مستقبل إيران بعد رئيسي.. صعود الإصلاحيين أم تعزيز قبضة المحافظين؟

النشرة الدولية –

الحرة –

تمر إيران بمرحلة انتقالية دقيقة بعد وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي، في حادث تحطم طائرة مروحية مفاجئ، وفي الوقت الذي أثار فيه هذا الحادث صدمة واسعة بأرجاء البلاد والمنطقة ككل، فتح أيضا الباب للتساؤلات بشأن كيفية إدارة الفترة الحالية، ومستقبل البلاد السياسي.

ووفقا للدستور الإيراني، سيتولى نائب الرئيس، محمد مخبر، مهام الرئاسة بشكل مؤقت لمدة 50 يوما حتى إجراء انتخابات رئاسية جديدة. وخلال هذه الفترة تتجه الأنظار صوب المرشد الأعلى، علي خامنئي، الذي يملك سلطة رسم معالم المرحلة المقبلة.

وتتباين قراءات محللين، بين من يتوقع أن يتيح القائد الفعلي للبلاد المجال لصعود رئيس أكثر اعتدالا لتخفيف من حدة الاحتقان الداخلي، ومن يذهب لاعتبار أن الانتخابات المقبلة ستشهد عودة قوية لشخصيات بارزة من التيار المحافظ.

المرحلة الانتقالية والاستعداد للانتخابات

ويمثل الرئيس السلطة التنفيذية في النظام السياسي الإيراني الذي يرتكز على سلطات ثلاث هي التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، بينما تعود الكلمة النهائية في السياسات العامة للدولة إلى المرشد الأعلى.

ويتولى رئيس الجمهورية تعيين مجلس الوزراء، وتوجيهه نظرا لعدم وجود منصب رئيس للوزراء، ووضع السياسات الاقتصادية والمالية للبلاد، والإشراف على تنفيذ السياسة الخارجية.

وتنص المادة الـ131 من دستور الجمهورية الإيرانية على أنه “في حالة وفاة رئيس الجمهورية، أو عزله، أو استقالته، أو غيابه أو مرضه لأكثر من شهرين، أو في حالة انتهاء فترة رئاسة الجمهورية وعدم انتخاب رئيس جديد،  يتولى المعاون الأول للرئيس أداء وظائف رئيس الجمهورية، ويتمتع بصلاحياته بموافقة القيادة”، أي المرشد الأعلى.

وتشير المادة إلى أنه “يتوجب على هيئة مؤلفة من رئيس مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) ورئيس السلطة القضائية والمعاون الأول لرئيس الجمهورية أن تعدّ الأمور ليتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، خلال فترة 50 يوما على الأكثر”.

وأوكل خامنئي، الأحد، محمد مخبر، الذي كان نائبا لرئيسي، مهام رئيس الجمهورية.

وخلال الفترة التي يتولى فيها مخبر مسؤوليات رئيس الجمهورية ويتمتع بصلاحياته، “لا يمكنه استيضاح الوزراء أو حجب الثقة عنهم، ولا يمكنه – كذلك – القيام بإعادة النظر في الدستور أو إصدار الأمر بإجراء الاستفتاء العام في البلاد”، وفقا للمادة 132.

صالح القزويني، كاتب وباحث سياسي إيراني، يرى أن المهمة الرئيسية للحكومة الانتقالية ستكون الإعداد لإجراء انتخابات عامة لانتخاب الرئيس المقبل للبلاد.

ويضيف القزويني في حديث لموقع “الحرة”، أنه تمت الموافقة على موعد الانتخابات خلال اجتماع لرؤساء السلطة القضائية والحكومة والبرلمان، حيث تقرر أن تجرى في 28 يونيو المقبل، بينما ستفتح أبواب الترشح أمام المرشحين للرئاسة أواخر الشهر الحالي.

وستغلق أبواب الترشح في 17 يونيو المقبل على أن تبدأ الحملة الانتخابية للمرشحين والتي ستسمر لأزيد من أسبوع، وصولا إلى موعد توجه الإيرانيين لصناديق الاقتراع، حسبما يكشف المتحدث ذاته.

وبحسب المادة التاسعة والتسعين من الدستور الإيراني، يتولى مجلس صيانة الدستور الإشراف على انتخابات مجلس خبراء القيادة ورئيس الجمهورية وأعضاء مجلس الشورى، وعلى الاستفتاء العام.

ويتولى المجلس مهمة ضمان مطابقة ما يصدق عليه مجلس الشورى مع الأحكام الإسلامية والدستور. ويتشكل أعضاؤه على النحو التالي: “ستة أعضاء من الفقهاء العدول العارفين بمقتضيات العصر وقضايا الساعة، ويختارهم القائد. وستة أعضاء من المسلمين من ذوي الاختصاص في مختلف فروع القانون، يرشحهم رئيس السلطة القضائية ويصادق عليهم مجلس الشورى الإسلامي”.

في هذا الجانب يكشف الباحث الإيراني أن مجلس صيانة الدستور يبقى بمثابة “المحكمة الدستورية” بالأنظمة السياسية الأجنبية، ويرجع له قرار الفصل في قبول أو رفض ترشيحات المرشحين.

و بعد إصدار قراراته، يسمح المجلس للمرشحين المرفوضين تقديم اعتراضات وطعون ويعيد النظر في طلباتهم، قبل قراره النهائي.

ويُنتخب رئيس الجمهورية مباشرة من قبل الشعب لمدة أربع سنوات، ولا يجوز انتخابه لأكثر من دورتين متتاليتين.

وتحدد المادة 115، من الدستور الإيراني، الشروط الواجب توفرها في رئيس الجمهورية، وتشترط أن يكون “من بين الرجال المتدينين السياسيين الذين تتوفر فيهم الشروط التالية: أن يكون إيراني الأصل ويحمل الجنسية الإيرانية، قديرا في مجال الإدارة والتدبير، ذا ماضٍ جيد، وتتوفر فيه الأمانة والتقوى، ومؤمنا ومعتقدا بمبادئ الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمذهب الرسمي للبلاد”.

المرشد الأعلى بين “خيارين”

وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز“، أنه أمام خامنئي، المرشد الأعلى للبلاد، “خياران، كل منهما ينطوي على مخاطر”.

وبحسب الصحيفة، فيمكن للمرشد الإيراني ضمان أن تكون الانتخابات الرئاسية مفتوحة للجميع، من المتشددين إلى الإصلاحيين، غير أنه سيكون بذلك “يخاطر بإجراء انتخابات تنافسية قد تأخذ البلاد في اتجاه لا يريده”.

أو يمكن تكرار استراتيجيته في الانتخابات الأخيرة، ومنع ليس فقط المنافسين الإصلاحيين ولكن حتى شخصيات المعارضة المعتدلة والموالية، مما قد يضعه “في مواجهة حرج نسبة مشاركة أقل، وهي خطوة ستُفسر على أنها توبيخ لاذع لدولته الاستبدادية”، وفقا للصحيفة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى