حوار تلقائي مع الفنان العراقي المغترب مهند هواز
الرقص الفلكلوري الشعبي العراقي لوحات تعبيرية تجمع الأصالة مع الحداثة
الكاتبة : دنيا صاحب / العراق
أستهل الفنان العراقي مهند هواز في عرض لوحات فلكلورية للرقص الجماعي، مستوحاة من التراث الشعبي العراقي على المسارح السويدية، ومختلف المسارح العالمية في جولاته حول العالم مع فرقته الإستعراضية،التي تتألف من مجموعة نساء سويديات الهوية مما ساهم في إبقاء تقاليدنا التراثية الشعبية حية في الوسط الثقافي العالمي، وأستعرض فعالياته الفنية بالرقصات ذات طابع فلكلوري ريفي وطابع ديني روحاني كـالرقصة الصوفية بنموذج عصري. بنى جسراً ثقافياً يربط المجتمعات بغض النظر عن أختلاف اللغات والثقافات، وإن فن الرقص التراثي الشعبي كغيره من الفنون الإنسانية التي تمثل الهوية الجمعية (وطنية أو قومية) تدل على ميزات مشتركة أساسية لمجموعة من البشر تميزهم عن مجموعات أخرى. يهدف الفنان مهند هواز إلى تعريف المجتمعات العالمية بثقافة العراق الثرية والمتنوعة بالتعبير الإنساني، دالًا على العلامات التي تعبر عن الهوية الوطنية وتفاصيل الحضور في ربوع أرض الوطن من الشمال إلى الجنوب. ومازال باحثاً في حقوله الواسعة مسجلاً بصمات إبداعية متوالية من خلال لوحاته التعبيرية بأسلوبه الأكاديمي حولها الى تجارب دراماتيكية مسرحية باستعارة فنية تتناغم فيها الأصالة مع الحداثة. أعتمدها ضمن منهجه الفني المنسق وفق تقنيات حديثة، يستجد آليات عمله في تشكيل لغة فنية جديدة لها حضور واسع على مسارح المهرجانات الدولية، تحدث عنها الفنان بوصف منطقي في حوارنا التلقائي عن التراث الإنساني وهوية الأنسان الثقافية ضمن المبدأ والقضية، حيث وظف تفاصيلها على شكل لوحات فلكلورية ذات رموزًا ومعانٍ فنية جمالية بين الإيقاع الموسيقي أو الغنائي والرقصات الفلكلورية، مبتكراً حركات بصرية لها دلالات واضحة عبرت عن عمق ثقافة الفنان المتجذرة في بلد الحضارات وثقافاته المتنوعة العريقة بلاد الرافدين، انسجمت مع مساره الفني لتصبح في حد ذاتها رؤية كاملة ذات صياغات تعكس طابع المكان وبصمة الفنان الإبداعية وهويته الوطنية، وهكذا يصبح توظيفه للرقصات الفلكلورية الشعبية العراقية بمثابة تدوين للذاكرة وخصوصية جمالية وحماية من اندثار التراث الشعبي، وحفاظًا كامل عليه بتعزيز الهوية الثقافية الفردية والجمعية للشعب العراقي، فيها القصص والتجارب الإجتماعية والتقاليد الشعبية وحالات الأفراح والأحزان التي تشمل الأغاني والإيقاعات والحركات الفريدة لثقافة أو منطقة معينة من مناطق العراق المختلفة. عادة تنتقل هذه المعرفة في نشر الوعي الثقافي والحفاظ على التراث الشعبي العراقي عبر الأجيال، وفتحنا الحوار مع الفنان مهند هواز بمناقشة منطقية ورؤية شفافة عن تفاصيل ما قدمه من إنجازات خلال عقدين منصرمين من الأعوام، والأن يبحث عن رؤية جديدة ليعيد روح الأصالة العراقية فيما يقدمه من فعاليات فنية وثقافية في أرجاء العالم، وعلى هذا النحو وجهنا له عدة أسئلة ليقرب لنا الصورة النمطية لمسيرته الإبداعية وكانت أجوبته كالآتي.
• حدثنا نبذة تعريفية عن هويتك،، ومسيرتك الفنية ومؤهلاتك العلمية؟
•اسمي مهند هواز، راقص ومصمم رقص ومؤسس فرقة إنكيدو المستوحاة من التراث الشعبي العراقي ولدت في العراق في مدينة نينوى حيث بدأت رحلتي في عالم الرقص من خلال استكشاف الفنون الشعبية، قبل أن أواصل تطوير موهبتي في الرقص المسرحي الحديث أكملت دراستي في مدرسة الرقص الحديث في السويد، حيث تدربت على يد أساتذة مرموقين مثل ” لينا سيديروال بروبرغ ” في الباليه، ” أوتيليا بروبرغ “، في الرقص المعاصر، “‘وصوفيا باركيفال” في الجاز وعلم التشريح، منذ تأسيس فرقة “إنكيدو” في عام، 2010 نجحت في تقديم التراث العراقي على الساحة العالمية من خلال مشاركات في أكثر من 50 دولة تشمل أبرز إنجازاتي المركز الأول في مهرجان الفنون الشعبية في الصين، والمشاركة في فعاليات اليونسكو بمناسبة اليوم الوطني العراقي في باريس، إلى جانب مساهمات في مهرجانات عالمية في إفريقيا، آسيا، وأوروبا. إلى جانب تقديم العروض الفنية شاركت في لجان التحكيم في مسابقات الرقص في العديد من المهرجانات الدولية مما يعزز شغفي بدعم وتطوير مواهب جديدة، كما أجريت مسوحات ميدانية شاملة في جميع المحافظات العراقية لتوثيق الرقصات الشعبية، وأسعى حالياً لإعداد منهج أكاديمي يوثق هذا التراث وينقله إلى الأجيال القادمة، بالتعاون مع، وزارة الثقافةالعراقية.
• متى بدأت بتنظيم فرقة إنكيدو وممن تتكون عناصر أفرادها؟
• تأسست فرقة إنكيدو في عام 2010 بهدف الحفاظ على الرقصات الشعبية العراقية وإحيائها بأسلوب أكاديمي معاصر كوني مغترباً، أردت أن أقدم صورة مشرقة عن بلدي العراق من خلال لغة الجسد وبالأخص عبر الرقصات الشعبية التي تحمل في طياتها قصصاً عن التراث العراقي، وأعضاء الفرقة جميعهن سويديات الأصل، وقد وضعت الأساس الصحيح لتأسيس هذه الفرقة بما يعكس روح التراث العراقي الأصيل في بيئة دولية، مما ساهم في بناء جسر ثقافي بين العراق والعالم.
• في أي بلد أسست مقر الفرقة؟ وهل لها فروع في دول أخرى؟
• المقر الأساسي لفرقة إنكيدو هو في السويد، وتحديداً في مدينة مالمو، حيث بدأ مشروعي للحفاظ على التراث العراقي وإبرازه عالمياً. مع توسع نشاطات الفرقة ونجاحها، قمنا بإنشاء فروع أخرى أولها في مينسك في بيلاروسيا، والثاني في جزيرة صقلية (سيسيليا) في إيطاليا. هذه الفروع تعزز رسالتنا في نشر الفلكلور العراقي وتقديمه بأسلوب فني متقن في مختلف أنحاء العالم.
• ما هي أشهر التقاليد التراثية للرقصات الشعبية العراقية التي تتبناها في تنظيم اللوحات الراقصة؟
•العراق يمتاز بتنوع ثقافي وجغرافي هائل، حيث يمتلك كل إقليم ومجموعة قومية، موروثاً غنياً يعكس بيئته وتاريخه.
•في إقليم كردستان، نحتفل بقوة الجبال من خلال الدبكة الكردية الرائعة التي تجسد روح الجماعةوالفرح.
•في البادية والصحراء، نجد رقصات مثل الدحله البدوية والعرضة، التي تعكس حياة القبائل وعراقتها
• في المنطقة الغربية، نركز على لعبة الجوبي ورقصة الساس، وهي تمثل التنوع الشعبي في تلك المناطق.
•بغداد، المدينة العريقة، تملك تراثاً فنيًا عميقاً مثل الموشح العراقي الذي يمتد جذوره إلى العصر العباسي، وخاصة مع تأثيرات زرياب. كما نعرض رقصات مثل أم العباية التي تعكس الأناقة والرمزية الثقافية.
•في الجنوب، تمثل البصرة مع رقصات مثل الخشاب والهيوة، النوبان ورقصة البحر، إضافة إلى العديد من الرقصات الجنوبية الجميلة.
•وأيضاً لا ننسى الغجر العراقيين، الذين يمتلكون رقصاتهم الخاصة مثل الحسجة ورقصة الهجع التي تعكس ثقافتهم الفريدة.
• ما هو الدافع وراء تأسيسك فرقة رقص نموذجية عصرية مستوحاة من التراث العراقي؟
• الدافع وراء تأسيس فرقة إنكيدو ينبع من إيماني العميق بأن الفن، وخاصة الرقص، هو وسيلة قوية للتواصل بين الناس من مختلف الثقافات، كوني بعيداً عن بلدي العراق، شعرت بحاجة قوية لإيصال رسالتي الثقافية بشكل يعكس تراثنا العراقي العريق، وفي نفس الوقت يعزز الحب والسلام بين الناس. الرقص هو لغة عالمية تتجاوز الحواجز اللغوية والثقافية، وهو أداة تجسد القيم الإنسانية التي أؤمن بها. من خلال فرقة إنكيدو، أسعى لتقديم نموذج يعكس التنوع الثقافي في العراق، مع التأكيد على أن الفن يمكن أن يكون جسراً للتواصل بين مختلف الشعوب. أؤمن أن هذا الهوس بالفن يجب أن يكون وسيلة تجمع بين الناس، تنشر مشاعر الحب والوئام، وتقدم صورة إيجابية عن العراق، بلد الحضارات، بعيداَ عن الصور النمطية المرتبطة بالحروب والصراعات. أؤمن أن الفن قادر على أن يخلق عالماً أفضل من خلال تعزيز التفاهم بين الثقافات المختلفة، وهذا ما أعمل من أجله من خلال فرقة إنكيدو.
• عرف منهجك الثقافي الفني الذي لعب دور مميز في خلق أجواء نموذجية عصرية تمزج بين الرقص المسرحي والفلكلور الشعبي العراقي؟
• منهجي الفني يقوم على مبدأ أساسي وهو استلهام التراث الشعبي العراقي وتحويله إلى تجربة مسرحية معاصرة، تتناغم فيها الأصالة مع الحداثة، لكي أتمكن من نقل هذا التراث بأفضل صورة ممكنة، وأجريت مسحاً ميدانياً شاملًا لجميع المحافظات العراقية، حيث درست الرقصات الشعبية وأبعادها الثقافية في كل منطقة، واكتشفت التنوع الكبير الذي يميز العراق في هذا المجال وهذه الدراسة الميدانية مكنتني من فهم عميق لكل نوع من الرقصات الشعبية، بما في ذلك الرقصات التي تمثل مناطق كردستان، الجنوب، الغرب، والوسط. تمكنت من جمع هذه العناصر لتشكيل لغة فنية جديدة على المسرح، تجمع بين تقنيات الرقص المسرحي المعاصر والروح الفلكلورية التقليدية.الهدف هو نقل التراث العراقي ليس فقط كرقصات شعبية، بل كرسائل حية تمس مشاعر الجمهور، وتخلق أجواءً عصرية حيث يشعر المشاهدون بعمق الروح العراقية عبر الحركة في الوقت نفسه، أحرص على أن تظل هذه الأعمال محافظة على جوهرها، بحيث تظل مخلصة للموروث الثقافي، ولكن يتم تقديمها في قالب مسرحي يواكب العصر. وهذا التوازن بين الحرفية الفلكلورية والإبداع المسرحي المعاصر يتيح لي خلق مساحات فنية تتفاعل مع المتفرجين بشكل جذاب، مما يعزز تجربتهم ويعمق فهمهم لثقافتنا الغنية.
• ما هي أهم مشاركاتك بالفعاليات المهرجانية الحالية والمقبلة على المستوى العالمي؟
• من أبرز المشاركات التي أعتز بها هي تلك التي قدمتها في مهرجان الفنون الشعبية الدولي في مدينة شنغهاي، الصين، حيث فازت فرقة إنكيدو بالمركز الأول وأفضل عرض في المهرجان وهذه المشاركة كانت نقطة فارقة في مسيرتي الفنية لقد تمكنا من عرض التراث العراقي العريق بطريقة نالت إعجاب الجمهور الدولي. لكن المشاركة التي أفتخر بها بشكل خاص هي دعوتنا لتمثيل العراق في مبنى اليونسكو في باريس خلال اليوم الوطني العراقي. كان هذا الحدث فرصة عظيمة لي ولكل أفراد الفرقة لتقديم عرض يليق بتاريخنا العريق. كان لي الشرف أن أكون جزءاً من هذا الحدث الكبير الذي جمع أعلام العراق، مثل الفنان نصير شمة والفرقة الوطنية للتراث بقيادة المايسترو علاء مجيد تلك اللحظة كانت بمثابة وسام على صدري، حيث قدمنا عرضاً يعكس الثقافة العراقية ويبرز هويتها الثقافية الأصيلة. بالإضافة إلى ذلك، شاركنا في عدة مهرجانات في أفريقيا وآسيا وكندا، حيث أستطعنا أن ننقل رسالة العراق الحقيقية من خلال فنوننا الشعبية، مما سمح للجمهور الدولي بالتعرف عن كثب على ثقافتنا المتنوعة والغنية.
•هل تصمم لوحات تعبر عن الرقصات ذات طابع ديني روحاني كالرقصة الصوفية مع الأناشيد والإبتهالات والموشحات الدينية؟
•التصوف هو أحد التيارات الروحية العميقة في العالم الإسلامي، ويعكس بحث الإنسان عن الوحدة مع الذات ومع الله من خلال التعبد والتأمل والممارسة الروحية، يعتمد التصوف على مفاهيم مثل الحب الإلهي، التوبة، والعرفان، ويظهر ذلك بوضوح في العديد من أشكال الفن، بما في ذلك الشعر والموسيقى والرقص، الصوفيون يعبرون عن تجربتهم الروحية من خلال طقوس مثل الذكر والدوران، التي تستخدم كوسيلة للاتصال بالمعنى العميق للحياة والتأمل في الوجود، أحد أبرز الأسماء التي كانت لها تأثيرات كبيرة في التصوف وهو محيي الدين أبن عربي، الذي يعتبر من أكبر المفكرين الصوفيين في تاريخ الإسلام. كتاباته عن الحب الإلهي والتوحيد أثرت في العديد من المفكرين والفنانين. كما يعتبر جلال الدين الرومي، الشاعر والفيلسوف الصوفي المعروف، من أعظم مبدعي التصوف، وقد كان له تأثير كبير في الشعر والموسيقى والرقص الصوفي وخاصة من خلال مفهوم “الدوران” الذي يعبر عن السعي الروحي للوصول إلى الله، أما مال عثمان الموصلي، فهو من الشخصيات المهمة التي كانت لها بصمة في التراث الصوفي العراقي، حيث كان له دور في تطوير وتوحيد التعبير الصوفي داخل الطقوس العراقية، وهو ما ألهمني شخصياً في أستخدام بعض من هذه الرموز الروحية في أعمالي الفنية، وفي أعمالي المسرحية أسعى لإستلهام هذه المفاهيم الروحية العميقة من التراث الصوفي، وأستخدمها في تصميم الرقصات المسرحية الحديثة التي تمزج بين الروحانية والتقنيات المعاصرة. من خلال هذه الأعمال، أهدف إلى إعادة تفسير الرقص الصوفي التقليدي بلغة فنية حديثة، بحيث يمكن للجمهور اليوم أن يتصل بتلك الرمزية الروحية بشكل مبتكر ومعاصر.
•هل واجهت تحديات وصعوبات في عملك وأنت في الغربة؟
•عندما أتحدث عن العمل الفني في الهوية التراثية العراقية، أواجه العديد من التحديات التي تتعلق بالحفاظ على أصالة هذا التراث في ظل الظروف الثقافية والإجتماعية التي يمر بها العراق اليوم فالهوية التراثية العراقية ليست مجرد مظاهر ثقافية، بل هي تعبير عن عمق تاريخي وحضاري يمتد لآلاف السنين ومن المهم أن نحافظ عليها بدقة لضمان نقلها للأجيال القادمة. من أبرز المخاوف التي أواجهها هو أنقطاع الإتصال بين الأجيال الحالية وتراثها بسبب تأثيرات العولمة والضغوط الخارجية التي تهدد بطمس جزء كبير من هويتنا الثقافية. كما ألاحظ وجود فوضى في طريقة تمثيل التراث العراقي في الفضاءات العامة، حيث يضيع الكثير من الموروث الثقافي بين محاولات دمج الفلكلور بالتوجهات الفنية المعاصرة مما قد يؤدي إلى تشويه بعض الأنماط الأصلية. هناك أيضاً قلة الدعم من الجهات الحكومية والمنظمات الثقافية المحلية، وهو أمر يعيق تحقيق استمرارية العمل على الحفاظ على التراث. رغم أهمية التراث في بناء الهوية الثقافية، إلا أن الدعم المادي والمعنوي لهذا المجال لا يزال محدودا، لقد واجهت العديد من الصعوبات في عملي، خاصة في ما يتعلق بتأسيس فرقة “إنكيدو” التي تهدف إلى الحفاظ على التراث العراقي وعرضه على المسارح العالمية. يظن الكثيرون أنني يمكنني طلب الدعم من المنظمات الإجتماعية أو الجمعيات، لكن هذا ليس صحيحاً. فرقة “إنكيدو” ليست جمعية ولا تتلقى دعماً من أي جهة رسمية أو منظمة؛ بل هي نتاج جهودي الشخصية وتفانيي في العمل. لقد عملت في عدة وظائف مثل معلم رقص في أكثر من 50 بلد، وأحياناً في دار المسنين لجمع الأموال اللازمة لتمويل الفرقة. كل ما يرى من موسيقى وأزياء خاصة بالفرقة هو من مجهودي الشخصي، وأحياناً أضطر للعمل الإضافي لتغطية هذه التكاليف ورغم هذه الصعوبات، فإنني محظوظ بدعم بعض الفنانين الكبار الذين كان لهم دور كبير في مسيرتي ومسيرة الفرقة مثل معلمتي الأستاذة هناء عبدالله التي دعمتني منذ تأسيس الفرقة، والموسيقار الكبير سليم سالم الذي ألف ستة مقطوعات موسيقية خاصة للفرقة، بالإضافة إلى الأستاذ سعد اليابس الذي أهدى الفرقة قطعة موسيقية خاصة بها، كما لا يمكنني نسيان تعاون الأستاذ عادل العيبي في تصميم بعض اللوحات للفرقة. وأتعامل أيضاً مع موسيقيين عراقيين مميزين من داخل العراق مثل الأستاذ سعد سهيل، عازف الفرقة الوطنية للفنون الشعبية العراقية، والأستاذ أديب عازف الإيقاعات وحسام يابس، الذين هم جزء من فرقة “ إنكيدو” وأود أيضاً أن أشكر المصمم سيف العبيدي الذي قدم لنا تصميم الأزياء، وكذلك المصممة شمة التي أسهمت في تزويدنا بالأزياء الجميلة. رغم كل هذه التحديات، فإنني مستمر في تقديم أفضل ما لدي لإظهار التراث العراقي بأجمل صورة على المسارح العالمية، وذلك بفضل دعم هؤلاء الفنانين والمبدعين الذين كان لهم دور كبير في نجاح المشروع.
• كيف يتم دعمك كفنان حر في مجال الرقص؟
• منذ انتقالي إلى السويد بدأت مسيرتي الفنية مره ثانية من الصفر، كنت محظوظًا بالحصول على دعم كبير من مملكة السويد التي فتحت أمامي الأبواب لصقل موهبتي أكاديمياً. خاصة من خلال “Konstnärsnämnden” دعم (اللجنة السويدية للفنانين التي قدمت لي فرصاً قيمة للتطور والبحث، في مجال الرقص، وهذا الدعم ليس فقط لفرقتي، بل هو دعم شخصي كفنان حر وراقص معلم. إذ ساعدني هذا التمويل على تحقيق مشاريع بحثية وإبداعية كان من المستحيل إنجازها بدون هذا الدعم المادي والمعنوي، بالإضافة إلى ذلك، كانت تجربتي في مدرسة الرقص الحديث في السويد نقطة تحول كبيرة في مسيرتي المهنية والدراسية. لقد تعلمت الكثير على يد أساتذة متميزين كان لهم دور محوري في تطوري الفني، ومنهم:
• Lena Cederwall Broberg،
أستاذة و الخبيرة رقص الباليه، التي ساعدتني في تحسين مهاراتي التقنية وإتقان تفاصيل الأداء. .
• Ottilia Broberg،
أستاذة الرقص المعاصر، التي ألهمتني لإستكشاف طرق جديدة في التعبير الجسدي والإبتكار
• Sofia Barkevall،
أستاذة الجاز وعلم التشريح، التي قدمت لي معرفة عميقة حول التوازن بين الحركة والأداء الجسدي بشكل آمن. وصحي
إلى جانب هذا الدعم الإعلاميين والفنانين العراقيين والعرب، كان لي شرف أن أعمل مع العديد من الفنانين والإعلاميين الذين قدموا لي دعماً معنوياً كبيراً على مدار مسيرتي، من بين هؤلاء الإعلامي الكبير سعد المسعودي، الذي كان له دور كبير في نشر أعمالي وتعزيز وجودي الفني في المجتمع. كما أنني لا أستطيع أن أنسى المايسترو علاء مجيد، المصمم الراقص العالمي وليد عوني، وياسين طه ياسين نقيب الفنانين سابقاً في نينوى، وكل هؤلاء الأفراد الذين كانوا مصدر إلهام لي وداعمين رئيسيين لمشاريعي، كما أن دعم الدكتور ثورة في الفنون الشعبية البصراوية، والأستاذ ريتا جون من مؤسسي الفرقة القومية للفنون الشعبية العراقية، ونور الدين جاسم، المدير السابق للفرقة القومية للفنون الشعبية كان له تأثير كبير في تطور عملي الفني، هؤلاء الأشخاص وغيرهم كثير ساهموا بشكل أساسي في دعم رحلتي الفنية وفتح الأبواب أمامي لتحقيق طموحاتي.إن الدعم الذي تلقيته من هؤلاء الفنانين والمبدعين والإعلاميين، بالإضافة إلى الدعم السويد.
((اللجنة السويدية Kounstnärsnämnde للفنانين كان لها أثر بالغ في مسيرتي الفنية ومنحتني القوة للإستمرار في تقديم عملي كراقص حر بشكل عصري وجميل، وأيضاً الحفاظ على الهوية واحترامي بما أعمل وأختار.
• ماهي أهم المشاركات والجوائز والتكريمات التي حصلت عليها من المحافل الدولية؟
• كفنان حر، حصلت على العديد من الجوائز التي أعتبرها محطات مميزة في رحلتي الفنية وهذه الجوائز ليست فقط تكريماً لجهودي، بل هي شهادة على قيمة التراث العراقي والعمل الفني الذي أقدمه.
• في العراق: حصلت على جائزة أفضل دور ثانٍ في أدائي مسرحية “السيد وخادمه”، وهو إنجاز ساهم في صقل مهاراتي الفنية وأكد على شغفي بالمسرح.
• في السويد: حصلت على جائزة في المهرجان الثقافي عن عملي المميز “حدود البلدان”، الذي يعبر عن الهوية الثقافية والإنسانية بلمسة فنية معاصرة
• في الصين : حققت فرقتي إنجازًا كبيراً الفوز بالمركز الأول في المهرجان الدولي للفنون الشعبية في شنغهاي، مما أبرز التراث العراقي على منصة عالمية.
• في الجزائر والمغرب والأردن: حصلت على جوائز مرموقة في مهرجانات الفنون الشعبية والرقص المسرحي الحديث، حيث قدمت أعمالًا تعكس جمال وتنوع الرقصات التراثيةالعراقية بلمسة معاصرة إضافة إلى الجوائز، كانت لي مشاركات متميزة في أكثر من 50 دولة حول العالم. لم تكن مشاركاتي مقتصرة على العروض الفنية فقط، بل تضمنت أيضاً تقديم محاضرات وورش عمل تعليمية، حيث نجحت في إيصال الرقص العراقي إلى أكثر من50 بلداً. أعتبر هذا الإنجاز وساماً على صدري ومسؤولية كبيرة لمواصلة الحفاظ على التراث ونشره عالميآ
• ماهو طموحك وماذا تريد أن تحققه في المستقبل من خلال فعالياتك الثقافية والفنية في أنحاء العالم؟ وهل تعد لها العدة المسبقة حالياً ضمن برنامج خاص؟
• طموحي الأساسي هو توثيق الرقصات الشعبية العراقية بشكل أكاديمي ورسمي، بهدف الحفاظ على هذا الإرث الثقافي العظيم ونقله للأجيال القادمة. أحلم بإنشاء مشروع كبير يوثق هذه الرقصات ضمن منهج أكاديمي متكامل، يتم أعتماده في المؤسسات التعليمية، كما أتطلع إلى تقديم ملف شامل للرقصات الشعبية العراقية لتسجيلها ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي في منظمة اليونسكو حالياً، أعمل على إعداد برنامج يتضمن مسحاً ميدانياً جديداً للمناطق العراقية التي لم توثق رقصاتها بشكل كافٍ، بالتعاون مع باحثين وخبراء في الفنون الشعبية بالإضافة إلى ذلك، أضع خطة لتوسيع مشاركة فرقة “إنكيدو” في المهرجانات العالمية، خاصة تلك التي تهتم بالفنون الشعبية والتراث الثقافي. هناك عدة مهرجانات محددة أرغب في المشاركة بها قريباً، وحلمي هو أن أعمل ليالي تراثية عراقية في العراق مع الفرقة ولكن لم تحين الفرصة حتى الآن من بلدي الأم. كما أنني أحلم بإنتاج عمل فني كبير يمزج بين الرقص العراقي التقليدي وأساليب المسرح الحديث، أن أستوحي من الحضارات العراقية القديمة كلها السومرية – البابلية – الآشورية – الأكدية بهدف تقديم رؤية جديدة تجمع بين الترويه والأصالة والتجديد، وتستقطب جمهوراً عالمياً.
•إلى ماذا تهدف برسالتك الفنية التي تعبر عنها من خلال فن الرقص الشعبي العراقي؟
• من خلال رسالتي الفنية في الرقص الشعبي العراقي، أهدف إلى نقل الروح الإنسانية التي يتميز بها تراثنا الثقافي إلى العالم. إن الفلكلور العراقي ليس مجرد رقصات وحركات، بل هو تعبير عن الهوية والتاريخ والقيم الإنسانية العميقة التي تجمع بين مختلف الطوائف والمكونات الثقافية في العراق. من خلال لوحاتي الفلكلورية، أسعى إلى أن أعيد الحياة للتراث العراقي وأن أبرزه كفن حي نابض يعكس السلام والمحبة، ويجمع الناس من مختلف الثقافات في جو من التعايش والتفاهم. أعتقد أن الرقص ليس مجرد أداء، بل هو لغة عالمية يمكن أن تبني جسوراً بين الشعوب، وتعزز من الإحترام المتبادل والتسامح رسالتي تتمثل في أن أكون سفيراً للفنون الشعبية العراقية وأن أساهم في الحفاظ على هويته الثقافية من خلال أعمالي الفنية والتعليمية حول العالم.
• كلماتك المعبرة عن فحوى مشاعرك الإنسانية لمن تحب أن تهديها في خاتمة اللقاء؟
• في خاتمة هذا اللقاء، أود أن أوجه أعمق مشاعر الإمتنان إلى كل من آمن بي ودعمني في رحلتي الفنية، أهدي هذه الكلمات إلى معلميَّ وزملائي الذين كانوا مصدر إلهام لي، وإلى عائلتي وأصدقائي الذين تحملوا معي صعوبات هذه المسيرة، كما أهديها إلى بلدي العراق، هذا الوطن الذي ألهمني بكل ما يزخر به من تنوع ثقافي وتراث عريق أقول للعراق: سأبقى أحمل هويتك بكل فخر وأعمل جاهداً لأُظهر جمالك للعالم بأسره.