”.
وأضافت المحكمة الصهيونية أن “القرار سابق الذكر ليس من شأنه أن يغير من وضع المناطق المختلف عليها، وليس من شأنه أن يمنح أي حق كان ولا من شأنه أن يقلل من أي حق لدولة اسرائيل والشعب اليهودي في أرض إسرائيل”.
من جانبه، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: “لن نعطي مكافأة على مجزرة 7 أكتوبر الرهيبة. لن نسمح لهم بإقامة دولة إرهابية يمكنهم من خلالها مهاجمتنا أكثر”.
وأضاف “اليوم عارضت الحكومة قرار الأمم المتحدة الذي اتخذته الأسبوع الماضي بشأن تشجيع الاعتراف بالدولة الفلسطينية. لن يتم تقديم أي مكافأة على مذبحة يؤيدها 80% من الفلسطينيين سواء في الضفة الغربية أو في غزة”.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد صوتت الجمعة بغالبية كبرى تأييدًا لطلب عضوية فلسطين في المنظمة الدولية، وذلك في قرار يحمل طابعًا رمزيًا بسبب “الفيتو” الأمريكي في مجلس الأمن.
وحصد القرار الذي ينص على وجوب “انضمام الفلسطينيين إلى المنظمة” مع منحهم حقوقًا إضافية كدولة مراقب، تأييد 143 عضوًا مقابل اعتراض 9 أعضاء وامتناع 25 عن التصويت.
وأوصت الجمعية العامة للأمم المتحدة، مجلس الأمن بإعادة النظر في عضوية فلسطين بشكل إيجابي، واعتبرت أن الفلسطينيين مؤهلون لينالوا العضوية الكاملة في المنظمة.
ومن بين الحقوق الإضافية لفلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الحصول على مقعد مع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في قاعة الجمعية.
*أوروبا تعترف بفلسطين
في هذا الحدث، برغم أحداث الدمار والحرب المستمرة في غزة، دعا مسئول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى بذل مزيد من الجهود نحو إقامة دولة فلسطينية.
جاء ذلك بعدما علق “بوريل” على تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين قائلًا إنه أظهر انقسامًا كبيرًا في الاتحاد الأوروبي حول غزة، على عكس ما هي عليه الحال بالنسبة للحرب في أوكرانيا.
*بين نكبة مؤتمر..
في العاصمة البحرينية المنامة، عقد مؤتمر القمة العربي، ٣٣ دورة من اجتماعات قيادية، لم تتحق للقضية الفلسطينية اية نتائج دولية أو سياسية مؤثرة.
.. غالبًا، لا تتصادف مشاريع ذكرى النكبة مع عقد القمم العربية، عذا العام، اليوم وأمس وغدا، الحكاية تدور حول القمة قراراتها ومصادفته.
يعيد المجتمع الدولي، سنوات من أرشيف النكبة الفلسطينية عام 1948،و يرصد العالم الآن؛ الواقع أن 76عاما، تقف في مواجهة النكبة الجديدة في قطاع غزة، التي امتدت الي رفح، وتتأزم مؤشرات تعيدها في الضفة الغربية والقدس والداخل المحتل.
*معنى النكبة.. كتاب المفكر قسطنطين زريق.
في حالة فكرية استباقية، أو ما يمكن أن نطلق عليه، حالة ارتياد في مستقبل الحدث، منذ سنته الأولى، كان كتاب (معنى النكبة) من تأليف المفكر قسطنطين زريق، والذي نشرته دار العلم للملايين في بيروت عام 1948، وأعيد طبعه من قبل مؤسسة عبدالحميد شومان، ضمن الأعمال الكاملة لزريق، وهو يحمل، عبر فكر اجتماعي سياسي، مصطلح “النكبة” لوصف النكبة الفلسطينية في أعقاب حرب عام 1948.
زريق، وضع توطئة وتقدمة لدلالة، وفداحة النكبة، وواجب الفكر في هكذا حالة وطنية، واضعاف تلك النظرة لحالات المعالجة القريبة، والحل الأساسي وبالتالي كيف تفهم ونرتاد معنى النكبة.
وهو من 76 عاما، حاول وضع رؤية سياسية، عن الصراع بين المبدأ والقوة في قضية فلسطين، إضافة إلى قراءات حول: لماذا نجاهد في فلسطين؟
إن سؤال النكبة ليس سؤال الماضي فحسب، بل هو أيضًا سؤال الحاضر والمستقبل، ذلك بأن الصهيونية لا تزال تسعى للقضاء على ذاكرة النكبة التي تشكّل مكوّنًا رئيسيًا من مكوّنات الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني، الذي يحتاج اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى إبقاء ذاكرة النكبة حيّة، ومواصلة تعليمها في المدارس والجامعات وتسليط الضوء على مقدماتها وتداعياتها، وذلك كي يعزز وحدته، ويتجاوز الأزمة التي تواجهها حركته الوطنية، ويفلح في بث روح جديدة في مشروعه السياسي.
.. ويأتي الجدل حول رؤية ما بعد الحرب/ النكبة الجديدة في غزة، اجتياح رفح، في الوقت الذي ما زالت نتائج الإبادة الجماعية قائمة، وقت اندلع القتال، في السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي، بعد بدء معركة طوفان الأقصى، وظهور قوة حركة حماس الفصائل الفلسطينية، دفاعا عن غزة، مرة أخرى في أماكن أصرت فيها دولة الاحتلال استهدفتها بعنف ومجازر في الأيام الأولى للحرب وقالت إنها كانت تحت سيطرتها، إضافة إلى اجتياح مدينة رفح، جنوب غزة، مما أدى إلى، مظاهر نكبة جديدة وتهجير قسري، مع فرار مئات الآلاف من السكان، في متاهات بشرية دون وجود بدائل.
لهاذا، بين نكبة ١٩٤٧، ومؤتمر القمة، ما زال هناك من يحتفل، بالمكتبة منكوبا، بينما يلجأ الإسرائيليون، إلى جعله يومهم الوطني، برغم أنه يوم ظهور الاحتلال الإسرائيلي العنصري، الذي يختلف في الرؤية والمصري، في ظل مجازر وويلات حرب الإبادة في غزة ومخاوف اجتياح مأساوي متوحش من جيش الكابنيت الصهيوني.
.. هنا، لا بد من وقفة مع ما تقوله وكالة الأنباء الفرنسية: بالنسبة للفلسطينيين، جدد هذا النزوح ذكريات مؤلمة عن الطرد الجماعي مما يعرف الآن بإسرائيل في الحرب التي أحاطت بإنشاء الدولة عام 1948. واحتفل الفلسطينيون في جميع أنحاء الشرق الأوسط يوم الأربعاء بالذكرى السادسة والسبعين لذلك الحدث.
*دولة الاحتلال والخلاف مع الولايات المتحدة الأمريكية.
.. نحو مصير معين، وموقف معين، حلفاء اليوم والإنس في خلاف، أدت الخلافات حول مستقبل غزة إلى احتكاك علني متزايد بين إسرائيل والولايات المتحدة، أقرب حلفائها. وكانت الولايات المتحدة- كما تقول الأنباء الفرنسية- صريحة في معارضتها للتوغل الإسرائيلي في رفح، الذي تعتبره إسرائيل ضروريًا لهزيمة حماس، لكن أكثر من نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة لجأوا إليه؛ ذلك مع نبذ اعتراض دول كثيرة على الاجتياح، بالذات الأردن والتنسيق رفيع المستوى مع الجانب المصري، نحو منع استمرار القوات الإسرائيلية، والكابنيت عمليات تدمير وإبادة في رفح، أو السيطرة على المعبر القريب المؤدي إلى مصر وعلى الرغم من أن الغزو لا يزال أقل من مستوى الغزو الشامل الذي هددت به إسرائيل، إلا أن الغزو قد تسبب بالفعل في الفوضى، وهي تلك الحالة التي تسعى لها الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الاحتلال، والمراوحة في المواقف الداعمة لدولة الاحتلال.
.. لهذا، بات من الطبيعي، أن تقف مصر، وترفض بشدة الاتهام الاسرائيلي المجرم، بالمسئولية عن مشاكل معبر رفح الأخيرة، في تضليل وتزييف واضح.
.. وهذا جوهر ما صرح به وزير الخارجية المصرية سامح فهمي عندما اتهم إسرائيل بـ”لي الحقائق” و”التنصل من مسئولية” الأزمة الانسانية في غزة، وذلك تعقيبًا على تصريحات لوزير خارجيتها إسرائيل كاتس اعتبر فيها مصر مسئولة عن منع دخول المساعدات إلى القطاع.
وقال شكري في بيان وزعه مكتبه في القاهرة: “تعقيبًا على تصريحات وزير خارجية إسرائيل المطالبة بإعادة فتح معبر رفح وتحميل مصر مسئولية وقوع أزمة انسانية في قطاع غزة، تؤكد مصر رفضها القاطع لسياسة لي الحقائق والتنصل من المسؤولية التي يتبعها الجانب الإسرائيلي”.
وأضاف أن “إسرائيل هي المسئولة الوحيدة عن الكارثة الإنسانية التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة حاليًا”.
وقال وزير الخارجية المصرية إن “السيطرة الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح والعمليات العسكرية الإسرائيلية في محيط المعبر، وما تؤدي إليه من تعريض حياة العاملين في مجال الإغاثة وسائقي الشاحنات لمخاطر مُحدقة، هي السبب الرئيسي في عدم القدرة على إدخال المساعدات من المعبر”.
واستنكر شكري “بشدة محاولات الجانب الإسرائيلي اليائسة تحميل مصر المسئولية عن الأزمة الإنسانية غير المسبوقة التي يواجهها قطاع غزة، والتي هي نتاج مباشر للاعتداءات الإسرائيلية العشوائية ضد الفلسطينيين لأكثر من سبعة أشهر، مطالبا دولة الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني، “بالاضطلاع بمسئولياتها القانونية باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، من خلال السماح بدخول المساعدات عبر المنافذ البرية التي تقع تحت سيطرتها.
*تحذير، ونكبة، والعالم يعيد قراءة السطر الأول.
كيف يقرأ السطر الأول؟!.
كلمات قالها طفل فلسطيني أعيته التهجيرات المتلاحق، خلال أيام حرب الإبادة الجماعية والتهجير وتصفية القضية الفلسطينية، الطفل فقد الطعام والماء والعلاج والأهل والأمان، لهذا هناك من يرى في حياة هذا الطفل الفلسطيني، مؤشرا على سنوات وسنوات من متاهة الشعب الفلسطيني في غزة، وربما تمتد الحرب، نحو ما بعد رفح ولبنان الجنوب وبالتالي التصعيد الإقليمي المستعمر، هنا لا يستبعد أن تبدأ دولة الاحتلال الإسرائيلي العنصرية، عملية عسكرية شاملة في رفح، بغض النظر عن الموقف الدولي أو جوار فلسطين، أو الإدارة الأمريكية.
*واقع عالمي وأمني صاخب
بين نكبة وواقع عالمي وامني صاخب، يبدو أن هدف دولة الاحتلال الإسرائيلي العنصرية، خطط من السيطرة الكاملة على قطاع غزة بغية القضاء على أي تهديدات من حركة حماس أو غيرها.
البيت الأبيض دخل في نكبة من نوع مشترك (…) فكلما ارتفع عدد المدنيين الفلسطينيين الذين يستشهدون، كلما أصبح من الصعب إعادة إنتخاب بايدن، أو فرص أقوى للحرب الديمقراطي، الذي كان الداعم الرئيس في حرب الكابنيت على غزة ورفح.
.. مع النكبة، ومع الإنكار المؤلم، ما زالت قوى المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، ومنظمات العالم الإغاثية والإنسانية والثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، تقف عاجزة عن إنقاذ الشعب الفلسطيني، وهناك من يقول: أي شخص بوسعه تحميل الرئيس الأمريكي بايدن المسئولية عن استمرار الحرب العدوانية على قطاع غزة، ذلك أن الولايات المتحدة تقوم بنقل الأسلحة، بشكل دائم إلى جيش إسرائيل الذي يقوده السفاح نتنياهو، وهو من يقتل الشعب، الأطفال والنساء الفلسطينيين، المدنيين.
.. في ذاكرة النكبة الفلسطينية بعد 76 عاما، هذه الحقيقة تعمل ضد الرئيس الأمريكي، ضد الولايات الأمريكية التي اختارت الوقوف مع التطرف الإسرائيلي الصهيوني.
.. لا يمكن النظر بحسن نية لا عربيا ولا إسلاميا، ولا دوليا برغم الدبلوماسية الجيوسياسية الأمنية، عن أن نوايا الرئيس الأمريكي جو بايدن، قد ينجح في لعب دور الحليف والوسيط، و/ أو صانع السلام، لأنه اليوم وسط شعبه والمجتمع الدولي، مشارك في إبادة الفلسطينيين.
الإدارة الأمريكية تدرك تماما، أن السفاح نتنياهو، يمارس كل أشكال الإبادة والمجازر، وهو تجاوز في سلوكه معايير خوض الحرب الدولية (…)، وهو من يقود جيش الكابنيت المتوحش المتطرف، في كل يوم من أيام الحرب العدوانية الإسرائيلية المستعرة على غزة، ومنها الكارثة الإنسانية في رفح.
الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا الاستعمارية، والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، ومنظمات دولية وأمنية أخرى، تتحمل المسئولية، ولن ينأى أي مسئول أو رئيس أوروبي، أمريكي، أو من دول المنطقة والمجتمع الدولي، لن ينأى بنفسه، أو دولته أو مصالحه عن هذا الوضع، الذي أباد كل غزة وما زالت النكبة تستعر، والشهود، شهود!