«الجولاني المودرن» وحكم آل الأسد
بقلم: حمزة عليان
النشرة الدولية –
سيبقى حكم حافظ الأسد وابنه بشار (54 عاماً) مفتوحاً ومشرعاً إلى أن تخرج الوثائق من بطون الخزائن، وتحكي لنا أسرار وفضائح وجرائم ذاك النظام. أثناء مرحلة حكم «الأسدين» كانت هناك مجموعة كتب صارخة في عهدها وغير مسبوقة أقدم عليها عدد من الدبلوماسيين وأصحاب الرأي والجامعيين، واحد منهم هو الدبلوماسي الهولندي نيكولاس فان دام الذي عمل مبعوثا خاصا لسورية، إضافة إلى كونه سفيرا لبلاده في عدد من البلدان العربية، وهو صاحب الكتاب الشهير «الصراع على السلطة في سورية، 2011».
الدبلوماسي الهولندي يقول الآن في عهد «الجولاني المودرن» أمام الشرق الأوسط فرصة ذهبية لخلق سورية جديدة، فـ «الجولاني» كما يراه خضع لتحوّل كبير من مقاتل متطرف في تنظيم القاعدة إلى «إسلامي أكثر اعتدالاً»، وإلى تسامح جديد تجاه الأقليات، وما يعنينا في هذا المقال شخصية لم تأخذ حقها في وسائل الإعلام ولم يسلط عليها الضوء كما يستحق هو الباحث الفرنسي ميشال سورا، الذي ذهب ضحية للنظام الأسدي غدراً وقتلاً.
كتاب ميشال سورا عبارة عن وثيقة تاريخية نادرة تفسر الآليات والمبادئ الأولى لتأسيس نظام الأسد وعمله، وأساليب حكمه، وتعاملاته مع الرأي العام السوري والعالمي، والتي لم تتغير كثيراً منذ تأسيسه في بداية السبعينيات.
سورا اكتشف أنه لا يوجد عند الأسد مشروع سوى بناء سلطة وتأمين وسائل القوة الكفيلة بالدفاع عنها، فقد كان الحكم هو الغاية الأساسية، ودولة الأسد أقيمت لتنظيم شؤون ملكه، وتثبيت أركانه، ورعاية مصالح عصبيته، وضمان توسع نفوذ أصحابها وأمنهم، ويوضح أنه لم يبلغ نظام في التاريخ مستوى من التفنن في تطوير وسائل الخداع، لقلب الحقائق، وتزوير الواقع وتحويل الضحية إلى جلاد والسارق إلى قاض، ما بلغه نظام الأسد، وكتاب سورا كلّفه حياته، بعد أن كشف حقيقة النظام القمعية.
برهان غليون قرأ الكتاب ووضع مقدمة له، ويعتبر أن «استراتيجية الحرب» التي اتبعها «الأسد الابن» للرد على الثورة التي فجّرها السوريون لاستعادة هويتهم كشعب لا تختلف عن أي سلطة احتلال، وهو ما عرضه سورا على مدى أربعة عقود، حيث يفضح المؤلف سياسة الأسد الذي امتهن القتل والكذب طريقة للحكم، وقبل أن يسافر في رحلته الأخيرة إلى لبنان ليلقى مصرعه هناك على يد جماعات تعمل لحساب النظام، التقى أصدقاءه وأخبرهم عن مشروعه… وكان محقاً بتسمية سلطة الأسد بأنها متوحشة.
واختطف سورا عام 1985 وقرر أصدقاؤه فيما بعد أن يصدروا أبحاثه في كتاب تخليداً لذكراه، وهكذا كان، وأبدع الباحث الفرنسي ببصيرة وذكاء في حديثه عن تراجع التقدمية العربية بأشكالها كافة وصعود الحركات الإسلامية، في الوقت الذي كان يشهد تجذر الأنظمة المستبدة وترسخها.
نتطلع اليوم إلى المجتمع السوري من جديد ونتساءل: هل ستفوّت سورية على نفسها فرصة تحديثها على يد «الجولاني – المودرن» كما فوتت ذلك من قبل منذ عهد الانقلابات العسكرية، وصولاً إلى «حكم الأسدين» لبناء دولة وطنية، دولة مؤسسات تقوم على فكرة المواطنة الحقة وتجمع الطوائف والأقليات تحت سقف الدولة وهويتها الوطنية والعروبية؟
في هذا الإطار سيكون الأمر مفيداً تقديم «وجبة» من أفضل وأهم الكتب التي وثقت بجرأة تاريخ حقبة كاملة من حكم «الأسدين»، وهي من الكتب التي تقرأ فعلاً وتشكل مرجعاً لا غنى عنه في أي مكتبة خاصة، ومن هذه الكتب:
1- باترك سيل «الصراع على سورية».
2- نيكولاس فان دام «الصراع على السلطة في سورية».
3- ديفيد ليش «سقوط بيت الأسد».
4- كريستوفر فيليبس «التنافس الدولي في الشرق الأوسط الجديد».
5- فابريس لانش «الطائفية في الحرب الأهلية السورية».
6- تشارلز ليستر «الجهاد السوري».
7- مايكل كير- كريغ لاركين «العلويون في سورية الحرب والإيمان والسياسة».
8- رضوان زيادة «السلطة والاستخبارات في سورية».
9- ميشال سورا «سورية الدولة المتوحشة».