الرقص على الحافة.. نتنياهو نموذجاً..
بقلم: رجا طلب

النشرة الدولية –

علينا ان نعترف بان نتنياهو بات يتحكم بصورة او باخرى ليس بمفاصل دولة الاحتلال بلا اي منازع او منافس تماما كاي ديكتاتور بل بات يتحكم بحركة الاقليم السياسية والعسكرية والامنية بعد ان فرض جملة من الوقائع خلقت من الناحية العملية واقعا جديدا في الاقليم الذي يقترب وبشدة نحو حرب واسعة (ربما تكون هذه الحرب اندلعت مع نشر هذا المقال او بعده بساعات)، فعل نتنياهو ذلك من خلال تخطيط دقيق كانت قمته الاغتيال الابرز والاخطر واقصد هنا اغتيال الشهيد اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران كاسرا بذلك كل الخطوط الحمراء وسبقه باغتيال الشيخ محسن «فؤاد شكر» في الضاحية الجنوبية من بيروت.

قد يكون اغتيال الشيخ محسن رغم فداحته وقيمة الرجل التنظيمية والتاريخية مقبولا في اطار الصراع بين حزب الله واسرائيل، غير ان اغتيال الشهيد اسماعيل هنية وفي طهران هو مسالة اخرى لها ما بعدها على اكثر من بعد وقد يكون السؤال لماذا؟؟

الجواب:

اولا: الشهيد كان ضيفا على الجمهورية الاسلامية وفي ضيافة راس الدولة وهو السيد علي خامنئي والذي استقبله ضمن عدد محدود للغاية من الضيوف الذين حضروا لطهران لحضور تنصيب الرئيس مسعود بزرشيكيان.

ثانيا: الشهيد اغتيل في احد المعاقل الامنية والسيادية في طهران واقصد هنا نزل «قدامى المحاربين» التابع امنيا الى الحرس الثوري في قصر «سعد اباد» الذي كان تابعا لمجموعة قصور الشاه سابقا.

والسؤال الآتي.. ماذا يعني اغتيال احد ابرز حلفاء طهران في عقر دار طهران عدا الاهانة واستباحة الكرامة للدولة؟

الجواب: من الواجب على طهران باعتبارها «ولي الدم» ان تثأر بما اوتيت من قوة لدم وروح الشهيد اسماعيل هنية كاسرة في ذلك كل الخطوط الحمر التى يجرى الحديث عنها، فهل تفعلها طهران التى عودتنا على استخدام المصطلحات المطاطة والرمادية مثل ان الرد سيكون في «الوقت والمكان المناسبين» أو استخدام مصطلح «الصبر الاستراتيجي”؟

في الاطار التحليلي اخمن ان ايران هذه المرة مضطرة للرد باي حال من الاحوال وبرد مباشرة من طهران وليس من اي جغرافيا حليفة لها وان يكون هذا الرد موجعا وليس ردا «لرفع العتب»، وفي حال انها لم تقم بذلك فهذا يعني ببساطة ان ايران خسرت موقعها الاستراتيحي كقوة وازنة في الشرق الاوسط ولم تعد قادرة عمليا على الاداعاء بانها تقود «محور المقاومة» الذي يواجه إسرائيل.

كيف وصلت الامور الى هذه المرحلة؟

الجواب هو التخطيط الذي قام به نتنياهو والذي تأسس على الفرضية التى يؤمن بها والقائلة (ان الحل في الازمات يكمن في زيادتها تعقيدا) وهو تماما ما فعله على ارض الواقع، وهو بذلك يمارس دور المغامر والمقامر لا يعير اي اعتبار الا انه لا يريد فقدان منصبه كرئيس للوزراء ولا يريد بالتبعية لذلك المحاكمة والذهاب إلى السجن.

بكل بساطة نجح هذا الرجل بنقل ازمته المركبة الى الاقليم والعالم ونجح في توريط ادارة بايدن بما خطط له من خلال جرها من الناحية العملية الى حرب اقليمية واسعة باتت شبه مؤكدة في الوقت الذي كات فيه هذه الادارة تحذر من الذهاب الى مرحلة كهذه.

الخلاصة أن نتنياهو نجح في خلق واقع جعل واشنطن مضطرة الى المشاركة في حرب اقليمة واسعة على عكس ما أعلنته إدارة بايدن على مدى اكثر من 300 يوما وهو انها لا تريد توسيع هامش الحرب في غزة ولكن المحصلة النهائية تقر أن هذا الكاذب والمراوغ نتنياهو نجح في جر المنطقة الى ما يريد هو وليس اي طرف اخر.

هل ستنجح خطته أم لا؟

لننتظر!!

Back to top button