مركز البحوث يعوّض خسائر «التثمين» بمشروع وطني
بقلم: حمزة عليان
النشرة الدولية –
«التثمين» كان مرحلة فاصلة بتاريخ الكويت، نقلة أحدثت تغييراً جوهرياً في حياة الناس، فقد كان التحول إلى العصرنة والحداثة، السمة الرئيسية في فترة الخمسينيات، إنما هناك من يتحسر على ماضٍ اندثر ولم يبق من ذاك التراث المعماري إلا القليل.
الكويت قبل النفط هي غيرها بعده، لذلك بقي الحنين إلى الماضي والذكريات لا يبارح العقول، خصوصاً عندما تسمع أحدهم وهو يتحدث عن انتمائه وأصوله وتاريخ أسرته أين سكنوا وماذا يمثل هذا الحي في الوجدان.
محاولات عديدة جرت لتدوين كويت الماضي، أحياء وعادات وتراث ومبان، قبل «التثمين» وهي مبادرات لا شك قيّمة، إنما ما أقدم عليه مركز البحوث والدراسات الكويتية، أرى فيه عملاً وطنياً توثيقياً رائعاً، اكتملت فيه عناصر النجاح والعمل البحثي والتوثيقي.
مركز البحوث وبقيادة الأستاذ والصديق الدكتور عبدالله الغنيم وضع مشروعاً متكاملاً وفق منهجية علمية جديدة اعتماداً على وثائق رسمية للملكية والمصادر الموثوقة في الكتابة عن صورة المدينة وإحيائها القديمة، بعد أن قضى التثمين على معالمها.
الآن وصل المشروع إلى «الجزء الثامن» فقد خرجوا من السور الثالث واتجهوا إلى «الحي القبلي»، وهذا العمل يقف وراءه فريق متجانس تتوزع عليهم المهمات، كل حسب تاريخه وتخصصه ومجال عمله، واجب علينا الإشارة إليهم والتنويه بالإنجاز الذي قدموه وهم السادة: صلاح علي الفاضل، فهد علي الشعلة، وليد عبدالله المنيس، فيصل عادل الوزان، فهد غازي العبدالجليل، أحمد محمد العدواني، وبالطبع تحت إشراف الدكتور عبدالله الغنيم.
يثمّن المركز دور إدارة التسجيل العقاري التابعة لوزارة العدل، والوثائق التي تم توفيرها كذلك إدارة نزع الملكية بالمخططات والبيانات الخاصة بالقسائم السكنية.
في مقدمة الجزء الثامن شرح وافٍ وموسع يطال كل الجوانب، معتبراً أن «مدينة الكويت القديمة راحت ضحية للافتتان بالحداثة والإثراء بعد ظهور النفط، ولسوء تقدير إداري لمصيرها»، لذلك أتت مهمة مركز البحوث «تعويض جزء من تلك الخسارة الفادحة، ارتأى تشكيل فريق من الباحثين الخبراء لتقديم مشروع علمي منهجي بهدف استظهار مدينة الكويت القديمة من خلال الوثائق والسجلات والصور… فماذا فعل؟
أولاً: قام بتحديد البيوت وأسماء ملاكها والمعالم المهمة للمدينة من واقع المصورات الجوية القديمة ابتداءاً من عام 1951 لشركة مختصة.
ثانياً: استعان بالوثائق العدسانية والوثائق اللاحقة لها والوثائق والسجلات العقارية المودعة لدى إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل وموسوعات وكتب ووثائق أخرى.
ثالثاً: اعتمد على سجلات التثمين داخل المدينة التي تضمنت معلومات يحتفظ بها مركز البحوث فيها معلومات عن البيوت التي قامت الدولة باستملاكها بدءاً من العام 1954 ثم قامت اللجنة بفرز البيوت المستملكة بحسب الأحياء الرئيسية ثم فرزت البيوت في كل حي من تلك الأحياء إلى عدة محلات، وتضمنت السجلات تحديد مالك البيت ورقم القسيمة ورقم المخطط ورقم صيغة الاستملاك.
رابعاً: استفاد المركز من المخططات المساحية والتنظيمية للبيوت المستملكة المتوافرة لدى بلدية الكويت وإدارة نزع الملكية.
خامساً: اعتمد على روايات شفهية بخصوص مواقع المدارس والمرافق الأهلية والحكومية، إضافة إلى صور فوتوغرافية قديمة.
المشروع التوثيقي الشامل يتكون من سلسلة أجزاء ستغطي كامل مدينة الكويت القديمة وبعض القرى كالجهراء وأبوحليفة والفحيحيل والفنطاس والشعيبة.
ما يميز المشروع الوصول إلى شكل المدينة القديم ورصد توسعها الجغرافي والتمدد العمراني ومواقع الأسوار بكل دقة.
في الجزء الثامن كما بقية الأجزاء وعند التطرق إلى اسم «محلة» يتم استعراض تاريخ المحلة وعلاقتها بالأسر التي سكنت فيها وحدودها وأهم معالمها كالمدارس والمساجد والعمارات وصور ووثائق لكل المعالم، ثم معلومات تاريخية عن قسائم تلك المحلة (مثال: محلة الخالد والرفاعي بالحي القبلي).