الأمم المتحدة تطالب بحماية الأونروا وموظفيها وتفويضها بوصفها العمود الفقري للإستجابة الانسانية للفلسطينيين
قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الجمعة، إنه لا بديل لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، مضيفا أن 118 دولة داعمة للأونروا ترى أنه لا يمكن الاستغناء عنها وذلك في غمرة جهود مكثفة من إسرائيل لتفكيكها.
وتوفر الأونروا التعليم والصحة والمساعدات لملايين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان. ومنذ اندلاع الحرب قبل تسعة أشهر بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، أكد مسؤولون من الأمم المتحدة على أن الأونروا هي العمود الفقري لعمليات المساعدات.
وقال غوتيريش في مؤتمر التعهدات للأونروا في نيويورك، الجمعة: “ندائي للجميع هو.. أحموا الأونروا وموظفيها وتفويضها، مجددا غوتيريش تأكيده على أن وكالة إغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) هي العمود الفقري للعمليات الإنسانية في غزة وأنه لا بديل عنها، ووصف عملها بمثابة أحد أعظم العوامل التي توفر بصيص أمل وقدرا من الاستقرار في منطقة مضطربة.
جاء ذلك خلال خطابه الذي أدله اليوم “الجمعة “، أمام مؤتمر إعلان التعهدات لوكالة الأونروا، الذي عقدته الأمم المتحدة في مقرها الرئيسي في نيويورك لسد الفجوة المالية بين ما تم التعهد به للأونروا وما تحتاج إليه على أرض الواقع من موارد متنامية لتقديم الخدمات الاساسية لللاجئين الفلسطينيين.
كما وحذر الأمين لعام على أنه “بدون توافر الدعم والتمويل اللازمين للأونروا، سيفقد اللاجئون الفلسطينيون شريان الحياة الحرج وآخر بصيص أمل في مستقبل أفضل”.
وأضاف “هذا العام يختلف عن غيره. فصحيح أننا نواجه فجوة واسعة في التمويل. لكن الفلسطينيين أيضا يواجهون فجوات صارخة في جميع المجالات”.
وأكد على أن فلسطينيو غزة، لا يواجهون فجوات فحسب، بل يكتوون بنار تعطُّل القانون والنظام تمام”. وقال “ظننا أن الوضع في غزة لا يمكن أن يزداد سوءا عما هو عليه- إذ بالمدنيين يُدفعون بصورة مروعة في أتون دوامات جهنمية أكثر عمقا من أي وقت مضى”.
ولفت الأمين العام على عدم وجود ما يبرر الهجمات المروعة التي شنتها حماس في 7 أكتوبر، وأيضا على عدم وجود أي تبرير للعقاب الجماعي الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني على أيدي الجيش الإسرائيلي، مشددا على أن الوقت حان الآن لوضع حد لهذه الحرب الرهيبة، “بدءا بإعلان وقف إطلاق نار إنساني فوري في غزة والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن”.
ولفت الأمين العام الى أن زملاءه العاملين في الأونروا لم يسلموا من هذا الرعب فقد قُتل 195 موظفا من موظفي الأونروا، وهو أعلى عدد من الموظفين القتلى في تاريخ الأمم المتحدة. وأعلن بأن الوكالة تتعرض أيضا للاستهداف بطرق أخرى.
ووجه سؤاله للحاضرين قائلا “هل يمكنكم أن تتخيلوا كيف يستيقظ زملاؤنا يوما تلو الآخر في كابوس حيّ لكنهم مع ذلك يمضون قدما في تقديم خدماتهم للفلسطينيين الذين هم في أمسّ الحاجة إليها؟”
وأكد أن زملاءه في الوكالة ماضون في تنفيذ مهام ولايتها في ظل الظروف البائسة السائدة في غزة، وفي الوقت الذي تسعى فيه الأونروا جاهدة إلى تنفيذ مهامها في وضع يزداد صعوبة في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، وفي الأردن ولبنان وسوريا، من أجل تحقيق التنمية البشرية وإعمال حقوق الإنسان.
وجدد الأمين العام مناشدته قائلا “احموا الأونروا، واحموا موظفي الأونروا، واحموا ولاية الأونروا – بما في ذلك من خلال التمويل”. وحث المجتمع الدولي على مباشرة العمل دون انتظار، وذلك بالعمل على غرس الأمل في مكان ينقصه الأمل. وأيضا العمل على إعلاء ولاية هذه الجمعية العامة بالحفاظ على الأونروا ومواصلى تمويلها، وقال ” لأكن واضحا.. لا بديل للأونروا”.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، قد دعا إلى تفكيك الأونروا متهما إياها بالتحريض على إسرائيل، كما ينظر الكنيست الإسرائيلي حاليا في أمر تصنيف الأونروا منظمة إرهابية.
وأوقفت عدة دول تمويلها للأونروا بعد اتهامات من إسرائيل بأن بعض موظفي الوكالة متورطون في هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر الذي أدى إلى حرب غزة. ولاحقا استأنفت معظم الجهات المانحة تمويلها في الوقت الذي تجري فيه الأمم المتحدة تحقيقا داخليا.
وتضررت الأونروا بشدة في الصراع في غزة حيث قُتل 195 من موظفيها.
وقال غوتيريش: “الأونروا مستهدفة عبر وسائل أخرى أيضا.. تعرض الموظفون لاحتجاجات عنيفة متزايدة وحملات تضليل وتعتيم إعلامية خبيثة”.
وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة “اعتقلت قوات الأمن الإسرائيلية البعض، ثم ظهرت تقارير تفيد بتعرضهم لسوء المعاملة بل والتعذيب”. ومضى يقول إن وجود موظفي الأونروا في الضفة الغربية وتحركاتهم تخضع لقيود إسرائيلية شديدة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه يتعامل وفق القانون الإسرائيلي والدولي وإن المعتقلين يحصلون على الغذاء والماء والعقاقير والملابس الملائمة.
المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني حذر من أن هناك جهودا جارية ترمي إلى تفكيك الوكالة وتغيير المعايير السياسية الراسخة للسلام في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وأضاف أن هذا يشمل هجمات شرسة على وسائل التواصل الاجتماعي، ومقترحات تشريعية لطرد الوكالة من مقرها في القدس الشرقية وتصنيفها كمنظمة إرهابية.
وقال لازاريني إن “الأونروا مستهدفة بسبب دورها في حماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين، ولأنها تجسد التزاما دوليا بالحل السياسي”، مشددا على أن الفشل في الرد من شأنه أن يترك كيانات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى عُرضة لهجمات مماثلة.
وأشار إلى الإجراءات الحازمة والفورية التي اتخذتها الأمم المتحدة بعد تلقي مزاعم تفيد بأن موظفين لدى الأونروا في غزة كانوا متورطين في هجمات السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
وتحدث المسؤول الأممي عن الخسائر الفادحة والمعاناة الهائلة للفلسطينيين والإسرائيليين. وقال إن إسرائيل شهدت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الهجوم الأكثر فظاعة في تاريخها الحديث.
وأضاف “غزة مدمرة. أكثر من مليوني شخص محاصرون في جحيم حي. لقد نزحوا مرارا عبر منطقة مدمرة وخارجة عن القانون بشكل متزايد. إن الأطفال والنساء يتحملون وطأة هذه الحرب الوحشية”.
وأشار كذلك إلى “مأساة أخرى” تتكشف في الضفة الغربية، مضيفا أن “الفلسطينيين يشهدون اليوم أكبر مأساة لهم منذ عام 1948”.
ولفت المفوض العام للأونروا إلى أنه حذر مرارا وتكرارا من أن نموذج تمويل الأونروا غير متوافق مع تفويضها بتقديم خدمات عامة. وأوضح أن أكثر من عقد من نقص التمويل المزمن وتدابير التقشف الشديدة أدت إلى تآكل جودة خدمات الوكالة.
ويأتي غالبية تمويل الأونروا من الدعم المقدم من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وأشار المفوض العام للوكالة إلى أنه رغم أن جميع الدول تقريبا استأنفت تمويلها للوكالة فإن “التحدي المالي الأساسي لا يزال قائما، فالأونروا تفتقر إلى الموارد اللازمة لتنفيذ تفويضها”.
وأضاف أنه بالنسبة للنداء الإنساني العاجل لصالح الأرض الفلسطينية المحتلة الذي يدعو لتوفير 1.2 مليار دولار لتغطية الاحتياجات الإنسانية الحرجة حتى نهاية العام، بالإضافة إلى النداء العاجل لكل من سوريا ولبنان والأردن، لم يتم تمويلهما إلا بنسبة لا تتجاوز 20 في المائة.
وشدد على أن الأونروا ستظل بالغة الأهمية للانتقال من وقف إطلاق النار إلى “اليوم التالي”، من خلال توفير الخدمات الأساسية، وخاصة الرعاية الصحية الأولية والتعليم.
وتطرق إلى أهمية التعليم بالنسبة للفلسطينيين، منبها إلى أن أكثر من 625 ألف طفل مصاب بصدمات نفسية عميقة خارج المدرسة، وكان نصفهم يذهبون إلى مدارس الأونروا قبل الحرب.
وأضاف “اليوم، يقضون أيامهم في البحث بين الأنقاض وانتظار جمع المياه في حرارة شديدة”.
ثمن الوضع الراهن
المفوض العام للأونروا أوضح أن “الوكالة موجودة اليوم لأن الحل السياسي غير موجود”.
وأكد أنه إذا التزم المجتمع الدولي بحل سياسي، يمكن للأونروا استئناف دورها في دعم الانتقال المحدد زمنيا، وتقديم التعليم والرعاية الصحية الأولية والدعم الاجتماعي.
ودعا لازاريني إلى حماية الأونروا الآن وفي إطار الانتقال، وتوسيع وتعزيز تقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين، والدعم لتنفيذ توصيات المراجعة المستقلة بشأن الحياد.
وحذر المسؤول الأممي من أنه “إذا حافظنا على الوضع الراهن، فسوف تنهار الوكالة وسيدفع الملايين من الأطفال والنساء والرجال ثمنا باهظا”.
وخاطب المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور المؤتمر قائلا إنه بعد مرور 75 عاما على إنشاء الأونروا من قبل الجمعية العامة عام 1949، لا تزال محنة اللاجئين الفلسطينيين مستمرة.
وأضاف “مرت تسعة أشهر طويلة ومؤلمة ومروعة. ولم يعد هناك مكان آمن للاجئين في غزة، حتى تحت راية الأمم المتحدة، حيث لا تزال مدارس الأونروا مستهدفة وتقصف من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في هجوم تلو الآخر، مما يزيد من الخسائر والدمار والصدمات التي فُرِضت على شعبنا”.
وشدد على أنه “يجب وضع حد لهذا الظلم. يجب أن نستعيد الإنسانية”، داعيا إلى الحفاظ على القواعد التي تحميها ومحاسبة أولئك الذين ينتهكونها. وقال منصور “وحتى ذلك الحين، تظل الأونروا مسؤولية دائمة تقع على عاتق المجتمع الدولي، وتظل شريان حياة للاجئين الفلسطينيين”.
وعبر عن عميق الامتنان للدول المضيفة لاستضافتها اللاجئين الفلسطينيين طيلة هذه العقود ولتعاونها ودعمها للأونروا، ولجميع الجهات المانحة للوكالة.
وأشاد بصمود اللاجئين الفلسطينيين على الرغم من كل المصاعب والمآسي والخسائر التي تحملوها، مضيفا “يجب علينا أن نواصل كل الجهود لضمان حصولهم على المساعدة الإنسانية اللازمة، ولكن أيضا الأمل في أن ينتهي الكابوس الذي يعيشونه قريبا، وأن يصبح المستقبل الأفضل قريبا، وأن تتحقق العدالة”.
وتتهم إسرائيل الأونروا بالتواطؤ مع حماس قائلة إن الحركة المسلحة منغرسة في البنية التحتية للوكالة التابعة للأمم المتحدة.
وأنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة الأونروا في عام 1949.
وقال سفير الأردن لدى الأمم المتحدة، محمود الحمود، الجمعة، قبل مؤتمر التعهدات إن 118 دولة وقعت على بيان مشترك يدعم الأونروا وعملها.
وأكد البيان أن “الأونروا هي العمود الفقري لكل استجابة إنسانية في غزة، مع الإقرار بأنه لا يمكن لأي منظمة أن تحل محل الأونروا أو تكون بديلا عن قدراتها”.