وسط اعتراض عراقي… الكويت تستأنف التعاون مع الصين لإحياء مشروع ميناء مبارك الكبير
النشرة الدولية –
أعادت الكويت التعاون مع الصين لإحياء مشروع ميناء الخليج الضخم، الذي يهدف إلى أن يكون مركزا تجاريا رئيسيا في الطرف الشمالي من الخليج، حسب وكالة “بلومبيرغ” الأميركية.
وجاء إحياء المشروع بعد حوالي 10 سنوات من توقف البناء -عندما كان مكتملا جزئيا فقط- حيث تأثر بخطة العراق الطموحة لإنشاء شبكة طرق وسكك حديدية بقيمة 17 مليار دولار لتعزيز التجارة في المنطقة، والتي تشارك فيها أيضا تركيا وقطر والإمارات، بعيدا عن الكويت، وفق الوكالة.
والأسبوع الماضي، سافر وفد صيني إلى دولة الخليج الغنية بالنفط، حيث التقى مسؤولين كويتيين لإجراء “مناقشات تقنية وميدانية معمقة” بشأن بناء ميناء مبارك الكبير ومشاريع أخرى، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية.
وقد أشعلت خطة العراق الطموحة لبناء شبكة طرق وسكك حديدية بقيمة 17 مليار دولار لتعزيز التجارة في المنطقة شرارة إعادة إحياء المشروع بعد نحو عشر سنوات من توقف البناء ــ عندما اكتمل جزئيا فقط ــ بهدف تعزيز التجارة في المنطقة.
وتتعاون كل من تركيا وقطر والإمارات في العمل على الخطة العراقية بينما تبقى الكويت خارجها.
وقالت الباحثة المقيمة في معهد دول الخليج العربي بواشنطن، كريستين سميث ديوان، لوكالة “بلومبيرغ” “من الواضح أنه إذا لم تتحرك الكويت إلى الأمام، فستتخلف عن الركب. وهذا يحدث بالفعل”.
وتعتبر دولة الكويت من الدول الرئيسية الحليفة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، كما أنها واحدة من أغنى بلاد العالم بفضل احتياطياتها الوفيرة من النفط.
ومع ذلك، تتراجع أهدافها التنموية منذ فترة طويلة بسبب تردي الأداء السياسي، الذي أكد عليه مؤخراً قرار أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح بحل البرلمان.
وأمر أمير الكويت، في العاشر من مايو الماضي، بحل البرلمان وتعليق العمل ببعض مواد الدستور لمدة لا تزيد عن 4 سنوات.
وقال الأمير في كلمة بثها تلفزيون الكويت حينها “لن أسمح على الإطلاق بأن تستغل الديمقراطية لتحطيم الدولة”.
وذكر تلفزيون الكويت أن اختصاصات مجلس الأمة سيتولاها الأمير ومجلس الوزراء.
وقد يصبح إحياء مشروع الميناء إشارة إلى أن الشيخ مشعل يعتزم الاستفادة من فترة تعليق البرلمان من أجل الدفع بالمشروعات المعطّلة بسبب الخلافات بين وزراء الحكومة وأعضاء المجلس التشريعي (مجلس الأمة)، بحسب “بلومبيرغ”.
وقال رئيس الوزراء الشيخ أحمد العبدالله الثلاثاء إن البلاد على وشك تنفيذ عدد “هائل” من مشاريع التنمية.
ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من العقبات التي قد تواجه المشروع، وفق “بلومبيرغ”، إذ يضم الخليج العديد من الموانئ الرئيسية بالفعل، بما في ذلك الموجودة في دبي وأبوظبي بدولة الإمارات.
كما تضررت اقتصاديات سوريا وإيران ــ التي كان من المفترض أن يخدمها الميناء في البداية ــ بسبب الحرب والعقوبات الغربية، الأمر الذي حد من فوائد أي ممر تجاري معهما.
علاوة على ذلك، يشكل ميناء مبارك الكبير منافسة مباشرة لميناء الفاو العراقي القريب، وقد ألغت بغداد اتفاقية بحرية كانت تمنح الكويت حق الوصول عبر ممر خور عبدالله المائي، الأمر الذي تسبب في نزاع بين البلدين.
وتركز الكويت في تخطيطها الاستراتيجي على مشروع الميناء والمدينة الشمالي، والذي سيشجع التنمية التي تقودها التجارة – وتأمل – أن يعزز زعامتها في الخليج الشمالي”.
وترى كريستين سميث ديوان أن “التخطيط الاستراتيجي في الكويت يرتكز على الميناء الشمالي ومشروع المدينة، الذي سيشجع التنمية التي تقودها التجارة، ويعزز قيادتها في منطقة شمال الخليج كما تأمل”. و”قد يكون مستحيلاً” إذا استمرت مشكلة الملاحة البحرية مع العراق بدون حل.
وزارت وزيرة الأشغال العامة الكويتية، نورة المشعان، موقع بناء مشروع ميناء “مبارك الكبير” بجزيرة بوبيان، في إشارة رسمية على أن الدولة الخليجية متمسكة بالمشروع الذي يرفضه العراق.
وذكرت وزارة الأشغال في بيان، الثلاثاء، أن المشعان زارت موقع ميناء مبارك، يرافقها وفد فني من خبراء ومهندسين متخصصين في المشاريع العملاقة من الصين والكويت، بالإضافة إلى السفير الصيني لدى الكويت.
وجاءت الزيارة، وفقا للبيان، تفعيلا لمذكرة التفاهم المتعلقة بإنشاء مشروع ميناء مبارك، الموقعة بين الكويت والصين خلال زيارة أمير البلاد، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، إلى بكين خلال شهر سبتمبر الماضي.
ولم تفصح الكويت رسميا عن استئناف الأعمال الإنشائية في ميناء مبارك الواقع بجزيرة بوبيان القريبة من العراق، وهو مشروع لطالما رفضته بغداد.
لكن صحيفة “القبس” تقول إن مشروع ميناء مبارك “يتصدر المشهد الكويتي تنمويا واقتصاديا مع بدء الاستئناف الفعلي لتنفيذه، واتخاذ خطوات عملية وواقعية نحو هذا التوجه، ليكون في مصاف المشروعات التنموية التي تعول عليها الكويت خلال المرحلة المقبلة”.
وفي أبريل 2011، وضعت الكويت حجر الأساس لبناء ميناء “مبارك الكبير” الذي تقدر كلفته بنحو 1.1 مليار دولار في جزيرة بوبيان، على أن يكتمل بناؤه في 2016، علما بأن الإعلان عن هذا المشروع الضخم صدر أول مرة عام 2007.
وأثارت تلك الخطوة غضبا من جانب الجار العراق، الذي يعتبر أن موقع إنشاء الميناء في جزيرة بوبيان سيعرقل وصوله إلى مياه الخليج التي تعد منفذه الوحيد على البحر. وترفض الكويت تلك الاتهامات.
وفي يوليو من العام ذاته، طلبت بغداد رسميا من الكويت وقف العمل في ميناء مبارك بعد جدل سياسي بين البلدين، لكن الدولة الخليجية رفضت رسميا طلب العراق.
وفي عام 2013، أبرم البلدان اتفاقية تنظيم حركة الملاحة البحرية في خور عبدالله الذي يربط العراق بمياه الخليج.
وتنص الاتفاقية على تقسيم مياه خور عبدالله بالمناصفة بين البلدين، انطلاقا من قرار مجلس الأمن الدولي التابعة للأمم المتحدة “833” الصادر عام 1993، الذي أعاد ترسيم الحدود في أعقاب الغزو العراقي على الكويت.
ويعترض عراقيون على هذه الاتفاقية لأنهم يعتبرون أنها تعطي الكويت أحقية في مياه إقليمية داخل العمق العراقي، مما يعيق حركة التجارة البحرية أمام الموانئ المحدودة للبلاد.
لكن المحكمة العراقية العليا، قررت، في سبتمبر الماضي، عدم دستورية اتفاقية خور عبدالله التي تنظم حركة الملاحة البحرية في الممر المائي الفاصل بين الكويت وبغداد.
وبررت المحكمة قرارها “لمخالفة أحكام المادة (61/ رابعا) من دستور جمهورية العراق التي نصت على أن عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية تنظم بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب”، حسبما ذكرت وكالة الأنباء العراقية (واع).