بيروت يا غزة: الاجتياح الإسرائيلى يرد على ضربة إيران.. السفاح خائفًا
بقلم: حسين دعسة

النشرة الدولية –

تنشغل عواصم عدة فى العالم بما سيكون عليه الحدث الأبرز عسكريًا وأمنيًا بين قوى تراقب الصراع الحربى الذى يمتد من غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، وصولًا إلى الجنوب اللبنانى ووسط بيروت، المؤشرات: انتقال ساحات المواجهة إلى تل أبيب- طهران، وربما اختلاف أشكال التصعيد العسكرى والأمنى المفتوح دون قيود، إلى دول المنطقة والشرق الأوسط.

فرض التصعيد وما يرافقه من حرب نفسية، سردية حرب مختلفة، والمعلومات التى تتسرب من كل العواصم، تؤشر لتنسيق الرد الإسرائيلى على إيران، منها طبيعة الحراك الدبلوماسى الإيرانى، العربى، عدا عن الدبلوماسية الأمريكية الأوروبية التى تعمقت خلال الأيام الماضية، التى كشفت، بما لا يدع للشك مكان، عن أن حكومة دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية، اليمينية المتطرفة، فتحت اتصالاتها الموسعة مع الإدارة الأمريكية والبنتاجون، وبرز اتصال هاتفى بين السفاح نتنياهو والرئيس بايدن، حسبما نقل موقع «والا» الإسرائيلى عن مسئولين أن السفاح نتنياهو «مرعوب وخائف»، وأنه أجرى اتصالًا هاتفيًا مع الرئيس الأمريكى بايدن لتنسيق الرد الإسرائيلى على إيران.

بايدن، أيضًا، يلاحق الحدث، منذ يوم الهجوم الصاروخى الإيرانى على دولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى، واصفًا الضربة الإيرانية بالقول: «العواقب بالنسبة لإيران ليست معروفة بعد، وسأتحدث عنها مع نتنياهو».

الحدث أشغل الإدارة الأمريكية والبنتاجون، فى وقت مزدحم بالنسبة لمسار الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مستشار الأمن القومى للبيت الأبيض «جيك سوليفان» كشف عن أن «إيران أطلقت 200 – الرقم متذبذب، غير معلن تمامًا – صاروخ باليستى على إسرائيل، وكانت الولايات المتحدة تنسق مع الاحتلال لمساعدته فى التعامل مع الهجوم واعتراض الصواريخ».

متغيرات الحدث، جعلت السفاح نتنياهو، وجيش الكابينيت يقع فى مخاوف تاريخية، إذا أن المواجهة مع إيران كشفت عن الداخل الإسرائيلى الهش، رغم عمليات الانتقام التى طالت غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، عدا عن مقدمات الاجتياح البرى للجنوب اللبنانى ووسط العاصمة اللبنانية بيروت.

 

* إيران ترصد الحدث القادم

وزير الخارجية الإيرانى عباس عراقجى قال إن بلاده ترصد تطور الحدث، وقال: «هناك احتمال لاستمرار المواجهة مع إسرائيل فى الأيام المقبلة وقواتنا على أهبة الاستعداد»، «قواتنا مستعدة لأى إجراءات محتملة من الكيان الصهيونى»، و: «أى عمل جديد من قبل الكيان الصهيونى أو من داعميه سيواجه برد أكثر شدة».

فى ذات السياق، الرئيس الأمريكى بايدن، الجمعة، ألمح إلى أن: «الفرق الأمريكية والإسرائيلية لا تزال تناقش الرد على إيران».

.. وكما هى التوقعات الغربية، أمريكا قالت: «لن نتخذ قرارًا فوريًا مع إسرائيل بشأن إيران وننتظر نتائج مزيد من المناقشات».

بمعنى أن الجيوسياسية الأمنية، تحتم: «يجب التفكير فى تجنب ضرب حقول النفط الإيرانى»، وهذا يدل على تخوف من نقص تمرير الطاقة والنفط حول العالم، وبالذات إلى بعض الشركات التى تعمل بالسر وتشترى النفط الإيرانى فى الأسواق العالمية الموازية، والشتاء على الأبواب.

.. والواضح سياسيًا وأمنيًا، أن الإدارة الأمريكية والبنتاجون والغرب، كما توقعت «الدستور» بعد الضربة الإيرانية على الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى، تعمل على تكوين حلف دولى ضد إيران، لهذا قال بايدن: «سأعمل على حشد العالم لتحقيق السلام فى الشرق الأوسط».

بينما تخطط إسرائيل، بعد الموافقة الأمريكية والغربية لرد قوى على إيران يشمل منشآت نفطية ونووية.

 

* وحدة الجبهات وتثبيتها.. خيال أم حقيقة؟!

لا يمكن فرض حقيقة بقوة السلاح فقط، المنطق هنا يضيح، أو يضلل الحقائق، ما يتوازى مع الحدث، أن إيران، بعد ضربة الصواريخ الباليستية، جددت الكلام الشائك حول «وحدة الجبهات وتثبيتها»، وفق رؤيتها الأيدولوجية للحرب.

.. وإيران الدولة والحرس الثورى الإيرانى، تدرك أن الحدث المعركة وما يتبعها، كانت حرب الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الاستعمارية، كما هى الحرب التى أرادتها دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية.

اغتيال القيادات والشخصيات الكبار الكوادر فى المقاومة الفلسطينية واللبنانية، بالذات من حركة حماس وحزب الله، والحرس الثورى الإيرانى، جعل ربط أو تثبيت محاور المقاومة والإسناد، وكل الجبهات، عملية صعبة، قد لا يكون من نتائجها إنهاء الحرب فى أى جبهة، لأن جيش الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى، والكابينيت، يقودها السفاح نتنياهو، ما جعل الجبهات تشتعل من العام، بعد بدء حرب المقاومة التى أطلقتها حركة حماس بعد السابع من أكتوبر الماضى.

.. والحدث يتدحرج، الحرب الشاملة ما زالت واردة، تحديدًا بعد استمرار حرب الإبادة الجماعية والتهجير ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية مع تدمير غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، وبدء الاجتياح البرى فى جنوب لبنان، وصولًا إلى هجمات يومية داخل لبنان ووسط بيروت، إلى حد أن التحليلات السياسية والأمنية تقول: أى شخصية تستعد لتولى منصب معين فى حزب الله، باتت مشروع شهيد، وربما نذكر أنه: فى الأيام الأولى لاندلاع المواجهات خرج الأمين العام لحزب الله، الشهيد السيد حسن نصرالله، قائلًا إن كل المقاتلين على الحدود هم مشاريع استشهاديين.. ويلتقط المحلل السياسى فى بوابة المدن اللبنانية منير الربيع، الحدث من جانب أخطر فيقول: اليوم تريد إسرائيل تغيير المعادلة بالقول إن كل المسئولين أو المستعدين لتولى المسئوليات من منصب أمين عام وما يليه سيكونون عرضة للتصفية والاغتيالات؛ عندما تبدأ الحروب بهذا الشكل، يعنى أهدافها ومراميها بعيدة جدًا.

 

.. وينظر المحلل إلى المسألة من زاوية مختلفة مؤكدًا: ليست إسرائيل فى وارد التراجع، ولا يبدو أى تحرك دولى جدّى قادر على لجمها أو يعارضها بشكل فعلى؛ تريد استدراج دول المنطقة كلها إلى هذه الحرب، ولا تريد إيقافها عند حدود لبنان.

 

* جنون العظمة.. معركة السفاح تحت العين الأمريكية

لنقل إن الأحداث جعلت دولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى ترتبط مع حكومة السفاح نتنياهو اليمينية المتطرفة، الارتباط ولّد جنون العظمة، وبين تطور مجزرة أو عملية اغتيال، السفاح أظهر للغرب والإدارة الأمريكية والمنظمات والقوى الصهيونية اليهودية أنه قادر على فتح كل الجبهات، مصادر السلاح متوفرة والدعم اللوجستى، وهذا يمكن تطبيق نماذج حرب وإبادة غزة ورفح والشجاعة والنصيرات وخان يونس ممكنة التطبيق فى الجنوب اللبنانى، وكل لبنان، وقد تشمل جبهات سوريا، العراق، واليمن، ولكى يخفى السفاح مخاوفه، أقنع نفسه بأنه محرر المنطقة والشرق الأوسط، والهدف المعلن، المعركة مع إيران وتطويقها وتقويض نفوذها أو تغيير سلوكها ونظامها، كان فى الأمر أرادت أخرى يتابعها الغرب، وما يجرى من مجازر وضربات لسلاح الجو الإسرائيلى داخل لبنان، الضاحية الجنوبية والبقاع، وصولًا إلى الحدود السورية فى المصنع، يؤكد أن حال بيروت يتجه إلى أسوأ من إبادة غزة ورفح.

ما يجرى فى لبنان، يدرك المحلل الربيع، هو: تكرار لما اعتمدته دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية إسرائيل فى غزة ورفح والضفة الغربية والقدس.

كيف تم ذلك، يحدد المحلل الربيع النقاط التالية:

* 1:

عندما اتخذت دولة الاحتلال قرارًا بشن العملية البرية فى القطاع والبدء بشماله، استمرت على مدى 27 يومًا فى عمليات القصف وبعض التسللات والتوغلات البرية من قبل فرق وقوى هندسية واستطلاعية بالنار ووقعت اشتباكات بينهم وبين فصائل المقاومة، قبل التكثيف النارى الكبير تمهيدًا للاقتحام والدخول. السيناريو نفسه يتكرر فى لبنان مع فارقين أساسيين، تكبيد القوات المتوغلة خسائر كبيرة، وتجهيزات حزب الله العسكرية ومخزونه كبير جدًا، وثانيًا يمتلك الحزب طرق الإمداد المفتوحة على مناطق متعددة فى الجنوب والبقاع وصولًا إلى سوريا، لذا بدأت إسرائيل محاولاتها لإطباق الحصار البرى والجوى والبحرى.

* 2:

تكثف إسرائيل من استهداف فرق الإنقاذ والإسعاف والدفاع المدنى، فى محاولة لمنع حصول أى عمليات إنقاذ وإفقاد المقاتلين- بمن فى ذلك المدنيون- الأمل وتقطيع أوصال الإمداد الطبى، بالإضافة إلى استهداف مقرات هذه المؤسسات فى مناطق سكنية وتدميرها بالكامل كإشارة إلى عدم الاستعداد للتراجع وللضرب من دون أى مراعاة للعناصر البشرية.

* 3:

تعمل دولة الاحتلال الإسرائيلى على إجهاض كل المحاولات السياسية أو الدبلوماسية للبحث عن صيغة حل أو اتفاق ينهى الحرب ويعيد الاعتبار لتطبيق القرار 1701، فيما يطالب الإسرائيليون بتطبيق القرار 1559 ونزع سلاح حزب الله وتغيير الوقائع والموازين السياسية. وهو ما تقوله فى غزة أيضًا حول تدمير حركة حماس عسكريًا وعدم السماح ببقائها سياسيًا للسيطرة وإدارة القطاع.

* 4:

كل محاولات وحوار الدبلوماسية الأمريكية تجاه العملية العسكرية الإسرائيلية فى لبنان يتطابق بشكل كامل مع الكلام الأمريكى تجاه غزة، إذ يتم تقديم كل المبررات لتل أبيب فى مواصلة عملياتها العسكرية لتحقيق أهدافها، خصوصًا مع تشديد المتحدثين الرسميين الأمريكيين على توصيف حزب الله بالمجموعة الإرهابية وبأنه من حق إسرائيل أن تواجهها.

.. من كل هذا الأفق الدانى، والتصعيد اللا محدود، تجديد الحديث من إيران بعد تأثيرات ضربة الصواريخ الباليستية حول «وحدة الجبهات»، وهو فى القياس المنطقى السردية حرب المقاومة، أو حرب الدول، غير ممكن نظريًا ولا عمليًا لظروف أن الجبهات هى عمل مقاومة مسلحة وهى منظومة أمنية واجتماعية معقدة، ولعل تثبيت هذه المعادلة، سياسيًا وأمنيًا، غير عسكرى، يؤدى إلى مرحلة ما يتم فيها منع الاحتلال من تحقيق أهداف مؤقته أو/ ولمنعها من الانتصار، وهو ما تطابق فى الرسائل الموجهة فى موقف مرشد الجمهورية الإسلامية السيد على خامئنى، ووزير الخارجية عباس عراقجى. بالنسبة لإيران كما مع حزب الله وحركة حماس، وأن هدف دولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى من هذه الحرب والاغتيالات والإبادة الجماعية لتفكيك الجبهات وعزل قوى محور الإسناد والمقاومة عن بعضها البعض، وهنا الخطر والتصعيد الأكثر دموية:

الصراع حول مستقبل غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، كما الجنوب اللبنانى، ما تنبش فيه دولة الاحتلال تواصله وتعمل، حركة حماس وحزب الله، مع إيران الحرس الثورى على مواجهته، تلك المواجهة- الحرب المفتوحة، ما سيجعل الإبادة أطول وأقسى، إذا ما بقيت الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الاستعمارية على ذات الدعم والحماية العسكرية لجيش الاحتلال والكابينيت الدموى، بوجود السفاح نتنياهو، الذى بات مرعوبًا خائفًا من نوايا ايران.

 

* ماذا لو تجرأ السفاح نتنياهو وضرب المنشآت النووية الإيرانية؟!

 

إذا عدنا إلى تسريبات «أكسيوس» الإخبارية الأمريكى، نجد أنها تؤكد أن دولة الاحتلال سترد بقوة على الهجوم الصاروخى الإيرانى، الرد سيكون فى غضون أيام، ويستهدف منشآت نفطية داخل إيران.

.. وربما يسعى الإعلام الأمريكى والغربى، بما فى ذلك الإعلام الإسرائيلى، إلى التحذير من حرب إقليمية شاملة وأن إسرائيل ستشن «ردًا قويًا» على الهجوم الصاروخى، والرد ضد منشآت إنتاج النفط داخل إيران ومواقع استراتيجية أخرى.

وسط ذلك جاء تهديد رئيس أركان الجيش الإيرانى الجنرال محمد باقرى بضرب «كل البنى التحتية» فى إسرائيل إذا ما هاجمت الأخيرة بلاده ردًا على إطلاق إيران مساء الثلاثاء حوإلى 200 صاروخ باليستى فرط صوتى على إسرائيل.

«باقرى»، رسميًا عبر التليفزيون الحكومى، لفت إلى أن القصف الصاروخى الذى تعرضت له إسرائيل مساء الثلاثاء الماضى «سيتكرر بقوة أكبر، وكل البنى التحتية للكيان الإسرائيلى سيتم استهدافها».

.. وما بين انشغال السفاح نتنياهو فى معادلات الاجتياح البرى للبنات، والخوف من القادم، جميع الخيارات فى المنطقة تراقبها الإدارة الأمريكية والبنتاجون، وهى ستكون على الطاولة، بما فى ذلك خيار الضربات على المنشآت النووية الإيرانية، المفروض- على الأقل فى هذه الحرب- أمريكيًا وأوروبيا، عدا عن مخاوف دول المنطقة بالذات الخليج العربى، وكل الشرق الأوسط، لموانع التلوث النووى الذى لا يمكن السيطرة عليه.

 

* إذا تمت الضربة الاحتمالات كارثة.. كيف؟!

مساحة الحرب من غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، إلى الجنوب اللبنانى بيروت وصولًا إلى الحدود السورية فى حدود المصنع الذى دمره الاحتلال الإسرائيلى، التوقع أن خوف نتنياهو سيضع العالم أمام ضربة مختلفة على الدولة الإيرانية، ووفق المصادر ستكون:

* أولًا:

ضرب منشآت النفط الإيرانية كهدف محتمل.

*ثانيًا:

إن الاغتيالات المستهدفة وتدمير أنظمة الدفاع الجوى الإيرانية هى أيضًا احتمالات واردة.

* ثالثًا:

غارات جوية من طائرات مقاتلة، فضلًا عن عمليات سرية مماثلة لتلك التى اغتالت زعيم حماس الشهيد إسماعيل هنية فى طهران.

* رابعًا:

سترد إسرائيل بمفردها، وهى تريد تنسيق خططها مع الولايات المتحدة بسبب التداعيات الاستراتيجية للموقف.

* خامسًا:

أى هجوم إيرانى آخر ردًا على رد إسرائيلى سيتطلب تعاونًا دفاعيًا مع القيادة المركزية الأمريكية، والمزيد من الذخائر للقوات الجوية الإسرائيلية وربما أنواع أخرى من الدعم العملياتى الأمريكى.

 

 

* «مغامرة خطيرة فى لبنان».. هذا ما قيل فى أمريكا عن السفاح نتنياهو؟

ما زالت الرؤية فى المنطقة تخضع لتحولات الحدث اليومية، بين استمرار التعنت الإسرائيلى الصهيونى باستمرار الحرب العدوانية على قطاع غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، كما على جبهة لبنان وحزب الله، وملاحقة محور المقاومة ومحور الإسناد فى العراق واليمن وسوريا، كارثة الاجتياح الفعلى للجنوب اللبنانى، وتهديد كيان الدولة اللبنانية، فى ذلك ما كشفت عنه مجلة «بوليتيكو» الأمريكية بأن اغتيال أمين عام «حزب الله»، الشهيد السيد حسن نصرالله، شجع رئيس وزراء حكومة اليمين المتطرف السفاح نتنياهو على التفكير ضمن نطاق واسع فى إعادة صياغة الشرق الأوسط بشكل أكثر ملاءمة لإسرائيل، بالطبع هذا التفكير الصهيونى يعزز خوف نتنياهو من مستقبله السياسى الذى انهار، وسط ألاعيب سياسية وأمنية وعسكرية، كان يمكن أن تنهار لولا الدعم العسكرى والاقتصادى والأمنى الأمريكى والغربى وقوى المنظمات اليهودية الصهيونية فى الولايات المتحدة وأوروبا والعالم.

«بوليتيكو»، ألمحت إلى أخطاء فى مسيرة حرب الإبادة الجماعية والتهجير، التى قررها الكابينيت، والتطرف التوراتى، وقالت المجلة: إنه بالنسبة للإسرائيليين، كان نصرالله المسئول عن مقتل المئات من الإسرائيليين والأمريكيين، وغيرهم خلال العقود الثلاثة التى قضاها أمينًا عامًا للحزب، ما أنتج أفكار السفاح عن إمكانية:

تقويض إيران

وإن السفاح، وضع هدفه النهائى تقويض القيادة الدينية فى طهران، وإسقاط الإيرانيين الذين يمولون حركة حماس وحزب الله والمتمردين الحوثيين فى اليمن، وقالت: «إن طموحات نتنياهو تحمل صدى الفرصة، التى لا تتكرر إلا مرة واحدة فى كل جيل، التى تحدث عنها الرئيس الأمريكى السابق جورج دبليو بوش، عندما شرع فى تنفيذ واحدة من أكثر الأجندات السياسية طموحًا فى أى إدارة الأمريكية حديثة».

«بوليتيكو» لها نظرة إلى الحدث، وهى ترى أن هذا المسار عسكريًا وأمنيًا محفوف بالمخاطر، ذلك أن الغزوات الإسرائيلية- تقول مصادر المجلة- للبنان لم تنته قط بسلام، وربما يكون التوغل الإسرائيلى المباشر فى لبنان، على نطاق محدود ومساحة جغرافية محدودة، ضربًا من الوهم، وقد تكون النتيجة مستنقعًا.

تنقل المجلة، بحياد شكلى، انتقادات رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق، إيهود أولمرت، لخطط السفاح نتنياهو، قائلًا: «لا أفهم ما هى الاستراتيجية هنا على وجه التحديد. لا بد أن يكون هناك شىء أكثر من مجرد إرسال الدبابات عبر الحدود، لتبرير الاستراتيجية التى تكمن وراء هذا».

وحول التوغل البرى للبنان، أوضح: «لقد كان نصرالله رئيسًا لمنظمة وحشية، وكان يستحق هذه العقوبة، لكن الآن يتصرف نتنياهو على هواه».

وأضاف متسائلًا: «إلى أين يقود هذا التوغل؟ لا ينبغى لأحد أن يشك فى أن القوات الإسرائيلية قادرة على شق طريقها إلى نهر الليطانى. وماذا بعد ذلك؟ ما هى النهاية؟ هل سنبقى هناك إلى الأبد لحماية الجزء الجنوبى من إسرائيل؟ هل سنفكر فى بناء مستوطنات فى جنوب لبنان فى غضون ذلك؟».

 

* الاجتياح البرى يعزز خوف نتنياهو.. التطرف يغرقه

فى المؤشر، حالة الحرب فى قطاع غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، تختلف عن الحرب فى جبهة الجنوب اللبنانى، ففى التاريخ القريب: ألحق غزوان إسرائيليان آخران لجنوب لبنان، عامى 1978 و2006، أضرارًا جسيمة بلبنان، لكنها لم تحقق مكاسب أمنية دائمة للمستعمرات اليهودية فى شمال دولة الاحتلال، على الحدود اللبنانية الفلسطينية المحتلة.

السفاح فى خوفه، يريد تكرار تلك الحروب، و من المرجح أن تشبه حرب إسرائيل الأخيرة فى لبنان حملتها ضد حماس فى غزة، كما تقول رئيسة برنامج الشرق الأوسط فى مؤسسة تشاتام هاوس البحثية فى المملكة المتحدة، لندن «صنم وكيل»: فى غزة، استخدم الجيش الإسرائيلى الغارات والضربات الجوية لتدمير أكبر قدر ممكن من قوة حماس القتالية وأسلحتها ونظام الأنفاق، فى حين احتفظت بممرين عبر القطاع.

.. وعلى ذلك: «كما هو الحال فى غزة، أتوقع أنهم سيستخدمون تهديد الوجود الطويل الأمد كأداة مساومة فى المفاوضات». وأضافت أن التوغل من شأنه أن يتحول بسهولة إلى احتلال ممتد لمنطقة عازلة، وهو ما سيساعد حزب الله على حشد صفوفه.

.. ويعنى الاجتياح البرى، ضمن نطاق الوضع الحالى، فى الهدف النهائى، الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى لبنان يشمل انسحاب حزب الله من جنوب لبنان ونزع سلاحه، فى حين تتولى قوات الحكومة اللبنانية وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة السيطرة على منطقة الحدود بين لبنان وإسرائيل.

.. وهو تصور بعيد المدى، قد يطيل أمد الحرب فى غزة ورفح والضفة الغربية والقدس أولًا، وفى جنوب لبنان، ويمتد إلى اجتياح داخل بيروت والمخيمات الفلسطينية فى كل لبنان.

.. أى أن دبلوماسية المجتمع الدولى والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، وكل الوسطاء والمنظمات والقوى العربية الدولية والأممية، ستكون عاجزة عن مفاوضات وقف لإطلاق النار فى لبنان، أو فى غزة، فقد تزامنت أشكال الحرب وازدد التصعيد الإقليمى، ما يجعل من الحدث مراهنا لما سيأتى من صراع إيران، إسرائيل المنظور، مع صراع حركة حماس، وحزب الله الذى لم ينته، إذ أن ضربة الصواريخ الباليستية عززت بعض منافذ القوة، والنظرة التى يمكن أن تبدو إذا ما نجح المجتمع الدولى والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، التوافق مع الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، ودول المنطقة، على حلول تفتح ملفات إدانة دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية أولًا، قبل البحث عن قوى ووفود تقود جولات المفاوضات التى حتمًا ستكون صعبة وقد تفشل، ما قد يغيير من الداخل والشارع الإسرائيلى الذى يتفرج.

.. فى الجيوسياسية الأمنية، كل احتمالات اشتعال المنطقة واردة، السكون الأمريكى وغياب قوة القارة الأوروبية العجوز، وغياب إرادة عربية إسلامية، تفهم مستقبل انحدار دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية، بعد إبادة غزة، دخولها المرتقب إلى عمق بيروت، والسيطرة التامة، برغم الإيمان بأن محور المقاومة، التنسيق بين حماس وحزب الله، والفصائل فى لبنان، ستكون على موعد مع تصعيد أكبر بكل السيناريوهات، التى لا رهان عليها فى المرحلة الآنية، مثلما عاشت غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، حالة من عدم الحياة المجاعة، الخوف من دخول الحرب العدوانية الاسرائيلية على جنوب لبنان وكل الأراضى اللبنانية، لتطلق مسارات إعلان جيش العدو الإسرائيلى عن أنه بدأ عملية برية «محدودة: وهى فى الحقيقة شاملة» جنوبى لبنان، وصلت عمليات بسلاح الجو إلى وسط بيروت، وقد حشدت دولة الاحتلال 4 ألوية مدرعة ومثلها ألوية مشاة وفقًا لقرار المستوى السياسى، فى جيش الكابينيت، ولعل ذاكرة الشعب اللبنانى مع محور المقاومة لا ينسى تلك المشاهد والأحداث التى تمت عبر الاجتياح البرى فى العامين 1978 و1982، والانسحاب فى العام 1985، وحربى 1993 و1996 وتحرير جنوب لبنان فى العام 2000، ثم عدوان تموز 2006.

ومع كل هذه، هناك عشرات الأسئلة التى توقف عندها أجوبة الحاضر:

ما حدود التوغل البرى؟ وما قدرة الجيش الإسرائيلى على تفكيك بنية حزب الله؟ وهل تبقى البنى التحتية اللبنانية بمنأى عن الاستهداف؟ وهل يواجه الجيش الإسرائيلى إخفاقًا كبيرًا على الأرض فى الجنوب فيعمد إلى فرض حصار برى وبحرى وجوى على لبنان؟

* أى رهان قادم فاشل.. الخائف مدمر

قالها علم الاجتماع وعلماء النفس، الذين أنجبتهم الحربان العالميتان، الأولى والثانيج؛ ذلك أن سردية الحرب، لها رواتها، والامر خارج نطاق الرهان على الدبلوماسية التى تلعب فى الخفاء، ومن يلعب من الخائف السفاح نتنياهو، لن يقدر على مفاوضات وقف الحرب، على ذلك لا وقت لشراء الوهم، لذلك من المتوقع أن تستمر الحرب فترة طويلة، تتغير فيها الرئاسة الأمريكية، الأوروبية، وربما تنهار الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، وسط ضغوط، المعاناة فيها أن دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية دولة يهودية، حولت مشاكلها ضد المقاومة وضد الحق الفلسطينى فى الوجود، ما جعل كبار الكتاب والمفكرين يربطون أزمة الحرب، بذلك البعد «الدينى والمسيحانى» لهذه الحرب التى لا نهاية لها، فما كان من المفكر الفرنسى «فرانشيسكا دى فيلاسموندو» ، يقول: «يتم تصدير حرب إسرائيل ضد حماس فى قطاع غزة إلى لبنان. والهدف هو تدمير حزب الله، ولكن كما هى الحال فى القطاع الساحلى الفلسطينى، فإن السكان المدنيين هم الذين يدفعون الثمن الباهظ للحرب (المسيحية) الإسرائيلية».

 

.. ولفت «دى فيلاسموندو»، إلى أن: «الشرق الأوسط على مفترق طرق: هدوء أو حرب شاملة

فى غضون أيام قليلة، وقعت أحداث خطيرة عديدة ذات عواقب وخيمة فى الشرق الأوسط، وخاصة فى لبنان. ومن الممكن أن يقلبوا الصراع الحإلى بين إسرائيل من جهة وحماس وحزب الله من جهة أخرى إلى حرب شاملة فى المنطقة».

.. وعز المفكر الفرنسى رؤيته بالقول: «لقد قررت إسرائيل توجيه ضرباتها نحو لبنان بهدف قطع رأس حزب الله، كما تقول. وربما أيضًا لصرف الانتباه عن المقبرة الجماعية فى غزة حيث تتراكم وفيات المدنيين الأبرياء، النساء والأطفال فى المقام الأول. وبعد الاعتداء على الصافرات الذى وصفه البعض بالإرهابى لأنه طال أطفالًا ومدنيين لبنانيين عاديين؛ وبعد الهجوم المميت على أجهزة الاتصال اللا سلكى، الذى لا يزال فى لبنان، كان الهجوم بالقنابل، الذى أدى تأثيره إلى تدمير العديد من المبانى وتسبب فى سقوط مئات الضحايا المدنيين فى جنوب بيروت، هو الذى قتل حسن نصرالله، زعيم حزب الله».

لهذا؛ حاول نتنياهو، حسب المفكر الفرنسى، التقليل من عنف أى عمل ضد دولة ذات سيادة، ولم يكن خطابه أمام الأمم المتحدة فى 27 سبتمبر أقل «حربًا»: فقد أعلن عن أن لبنان سيعانى فى الواقع مصير غزة، لأنه ادعى أن الحركة الإسلامية تختبئ وأسلحتها فى المنازل والمدارس والمستشفيات؛ ويترتب على ذلك، كما حدث فى قطاع غزة، أن كل هذه البنى التحتية سيتم التعامل معها كأهداف عسكرية، بغض النظر عن أن المعسكر المعارض حتى الآن يحترم قواعد الحرب، ويستهدف الأهداف العسكرية.

.. وبكل جرأة فكرية، قال «دى فيلاسموندو»: «يمر الشرق الأوسط بأخطر لحظة فى تاريخه».

«العالم أصبح (أكثر أمانًا) بعد اغتيال نصرالله»، هكذا علق أحد أسوأ وزراء الخارجية فى تاريخ الولايات المتحدة، الكارثى تونى بلينكن. وكلامه يؤكد هذا الحكم تمامًا، نظرًا لأن الشرق الأوسط يمر بأخطر لحظة فى تاريخه، مع الأخذ فى الاعتبار أيضًا الأسلحة النووية الإسرائيلية، مع مخاطر واضحة على العالم أجمع؛ وبالتإلى فإن اغتيال نصرالله، الذى كان دائمًا يخفف من التوجهات الأكثر عدوانية لحركته، قد يتحول إلى حداد على إسرائيل، حيث يبدو أن كل هذا يفتح المجال أمام سيناريو تم تجنبه حتى الآن، مع وابل مستمر من الصواريخ على أراضيها. «من يزرع الريح يحصد العاصفة» يقول المثل الكتابى. ومع ذلك، كانت السلطات الإسرائيلية على علم بأن الهجوم كان سيؤدى إلى مثل هذه النتيجة، وليس من قبيل الصدفة أن الاسم الرمزى للعملية كان «نظام جديد»، كما ذكرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» تفاصيل عن إسرائيل. وتأمل إسرائيل ومؤيدوها العدوانيون فى الخارج أن يحققوا ما حاولوا وفشلوا فيه فى حرب عام 2006 ضد حزب الله. إن ما كان يسمى آنذاك «الفوضى البناءة» انطلقت لتتمكن الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل من إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وفقًا لاحتياجاتها وأهدافها الجيواستراتيجية، أيضًا، كتب الدكتور «بيير آلان ديباو»، حول أبحاث المفكر الفرنسى.

كما نشرت صحيفة «جيروزاليم بوست» مقالًا مثيرًا للاهتمام حول الدوافع العميقة للوحشية الإسرائيلية فى غزة والضفة الغربية، والغزو المستمر للبنان، والتفجيرات التى نفذت على سوريا، وتهديداتها ضد العراق. كل هذا يتوافق مع رغبة الحكومة الإسرائيلية الحالية فى تحقيق الرؤية المسيحانية لـ«إسرائيل الكبرى».

ومع ذلك، قال «ديباو»: إن اعتراف صحيفة «جيروزاليم بوست» أعقبه تراجع عن المقال ورقابة، ولا شك أن التوقيت يعتبر توقيتًا سيئًا. ولا ينبغى لكثير من الناس أن يفهموا الخطة الإسرائيلية فى وقت مبكر جدًا. وعلينا أن نستمر فى تغذية الديوك الرومية بالذرائع التى تجعلها تصفق للرعب المستمر.

فالمقال المحظور والدوافع الحقيقية للإبادة الجماعية فى غزة وعملية غزو لبنان التى نفذها الجيش الإسرائيلى. كل شىء واضح: إنهم يعتبرون لبنان جزءًا من «أرض إسرائيل الموعودة».

 

* وثيقة مهمة: نص توراتى يعتمده السفاح نتنياهو

«فى ذلك اليوم أجعل رؤساء يهوذا كمشعل من الحطب كمشعل لهيب فى الحزمة. فيأكلون جميع الشعوب الذين حولهم عن اليمين وعن اليسار، وتبقى أورشليم فى مكانها فى أورشليم. فى ذلك اليوم يقيم الرب سورًا حول سكان أورشليم، فيكون المتردد بينهم مثل داود فى ذلك اليوم، ويكون بيت داود مثل الله، كملاك الرب أمامهم. ويكون فى ذلك اليوم: أنى أسعى لإبادة جميع الشعوب القادمين على أورشليم. وأفيض على بيت داود وعلى سكان أورشليم روح النعمة والتضرع، فينظرون إلىّ أنا الذى طعنوه».

زكريا 12: 6-10

من المقرر أن تتحقق النبوءات، ومن المحتمل أن هذه النبوءة ستأتى قريبًا. حان وقت الصلاة.

…. لا مؤشرات قريبة على الرد الإسرائيلى ضد ضربة إيران، ومصادر وزارة الخارجية الأمريكية، «بلينكن» كتب فى مقال بمجلة «فورن أفيرز»، التى يصدرها الأطلسى الجديد: إدارة بايدن تعمل لإيجاد حل ديبلوماسى يمكن إسرائيل ولبنان من العيش فى أمان.

فى الوقت ذاته واشنطن أرسلت ثلاث رسائل لطهران خلال نصف ساعة عن طريق بغداد، والخبر يحرك ساكن الأزمة:

وأضافت وكالة أنباء «بغداد اليوم»، التى أوردت النبا نقلًا عن المصدر المذكور الذى لم تسمه، أن أمريكا رصدت القدرات الإيرانية المتزايدة فى مجال الصواريخ بما فيها الصواريخ فرط الصوتية التى أثارت قلق أمريكا الجاد.

وأضافت الوكالة، نقلًا عن مصدر عراقى مطلع، أن القلق الأمريكى من الصواريخ فرط الصوتية الإيرانية ناجم عن أن منظومة باتريوت وباقى منظوماتها الدفاعية غير قادرة على اعتراض هذه الصواريخ.

وتابع أنه لهذا السبب أرسلت أمريكا ثلاث رسائل إلى أيران عن طريق بغداد، موضحًا أن محتوى الرسائل هو «لا تهاجموا قواعدنا العسكرية فى المنطقة».

وأبلغ هذا المصدر الإخبارى، وكالة «بغداد اليوم» بأن واشنطن قلقة من تقوم إيران، مع مجموعات المقاومة الإسلامية فى المنطقة، بضرب القواعد العسكرية الأمريكية فى المنطقة.

.. وكل ذا، لم يمنع الكابينيت، والمجلس الوزارى الإسرائيلى للشئون الأمنية، من اتخاذ قرار بالرد على الهجوم الإيرانى، وفقما نقلت القناة 13 الإسرائيلية، وهنا نجد كيف قام جيش الاحتلال بتكثيف ضرباته الجوية على لبنان، ومدى تعليل رغبة السفاح نتنياهو فى قتل خوفه من الآتى.

.. الرواية فى المنطقة أن الجهود العربية والإسلامية قد تتقاطع مع الرغبة الأمريكية والغربية، نحتاج وقتًا للنظر فى مخاوف التصعيد الحربى، تراه بعض الدول نهجًا للتغيير، هذه صورة الحرب فى الألفية الثالثة، إبادة حضارة وحق الشعوب فى الحياة.

زر الذهاب إلى الأعلى