الدم برد الضربة تتلاشى.. والمقاومة خارج غزة تحت التدجين السياسى
بقلم: حسين دعسة
النشرة الدولية –
الدستور المصرية –
كل حالة في المنطق الفلسفي لها مرتكزاتها ونهايتها المنطقية بحسب دلالات العقل البشري.
حالة الحروب، سرديات لا مثال لها ولا أحكام ولا امتثال لقواعد الاشتباك.
هنا مجموعة من الأصوات الأخيرة في طريق المعركة الموعودة، لتسمع:
* الصوت الأول:
تم تشييع جثمان هنية في طهران، حيث أمَّ المصلين المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي، وهو شرف مخصص لأعلى الشخصيات رتبة، وقد اتهم كل من إيران وحماس إسرائيل بقتل السيد هنية، وأمر السيد خامنئي بشن هجوم مباشر على إسرائيل ردًا على ذلك.
* الصدى:
خامنئي أصدر أمرًا بضرب إسرائيل.. ردًا على اغتيال هنية.
الضربة الإيرانية قد تكون مشتركة ومنسقة بين إيران وحلفائها.
*الصوت الثاني:
في خطاب مدروس نسبيًا تم عرضه على شاشة في جنازة السيد شكر، أدان زعيم حزب الله حسن نصر الله ليس فقط اغتيال السيد شكر، بل وأيضًا مقتل الزعيم السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، وقال مخاطبًا إسرائيل: “أنتم لا تدركون الخطوط الحمراء التي تجاوزتموها”.
إن حزب الله وحلفاءه يعملون على “الرد الحقيقي وليس الاستعراضي كما يحاول البعض أن يوحي”.
* الصدى:
إسرائيل تتوقع “أيامًا صعبة”.. ونتنياهو يتوعّد بالمزيد.
إسرائيل تتوقع:
إسرائيل ليست مهتمة بحرب شاملة، لكن الطريقة الوحيدة لمنعها هي انسحاب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني ونزع سلاحه، وفقا لقرار الأمم المتحدة رقم 1701.
*الصوت الثالث:
دعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى وقف إطلاق النار في غزة، خلال مؤتمر صحافي عقده في منغوليا، محذرًا من أن المنطقة تسير على مسار “نحو المزيد من الصراع، والمزيد من العنف، والمزيد من المعاناة، والمزيد من انعدام الأمن”. وأضاف اغتيال السيد هنية عقبة جديدة أمام المحادثات التي استمرت لأشهر.
* الصدى:
يسعى نتنياهو إلى استدراج الأمريكيين أكثر إلى المواجهة بدلًا من الحوار والتفاوض والتفاهم مع إيران.
*هناك ضوء.. وأخضر
ما يفهم أو ما تشير إليه مصادر عسكرية مطّلعة، أنه بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فإنّ واشنطن، وبمعزل عما يقال حول إعطائها الضوء الأخضر لنتنياهو لتنفيذ عدوانه، تتعاطى مع هذه الضربات بوصفها فرصة لكي يقتنع رئيس حكومة الاحتلال السفاح نتنياهو بأنه حقق انتصارًا ما في هذه المعركة، وبالتالي يذهب إلى وقف إطلاق النار في غزة، وهذا الأمر يستدعي وقتًا إضافيًا لإطلاق النار في لبنان وانتهاء الأزمة العسكرية والسياسة في المنطقة، وعليه فإنّ واشنطن لا تريد الحرب لا من قريب ولا من بعيد إلا إذا كانت هناك نوايا مبيّتة لا يمكن فهمها بالتحليل السياسي.
أما من جهة إيران ومحورها و”حزب الله” فهؤلاء بدورهم لا يريدون الحرب(…)، ما يدل على بدء مراحل تدجين حركات المقاومة، بالذات الإسلامية الطائفية، ليقال، إنهم غير (..) مجبرين على تنفيذ ردود شديدة جدًا ضدّ الخطوات الإسرائيلية التصعيدية، وبالتالي فإنّ الذهاب إلى الحرب سيكون أمرًا مرتبطًا بردة فعل إسرائيل على ذلك.
والإعلام يرى الأصوات ويسمعنا، حتى العدوّ الإسرائيلي بقواته ونظامه ودولته العميقة ليس راغبًا بالحرب لكون القوات الإسرائيلية تعاني من أزمات حقيقية ومن تضرر كبير في البنية العسكرية وتحديدًا العناصر والعديد والضباط والمدرعات، ولم يتبقَّ له سوى سلاح الجو، وهذا السلاح لا يستطيع حسم معركة في لبنان وتحديدًا مع “حزب الله” المستعد لمعركة برّية وجوية كبيرة واسعة، عدا عن أن الدعم الأمريكي أساسي، وليس منحة للكابنيت الصهيوني.
لهذا السفاح نتنياهو وحده، من يرغب في الحرب، وفوضي الحرب الشاملة على الطريقة الأمريكية بالتوقيت الأمريكي، وتريد الولايات المتحدة، رغم ما يسر من خلافات ومشامسات لجم السفاح وآلامه بما تريد، وأن حاول الخروج على رئاسة بايدن والرفع عن الحزب الديمقراطي.
السفاح خطط له:
*أولًا:
لديه مصلحة في إظهار نفسه المخلّص والمنقذ لإسرائيل، وهذا ما يعطيه دفعًا شعبيًا كبيرًا.
* ثانيًا:
عدم إيقاف الحرب- هي مصلحة أمريكية حتمية- في حال لم تكن التسوية كاملة لمصلحته لأن أي وقف لإطلاق النار سيؤدي إلى محاسبته وإدخاله السجن، وحياته السياسية مرهونة بذلك.
* ثالثًا:
جنون السفاح نتنياهو، قد يوصل المنطقة ككُلّ إلى الاشتباك الكبير، وهو يسعى له، لكن بالوصف المؤطر من البنتاغون.
* الحرب:
سيناريو مضحك بعد دفن الدم.
.. هل دولة الاحتلال الإسرائيلي قادرة على مُواجهة إيران وحلفائها؟
حتما، ليس في الأوراق الأمريكية الأوروبية، ما يمنع من حصد المنطقة وإعادة رسم الخرائط، لهذا ذكر موقع “سكاي نيوز”، أنّ دولة الاحتلال الإسرائيلي العنصرية تشهد حالة من التأهب بعد عمليتيّ اغتيال، تبنت واحدة منهما ولم تعلق على الثانية، لقادة بارزين في حركتي حماس وحزب الله.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، في تقرير لها، بعنوان “سيناريو الحرب الكبرى مع إيران”، إن إسرائيل مستعدة تمامًا لحرب شاملة مع طهران وحلفائها إذا استدعى الأمر، وإنها على يقين بأن عمليات الاغتيال هي الورقة قبل الأخيرة لحرب إقليمية شاملة مع إيران.
وجاء في التقرير أنّ إسرائيل وضعت إيران في ورطة كبيرة بعد اغتيال شكر في بيروت وهنية في قلب طهران.
وقالت الصحيفة الإسرائيليّة: “إذا كانت إسرائيل تقف وراء اغتيال إسماعيل هنية، فهذا إنجاز عسكري واستخباراتي رائع”.
وأضافت أنّ دولة الاحتلال استطاعت أن تبلغ إيران ووكلاءها رسالة، أنهم إذا لم يتوقفوا فلن تتردد في التوجه إلى حرب واسعة النطاق”.
وقال التقرير: “في إسرائيل نحتاج الآن إلى إعداد أنفسنا لحرب كبرى، وستكون الجبهة الداخلية أكثر استهدافا من إيران ووكلائها. ستكون الجبهة الداخلية مستهدفة بالصواريخ بكل أنواعها إلى جانب الطائرات المسيّرة الانتحارية، التي ستنطلق ليس فقط من لبنان واليمن بل من إيران بشكل رئيسي”.
وأشار إلى أنّ “طهران ستنشر مقاتلين من إيران والعراق وسوريا في الصراع، وربما حتى الحوثيين من اليمن الذين سيتم نقلهم إلى سوريا، وسيحاولون بالتأكيد دخول إسرائيل”.
وأضاف التقرير أنّ “إسرائيل أوضحت لطهران أنها جاهزة لحرب كبرى لوجستيا ومعنويا، رغم أنها لا تريدها”.
وقالت الصحيفة إنّ “إذا قررت إيران مهاجمة إسرائيل ولم يحقق العمل أهدافه، فسيكون ذلك دليلا آخر على ضعف طهران”.
* تحوّل في مسار المواجهة!
منذ بدء معركة “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي، اختلفت صورة المقاومة خارج قطاع غزة، سياسيا وأمنيا هذا يفسر، وباختصار:
ضربة “مزدوجة” في توقيت مرحلة من الحرب العدوانية الإسرائيلية المستعرة على غزة ورفح، واقع مفصليّ من الصراع، تفتح الباب أمام سلسلة طويلة من علامات الاستفهام، ومن فتح أبواب فوضى الحرب وطمس العلاقة بين المقاومة وولها في النطاق الحالي، فكيف سيتعامل “حزب الله” مع ضربة الضاحية، وكيف يُقرَأ تزامنها “غير البريء” مع ضربة إيران؟ هل انتهى الأمر إسرائيليًا مع انتهاء العمليتين، أم أنّ الردود المنتظرة عليهما ستفضي إلى الدخول في الحرب الشاملة، التي قيل إنّ أحدًا لا يريدها، لكنّ أسهمها باتت الأعلى منذ عام، وهو سؤال تردد في بيروت طهران بغداد صنعاء، على اعتبار انهم من سيقود الحرب الشاملة التي لن تحدث، إلا بموجب الوصفة.
.. وهذا يعني، أيضا أنه بات من يقول أمنيات وعسكريًا:
هو تجاوز للخطوط الحمراء إذًا، فلا أحد يقر بذلك، واي تجاوز له أيضا توصية من المقاوم وسلاحة حتى العدو الذي استهدف ذلك وأنت هنا بين غزة طهران وبيروت وربما عواصم أخرى، لا تملك مشروعة الدفاع عن نفسك، فلا تنتظر الحرب التي أشبعها إعلاميا ضمن فوضى سياسية وأمنية، كرّست بعد ساعات قليلة مع اغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة حماس إسماعيل هنية، ولو لم تعلن إسرائيل مسئوليتها عنه بصورة مباشرة، وطلب رئيس حكومتها من وزرائه عدم التعليق عليه، لكنّه يوجّه رسالة واضحة للقاصي والداني بأنّ قواعد اللعبة تغيّرت، بل يُفهَم في بعض الأوساط على أنّه إما رهان على أنّ المحور الآخر لا يريد الأمر، وإما استدراج له إلى الحرب، مع تحمّل مسئوليتها بشكل أو بآخر.
حتى الآن، قد يكون من الصعب التكهّن بتبعات الجنون الإسرائيلي المستجدّ، وما يكن أن يرتّبه من ردود أفعال على أكثر من مستوى، لكنّ الثابت وفق ما يقول العارفون أنّ “الردّ حتميّ” على أكثر من جبهة، وتحديدًا على الجبهة اللبنانية، حيث لا يمكن لـ”حزب الله” إلا أن يردّ على الجريمة، أولًا من باب أنّها عدوان على لبنان، وعلى الضاحية الجنوبية لبيروت، وثانيًا من باب استهداف قائده العسكري الكبير، لمنع إسرائيل من تسجيل أيّ نقاط جديدة، وهذا الحوار مصادرة تتوه في أروقة الدولة اللبنانية التي لا تريد الحرب، ولا حزب الله، ولا تريد الخروج من جلباب الأب.
*.. من ينتظر جنون السفاح.. فقط الإدارة الأمريكية.
تعلم الإدارة الأمريكية، أنه أنهت الحرب العدوانية الإسرائيلية الأمريكية، على غزة شهرها، وهي تزامنت مع أشهر من المعارك والحرب في غزة وجنوب لبنان ومن تحرك الجبهات من اليمن إلى العراق، نجح رئيس الحكومة الإسرائيلية السفاح نتنياهو من أخذ ضوء أخضر أمريكي أوروبي بتوجيه ضربات ضد إيران وحماس و”حزب الله”، ووربنا- وهذا لن يحصل مرحليا- المخاطرة بالذهاب نحو تصعيد كبير، بهدف الحصول على انتصار ما يمكن البناء عليه سياسيا وأمنيا، إن مفاوضات الهدنة التي تفشل في استكمال جهود الوسطاء، مصر وقطر والولايات المتحدة، كل ذلك يعني، أن مرونة الحرب، هي المطلوبة لاستكمال جولات المفاوضات، التي دفنت في روما ولم تعلن نتائج، التي قد تعقد مرة وفق قواعد صلبة وقوية، أمريكا وأوروبا، تعطي دولة الاحتلال الإسرائيلي العنصرية اليد العليا في غزة وفي جنوب لبنان وعليه يمكن إعادة المستوطنين إلى مستعمراتهم، وتصفية مفهوم وآليات ودور المقاومة، خارج غزة.
نجح نتنياهو في وضع الجميع على حافة الهاوية، لا بل أقدم على خطوات جدية خطيرة جدًا ويمكن القول إنه للمرة الأولى يستعيد زمام المبادرة ضد المحور المواجه له، فأقدم على خطوتين كبريين أكد خلالهما أنه يمتلك تفوقا استخباريا وتقنيا وعسكريا وهذا يعني أن الرجل يريد القول للجمهور الإسرائيلي إن “دولة” إسرائيل قادرة على حمايته وإن الحكومة الحالية ستلاحق أعداءها مهما ابتعدوا ومهما قاموا بإجراءات أمنية مستندة إلى نتائج الدعم السري من البنتاغون، والإيباك اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية.
.. الرهان، في التحليل الاستراتيجي أن ردا مفتوحا ومتعدد الجبهات كما يتم التهويل له، [لن يحدث] لا اليوم ولا خلال الأسابيع المقبلة.
السيناريو الدفن، واستمرار الأطر التدجين المرحلة، مع استمرار حرب الإبادة الجماعية والتهجير ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية، وهذه إشارات موجهة لإيران ولبنان، واليمن، وربما الحشد الشعبي في العراق، أن اتركوا لنا ملف غزة.. وهذا مبدئيا لن يحدث والحرب لن تحدث، وهذا المطروحة اليوم بعد تبريرات إيران أن المقذوف، الصاروخ الذي اغتيال هنية مصدره من خارج المكان الذي كان يقيم فيه. ما الجديد؟.
حتما سيكون وجه الكرة الأرضية، لون الدم، لون ميقات شهداء غزة ورفح، وهم أهل المعركة ولا ندم.