الجودة.. الأكثر تميزاً
بقلم: أحمد الصراف
لدينا قرابة 180 جمعية نفع عام، 60 منها مبرّات وجمعيات خيرية، لا حاجة لغالبيتها العظمى، و40 جمعية تقريباً للدفاع عن مصالح منتسبيها كمهنيين، كالمهندسين والأطباء. كما أن هناك جمعيات تأسست لأهداف شخصية، غالبيتها غير نشطة، ولا نفع منها، وكان جميلاً رؤية تحرك الوزيرة المميزة أمثال الحويلة، بقوة، لإبطال غير العامل منها، مع عدم اتفاقنا مع قرارها المفاجئ بحل كامل مجلس إدارة جمعية الهلال الأحمر، الذي لا نعرف حتى اليوم سبب عدم التجديد له، وسيبقى سيف الشك عالقاً على رأس أعضائه، لحين صدور توضيح أو بيان، يبين حقيقة الأمر. ورأينا كيف توقفت كل أنشطة جمعية الهلال، تقريباً، التي كانت الأكثر نشاطاً، مع عجز مجلس إدارتها الجديد عن التحرك لإغاثة الضحايا في لبنان وغزة، ولا يلامون طبعاً، فقد تم تعيينهم بصورة مفاجئة.
قلة من هذه الجمعيات تأسست لأداء خدمات عامة، كجمعية الشفافية وجمعية الدفاع عن المال العام، والجمعية الكويتية لجودة التعليم، التي آمنت بأنه لا تقدم، في أي مجال، من دون تعليم مميز، فقد تخلف التعليم لدينا بشكل رهيب في العقود الماضية مع زيادة سيطرة القوى الدينية عليه، والزيادة الهائلة في «الفساد التعليمي» الذي تمثل في تدني مستوى المخرجات نتيجة تدني مستوى المناهج، والزيادة الهائلة، والغريبة، لعدد حاملي الشهادات العالية، التنك، المزوَّرة والمزيَّفة وغير المعتمدة، مما تسبب في تدهور مستوى التعليم لدينا. لذا كان لزاماً تأسيس جهة يقف وراءها مخلصون لوقف هذا الخراب الشامل والتزييف الكامل للتعليم. نشاط الجمعية دفع الحكومة لمعالجة الكثير من الأوضاع الخربة، ومنها منع ابتعاث الطلبة لتلقي العلم لدول عدة، لسوء مستوياتها.
تأسست الجمعية الكويتية لجودة التعليم، قبل عشر سنوات تقريباً، بهدف نشر الوعي بين أفراد المجتمع، وتوجيه التعليم لتلبية متطلبات سوق العمل، وكشف ومكافحة الشهادات الوهمية والمزوَّرة، ووقف سيل الأبحاث المغشوشة والمسروقة، وغيرها من ممارسات من شأنها الإضرار بجودة التعليم، والمشاركة في وضع الحلول والمساهمة في اقتراح التشريعات التي من شأنها المحافظة على جودة التعليم، وكلها أهداف مشروعة جداً، لكن تنفيذ أي منها معناه «تخريب بيوت» الفاسدين الذين استفادوا من الوضع السابق الخرب، فقد حصل هؤلاء على مئات ملايين الدنانير، من دون مبالغة، في صورة رواتب دفعت لهم على مدى أربعين عاماً تقريباً، هذا بخلاف ما تكلفته الدولة من خسارة هائلة نتيجة تخريب عقول الكثير من الطلبة من قبل مدرسين فاسدين وجهلة، ولم يكن غريباً وقوف نواب، ومن أتباع الأحزاب الدينية والقبلية، ضد اتخاذ أي إجراءات ضد هؤلاء، وهم النواب أنفسهم تقريباً الذين وقفوا ضد قرار وقف ابتعاث الطلبة لدراسة الطب في بعض الدول العربية بسبب شبه انهيار مؤسساتها التعليمية!
لقد نال رئيس وأعضاء جمعية الدفاع عن جودة التعليم الكثير من الظلم والأذى، وتخريب السمعة، ورفعت دعاوى عليهم، لكن إصرارهم نصرهم في معاركهم. كما نجحوا في إصدار أكثر من قرار تعليمي جيد، ووفقوا في حظر الشهادات العلمية غير المعتمدة، الذي طال انتظاره. كما نجحوا في كشف عدم صحة شهادات الكثيرين، خاصة في الجامعة و»التطبيقي»، وغير ذلك من منجزات، كان أهمها دور الجمعية في وقف الابتعاث للجامعات غير الكفؤة أكاديمياً، وإيقاف إجازة أداء الاختبارات والتي كانت ثغرة يتم من خلالها الحصول على شهادات الماجستير والدكتوراه من دون إجازة دراسية، مما تسبب بانتشار الشهادات الوهمية وغير المعتمدة. وملاحقة أصحاب الشهادات الوهمية والمزوَّرة والأبحاث المسروقة في جميع مؤسسات الدولة عن طريق تقديم إنذارات على يد محضر من المحكمة، أو تقديم بلاغات للنيابة، ورفع الدعاوى بالمحاكم، وغير ذلك من إجراءات بالغة الصعوبة، مادياً ومعنوياً.
إن جمعية الدفاع عن جودة التعليم تستحق اهتماماً أكبر من الحكومة، فهدفها نبيل، ونحن بأمس الحاجة لجهودها، فقد نخر فساد هذه الشهادات، ولا يزال، الكثير من المؤسسات في الدولة.