صورة أخرى ليحيى السنوار
بقلم: حسين دعسة

النشرة الدولية –

الدستور المصرية –

نقف، بعد 24 ساعة من اغتيال الشهيد يحيى السنوار، نعيد ترتيب معنى الحرية، والمقاومة، والإبادة، تختلط الحقائق، تظهر صورة، بورترية ضاحك، نادر للسنوار، الذى ترك لى مكاتب أن ارسم له رؤى، وجدتها ثلاث:

*الرؤية الأولى: «موت على حرية التراب».

باستشهاد القيادى فى حركة حماس، تحديدًا فى قطاع غزة يحيى السنوار، تكون الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، دخلت فى مرحلة جديدة، لها حساسيتها على المنطقة والمجتمع الدولى، بينما خصوصيتها الداخلية، تمور فى واقع غزة ورفح الكارثى، الإبادة الجماعية مساعى السفاح نتنياهو نحو التهجير والتصفية وإعادة احتلال القطاع.

*الرؤية الثانية: «عائلات الرهائن المحتجزين فى غزة»

شكل آخر من الحرب النفسية، إذا قتلوا الحرية، السنوار خلق، وهم؛ اليهود الصهاينة بتطرفهم، قبل أن يؤكّد جيش الاحتلال الإسرائيلى استهداف السنوار، سارع منتدى: «أعيدوهم إلى الوطن الآن» الذى يمثّل عائلات الرهائن  اليهود المستوطنين من غلاف غزة وغيرهم، والمحتجزين فى غزة إلى الترحيب بـ«القضاء على زعيم حماس فى غزة»، كما ورد فى المعلومات.

المنتدى فى بيان، أطلق شرارة أنّ «عائلات الرهائن تحضّ على استخدام هذا الاختراق الكبير للتوصل إلى اتفاق فورى لتأمين عودة الرهائن، نحن ندعو الحكومة الإسرائيلية وزعماء العالم والدول الوسيطة إلى تحويل هذا الإنجاز العسكرى (..) إلى إنجاز دبلوماسى فذ»، فأى حرية لرهائن، وقد اغتالوا قياديًا، كان يتشوق لدحر العدو، وإيقاف الحرب، بينما السفاح نتنياهو، وجيش الكابنيت، كانوا أمام قادة المنتدى ولم يتحركوا، هم القتلة.

*الرؤية الثالثة:

«عندما ينافس الشوك.. القرنفل»!

فى رواية الشوك والقرنفل، التى كتبها الشهيد القيادى، رئيس حركة حماس الذى اغتيال أمس، فى موقعه فى حى تل السلطان فى غزة، كتب فى صفحة 184، من الرواية، يصف، بطريقة أو أخرى صورة للتعايش:

«فى صباح السبت الساعة الـ11:00، توقف العديد من الحافلات فى ساحة فلسطين بمدينة غزة، ونزل منها مئات اليهود، رجالًا ونساء، وبدأوا بالتجول فى المدينة وأسواقها. مجموعات مجموعات، يسيرون ويضحكون ويشترون ما يحلو لهم، يأكلون ويشربون. شارع عمر المختار، فى المنطقة التجارية التى تربط بين ساحة فلسطين وساحة الشجاعية، مكتظ بهم. يتحدثون بالعبرية، ينطقون بكلمة هنا وكلمة هناك بالعربية المكسرة. الباعة يضحكون، ويضحكون معهم».

*.. ورثة الدم

النبش فى حرية الشهيد السنوار، هو نبش فى مسار الحدث القادم فى اليوم التالى من استشهاد القيادى، الذى حجز السفاح نتنياهو جثمانه.. وبرغم ذلك، تتكشف الوثائق والحالات ومسارات الحرب، أن فى جعبة حركة حماس، أكثر من قيادى بوزن وحرية ونضال هنية أو السنوار، وهم باتوا «ورثة الدم»؛ من بينهم شقيقه.. 4 أسماء مرشّحة لقيادة حماس بعد السنوار.

 

عمليا، وقد انشغل العالم بالحدث: أكد جيش الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى، أنه جرى اغتيال رئيس حركة حماس، يحيى السنوار فى مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وذلك عقب اشتباك مسلح وقع فى إحدى البنايات التى تواجد فيها مسلحون من «حماس». وقالت إذاعة جيش الاحتلال، إن الاشتباك مع السنوار وقع بتل السلطان برفح وكان يرتدى جعبة عسكرية ومعه قيادى ميدانى آخر.

وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت، إن قياديين جرى اغتيالهما برفقة السنوار، هما محمود حمدان وهانى زعرب.

.. الشهادة مقاومة راقية، وجاء اغتيال السنوار، ليعيد، أو أعاد إلى الواجهة ملف قيادة حركة  حماس.. والآن تبحث جهات ومراكز أبحاث وتجسس ودراسات سياسية وأمنية، عن إجابة لسؤال: من هم  أبرز الأسماء القيادية، المتوقع أن تقود حركة حماس فى هذا المسار الحاسم من معركة طوفان الأقصى، هل بدأت مسارات تكميلية ترتبط مع الواقع فى جبهة جنوب لبنان؟

.. الواقع، والتاريخ السياسى، يضعنا فى دائرة ملفات قيادات كبيرة، قوية، لها حضورها:

*محمد السنوار: مسئول الأنشطة العملياتية

يعتبر محمد السنوار، القائد الكبير فى الجناح المسلح لحركة حماس، والمسئول عن جميع الأنشطة العملياتية له، اسمًا مطروحًا بقوة لخلافة أخيه يحيى السنوار.

وتولى محمد السنوار خلافة محمد الضيف، خاصة أنه شقيق رئيس حركة حماس فى غزة، وأحد أبرز القادة العسكريين للحركة، علاوة على أنه اكتسب فى الأعوام الأخيرة قوة ونفوذًا من خلال العمليات التى أشرف عليها فى القطاع.

وكما جرت العادة من المتوقع ألا تكشف حركة حماس مباشرة عن من سيخلف يحيى السنوار، بالإشارة إلى أن الحركة ومؤسساتها التنفيذية وأطرها الشورية تواصل أعمالها ولديها الآليات الفاعلة والعملية حتى فى ظل استهداف قادتها.

* خالد مشعل: الأوفر حظًا.

تشير عدة تقارير إلى أن خالد مشعل، الذى تولى منصب رئيس المكتب السياسى للحركة لحوالى عشرين عامًا منذ 1996 إلى 2017 هو الأوفر حظًا لتولى تلك المهمة.

 

ويعيش مشعل خارج غزة منذ عام 1976، ويقيم حاليًا فى قطر، واختير رئيسًا للمكتب السياسى للحركة بعد اغتيال قائدها المؤسس الشيخ أحمد ياسين، ومن بعده عبد العزيز الرنتيسى.

ونجا خالد مشعل بعد محاولة اغتيال تعرض لها فى عام 1997، فى عملية نفذها عملاء الموساد فى الأردن، وكان مشعل حاملًا الجنسية الأردنية ومقيمًا، وحُقن بمادة سامة أثناء سيره فى أحد شوارع العاصمة عمّان.

وبعد ضغوطات من العاهل الأردنى آنذاك الملك الحسين بن طلال والرئيس الأمريكى فى ذلك الوقت بيل كلينتون، سلمت السلطات الإسرائيلية ترياق «المادة السامة» التى حقن بها خالد مشعل ليتماثل للشفاء بعدها.

*موسى أبومرزوق: تأسيس المكتب السياسى

من أبرز المرشحين لخلافة السنوار موسى أبومرزوق وهو صاحب فكرة تأسيس المكتب السياسى للحركة، وأول من تولى علنًا هذا المنصب من 1992 إلى 1996 ويتكون المكتب السياسى فى حماس من 15 عضوًا.

ويُعد أبو مرزوق وجهًا معروفًا فى حماس، وأحد كبار مسؤولى المكتب السياسى للحركة.

ويتبنى أبو مرزوق نهجًا براغماتيًا فى المفاوضات، فهو يؤيد «وقف إطلاق نار طويل الأمد» مع إسرائيل، والقبول بحدود الحرب العربية الإسرائيلية لعام 1967 كحدود للدولة الفلسطينية، ولكن هذا الأمر لا يزال محل خلاف داخل الحركة نفسها.

وتم توقيف أبو مرزوق عندما كان مقيمًا فى الولايات المتحدة فى فترة التسعينيات، بتهمة جمع الأموال للجناح المسلح لحركة حماس، وبعدها ظل فى المنفى، لا سيما فى الأردن ومصر وقطر.

وفى كل مرة كان يخلو فيها منصب رئيس المكتب السياسى للحركة، يُطرح اسم أبومرزوق من بين الخلفاء المحتملين لقيادة ذلك المنصب.

*خليل الحية: وزير خارجية حماس

يُعتبر خليل الحية مرشحًا أيضًا لتولى هذا المنصب، وهو مقيم فى قطر حاليًا، وقاد الحية رأس وفد الحركة فى المفاوضات مع إسرائيل، ويتمتع بعلاقات خارجية جيدة.

كما يُعد الحية بمثابة «وزير خارجية» حماس، فهو مسئول العلاقات الوطنية والدولية داخل الحركة.

ويُعرف عن الحية، وهو نائب رئيس الحركة فى غزة، أنه مقرب من المقربين ليحيى السنوار، الذى تقول إسرائيل بأنه أحد العقول المدبرة لهجوم السابع من تشرين الأول.

وكان الحية يتولى قيادة كتلة حماس فى المجلس التشريعى فى عام 2006، بعد فوز الحركة فى آخر انتخابات فلسطينية نظمت منذ ذلك الحين.

كما يُعرف الحية بأنه من أبرز مؤيدى الكفاح المسلح لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى على الأراضى الفلسطينية.

ونجا الحية من عدة محاولات اغتيال، لا سيما فى عام 2007، حين أدى استهداف منزله شمالى قطاع غزة إلى استشهاد عدد كبير من أفراد عائلته.

ولا تتوافر معلومات كثيرة عن الهيكلية التنظيمية فى الحركة، نظرًا للسرية التى تحيط بنشاطاتها وحركة قياداتها، وللتعقيدات التى تواجه التنسيق بين أعضائها فى الداخل والخارج وفى السجون.

عادة؛ يصوّت أعضاء مجلس الشورى فى الداخل والخارج، لاختيار أعضاء المكتب السياسى، ورئاسته فى انتخابات معقدة وسرية تجرى كل 4 أعوام، نظرًا للتهديدات الأمنية التى تواجه قيادات الحركة، وهى الآن تحت المجهر، للتراب بين الأحداث المسارعة فى جبهة لبنان والمقاومة فى حزب الله، وحركة حماس، بعد مجازر حرب خطة الجنرالات فى غزة ورفح وجباليا.

* الاقتراب من شمعة الحرية.. ماذا بعد إعلان  يحيى السنوار؟

لأكثر من عام، بقى يحيى السنوار، سواء حين كان رئيسًا لحركة حماس فى قطاع غزة، أو بعدما سُمّى رئيسًا للمكتب السياسى للحركة إسماعيل هنية، بعد اغتياله فى العاصمة الإيرانية طهران، بمثابة «الشبح» الذى فشل الاحتلال فى تعقّبه، رغم المحاولات المتكرّرة، وهو الذى صُنّف «المطلوب الرقم واحد» لإسرائيل التى تصنّفه «العقل المدبّر» لعملية «طوفان الأقصى» التى نفّذتها فصائل المقاومة الفلسطينية فى السابع من تشرين الأول 2023، وهذا وصف الكاتب والمحلل اللبنانى حسين خليفة، الذى قال فى منصة لبنان 24 إنه نُسِج الكثير من الروايات حول السنوار، الذى بدا بحدّ ذاته مثيرًا للكثير من الجدل، بين من يرى فيه «البطل» الذى حقّق «ضربة معلّم» بعملية «طوفان الأقصى» التى أعادت إحياء القضية الفلسطينية، وحرّكت الرأى العام العالمى بصورة غير مسبوقة، ومن يحمّله فى المقابل، مسئولية «توريط» المنطقة برمّتها فى حربٍ لم تكن محسوبة، ومن يتّهمه بمحاولة «إبرام» صفقة تضمن سلامته، ولو على حساب دماء الشهداء، وحتى قضية الأسرى.

خليفة، أكد المعروف تلقائيًا بقيت إسرائيل على مدى عام كامل، تبحث عن مجرّد «معلومة» تفضى إلى الكشف عن مكانه أو ملاحقته، إلى أن تحقّق الأمر يوم الخميس، بشكلٍ لم يكن أحد يتوقّعه، مع إعلان الجيش الإسرائيلى «مقتله» فى عمليّة إسرائيلية، يصعب توصيفها بـ«الاستهداف الدقيق»، أو «الاغتيال»، باعتبار أنّها تمّت بمحض الصدفة، ومن دون أىّ معلومات استخباراتية سابقة، إثر استهداف مبنى يقول الإسرائيليون إنهم اكتشفوا لاحقًا أنه كان موجودًا داخله.

*الصيد الثمين للعدو.. وقد يكون كارثيًا!

تلتبس، فى تحليلات خليفة، تداخل المصطلحات، إذ يقول: ليس اغتيالًا إذًا، ولا استهدافًا دقيقًا، ولو أنه فى النتيجة يشكّل «صيدًا ثمينًا» للجانب الإسرائيلى،(…) بالنظر إلى المكانة الاستثنائية التى يمثّلها السنوار، الذى كان رأسه مطلوبًا لإسرائيل منذ اليوم الأول لعملية «طوفان الأقصى»، وقد شكّلت عدم القدرة على اغتياله «فشلًا استخباراتيًا» بالنسبة إليه، لم تحجبه الاغتيالات النوعية الأخرى التى نفذتها، بما فى ذلك الاغتيال الصادم لرئيس المكتب السياسى إسماعيل هنية، الذى يدرك الإسرائيليون أنّ دوره لم يكن بحجم دور السنوار.

.. وليس من اللائق أن يكون استشهاد السنوار، بوصفه صيدًا ثنينا للعدو الصهيونى، إذ يمكن وهذا متوقع، أن يشكل اغتيال السنوار، محطات، قد يصعب تصور نتائجها لأن الواقع وحال المنطقة والعالم والتشتت السياسى فى الإدارة الأمريكية والبنتاغون، وأوروبا والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، يحيلنا إلى إدامة لغة الأسلحة، دون أفق لأى سلام أو حل.

هنا قال خليفة، إنه ومع إعلان الجيش الإسرائيلى «مقتل» السنوار فى عملية خاصة فى قطاع غزة، قد لا يكون ممكنًا له الحديث عن «انتصار عسكرى» حقّقه، ولو أدرجه ضمن الاغتيالات النوعية التى نفذها بين لبنان وغزة، كما قد لا يكون ممكنًا له أيضًا الحديث عن «تفوق استخباراتى»، باعتبار أنّ «الصدفة» هى التى لعبت دورًا فى هذه العملية، بدليل «الضياع» الذى أظهره الاحتلال حين اكتشف بالصدفة، وبعد ساعات من العملية، أن من قتله «قد يكون السنوار»، ويرى هذه الحقائق:

*الحقيقة الأولى:

إنّ العملية العسكرية الإسرائيلية، على أهمية نتيجتها بالنسبة لإسرائيل، تأتى أيضًا لصالح السنوار نفسه، لناحية «تكذيب» البروباجندا التى اعتمدتها إسرائيل طيلة الفترة الأخيرة، فالسنوار قضى وفق الرواية الإسرائيلية فى اشتباك مباشر، فى الخطوط الأمامية فى تل السلطان برفح، وكان يرتدى سترة عسكرية، وبالتالى فليس صحيحًا أنّه كان «مختبئًا» تحت الأرض، ولا أنه رفع الراية البيضاء، ويفاوض على سلامته فقط.

*الحقيقة الثانية:

استشهاد يحيى السنوار، يطوى صفحة أساسيّة من الصراع منذ «طوفان الأقصى» وما قبلها، وبالتالى أنّ تأثيرها سيكون كبيرًا على مجريات المعارك على الأرض، فى غزة وخارجها، الأمر الذى لا يمكن تجاهله بأىّ شكل من الأشكال.

*الحقيقة الثالثة:

على الرغم من «الثابتة» التى تكرّرها مختلف حركات المقاومة، بأنّ الاغتيالات لا تشكّل «نهاية المطاف» فى مسيرتها، وأنّ هدف «القضاء عليها» المُعلَن إسرائيليًا، لا يتحقّق باستهداف القادة وقتلهم، وأن كل قائد يستشهد يأتى من يستلم مكانه، إلا أنّ الثابت أيضًا أن سقوط القادة لا يبقى بلا أثر، معنوى بالدرجة الأولى، على الجمهور والبيئة الحاضنة، ومادى بالدرجة الثانية، باعتبار أنّ الخبرة التى راكمها هؤلاء على مرّ السنين، لا تعوّض بسهولة.

*الحقيقيه الرابعة:

إنّ ما حصل سيطيل أمد الحرب، باعتبار أنّ الحركة لن ترضخ بعد الخسائر التى تكبّدتها، فيما تميل الثانية إلى اعتبار أنّ الحرب قد تكون أوشكت على نهايتها، باعتبار أنّ إسرائيل ستزعم «القضاء» على معظم «رءوس» الحركة، وبالتالى إنجاز المهمّة، ما قد يعبّد الطريق أمام المفاوضات.

بين الحقائق، انسلخ السفاح نتنياهو، ليقول إنّ: «هذا هو اليوم الذى يلى حماس»،، هل ذلك  إقرارًا إسرائيليًا بأنّ أهداف الحرب لم تتحقّق بعد، وقد لا تتحقّق، وبالحدّ الأدنى، أنّ صورة «اليوم التالى» كانت من أكاذيب نتنياهو والإدارة الأمريكية والبنتاغون، موافقات غبية من أوروبا الاستعمارية، هنا المرجح، أن وضع غزة قد يدخل فى حرية أكبر.

وبهذا المعنى، أو ضمن فهمنا السردية الحرب التى تدعمها، وتدعم خيارات والاغتيالات، الإدارة الأمريكية، التى تبدأ فى الوقت الحرج داخليًا، مع اقتراب التصويت للانتخابات الرئاسية الأمريكية، متاهة الصراع القاتل بين ترامب وهاريس، الديمقراطى والجمهورى. لهذا نرسم أو يمكن أن نقول بكل حرية، إن ما بعد اغتيال الشهيد يحيى السنوار، لن يكون حال غزة ورفح والضفة الغربية والقدس والداخل المحتل كما كان قبله، أو قبل يوم السابع من تشرين الأول أكتوبر 2023، لأن الاغتيال، ومعركة طوفان الأقصى، هما تلك الحدود، التى شكلت، مسارات محور الممانعة، وبالتالى عززت محور المقاومة كما محور الإسناد، وأصبحت الذهنية السياسية والأمنية، ليست هى التى كانت سائدة لدى الجميع قبل 8 تشرين الأول أكتوبر من العام 2023،  فقد تغير مدى قدرة غزة ورفح والضفة الغربية والقدس على الصمود مقاومة نهضت من الرماد، أمام هول ما نزل بها من مجازر وإبادة وحصار ومجاعات.

* تصدع العلاقات الأمريكية الإسرائيلية

قبل أيام من اغتيال الشهيد يحيى السنوار، برزت مؤشرات، عن العلاقة الملتبسة ظاهريًا، والمتصدعة شكليًا بين الرئيس جو بايدن ورئيس حكومة اليمين المتطرف، السفاح نتنياهو، وهى علاقات حسمتها المصالح والأدوار التحالفات التى فتحتها الولايات المتحدة الأمريكية لدعم حرب السفاح نتنياهو وجيش الكابنيت، لهذا تم توجيه رسالة، قد تبدو قاسية، لكنها دبلوماسية إلى وزير الدفاع يوآف غالانت ووزير الشئون الاستراتيجية رون دريمر وليس إلى نتنياهو نفسه. إن أمريكا تشعر بالقلق إزاء الأزمة الإنسانية فى غزة وانخفاض المساعدات الشهر الماضى، وقد تفاقمت مخاوفها بفضل دعوات الجنرال المتقاعد فى جيش الدفاع الإسرائيلى جيورا إيلاند لإسرائيل بتقييد المساعدات إلى شمال غزة من أجل ممارسة المزيد من الضغوط على حماس. ونفى نتنياهو تبنى الحكومة الإسرائيلية لهذه الخطة، لكن افتقار بايدن إلى الثقة فى أى شىء يقوله نتنياهو يزيد الأمور تعقيدًا إلى حد كبير».

الآن تعتبر الرسالة احترقت، فاللعبة القادمة، استمرار المجاعة والإبادة، للوصول إلى الرهائن واستكمال تنفيذ خطة الجنرالات، وليس ما يضمن أن مجرد السماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة من شأنه أن يحدث فرقًا كبيرًا، فهناك صعوبات كبيرة تؤثر على توزيع إمدادات المساعدات فى القطاع، ويرجع هذا إلى الذين يستولون على الإمدادات، بدعم إسرائيل، ويظل من الصعب إيصال المساعدات، أو تحقق المزيد من الاستجابة الإنسانية فى غزة أو لبنان أو غيرها، من ذلك القانون الذى يعمل عليه السفاح مع  الكنيست الإسرائيلى، وهو مشروع قانون من شأنه قطع العلاقات مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا».

وفى ما بعد احتجاز جثمان السنوار، أعتقد أن الحراك الأمريكى، الأوروبى، وربما من دول المنطقة، يراقب كيف أن السفاح نتنياهو والكابنيت، يحاولان القول بأن دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية، لا تريد تعريض علاقتها بالولايات المتحدة، أو بعض الدول الأخرى للخطر، فهى تعتمد بشكل كبير على حليفتها فى الحماية والدعم السياسى والأمنى، وفى استمرار إمدادات الأسلحة، بما فى ذلك الصواريخ لنظام الدفاع «القبة الحديدية». وبالتالى، لم يتبق أمام نتنياهو سوى خيارات قليلة أهمها تهدئة الأمور وتلبية مطالب البيت الأبيض، والذى سيعمل لأنهاء أى أزمة وفق مسارات الجبهة ومن سيكون خليفة السنوار.

* وثيقة حرب:

* الاحتلال عرض على السنوار الخروج الآمن من غزّة

11-09-2024

أفاد تقرير لوكالة «بلومبيرغ» بأن «إسرائيل اقترحت منح زعيم «حماس» يحيى السنوار، خروجًا آمنًا من غزة فى محاولة لإنهاء الحرب».

وقال المبعوث الإسرائيلى للرهائن، غال هيرش، فى مقابلة مع «بلومبيرغ»، إن «إسرائيل عرضت على السنوار الخروج الآمن من قطاع غزة مع أفراد أسرته فى محاولة لإنهاء الحرب».

وأضاف أن «مسئولًا إسرائيليًا كبيرًا ذكر أن إسرائيل اقترحت أيضًا تخلى حماس عن السيطرة على القطاع».

وأوضح أن «هدفه إعادة الرهائن وتأمين إدارة جديدة لقطاع غزة بعيدة عن التطرّف».

هل ذلك يعنى أن الشهيد يحيى السنوار، كان، كما وصف بأنه مهندس تعزيز العلاقات مع طهران، والذى كان  يركّز على القضايا العسكرية، والأمنية، وهو بذلك كان رجلًا قياديًا وسياسيًا فى لحظات حاسمة من الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، وينظر فى جبهة محور الإسناد ودعم حزب الله، وكان يؤمن، بطريقة أو أخرى بالحلول السياسية، ولكن وفق حق المقاومة وإنهاء الاحتلال وإيقاف الحرب.

 

قطعا لن ترى حركة حماس، أنها مضطرة إلى تغيير سياستها، أو أمنها، لأن حالة جبهة غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، باتت متقاربة وتخطر من بداية الحرب، ولن يؤثر القادم على كل ما يتعلق بالمفاوضات أو بالحرب أو الرهائن الذين فى حوزة حركة حماس.

استشهاد قادة حماس، قبل استشهاد السنوار، رسم خط البداية والنهاية، فالنتيجة الرئيسية لاستشهاد السنوار، ستكون لم يخلفه، كما كانت عند إسماعيل هنية، حالة حرب سياسية، يمكن أن تدخل الحوار والمراجعة، سواء باستئناف المفاوضات لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، وتبادل السجناء وحل معضلة الاحتلال.

 

غالبًا، لم يكن عند الشهيد السنوار رؤية تفصيلية قادرة على التفاعل خلال أسابيع المفاوضات التى جرت على مدى عام برعاية الدول الوسطاء الثلاثية: أمريكية -قطرية -مصرية، وهى توقفت نتيجة التعنت القاتل من السفاح نتنياهو.. وهناك من قال إنها توقفت وفشلت كمفاوضات  فى التوصل إلى أىّ اتفاق أو حلول جديدة، فى ظل حكومة اليمين المتطرف التوراتى، لهذا كانت الوفود تصطدم بعقبات، غالبًا إسرائيلية مع  تعنّت أطراف النزاع، مع وجود الخلافات على الأرض والحدود.

.. للحرية ارتقاء لا يعرفه إلا من أحس بوخز الشوك، أو رائحة القرنفل.

زر الذهاب إلى الأعلى