سقاف الكويت… الرجل الاستثنائي
بقلم: محمد علي ثامر

النشرة الدولية –

الجريدة –

عندما كنت في محافظة حضـرموت كنت أسأل من ألتقي بهم من أسـرة آل السقاف– وهي أسـرةٌ معروفةٌ ومشهورة في اليمن ودول الخليج العربي بل في دول جنوب شـرق آسيا– عن الأستاذ الأديب والشاعر الجميل والدبلوماسـي المعروف أحمد محمد السقاف، فكان جوابهم المُباشـر والتلقائي «سقاف الكويت»، كاسمٍ ذي ماركةٍ عالمية يتفاخرون بها ويذكرونها بالخير الكثير، نظراً لارتباطه بحضـرموت اليمن أصلاً ونسباً، وارتباطه بالكويت موطناً ومسكناً، بل كان رجلاً سياسياً وإدارياً من الدرجة الأولى في هذه الدولة الشقيقة والعزيزة التي تحمل الخير لكل العالم، ولكل الإنسانية.

أحمد السقاف، الشخصية الاستثنائية التي ما إن تقرأ كتابه (أنا عائدٌ من جنوب الجزيرة العربية)، وتشاهد نشاطاته وتحركاته في ستينيات القرن الماضـي، وهو يقابل المسؤولين اليمنيين لغرض مدِّ يد العون لإنشاء مشاريع تنموية تخدم اليمن الجديد، وذلك بعد قيام ثورته السبتمبرية الخالدة حينذاك، وليكن في المُقام ذاته شاهداً حيَّاً وموثقاً حصيفاً لتاريخٍ كبيرٍ عانى فيه اليمن واليمنيون مآسـي الاستعمار الأجنبي ومظالم الإمامة المتخلفة، بل تجرَّع المزيد من «المجازر الانتقامية الرهيبة التي ذهب ضحيتها كثيرٌ من الأبرياء الذين لا علاقة لهم بالانقلاب على الإمامة، سوى ارتباطاتهم العائلية بأبطالها أو العلاقات الشخصية ببعض المشتركين فيه»، كما كتب في (ص71) من كتابه سالف الذكر.

أحمد السقاف، أحد أهم رواد النهضة الفكرية في الكويت وأحد مؤسسيها، بل أحد العلامات الفارقة في الثقافة العربية، فهو صاحب (مجلة كاظمة)، أول مجلةٍ أدبيةٍ وثقافيةٍ تصدر عن الكويت عام 1948م، وهو أيضاً من وقف بجانب إطلاق أبرز مشـروعٍ ثقافيٍّ عربيٍّ ضخم، يصدر في الكويت، ويكون لسان حاله إلى العالم أجمع، ألا وهو مشـروع إصدار (مجلة العربي) المعروفة والمحبوبة من قبل قرائها، باعتبارها أكبر مجلةٍ ثقافيةٍ عربية وأكثرها ثراءً ومعرفةً وإصداراً، وإشـرافه على صدور أول عددٍ منها عام 1958م، كما قام حينها بتطوير مطبعة الكويت لتواكب هذه المجلة العريقة، وشغل في الوقت نفسه أيضاً عضو رابطة الأدباء الكويتيين، ومن ثم أمينها العام للفترة (1973– 1984م).

أحمد السقاف، الرجل القومي الحامل للعروبة بقلبه وعقله وعلى لسانه، والمعبِّر عنها في كتاباته وأبحاثه ومؤلفاته، والجاهز للذهاب شـرقاً وغرباً من أجل خدمة أي قطرٍ عربي يحتاج لدعم كويت الخير، وكان لليمن منها النصيب الأكبر والأجمل، ولعل آخرها زيارته للتهنئة والمباركة لإعلان إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، فنثر في زياراته وتدخلاته في كل منطقةٍ يزورها كل العون الكثير، فهو سقاف الكويت، الرجل التنموي الذي لا يقارن، والاستثنائي الذي لا نظير له، سواءً في كل توجهاته ومواقفه، وتفرده في كل أفعاله ونشاطاته.

 

أحمد السقاف، الوزير الهادئ، صاحب التاريخ السياسـي الكبير، بدءاً من توليه منصب مدير دائرة المطبوعات والنشـر، قبل استقلال الكويت، وبعده وكيلاً لوزارة الإرشاد والأنباء في عام 1962م، مروراً بتعيينه عضواً منتدباً للهيئة العامة للجنوب والخليج العربي– صاحبة البصمات التنموية في معظم دول الخليج واليمن بشطريه (الشمالي والجنوبي) قبل إعادة تحقيق وحدته المباركة، وبعدها في اليمن الموحد– وانتهاءً بتوليه أدواراً دبلوماسيةً عديدة ومتنوعة خلال سنوات عمره الخالد.

 

أحمد السقاف، أحد أبرز الشخصيات في الكويت التي حفل تاريخها الحديث والمعاصـر باسمه، وبدوره، ونشاطه في زرع المحبة لدولته، بل في توثيقه أعظم دورٍ لا يمكن نسيانه أو التغافل عنه، ألا وهو دور الكويت المساند والمعاضد لكل جراحات الأمة العربية والإسلامية، فكما كان هو ذلك الشخصية المثقفة الودودة، والدبلوماسية الراقية، فهو أيضاً أحد السفراء العرب الذين ساهموا بمدِّ جسور التواصل بين مختلف الدول العربية، وعلى رأسها اليمن، فكان نِعْمُ الرجل المُمَثِّل لبلاده بصورةٍ مشـرِّفة، وكانت الكويت نِعْمُ الدولة التي رجالاتها كأحمد السقاف، رحم الله سقاف الكويت.

* محمد علي ثامر  كاتب وباحث من اليمن.

زر الذهاب إلى الأعلى