اضطراب الأكل الصامت.. ما الذي يجب معرفته عن ARFID؟
قال خبراء صحة، بإن الأشخاص الذين يعانون من حالة ARFID قد يكونوا منهكين ويتعرضون لمشاكل صحية طويلة الأمد.
عندما بلغت هانا من العمر 7 سنوات، أخبرت والديها أنّها لا تريد أن تخاف من الطعام بعد الآن.
لم تعد ترغب بالانتساب إلى فتيات الكشافة، وحفلات أعياد الميلاد، والمطاعم، والاحتفالات العائلية، وحتى الجلوس إلى مائدة العشاء. قالت والدتها ميشيل التي لم تشارك اسمها الأخير حفاظًا على سلامة هانا، إن الطعام كان في كل مكان، الأمر الذي يسبّب لها الكثير من القلق.
لاحظت ميشيل ذلك للمرة الأولى عندما جوبهت برفض هانا حين حاولت استبدال حليب الأطفال بالحليب العادي وإدخال المواد الصلبة إلى غذائها. في الغالب، كانت تغلق شفتيها، أو تبصق الطعام الذي قُدّم لها.
مع تقدّمها في السن، كان لدى هانا قائمة تضم حوالي خمسة أطعمة محددة جدًا تأكلها، مثل رقائق البطاط برينغلز بنكهة البصل والكريمة الحامضة.
تبلغ هانا الآن 8 سنوات، وتتلقى العلاج من اضطراب تجنب/ تقييد تناول الطعام، أو ARFID. وقالت كيت دانسي، المديرة السريرية لمركز اضطرابات الطعام في روكفيل بولاية ماريلاند الأمريكية، إنه بخلاف اضطرابات الأكل مثل فقدان الشهية، أو الشره المرضي العصبي، فإن هذا التشخيص لا يتعلق بشكل الجسم أو حجمه.
إليك ما تعلمناه عن اضطرابات الأكل في العام 2023
وأشارت دانسي إلى أنّ الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ARFID، يشعرون بالأمان والراحة عند تناول لائحة محدودة للغاية من الأطعمة. وقد يكون هذا الاضطراب منهكًا ويسبّب مشاكل صحية طويلة المدى.
ويُعتبر تشخيص هذا المرض جديدًا، وأضيف إلى الإصدار الخامس من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، DSM-5، في عام 2013. (الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية يستخدمه متخصصو الرعاية الصحية كدليل رسمي لتشخيص الاضطرابات العقلية).
وبحسب الجمعية الوطنية لاضطرابات تناول الطعام، يعاني نحو 9٪ من سكان الولايات المتحدة من اضطراب الأكل في مرحلة ما، غير أن الدراسات تشير إلى أن ما بين 0.5٪ و 5٪ من السكان يعانون من اضطراب الأكل التحسسي (ARFID).
وقال الدكتور ستيوارت موراي، الأستاذ المساعد في الطب النفسي، والعلوم السلوكية في جامعة جنوب كاليفورنيا ومدير مختبر الأبحاث الانتقالية في اضطرابات الأكل: “أود أن أطلق على هذا الاضطراب اسم اضطراب الأكل الصامت لأنه منتشر للغاية، لكنه الأقل على مستوى الدراسة، والتوعية، والتمويل ضمن نطاق البحث الفيدرالي”.
وشرح موراي أنه عوض تقييد السعرات الحرارية أو المحتوى الغذائي، فإنّ الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ARFID غالبا ما يحدّون طعامهم بلائحة تفضيلات حسية أو خاصة بالقوام.
وأضاف: “في هذا الإطار يقيّد الشخص عادة تنوّع الطعام وحجم استهلاكه لأنّ لديه اعتقادات منهكة جدًا حول تركيبة الطعام. مثل عدم التمكن من أكل أطعمة ذات ملمس معين، أو رائحة معينة، أو نكهة معينة، أو حتى علامة تجارية معينة”.
وأشار موراي إلى أنّه في بعض الحالات، اختبر بعض الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ARFID تجربة مؤلمة مع الطعام، مثل الاختناق، ما حفّز لديهم مزيدًا من الحذر عند تناول الطعام. وفي أحيان أخرى، بدا أنّ من يعانون من هذه الحالة لديهم رغبة منخفضة في تناول الطعام، وقلق شديد بشأنه.
ولفت موراي إلى أنّ الشخصية التي تتسم بعدم المرونة أو الخوف من التغيير قد يساهم ذلك أيضًا بظهور أعراض ARFID لديها.
أوضحت دانسي أنّ العديد من الأطفال لديهم انتقائية، ويحاولون التهرّب من تناول بعض الخضار أو الأطعمة الأخرى، لكن هذه الحالة لا تسري على اضطراب ARFID.
ووجد موراي أنه “قد يتمكن الشخص الانتقائي في الأكل من تناول طعام معين في طبقه، أو قد يتمكن من تناول القليل منه. لكن لا يمكن للمصابين بـARFID تناول أي شيء في الطبق، إذا كان هناك طعام غير مقبول”.
وشرحت دانسي أن الأمر لا يقتصر على حفنة من الأطعمة التي لن يأكلها الأشخاص الذين يعانون من حالة ARFID، مضيفة أنه في كثير من الأحيان، سيكون لدى الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة قائمة تضم بين 5 أو 10 أطعمة فقط يشعرون بالراحة عند تناولها.
أوضح موراي أنّ هذه الحالة تبدأ غالبًا في مرحلة الطفولة، لكن ARFID قد يؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار. ويمكن للناس أن يواجهوا تبعاته طوال حياتهم.
وقال: “يمكن أن يتراجع منحنى نمو الأطفال بسرعة كبيرة. وقد يختبرون عدم توازن من الناحية الأيضية والغذائية بسرعة كبيرة، وبالتالي فإنّ التأثيرات الطبية عميقة جدًا”.
واختبرت هانا هذه التداعيات قبل العمل مع أحد الاختصاصيين بحالة ARFID. وشرحت والدتها ميشيل أن نموها المتوقع وزيادة الوزن كان يتوافقان مع عمرها، لكن مع عدم كفاية الغذاء في نظامها، توقف نموها.
ورأى الخبراء أنه في بعض الحالات، يمكن أن يؤدي تقييد تناول الطعام إلى فقدان الوزن أو دخول المستشفى، والإصابة بحالة من القلق لدى المشاركة في الحفلات أو أي نوع من المناسبات الاجتماعية بسبب عدم معرفة أنواع الطعام المقدمة”.\
قال موراي إن “التدخل المبكر أساسي، خاصة أن قائمة الأطعمة المتجنبة، يمكن أن تتزايد بمرور الوقت”.
لا يوجد الكثير من البيانات عما إذا كان الدواء مفيدًا، لكن ساعد العلاج السلوكي المعرفي العديد من الأشخاص، من خلال التعرض الموجه للأطعمة حتى يتمكن الشخص من إعادة تعلم الارتباطات مع تلك الأطعمة وعدم تجنبها.
يمكن أيضًا إعطاء الطفل أدوات مثل أجهزة التوقيت أو التذكيرات المرئية لتناول الطعام، وتجربة “التسلسل الغذائي”، وهي استراتيجية تجمع بين الأطعمة الجديدة والأطعمة التي يحبها الطفل.
وقالت ميشيل إنه بعد خمسة أشهر من العلاج، تحاول هانا تذوق أطعمة جديدة، وزادت قائمة “الأطعمة الآمنة” بالنسبة لها بمقدار 11 نوعًا.
سي إن إن