سوريا الأمس: «جمهورية صيدنايا».. ونظام الكبتاغون!
بقلم: رجا طلب
النشرة الدولية –
بعد سقوط نظام آل الاسد ممثلا ببشار الاسد الذي حكم سوريا والسوريين كوريث لوالده حافظ الاسد الذي حكم سوريا منذ سنة 1970 الى ما قبل ايام ترسخت لدي القناعة التامة بان من يضطهد شعبه ويمارس بحقه كل ألوان الذل والاهانة لا يمكن ان يكون صادقا كما لا يمكن ان ينتصر في معركة تحرير فلسطين ولا في بناء وطنه.
قد يبدو كلامي هذا ترديدا لمنطق بديهي مستفز لكن هذا «البديهي» وفي ظل الحالة الاشكالية والضبابية التى باتت يعيشها الوضع العربي برمته في ظل الكم الهائل من الدعاية والأكاذيب فقد تحولت فلسطين إلى قضية مقدسة بالكلام لكنها لا شيء عمليا او على ارض الواقع الا من زاوية الاستثمار كغطاء يمكنه التستر به على أبشع الجرائم لا بل والخيانات لانظمة شمولية – ظلامية اضطهدت شعوبها باسم فلسطين تارة والحرية تارة ومعاداة الامبريالية تارة أخرى ونظام آل الاسد هو في حقيقة الامر المثال الصارخ على ذلك.
استنادا لما سبق يمكنني القول ان حافظ وبشار الاسد استثمرا القضية الفلسطينية بما خدم ومازال يخدم دولة الاحتلال وربما اتصدى لشرح ذلك في مقال او مقالات لاحقة وتبيان تفاصيله لكن ما يهم الآن هو كيف تعامل حافظ الاسد ووريثه بشار مع الشعب السوري ومع الشعب اللبناني وايضا مع الشعب الفلسطيني بكل وسائل الدوس على الكرامة ونزع الانسانية وزراعة ثقافة الخوف والخنوع والرعب في قلوب وعقول هذه الشعوب وربما الاشارة الى الفظائع التى تكشفت بعد هروب بشار الاسد وتحديدا عالم الاعتقال والمعتقلات وما يجري فيها كفيل بكل تاكيد بنزع صفة ?لانسانية عن نظام آل الاسد والصاق صفة الوحشية او الحيوانية به.
الشهادات الحية للمعتقلين الذين كانوا مذهولين (لا يصدقون) انهم خرجوا من زنازين معتقل صيدنايا سيئ الصيت وغيره من سجون فروع المخابرات السورية كان مشهداً صاعقاً يكشف فظاعة الحياة التى عاشوها وسوف يبقى هذا المشهد طويلا مادة دسمة للاحتلال الاسرائيلي لمقارنته بسجونه التي يعتقل فيها الفلسطينيون ومقارنته بشكل وطبيعة المعاملة التى يتلقاها الفلسطيني في السجن الاسرائيلي مقارنة بسجون بشار الاسد، شخصيا كنت اسمع الكثير عن تلك المعتقلات الوحشية ولكني ذهلت حقا عندما رأيت وسائل التعذيب وادواته وشاهدت اماكن الاعتقال وقذارتها?ونتائج ذلك على المعتقلين الذين خرجوا الى الحياة امواتا بلا ذاكرة وبلا شعور وبلا رغبة في الاحتكاك بالناس.
لقد صممت هذه المعتقلات بالشكل والاساليب ونمط المعاملة من اجل قتل الانسان روحا وعقلا وتحويله الى كتلة جسم على هيئة بشر، وفي بعض الاحيان وفي معتقل صيدنايا تحديدا كان التخلص من جثث المعتقلين بعد اعدامهم يتم ايضا بطريقة بشعة للغاية من خلال طحنها عبر مكبس حديدي ضخم يحيلها الى كتلة من اللحم يتم بعدها التخلص من هذا الانسان «المهروس» اما باذابته بالحمض اي الاسيد او رميه في حاويات خاصة بالنفايات.
اما السلوك الارهابي الآخر لنظام بشار فهو تصنيع وتجارة المخدرات بانواعها لدواعٍ تجارية وربحية من ناحية ولدواعي زعزعة الامن لدى دول الجوار واختراقه من ناحية ثانية، وكان الاردن وبحكم الجغرافيا هو المتصدي الصلب الذي دفع ثمنا غاليا من اجل حماية امنه الوطني وكذلك حماية امن الاشقاء في السعودية ودول الخليج العربي والكارثة ان مصانع الكبتاغون تم ضبطها شعبيا وبعد سقوط النظام في الاملاك والقصور والفلل التابعة لماهر الاسد قائد ما يسمى بالفرقة الرابعة وغيرها من بيوت المسؤولين.
لم يكن نظام آل الاسد منذ انقلاب حافظ الاسد واستيلائه على الحكم سنة 1970 مرورا بحكم الوريث بشار الاسد منذ عام 2000 الى انهيار نظام بشار قبل ايام عاملا ايجابيا في اي مرحلة من مراحل النظام العربي بل على العكس فقد شكل على مدى اكثر من خمسة عقود عاملا فوضويا واشكاليا ساهم في خلق «الاختلال الاستراتيجي» في المنظومة العربية بعد تحالفه مع نظام الخميني في ايران ضد العراق في الحرب العراقية – الايرانية التي استمرت ثماني سنوات واستنزفت القدرات المالية والعسكرية للعراق وللعرب.
الموت الرحيم لنظام آل الاسد هو اخلال بمبدأ العدالة التي يجب على الحكم الجديد في سوريا متابعتها انصافا وردا لاعتبار مئات الآلاف ممن داستهم اقدام البطش والتجبر لذلك النظام الفاجر البائد.