مذكرات توقيف لمسؤولين اميركيين بعد نتنياهو وغالانت!
بقلم: اكرم كمال سريوي
النشرة الدولية –
الثائر –
الخبير في القانون الدولي الانساني اكرم كمال سريوي –
قال مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان، أنه تلقى اتصالات تهديد من قبل مسؤولين اميركيين وإسرائيليين.
وكان بعض أعضاء الكونغرس دعا إلى معاقبة قضاة محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية، وتدخلوا لثنيها عن إصدار قرارات ضد قادة إسرائيل، متناسين أن تهديد القضاة، والتدخل في عملهم، هو جريمة يعاقب عليها القانون.
رفضت إسرائيل التقيد بقرار محكمة العدل الدولية بوقف الحرب على رفح، وكانت قبل ذلك رفضت توصية المحكمة باتخاذ تدابير لحماية المدنيين في غزة، والسماح بدخول المساعدات الانسانية.
وعلى امتداد تاريخها، لم تُنفذ إسرائيل أي قرار صادر عن الأمم المتحدة أو الأجهزة التابعة لها، بدءاً من الجمعية العامة وإلى مجلس الأمن، وصولاً إلى المحاكم الدولية.
وآخرها طبعاً قرار مجلس الأمن، بوقف اطلاق النار الانساني، في رمضان الماضي الرقم 2728.
طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان، إصدار مذكرات توقيف بحق بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، بعد أن ثبت لديه بالدلائل القاطعة، أنهما مسؤولان عن خرق القانون الدولي الإنساني، لجهة ارتكاب جرائم؛ ابادة، واستهداف متعمد للمدنيين، وتهجير قسري، وتجويع السكان، ومنع المساعدات عنهم، وقصف المستشفيات، والمدارس، ودور العبادة، وقطع المياه، وتدمير البنى التحتية، وجعل غزة مكاناً غير صالح للعيش.
حوالي 600 محامٍ وخبير قانوني من جميع دول العالم، جمعوا أكثر من عشرة آلاف وثيقة، تثبت جرائم إسرائيل. وتم تقديمها إلى المحكمة الجنائية، واستند إليها المدعي العام، في طلبه إصدار مذكرات التوقيف.
ورغم الفارق الكبير بين ما قامت به إسرائيل، وما قامت به حماس، حاول كريم خان أن يظهر بأنه غير متحيّز، فارتكب خطأ فادحاً، بالمساواة بين قادة حماس ونتنياهو، ونسي أن ميثاق الامم المتحدة، أقر حق الشعوب في تقرير مصيرها، وتحقيق ذلك بكل الوسائل الممكنة.
والأهم من ذلك أن كريم خان، لم ينتبه إلى الفارق الكبير في معاملة الأسرى، ففي حين يتعرض الأسرى الفلسطينيون للظلم والمعاملة اللانسانية، خرج الاسرى الاسرائيليون، وهم يشكرون مقاتلي حماس، على حسن المعاملة.
ويبدو أن المدعي العام انخدع بالأفلام التي فبركها نتنياهو، عن قتل الاطفال واغتصاب المجندات الاسرائيليات من قبل مقاتلي حماس، رغم أنه ثبت جلياً زيف ادعاءات إسرائيل، وأعلنت أمريكا عن ذلك صراحة، وأن نتنياهو شخصيًا مسؤول عن فبركتها.
ورغم أن إسرائيل لن توقف الحرب ولن يتم توقيف قادتها، تبقى قرارات المحاكم الدولية، مهمة من نواحٍ عديدة:
أولاً: يشكل طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية، وثيقة دولية تثبت مسؤولية قادة إسرائيل عن آلاف جرائم الحرب، التي ارتكبوها بحق الفلسطينيين.
ثانياً: كشف الطلب صحة الوثائق المقدمة للمحكمة، وظهر للرأي العام العالمي، أن إسرائيل مجرد كيان يقوده جماعة من الإرهابيين، الذين يرفضون الامتثال لأي قانون دولي، ولا يقيمون وزناً لأي محكمة أو مؤسسة دولية، إذا لم تكن تخدم مصالحهم.
ثالثاً: كشف قرار محكمة العدل الدولية، أن إسرائيل كيان خارج على القانون الدولي، وأن الولايات المتحدة الامريكية شريكة مع إسرائيل، في كل الجرائم التي ارتكبتها، وهي من يؤمّن لها الحماية في مجلس الأمن، وتدعمها بكل المال والسلاح الذي قتل الأطفال في غزة.
رابعاً: كشف القرار الوجه الحقيقي للولايات المتحدة الأمريكية، التي هددت قضاة محكمة العدل الدولية، وقضاة المحكمة الجنائية، والمدعي العام كريم خان، بالعقوبات والثبور وعظائم الأمور، إذا أصدروا أي قرار بحق قادة إسرائيل.
وجاءت تصريحات بعض المسؤولين الاميركيين، لتوضح للعالم، أن كل ما تدّعيه أمريكا من حرص على الديمقراطية وحقوق الانسان، هو مجرد شعارات كاذبة.
فأمريكا كما جاء في تصريحات قادتها، تريد محاكم دولية لمحاكمة أخصامها وأعدائها فقط، بدءاً من روسيا إلى ايران ودول افريقيا وأمريكا الجنوبية.
لكن هي تمنع هذه المحاكم من تطبيق القانون على قادة أمريكا والدول الحليفة لها، وفي مقدمتهم إسرائيل.
ولعل النقطة الأهم هي ما صرح به بعض أعضاء الكونغرس، أنه “بعد نتنياهو سنكون نحن على لائحة الانتظار، وستصدر مذكرات توقيف بحق مسؤولين أمريكيين”.
وفقاً لاتفاقية الابادة، فإن كل من يسهل عملية الابادة، ويقدم الدعم، بالمال أو بالسلاح، أو التشجيع أو بأي طريقة أخرى، يُعتبر شريكاً في الجرم.
وهذا يعني بكل وضوح، أن نتنياهو ليس وحده المجرم، بل لديه شركاء عديدين؛ في الادارة الأمريكية والكونغرس، وفي بريطانيا، والمانيا، وفرنسا، ودول عديدة في العالم.
فهل تجرؤ المحكمة الجنائية على استكمال لائحة الاتهام، وإصدار مذكرات توقيف، بحق كل المشتركين في جريمة الابادة، وقتل الاطفال الفلسطينيين؟؟؟
بايدن هو الشريك الرئيسي في جرائم إسرائيل، والدلائل لدى المدعي العام كافية، لإصدار مذكرة توقيف بحقه وبحق أعضاء عديدين في الكونغرس الاميركي.
ويبقى السؤال هل يجرؤ كريم خان وقضاة المحكمة، على فعل ذلك، بعد سيل التهديدات والترويع الذي تعرضوا له، من قِبل مسؤولين اميركيين؟؟؟
من الصعب أن يحصل ذلك اليوم طبعاً، وفي ظل العدالة الدولية المنقوصة، والنفوذ الأمريكي الاوروبي الاسرائيلي الكبير على المؤسسات الدولية، ومن ضمنها محكمة العدل والمحكمة الجنائية الدولية.
لكن رغم ذلك، بات واضحاً سبب هذا الهلع الكبير لدى قادة ومسؤولين كبار في الولايات المتحدة الامريكية والغرب، من قرارات المحكمة، بحق قادة الكيان الإرهابي الاسرائيلي.
وهم يعلمون جيداً، أن مذكرات التوقيف بحق نتنياهو، وغالانت، تطالهم وتدينهم بشكل غير مباشر، حتى ولو لم تُسمّهم بالاسم.
فهل يأتي يوم وتتحقق العدالة الدولية بحق المجرمين الحقيقين، الذي عاثوا فساداً في هذا العالم، واستباحوا دماء آلاف المدنيين؟؟؟