بعد ظهور “ستوبور” بيد عناصر حزب الله، قنبلة كهرومغناطيسية
بعد ظهور “ستوبور” بيد عناصر حزب الله، قنبلة كهرومغناطيسية؟
كتب الخبير في أسلحة الدمار الشامل والقانون الدولي اكرم كمال سريوي
في التاسع من تموز 1962 أجرت الولايات المتحدة الامريكية تجربة لأكبر تفجير نووي في الفضاء، بقوة 1,4 ميغا طن، على ارتفاع حوالي 400 كلم، فوق منطقة المحيط الهادئ.
تسبب الانفجار بتعطيل القمر الصناعي البريطاني إريال-1، الذي كان قد تم اطلاقه في مشروع مشترك مع الولايات المتحدة الأمريكية، في نيسان من ذاك العام.
أعتُبرت التجربة أقوى تفجير نووي في العالم، يُجرى في الأجواء العليا للكرة الأرضية.
ولّد الانفجار نبضة كهرومغناطيسية قوية، بما يكفي لتعطيل الاتصالات اللاسلكية في العالم، حتى أنها فجرت مصابيح الشوارع في جزر هاواي.
كما أنها تسببت في توليد حزام إشعاعي جديد للحظات حول الكرة الأرضية، وهذا ما أدى الى توقف عمل إريال ـ1.
منذ ذاك الوقت أجرى علماء الفيزياء دراسات عديدة لانتاج سلاح كهرومغناطيسية، لكن كل التجارب فشلت في تحويل الطاقة الكهرومغناطيسية إلى سلاح فعال، من دون استخدام السلاح النووي.
منذ بداية القرن الحادي والعشرين، عاد الاهتمام بهذه التقنية، التي نجحت بفضل التطور التقني والتكنولوجي، في انتاج مدافع، تُطلق قذائف بدون حشوة دافعة، وذلك عن طريق استخدام طاقة كهرومغناطيسية، مما سمح بزيادة سرعة القذائف من عيار 35 ملم، إلى حوالي 1000 متر/ث.
لكن ما زالت هذه المدافع قيد التجربة والتطوير، لاسباب عديدة، أهمها ضرورة وجود مصدر طاقة كهربائية عالي القدرة موصول بالمدفع.
نجحت روسيا في تطوير عدة أنظمة من الأسلحة الكهرومغناطيسية، وتحدثت المصادر الأمريكية عن أن روسيا أنجزت سلاحاً، أُطلق عليه اسم “سلاح اللحظة الأخيرة”، في إشارة إلى قدرة هذا السلاح، على تدمير كل التقنيات الالكترونية والاجهزة الكهربائية، وإعادة العالم 200 عام إلى الوراء.
يرتكز سلاح اللحظة الأخيرة، على تفجير نووي ضخم في طبقات الجو العليا، ينتج عنه نبضة كهرومغناطيسية، تمتد إلى كامل المدار، وتدمر كافة الأقمار الصناعية الموجودة فيه، كما قد تتسبب بتعطيل كافة الاجهزة الالكترونية على الأرض.
نفت روسيا الادعاءات الاميركية واعتبرتها نوعاً من الدعاية، لإثارة سباق تسلح جديد في الفضاء.
لكن روسيا أكّدت أنها تمتلك أسلحة كهرومغناطيسية، منها بنادق “ستوبور” المخصصة للسيطرة على المسيرات على مسافة قصيرة.
عام 2017 صرّح فلاديمير ميخييف نائب مدير عام شركة “التكنولوجيات الإلكترونية اللاسلكية الروسية، أن التصاميم انتقلت إلى مرحلة تطوير مشروع السلاح الكهرومغناطيسي، على شكل القذائف والقنابل والصواريخ، الحاملة مولداً كهرومغناطيسياً، يتم تشغيله نتيجة انفجارها في الجو.
وذكرت صحيفة ديلي ستار البريطانية، أن سلاح “يلابوغا” الروسي، يمكنه تدمير وشل جيوش بأكملها، وهو عبارة عن صاروخ، يحمل مولداً كهرومغناطيسياً، يمكنه إذا انفجر على ارتفاع 200 -300 متر، أن يدمر كل الأجهزة الالكترونية في دائرة بقطر 7 كلم.
في عام 2003 سرت أنباء عن استخدام الولايات المتحدة الأمريكية قنبلة كهرومغناطيسية، على التلفزيون العراقي، لكن أمريكا لم تؤكد تلك المعلومات.
تحاول الدول المتقدمة في العالم، خاصة روسيا والولايات المتحدة الامريكية والصين، تطوير أسلحة كهرومغناطيسية. لكن حتى اليوم، ما زالت المعلومات عن هذه البرامج سرية للغاية، ولم يتم استخدام هذه القنابل.
النقطة الأهم، هي أن التجارب التي أجريت، نجحت نسبياً، بوجود مولد ضاغط للحقل المغناطيسي. بحيث يولّد مصدر أولي تياراً كهربائياً، يجب أن تفوق قوته واحد ميغا أمبير، كي يعطي النتيجة المرجوة، ويتم رفع الجهد، بواسط تفجير حشوة متفجرة، يتم وضعها داخل جدار عازل للكهرباء، كي لا يتحطم الجهاز قبل تحقيق الهدف منه.
هناك طريقة أخرى هي استخدام انبوب الماغنترون، كما هو الحال في جهاز الميكرويف، بحيث يقوم هذا الانبوب، بتحويل الطاقة الكهربائية إلى موجات كهرومغناطيسية، بتردد عالي جداً. لكن هذه التقنية أيضاً ما زالت تعاني من معوقات عديدة، ليصبح هذا السلاح عملياً في القنابل والصواريخ.
لا زالت حتى اليوم، الطريقة الأمثل لانتاج سلاح كهرومغناطيسي، هي باستخدام التفجير النووي، الذي يولد كماً هائلاً من الطاقة الكهرومغناطيسية. لكن استخدام السلاح النووي في أي حرب، قد يذهب بالعالم إلى مواجهة نووية كبرى.
ظهر في يد مقاتلي حزب الله في لبنان بنادق كهرومغناطيسية روسية الصنع، من نوع “ستوبور”، مخصصة للسيطرة على المسيرات، لكن مفعول هذه البنادق لا يتجاوز 2 كلم.
تحاول تركية تصنيع أسلحة كهرومغناطيسية، وكذلك كوريا الشمالية وإيران، لكن الدول المتقدمة ما زالت تحتفظ ببرامج تطوير هذه الأسلحة، بشكل سري للغاية، وهناك سباق محموم في هذا المجال.
لم تختبر أي دولة بشكل علني قنابل كهرومغناطيسية حديثة، باستثناء اعلان روسيا عن سلاح “يلابوغا”، الذي ما زال يعاني من مشكلة إيصاله بطريقة آمنة إلى الهدف.
من الصعب أن تكون قد توصلت دول كإيران وتركيا وكوريا الشمالية، إلى تطوير قنابل كهرومغناطيسية، وحتى إسرائيل لم تُعلن عن امتلاكها هذه التقنية، وإن كان لديها خطط وبرامج لتطوير هذه الأسلحة.
حتى من غير المؤكد أن الولايات المتحدة الامريكية، قد زودت إسرائيل بهذا النوع من القذائف، خاصة أنها في بعض الحالات، قد تشكل خطراً على الطائرات التي تقوم بإلقائها .
لا شك أن العالم يتغير بسرعة فائقة، وأسلحة الدمار الشامل استقبلت مولوداً جديداً في عائلتها، يمكن لاحقاً أن يسمح التطور التقني، باستخدامه على نطاق صغير وفي مناطق محدودة، لتجنّب إحداث دمار شامل لمناطق واسعة قريبة من مركز الانفجار، وتوجد فيها قوات صديقة.
وهذا سيكون مشابهاً لم حصل في عمليات تطوير قذائف نووية صغيرة (سلاح نووي تكتي)، بات بالإمكان اليوم إطلاقها من مدافع ذات عيار يفوق 155 ملم.
لكن حتى الآن ما زال السلاح الكهرومغناطيسي، يحتاج إلى مزيد من الدراسات والتطوير، ليصبح أكثر ملائمة للاستخدام في الميدان.
أمًا الخطر الأكبر فيكمن في عدم إمكانية حظر هذه التكنولوجيا، ومنع وصولها إلى معظم دول العالم، وبالتالي قد تكون الحروب القادمة مختلفة تماماً عما شهدناه وعرفناه من حروب حتى اليوم، أكان بالوسائل أم بحجم الدمار والأضرار التي ستلحقها بالعالم.
فكل الخيال العلمي بات ممكن التحقيق، مع استخدام تقنية النانو والذكاء الاصطناعي.