دائرة لا تنتهي من الموت والتشريد تفتك بسكان غزة المنهكين على مدار تسعة أشهر
كشفت تقارير أممية، أن 9 من بين كل 10 أشخاص في قطاع غزة نزحوا مرة واحدة على الأقل، منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر، فيما وُصفت بأنها “دائرة لا تنتهي من الموت والتشريد”.
وقال مسؤول أممي، الأربعاء، إن “هناك حوالي 1.9 مليون شخص في غزة نزحوا عدة مرات”، منبها إلى أن الحرب في غزة تستمر في خلق “مزيد من الألم والمعاناة”.
وأضاف مدير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أندريا دي دومينيكو، في تصريحات للصحفيين من القدس، إن المجتمع الإنساني يقدر إجمالي عدد السكان في غزة في الوقت الراهن بنحو 2.1 مليون نسمة، مشيرًا إلى أن هناك “ما بين 300 ألف شخص و350 ألفا ما زالوا في شمال غزة، ولا يستطيعون الانتقال جنوبًا”.
وقُتل 12 شخصًا على الأقل إثر غارات جوية إسرائيلية، الأربعاء، على شمالي ووسط قطاع غزة، وفق السلطات الصحية هناك.
فيما قال سكان لوكالة رويترز، إن القوات الإسرائيلية نفذت أيضا ضربات جديدة في الجنوب، وسط قتال عنيف مع مسلحين فلسطينيين خلال الليل.
وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته “نفذت عمليات محددة الأهداف في رفح، وفككت عدة مواقع عسكرية وقتلت مسلحين فلسطينيين”.
ويبحث كثير من الفلسطينيين عن مأوى لهم بعد أن أمرتهم إسرائيل بإخلاء منطقتي خان يونس ورفح، الثلاثاء، وهو ما قالت الأمم المتحدة إنه “أكبر أمر إخلاء من نوعه منذ أن أمرت 1.1 مليون شخص بمغادرة شمالي القطاع في أكتوبر”.
قال سكان من مدينة خان يونس لرويترز، إن الكثير من الأسر تنام على الطريق لعدم تمكنها من العثور على خيام. وأُخلي مستشفى غزة الأوروبي، وهو آخر مستشفى يعمل في المنطقة، الذي كان يؤوي عائلات نازحة ومرضى.
وقال مسؤول دفاعي إسرائيلي، الثلاثاء، إنه تم إبلاغ العاملين بالمستشفى والمرضى أنه “بإمكانهم البقاء هناك”، وفق رويترز.
من جانبها، صرحت المتحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، لويز ووتردج، من وسط غزة، الأربعاء، بأن سكان غزة يواجهون في الوقت الحالي “دائرة لا نهاية لها من الموت والتشريد. الكثيرون يعربون عن فقدانهم للأمل وقوة الإرادة، ويواجهون نزوحا قسريًا آخر”.
وأضاف دي دومينيكو حول أرقام معدلات النزوح، وفق ما نقل الموقع الرسمي للأمم المتحدة: “خلف هذه الأرقام، هناك أناس (…) لديهم مخاوف وشكاوى. وربما كانت لديهم أحلام وآمال، أخشى اليوم للأسف أنها تتناقص شيئا فشيئا.. الأشخاص الذين تم نقلهم في الأشهر التسعة الماضية كانوا مثل بيادق في لعبة لوحية”.
وقال المغنية الفلسطينية من قطاع غزة والتي تعيش في خان يونيس، هبة أسروف (29 عاما)، لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، إنها علمت بأوامر الإخلاء “فقط حينما رأت مئات الأشخاص يمرون خارج المنطقة التي تعيش فيها، وكان بعضهم يحملون مراتب (فراش للنوم) والبعض الآخر لا يحمل سوى حقائب ظهر صغيرة”.
وأضافت: “لم يحملوا الكثير هذه المرة. أعتقد أنهم متعبين للغاية، لدرجة عدم قدرتهم على نقل الأشياء من مكان لآخر، ولم يعد معهم من المال ما يكفي لعمليات الشحن”.
وتعيش أسروف مع أسرتها المكونة من 5 أفراد فيما تبقى من منزلهم المكون من طابقين في خان يونس، وبالتحديد في جزء من المدينة لا يشمله أمر الإخلاء.
وقالت: “في حال اقتراب الدبابات من المنزل واضطررنا إلى الفرار مجددا، لن أحمل سوى بطاقة هويتي وهاتفي المحمول وبعض الملابس”.
فيما قال عبد الله محارب، وهو فلسطيني يبلغ من العمر 25 عاماً، لوكالة فرانس برس، إنها ليست المرة الأولى التي يُضطرون فيها للرحيل. وروى كيف انتقلوا من مكان إلى آخر عندما استهدفت القوات الإسرائيلية خان يونس في ديسمبر.
وبعد انسحاب الجيش، عاد رغم الدمار مع عائلته إلى منزلهم، قبل أن يضطروا للرحيل مجددا “دون معرفة إلى أين يذهبون”.
وأضاف محارب: “نمنا في الشارع بلا مأوى وبلا طعام أو ماء، والقصف والغارات من حولنا”.
من جانبها، وصفت ووتردج عمليات النزوح المتكررة، بالقول: “فيما يتعلق بقدرة الناس على الحركة، مرت 8 أشهر من الحرب، والناس مرهقون للغاية، ومنهكون، ويعانون من سوء التغذية”، مضيفة أنه من الناحية الصحية “الناس أضعف بكثير، وهناك المزيد من الإصابات، والأدوية المتاحة أقل، والفواكه الطازجة أقل، والمياه أقل”.
وفي تصريحات الثلاثاء، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، عقب أوامر الإخلاء الجديدة، إن زملاءه “قلقون للغاية” بشأن تأثير ذلك.
وقال، وفق ما نقلته “نيويورك تايمز”: “يُترك الناس أمام خيارين مستحيلين، إما الاضطرار للانتقال على الأرجح لمرة ثانية أو ثالثة، إلى مناطق ليس بها أي مساحة أو خدمات، أو البقاء في مناطق يعلمون أنها ستشهد قتالا عنيفًا”.
واندلعت الحرب في غزة إثر هجوم حركة حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى) غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل بـ”القضاء على حماس”، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أُتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن مقتل نحو 38 ألف فلسطيني، معظمهم نساء وأطفال، وفق ما أعلنته السلطات الصحية في القطاع.