عندما يكشف جيمس جفري الخطط السرية.. من ينقذ غزة؟
بقلم: حسين دعسة
النشرة الدولية –
الدستور المصرية –
رغم الواقع المأساوي لما آلت إليه الحرب الإسرائيلية النازية على غزة ورفح وحرب الإبادة الجماعية والتهجير ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية، واللعب بالنار في واقع أشد خطورة، التصعيد في الضفة الغربية والقدس من حكومة التطرف والحرب التي يقودها السفاح نتنياهو،؛ الأمر بات واضحا، أن المجتمع الدولي، وحتى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، نفضوا ايديهم (..) من ادراك سياسة الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني، وحيثيات الدعم الأميركي والغربي الأوروبي لسياسة ومعالجة مسارات الحرب، التي تحولت فعليا إلى إبادة ومجاعة تحصد الأرواح يوميا.
*مخاوف من سياسة لا أطر لها.
كل ذلك يحدث، من آخر الأبحاث، الإشارات التي تبناها-ربما شكليا- السياسي الدبلوماسي الأميركي “جيمس جيفري” الذي يعتبر خبيرا في القضايا الاستراتيجية في مناطق الشرق الأوسط والبلقان وألمانيا.
جيفري يطرح في خلاصة لابحاثة مقالا نشر في مجلة “المجلة” السعودية التي تصدر في لندن، محاولا الطرح سياسيا وأمنيا عن [إدارة دولية مؤقتة لقطاع غزة بعد وقف إطلاق النار]؛ ذلك انه يرى-وهنا الخطورة -ان
التهديد الاستثنائي للأمن الإقليمي يحتم على جميع الأطراف بذل جهود استثنائية.
.. وكيف هذه الجهود، أو مجالها، فهو، كعادة الدبلوماسية الأمريكية، ينطلق من أطر، هي:
*الإطار الأول:
أدى إقرار الرئيس الأميركي جو بايدن يوم 31 مايو/أيار لخطة وقف إطلاق النار الإسرائيلية الجديدة إلى تغيير في ديناميكية الحرب في غزة برمتها. ومنذ ذلك الحين ركزت معظم التعليقات على رد “حماس”، الذي أعلنته مؤخرا، وتفاصيل الاقتراح، بدلا من التحول الملحوظ في الاستراتيجية الإسرائيلية فيما يتعلق بغزة. ويتضمن هذا الاقتراح انسحابا إسرائيليا كاملا ووقفا دائما للأعمال العدائية، مما يعطي أهمية أكبر لوضع الخطط الشاملة لمرحلة ما بعد الصراع، وهو ما لم يتم تفصيله بعد في إسرائيل أو تطويره بالكامل في العاصمة الأميركية واشنطن.
*ثانيا:
لم تعلن إسرائيل تفاصيل رؤيتها لوقف إطلاق النار، وبالتالي فإن فهمنا لإطارها الهيكلي الذي يعتمد بشكل أساسي على تصريحات الرئيس بايدن وردود الفعل الإسرائيلية المختلفة والمتضاربة أحيانا. ولكن يبدو جليا أن إسرائيل قبلت أولا الانسحاب الكامل لقوات الدفاع الإسرائيلية من غزة، في حال نجحت المفاوضات، وذلك في نهاية المرحلة الثانية من الاقتراح.
*ثالثا:
تركز الخطة، بحسب فهم جيفري، في البداية على تشكيل سلطة متعددة الجنسيات لإدارة غزة، والتي ستقدم تقاريرها إلى مجموعة اتصال دولية.
*رابعا:
تبدو إسرائيل مستعدة للموافقة على خطة إعادة إعمار شاملة لقطاع غزة في المرحلة الثالثة التي تأتي لاحقا. وهذا عند تحليل جيفري، [تطور كبير] لأنه، حتى في الوقت الحاضر، كما اعترف الرئيس بايدن، لا يزال البعض في إسرائيل يأملون في احتلال إسرائيلي شبه دائم للقطاع،وان: أي خطة إعادة إعمار كبرى يجب أن تحظى بدعم إسرائيلي، مع الأخذ في الاعتبار مخاوفها الأمنية، وسيطرتها على كثير من المعابر الرئيسة، وتوفيرها للخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والاتصالات.
*خامسا:
ذكر السيناتور ليندسي غراهام في البرنامج التلفزيوني “واجه الأمة” في 9 يونيو/حزيران، مباشرة بعد لقائه مع رئيس الوزراء نتنياهو، أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة إعمار غزة والحكم فيها بما يتوافق مع اقتراح وقف إطلاق النار. وهذا يتفق مع معلومات أخرى يعرفها، جيفري
وتتوافق الخطة التي قمنا بتطويرها بشكل وثيق مع تفكير الإدارة كما عرضها مستشار الأمن القومي جيك سوليفان في 11 يونيو، الذي اقترح إنشاء “مؤسسة أمنية ومشروع حكومة مؤقتين” تلعب فيهما الدول العربية دورا في “استقرار وإعادة إعمار غزة”.
*.. حقيقة الجدل عن تشكيل سلطة متعددة الجنسيات لإدارة غزة.
ضمن الحلول والخطط أحادية الجانب، تركز خطتنا-يطرح جيفري- في البداية على تشكيل سلطة متعددة الجنسيات لإدارة غزة، والتي ستقدم تقاريرها إلى مجموعة اتصال دولية، يؤسس لها التعريف التالي:(هي هيئة دولية غير رسمية وغير دائمة يجري إنشاؤها لأغراض خاصة، بهدف تنسيق الجهود الفاعلة الدولية في هدفها المتمثل في إدارة أزمة سلام وأمن دولة أو منطقة معينة).
.. ولعل الطرح، بين مرجعية الدبلوماسية الدولية والعربية الأميركية الاوروبية، واحيانا التداخل الأممي، تهدف، كما كشف التحلسل:
1.:
يُؤسَس هذان الكيانان بموجب ميثاق دولي أعدته مجتمعة كل من الولايات المتحدة وإسرائيل،… وحكومات عربية رئيسة أخرى وحكومات مجموعة الدول الاقتصادية السبع.
2.:
الميثاق)الخطة، آلية للتشاور مع السلطة الفلسطينية، وإذا أمكن، سوف يحصل على “المباركة” بقرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمتابعة قرار 10 ايارمايو حول وقف إطلاق النار. ومن الممكن وضع أسس قانونية أخرى في مفاوضات وقف إطلاق النار للمرحلة الثانية في الاقتراح الإسرائيلي.
3.:
ضرورة أن تحظى هيئة الحكم المؤقتة بسلطة رسمية،استنادا لتجربة البوسنة رغم اختلاف الحالة تماما؛
وسيقود السلطة متعددة الجنسيات ممثل رفيع المستوى وستمولها حكومات مجموعة الاتصال الدولي، بالإضافة إلى تبرعات من حكومات أخرى، وسوف يكون لديها فريق خاص لكل من الشؤون المالية، والأمن، والنقل، والتنسيق مع الوزارات واستطلاعات الرأي، والشؤون العامة، مع دعم لوجستي من إسرائيل ومصر ودول أخرى، بحسب ما يقول جيفري.
وسوف تمتلك سلطات مركزية في أدائها بدءا بعملية إدارة الحكم واسعة النطاق والرقابة الأمنية.
4.:
تقوم الولايات المتحدة والحكومات الأعضاء في مجموعات الاتصال الدولية المعنية بالأزمة في غزة بتنظيم قوة شرطة متعددة الجنسيات تحت إشراف السلطة متعددة الجنسيات للقيام “بدوريات إثبات الوجود” إلى أن يجري تدقيق وتدريب عناصر الشرطة المدنية وقوات الدرك (وهي قوة عسكرية بتسليح منخفض ذات واجبات إنفاذ القانون بين السكان المدنيين) في مرحلة ما بعد “حماس” لتولي مسؤوليات الشرطة. وستضم هذه القوات عددا صغيرا من المسؤولين المدنيين والعسكريين الأميركيين.
5.:
وضع ترتيبات أمنية محددة في المفاوضات الخاصة بالمرحلة الثانية من وقف إطلاق النار.
وسوف تمتلك هذه السلطة أيضا القدرة على تعبئة وتنسيق وتوحيد أنشطة الوكالات والمنظمات الدولية والحكومية وغير الحكومية المشاركة في تقديم المساعدات الإنسانية وتحقيق الاستقرار والتنمية وإعادة الإعمار وكافة أشكال المساعدة الأخرى لغزة.
6.:
إن السيطرة المركزية ضرورية لتحقيق الأمن ولضمان ربط إعادة الإعمار وغيره من أشكال الدعم الدولي مع الالتزام بأحكام وقف إطلاق النار. ضرورة أن تحظى هيئة الحكم المؤقتة بسلطة رسمية (على النحو المنصوص عليه في اتفاقات دايتون) للاستفادة من توفير إعادة الإعمار وغيرها من الخدمات في حال قام السكان أو السلطات المحلية بعرقلة الأمن أو الوقوف بوجه اجتثاث التطرف واحتياجات تحقيق الاستقرار في الأجل الطويل.
7.:
لا يمكن لأي منظمة دولية لحفظ النظام أن توفر الأمن فعليا دون دعم الولايات المتحدة أو على الأقل بعض الوجود الأميركي على الأرض.
*قضايا.. صيغ عابرة أو اساسية؟
القضايا حـول هذه الخــطة، كما يراها جيمس جيفري، ربما بخبرة دبلوماسية في الشرق الأوسط والمنطقة، يراها مع ملاحظة:(أو أي خطة أخرى لغزة تقريبا).
*القضية الأولى: وجود طواقم عمل أميركية، وخاصة العسكريين، مع الأخذ في الاعتبار التزام إدارة بايدن بـ”عدم وجود قوات أميركية على الأرض”. لكن، يجب أحيانا كسر الالتزامات الرئاسية. فالولايات المتحدة لديها بالفعل قوات مشتركة في الرصيف العائم بالقرب من غزة. كما أن واشنطن لديها قوات منتشرة في حوالي 25 دولة، وقد تعرَّضت بعض هذه القوات على الشواطئ أو المبـحـرة في الماء لإطــلاق النار مؤخرا. والحـقيقة التي أثبتــتـها صــراعات كثيرة هي أنه لا يمكن لأي منظمة دولية لحفظ النظام أن توفر الأمن فعليا دون دعم الولايات المتحدة أو على الأقل بعض الوجود الأميركي على الأرض.
*القضية الثانية: ما يتعلق بدور السلطة الفلسطينية. فالخطة تحدد المجالات التي ستشارك فيها السلطة، بما يتجاوز التنسيق المشار إليه أعلاه بينها وبين اللجنة الدولية، بما في ذلك دفع الرواتب، وخدمات التمويل، ووثائق السفر. وأبعد من ذلك، وعلى وجه التحديد فيما يتعلق بدور السلطة الفلسطينية في الحكم بعد انسحاب السلطة متعددة الجنسيات، هناك حاجة إلى مزيد من المفاوضات بين جميع الأطراف.
من المفترض أن التسوية السياسية ستشمل مصير “حماس” أو الالتزامات المترتبة عليها.
*القضية الثالثة: حساسية مستقبل “حماس”. لا تناقش الخطة نفسها دور فلول “حماس” المتبقين في غزة. ولكن يمكن القول إنه لا هذه الخطة ولا أي خطة أخرى للحكم والأمن وإعادة الإعمار في غزة سوف يُكتب لها النجاح إذا ظلت “حماس” بأجندتها المناهضة لإسرائيل مسيطرة بشكل فعال. وقد شدد رئيس الوزراء نتنياهو، في رده على مناقشة الرئيس للاقتراح الإسرائيلي، على أنه يجب هزيمة “حماس” حتى بموجب هذا الاقتراح. وفي الواقع أكد الرئيس أيضا على أن “غزة سوف تشهد يوما أفضل دون وجود (حماس) في السلطة”. ومن المفترض أن التسوية السياسية- ضمن وقف إطلاق النار الذي أشار إليه الرئيس- ستشمل مصير “حماس” أو الالتزامات المترتبة عليها، وكل ذلك سوف يجري العمل عليه في مفاوضات المرحلة الثانية من الاقتراح الإسرائيلي.
*الحل المؤقت لـ”اليوم التالي”،
ما يراه جيفري، أن دبلوماسية مبدأ “الأكثر خطورة” ضمن الحل المؤقت لـ”اليوم التالي”، فإن التهديد الاستثنائي للأمن الإقليمي الذي تمثله حرب غزة يحتم على جميع الأطراف بذل جهود استثنائية والاضطلاع بمخاطر كبيرة من أجل السعي للوصول إلى مستقبل أفضل ليس لمواطني غزة والإسرائيليين وحسب ولكن لجميع شعوب المنطقة.
.. وفي حيثيات الوضع، تلغي الخطة، الحالات الأمنية والعسكرية التي تحدث في جبهات مساندة، سواء في جنوب لبنان من حزب الله، ومن الحوثيين في اليمن، والمقاومة في العراق، ونداولات المجتمع الدولي من عمل أمني، أميركي أوروبي، عربي واسلامي مشترك، يستوعب، أن الذي حدث في غزة في هذه الحرب، أن العالم يريد صياغة الحدث وفق رؤى لا تضع الحلول العاجلة للإبادة المجاعة، وتدهور الوضع في غزة ورفح وكل فلسطين المحتلة، بالذات استشراء وتغول حكومة التطرف التوراتية.
.. مع كل ذلك، ما زالت المنطقة، بحاجة إلى حراك يضع النتائج وعملية الانقاذ وإيقاف الحرب اولا.