واشنطن تستقبل السفاح نتنياهو.. والكنيست يؤزم الحرب على غزة
بقلم: حسين دعسة

النشرة الدولية –

الدستور المصرية –

شكل اجتماع وزيرى الخارجية الأردنية أيمن الصفدي، وزير الخارجية المصرية بدر عبدالعاطي، مرحلة استباقية في الدبلوماسية المشتركة بين الأردن ومصر، ذلك أن قرار الكنيست الصهيوني حدد حالة التأزيم المقبلة في مسارات الحرب العدوانية الإسرائيلية العنصرية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ورفح، وفي مستقبل حراك المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، لوضع الملف الفلسطيني في المواجهة مع حكومة السفاح نتنياهو المتطرفة، إضافة إلى مواجهة مختلفة النتاذج مع المجتمع الدولي.

اجتماعات الصفدي وعبد العاطي، تصر على أنهما، بحسب بيان مشترك أعلنت الخارجية الأردنية: سيعملان معا وبالتنسيق مع الدول العربية ولجنة الاتصال العربية الإسلامية من أجل قيام المزيد من الدول بالاعتراف بالدولة الفلسطينية والضغط من أجل قبول دولة فلسطين عضوا كاملا في الأمم المتحدة.

.. وفي السياق السياسي الدبلوماسي،  دان الوزيران اقتحام الوزير الإسرائيلي العنصري المتطرف بن غفير  المسجد الأقصى، اليوم، خرقا للقانون الدولي وعملا استفزازيا، وأكدا ضرورة بلورة موقف دولي يلزم إسرائيل احترام الوضع التاريخي والقانوني القائم في المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة.

وشدد الصفدي وعبدالعاطي على أن المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وأن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية هي صاحبة الصلاحية الحصرية في إدارة جميع شؤون الحرم الشريف وتنظيم الدخول إليه في إطار الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة.

 

تأزيم الكنيست وتوازي القرار مع زيارة واشنطن.

 

 

خضع قرار تبنى الكنيست الإسرائيلي قرارًا ينص على رفض إقامة دولة فلسطينية، وذلك للمرة الأولى في تاريخ المجلس.

وأيد القرار 68 عضوًا منهم زعيم حزب “الوحدة الوطنية” الإسرائيلي بيني جانتس ونواب حزبه، بينما عارضه 9 نواب فقط، وهو هنا يختار لعبة سياسية، تدعم بطريقة تكتيكي، أهداف زيارة السفاح نتنياهو إلي الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعني، بالدرجة الأساسية، انفتاحا مشبوها من الإدارة الأمريكية، والكونجرس، والمنظمات اليهودية الأمريكية، والايباك، نحو دولة الاحتلال الإسرائيلي العنصرية، وهو في الرؤية الأهم، اقتراب من مرحلة خلط الأوراق السياسية والأمنية عن/ وفي مساعي المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، لإيقاف الحرب العدوانية، على غزّة ورفح، عدا عن الاقتحامات والحرب اليومية على الضفة الغربية والقدس، بما في ذلك اقتحامات المستوطنين والأحزاب المتطرفة للأوقاف المسيحية والإسلامية في القدس وجوار بيت المقدس والمسجد الأقصى المبارك.

 

.. وفي منظور وسائل الإعلام الغربي الأمريكي، والإسرائيلي، حظي القرار  بدعم أحزاب في ائتلاف السفاح  والأحزاب اليمينية، فيما غادر النواب من حزب “يش عتيد” (هناك مستقبل) الذي يقوده زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد الجلسة لتجنب دعم القرار، في إشارات  تعني تضارب الموقف في الائتلاف الإسرائيلي، من نتائج القرار على المدى القريب والبعيد.

 

.. يضع هذا القرار، الذي سيشكل سابقة برلمانية إسرائيلية، حالة من القوة الشكلانية، التي يحتمي عليها السفاح، خلال مواجهة الكونجرس والشيوخ، فعبر نص القرار، الذي يقر على أن “الكنيست يعارض بشدة” إقامة دولة فلسطينية، ويعتبر أن “إقامة دولة فلسطينية في قلب أرض إسرائيل سيشكل خطرًا وجوديًا على دولة إسرائيل ومواطنيها، وسيؤدي إلى إدامة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وزعزعة استقرار المنطقة”.

*تموية الحقائق في وقت الحرب.

 

مما جاء في نص قرار الكنيست، تلك اللعبة السياسية الأمنية التي تفترض، تنويها وتحريضا، وتلاعبا في الحقائق ويدعو إلى: “لن يستغرق الأمر سوى وقت قصير حتى تستولي حماس على الدولة الفلسطينية وتحولها إلى قاعدة إرهابية إسلامية متطرفة، تعمل بالتنسيق مع المحور الذي تقوده إيران للقضاء على دولة إسرائيل”.

 

وأضاف النص أن “دفع فكرة الدولة الفلسطينية سيكون بمثابة مكافأة للإرهاب، ولن يؤدي إلا إلى تشجيع حماس ومؤيديها الذين سيعتبرون ذلك انتصارًا تحقق بفضل مجزرة 7 تشرين الأول/أكتوبر، ومقدمة لسيطرة الإسلام المتطرف على الشرق الأوسط”.

 

القرار يحمل خطورة  خلط أوراق الحرب العدوانية الإسرائيلية المستعرة على غزة ورفح، حرب الإبادة الجماعية والتهجير ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية، كما تضع اي حكومة إسرائيلية، أمام صراع مع أشكال الحكومات التي قد تتولى قيادة دولة الاحتلال الإسرائيلي العنصرية، في المستقبل، وهو تزامن  مع زيارة نتنياهو لواشنطن لإلقاء كلمة في جلسة مشتركة للكونجرس واللقاء بالرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض. ومن المحتمل أن يزعج هذا القرار الديمقراطيين الذين يشعرون بعدم الارتياح لدعم حكومة إسرائيلية تزداد رفضًا لحل الدولتين، برغم اختلاف اتجاهات هذا الدعم أو التحول في وقت الصراع الانتخابي الرئاسي في الولايات المتحدة.

 

.. حيثيات قرار الكنيست، يخلط الصورة التي كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي اعتمدت في أيار/مايو -وبأغلبية 143 صوتًا ومعارضة 9 وامتناع 25 عن التصويت- قرارًا يدعم طلب فلسطين للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، ويوصي مجلس الأمن بإعادة النظر في الطلب، من حيث الشكل والتطبيق، ذلك أن دولة فلسطين عضو لها “صفة المراقب *بالأمم المتحدة، وفق قرار الجمعية العامة للمنظمة في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012.

*

.. عمليا، باتت المنطقة عربيا وإسلاميا، مع حراك المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، في قلق كبير على واقع  مراحل أو مسارات الحرب على غزة ورفح، ليعود التأزيم والمراوغة، إذ أصبح مستقبل المفاوضات حول إيقاف الحرب، والجهود الكبيرة التي يعمل على تعزيزها الوسطاء المصريون والقطريون، والأمريكان، لا تدعو للتفاؤل، فالمتغيرات السياسية والأمنية، والتعنت الإسرائيلي الذي يقوده السفاح نتنياهو، واختلاط الرؤى الأمنية  تضع إتمام  المفاوضات زاوية حرجة  بين حركة حماس وبين الكابنيت العسكري والإسرائيليين، مع ازدياد لهجة التصعيد في الجنوب اللبناني، وتزامن اندفاع حركات المقاومة الداعمة للموقف في غزة، تحديدا من حزب الله،  الذي يرى عدم وجود اية  حلول أو  تطمينات، بالذات مع تسريب معلومات حول اجتماعات المبعوث الأميركي “هوكشتاين”   عن تفاهمت ومحادثات أميركية – إيرانية حصلت في سلطنة عمان، التي تدعو  الى تفاهم، يصطدن بمواقف حزب الله على حصر التوتر الإقليمي.

 

.. وفي الأفق، لا نتائج مهمة من حيث إمكانية  إخراج مفاوضات وقف النار في غزة ورفح، من  حالة التباين السياسي والأمني، ويزيدها  تعقيدا زيارة السفاح نتنياهو لواشنطن، وتزامن ذلك، مع قرار الكنيست، ما  يوقف المفاوضات لأن تصورات المرحلة ترتهن   على ما قد  يستفيد منه السفاح نتنياهو، من مواجهة الكونجرس والإدارة الأميركية، وهذا يتوقف على طبيعة  وصورة الضمانات السياسية والعسكرية حول مستقبل حكومة السفاح.

الإدارة  الأمريكية في حيرة، إذ ترى ان مستقبل الرئيس جو بايدن، في صراعه الانتخابي، يتوقف عبر منجزات، ليست شخصية، بل سياسية أمنية، مع  احتمالات  الدعوة إلى المزيد من الضغوط نحو  الحل، وفق مبادرة بايدن “المراحل الثلاث”، وهو موقف، يبدو أن السفاح، أخذ معه فريقه  الأمني، وفق هيئة البث الإسرائيلية، وهي نقلت عنه:

“إسرائيل دولة ذات سيادة. قراراتنا العسكرية تُبنى وفقًا لحساباتنا الخاصة”.

.. وهو يتعنت بالقول: “أرى منشورات مغلوطة تزعم أنّ الولايات المتحدة منعتنا وتمنعنا من القيام بعمليات في المنطقة”، “هذا ليس صحيحًا. إسرائيل دولة ذات سيادة. قراراتنا في الحرب تُبنى على اعتباراتنا العملية ولن أتوسّع في ذلك”، من دون أن يذكر تفاصيل بشأن تلك التقارير.

 

وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” قد ذكرت، أمس السبت، أنّ الرئيس الأمريكي جو بايدن أقنع نتنياهو بعدم مهاجمة “حزب الله” في لبنان بسبب مخاوف من أن تشنّ هجومًا على إسرائيل على غرار ذلك الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) من غزّة على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول.

 

وشدّد نتنياهو اليوم على أنّ تصرفات إسرائيل “لا تُمليها ضغوط خارجية”.

وقال إنّ “القرار الخاص بكيفية استخدام قوّاتنا هو قرار مستقل لجيش الدفاع الإسرائيلي وليس لأحد غيرنا”.

.. واقع الحال، أن وجود السفاح نتنياهو، في واشنطن، في هذا الوقت، يزيد من الترقب الذي تترصد نتائج دول المجتمع الدولي، والمنطقة، مع احتمالات مفاجئة في الإدارة الأمريكية.

 

 

 

* مطلوب حراك  إقليمي يتابع المواجهة السياسية مع العالم.

ما شهدته العاصمة عمان، والقاهرة، واجتماعات وزير وزير الخارجية  الأردني  أيمن الصفدي، اليوم الخميس،  مع وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبدالعاطي، بهدف متابعه  المحادثات التي كانا أجرياها في القاهرة خلال زيارة الصفدي للقاهرة الأسبوع الماضي، والتي أكدت عمق العلاقات الأخوية الإستراتيجية بين البلدين الشقيقين، وركزت على:

*اولا:

جهود وقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وإنهاء ما يسبب كارثة إنسانية وما يمثل من خطر على أمن المنطقة واستقرارها.

* ثانيا:

استمرار العمل معا وبالتنسيق والتشاور مع الدول الشقيقة والصديقة لتحقيق وقف فوري ودائم لإطلاق النار، وتحقيق النفاذ الفوري للمساعدات الإنسانية لكل أنحاء غزة.

*ثالثا:

فتح جميع المعابر أمام إدخال مساعدات فورية وكافية وغير مشروطة إلى الشعب الفلسطيني في جميع أنحاء قطاع غزة.

*رابعا:

إطلاق خطة حقيقية فاعلة لتنفيذ حل الدولتين سبيلا وحيدا لحل الصراع وتحقيق السلام العادل والدائم.

*خامسا:

إسرائيل، [تتحمل] المسئولية الكاملة عن الكارثة الإنسانية التي يسببها حصارها لغزة، ومنعها دخول المساعدات بشكل كاف.

سادسا:

الإشارة إلى استهداف اسرائيل المنظمات الأممية الإنسانية، وبما فيها الأونروا في انتهاك سافر لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

* سابعا:

رفض أي مقاربة مستقبلية لا تتعامل مع غزة جزءا من الأرض الفلسطينية المحتلة، وتضمن انسحاب إسرائيل من كامل قطاع غزة، وبما في ذلك محور فيلادلفيا ومعبر رفح.

*ثامنا:

إن أي طرح حول مستقبل غزة يجب أن يكون جزءا من خطة متكاملة تؤكد أن غزة جزءا من الأرض الفلسطينية المحتلة وترتبط ارتباطا عضويا غير قابل للفصل مع الضفة الغربية والقدس الشرقية، وتستهدف حل جذور الصراع المتمثلة في الاحتلال، وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على خطوط الرابع من حزيران 1967 على أساس حل الدولتين، ووفق قرارات الشرعية الدولية والمرجعيات المعتمدة.

*تاسعا:

رفض تهجير الفلسطينيين داخل أرضهم المحتلة أو إلى خارجها، وأن التهجير خط أحمر سيتصدى له الأردن ومصر بكل إمكاناتهما،

السلام العادل والشامل معا.

*عاشرا:

التنسيق مع الدول العربية ولجنة الاتصال العربية الإسلامية من أجل قيام المزيد من الدول بالاعتراف بالدولة الفلسطينية والضغط من أجل قبول دولة فلسطين عضوًا كاملًا في الأمم المتحدة.

*الحادي عشر:

بلورة موقف دولي يلزم إسرائيل احترام الوضع التاريخي والقانوني القائم في المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة.

وأن المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وأن إدارة أوقاف القدس وشئون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشئون والمقدسات الإسلامية الأردنية هي صاحبة الصلاحية الحصرية في إدارة جميع شؤون الحرم الشريف وتنظيم الدخول إليه في إطار الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة.

*الثاني عشر:

التحذير من  أن استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، والخطوات الإسرائيلية اللاشرعية في الضفة الغربية المحتلة تزيد من خطر توسع الحرب إقليميا، ما يعرض السلم والأمن الإقليميين والدوليين للخطر.

*الثالث عشر:

الوقوف إلى جانب الجمهورية اللبنانية الشقيقة، ورفض أي اعتداء عليها وعلى سيادتها، وضرورة الالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 1701 للحؤول دون المزيد من التصعيد.

.. لا ننسى أن  الحرب على غزة ورفح والشجاعة والنصيرات، تضع الملف في بؤرة تعاون عربي، إقليمي للضغط دبلوماسيا وأمنيا لمواجهة آثار قرار الكنيست العنصري، مع ضرورة السعي مع الإدارة الأمريكية على فتح المجال للمجتمع الدولي لإيقاف الحرب، ومنع استمرار حرب الإبادة الجماعية والتهجير ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية، التخوف أن المجازر ستكون متزامنة عسكريا مع خطاب السفاح في الكونجرس.. وذلك ليس ببعيد.

زر الذهاب إلى الأعلى