لماذا تجاهُل أكبر حرب قبل غزة وأوكرانيا؟
بقلم: حمزة عليان
النشرة الدولية –
كأن ما يحدث في السودان شأن داخلي ليست له أهمية، ومن يراقب تطور الحرب في هذا البلد وما آلت إليه تنتابه حالة من الصدمة، نظراً لما تسببت به الأحداث من كوارث مفجعة تفوق بضحاياها أهم حربين عالميتين تدور رحاهما الآن، الأولى في قطاع غزة وفلسطين، والثانية بأوكرانيا.
لم تحظ الحرب في السودان باهتمام الإعلام والرأي العام، لا في الإعلام العربي ولا في المجتمع الدولي، لدرجة تدفعك للسؤال: هل «الإنسانية» وجهة نظر، أم ان هناك تعتيماً وتجاهلاً مقصودين؟ السودان يواجه خطر التمزق والتقسيم والتفتيت إذا لم يتغير النهج الدولي والإقليمي بكيفية التعامل معه، وإجبار القوى المتصارعة على القبول بحل وتسوية تحفظ البلد.
حرب الجنرالات مستمرة منذ أبريل 2023 فيما هو صراع على السلطة والحكم، أقرب إلى أن تكون حرباً أهلية، والفرق هنا أن المتقاتلين عسكر والضحايا مدنيون.
منذ سنة وخمسة أشهر لم تتوقف المعارك والمواجهات التي تتنقل بين الولايات لتحصد الآلاف من الضحايا، من دون أن تظهر بارقة أمل بالحل… جنرال ضد جنرال، ووراء كل واحد قوة عسكرية ضاربة، حيث غلب على الصراع العسكري طابع الشخصانية وإثبات الوجود… والقول «أنا من يحكم السودان ولست أنت»! ووسط ضياع بادعاء الشرعية، وبمن يملك المرجعية في إدارة الدولة.
بين البرهان وحميدتي حرب طاحنة، أين منها حرب داحس والغبراء؟ تحمل عنوانين هما مصدر الخلاف والاختلاف، الأول: الخلاف على ضم قوات الدعم السريع (100 ألف عنصر) إلى الجيش، ومَن سيتولى، والثاني: عن قبول القيادة العسكرية الحاكمة نقل السلطة إلى المدنيين.
حجم خسائر الحرب إلى الآن مفزع ويفوق بكثير حربَي غزة وأوكرانيا، وتقديرات الوضع الحالي تقول إن هناك:
– 150 ألف قتيل معظمهم من المدنيين.
– 12 مليون نازح، منهم 10 ملايين داخل السودان ومليونان خارج الحدود.
– 25 مليون نسمة يواجهون أسوأ أزمة جوع في العالم، أي أكثر من نصف السكان البالغ عددهم 42 مليون نسمة، 18 مليونا منهم يتعرضون فعلياً لانعدام الأمن الغذائي.
– 25% من المرافق الصحية والمستشفيات لا تعمل، والنظام الصحي على وشك الانهيار الكامل.
– 3.5 ملايين طفل يعانون سوء تغذية، يتوقع أن يموت أكثر من 222 ألف طفل جوعاً إذا لم تتوقف الحرب، أي أن هناك جيلاً كاملاً من الأطفال تم تدميره.
– 800 ألف معاق ومسنّ يواجهون خطر الموت، بسبب نقص المساعدات والإمدادات الطبية.
وماذا بعد؟!
من ينقذ السودان من هذا الهلاك؟ هل لدى الروس والصينيين والأميركان قرار بالإنقاذ؟ لا تأثير للعرب والأفارقة في التوصل إلى تسوية، فهُم خارج المعادلة، وأقصى ما يمكن أن يصدروه هو بيانات وتوصيات وتمنيات تدعو إلى الحل السلمي، وإن كانت خطة الطريق التي وضعها الاتحاد الإفريقي لاتزال حبراً على ورق!
اسألوا عن المستفيدين والممولين والداعمين لهذه الحرب… فربما يكمن عندهم الجواب!