عطور باريس لن تزيل عفن الفكر الفرنسي في الأولمبياد
أشبعوا دول العالم نقداً وتقريعاً، ولم يتركوا شاردة ولا واردة إلا وضخموها، فظننا أنهم عباقرة الأرض الذين لا يخطئون وأنهم صُناع المعجزات، وأنهم حين يستضيفون البطولات ستخرج بأجمل الصور وسيُعجزون من بعدهم، لكن حين استضافت باريس دورة الألعاب الأولمبية، وألمانيا كأس أوروبا أدركنا سبب نقدهم لقطر وغيرها من الدول التي استضافت البطولات الكُبرى، فقد ظهروا بأنهم لا يملكون ولو جزء يسير من قدرات من سبقوهم في التنظيم، لنشعر أن حصول ملف باريس لاستضافة الدورة الأولمبية قد تم شرائه بالمال، وان هذه الاستضافة تمت بالفساد.
فقد توالت الأخطاء وأثبتت فرنسا بأنها تبحث عن ترويج أمراضها الجنسية في حفل الافتتاح، وتجرأت على نبي الله عيسى عليه السلام والحواريين بصورة تثبت عقم فكرهم وتراجع أخلاقهم، ليعتذر المنظمون عن فضيحة “العشاء الأخير” التي وجدت انتقادات حكومية وشعبية عالمية، وشارك في اللوحة المسخة مجموعة من الفنانين المتحولين جنسيا، وظهر المغني فيليبي كاترين عاريا يجسد الرب الإغريقي ديونيسيس، كما نشرت باريس صور العنف حين أظهرت الملكة السابقة ماري أنطوانيت تغني برأس مقطوعة.
ولم تتوقف فضائح باريس عند حفل الافتتاح فقط بل توالت بشكل متسارع لتدعي السلطات أن هناك تخريب تسبب في توقف عمل القطارات وانتظامها، ثم جاء القدر ليعاقبهم على سوء فعالهم فانخفضت جودة نهر السين مما أثر على استعدادات لاعبي التراثليون، ثم ظهر أن دورة الألعاب الأولمبية أكبر من باريس حين اشتكت العديد من اللاعبات من عدم وجود حمامات كافية، لتهرب لاعبات فريق التنس الأرضي الأمريكي صوب الفنادق المحيطة بالقرية الأولمبية لاستخدام حماماتها، وفي فضيحة أخرى تم رفع علم الأولمبياد معكوسا، ومناداة فريق كوريا الجنوبية على أنه فريق كوريا الشمالية.
وبصورة غريبة اختفى الفيديو الذي يعرض اللحظات الرئيسية لحفل الافتتاح من موقع اللجنة الأولمبية الدولية وقناة اللجنة المنظمة على اليوتيوب في محاولة للهروب من المسؤولية، ومع انطلاق الدورة توالت الفضائح فظهرت فضيحة التجسس الكندي على تدريبات منتخب نيوزلاندا لكرة القدم بتصوير تدريبات المنتخب بمسيرة، كما انسحبت لاعبة الفروسية البريطانية شارلوت دوجاردان بعد ظهورها في مقطع فيديو وهي تضرب حصانًا بشكل متكرر، وانسحبت قائدة منتخب الجمباز الفني للسيدات شوكو مياتا من تشكيلة الفريق المشارك في الدورة، لانتهاكها قواعد سلوك الفريق بالتدخين وشرب الكحول، فيما مثل منتخب هولندا بكرة الطائرة الشاطئية ستيف دي فيلدي المُدان بتهمة اغتصاب قاصر ستيفن دي فيلدي، وفي قمة المهازل جاءت مباراة المغرب والأرجنتين التي استمرّت لأكثر من أربع ساعات لحسم نتيجتها، ومع استمرار الدورة نتوقع فضائح جديدة لبلد تغطيها الفضائح لكنها لا تخجل منها.
آخر الكلام:
لن تفلح جميع زجاجات العطر الباريسية في التقليل من رائحة عفن الفكر الفرنسي في دورة باريس، كما لم تفلح سابقاً في التقليل من نتن رائحة لويس الرابع عشر في عصور الظلام الذي أعاد حفل الافتتاح باريس اليها، لتتراجع فرنسا الشذوذ في أذهان العالم ولتقبع في المركز الأخير في الفكر النهضوي الإنساني إلا في صناعة أدوات القتل من المقصلة الخازوق ومتحف الجماجم.