صراع وعشق بين اليهود والفلسطينيين
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –

توقفت حرب الإبادة في غزة بعد 450 يوماً تقريباً، لكن الصراع لم ينته، وقد يتجدد ويأخذ أشكالاً مختلفة من المواجهات… حرب غزة لن تكون الأخيرة ما لم ينل الشعب الفلسطيني ويعط ولو جزءاً من حقوقه وأرضه ليعيش بسلام.

 

​كيف يكون نوع الحل والتعايش؟ أي دولة يتحدثون عنها وهل بقي منها شيء؟ بعد كل ما جرى وبوضح النهار من جيران الفلسطينيين وإخوة العروبة، ومن داخل سلطة رام الله نفسها والانقسام المفجع بين من يتولون إدارة الملف، لا سيما ونحن أمام أربع سنوات من عصر ترامب «الذهبي» حامي دولة الكيان إلى الأبد!

 

​وأنا في سبيلي لقراءة كتاب «التوراة جاءت من جزيرة العرب» للدكتور كمال الصليبي، وللمرة الثانية أعيد قراءته، تلقيت من الأخ حسان القريّب كتاباً يحمل عنوان «القبيلة الثالثة عشرة ويهود اليوم» ترجمة أحمد نجيب هاشم، وتأليف آرثر كيستلر، وهو من أصول يهودية، وصاحب تاريخ حافل بالمؤلفات، أشهرها رواية «ظلام في الظهيرة»، وهي رواية سياسية ترجمت إلى أكثر من 30 لغة. يقول إن أكثر يهود اليوم يتحدرون من «دولة الخرز» الممتدة من البحر الأسود إلى بحر قزوين، والتي ظهرت في العصور الوسطى… والذين يسميهم القبيلة الثالثة عشرة، أي أنهم لا يمتّون بنسب إلى أسباط إسرائيل الـ 12 الوارد ذكرهم في التوراة، أي لا علاقة لهم بنسل يعقوب، وأنهم لم يأتوا من فلسطين، بل من القوقاز، وبعبارة أوضح فإن معنى معاداة السامية لم يعد له معنى في ضوء هذه الحقيقة… ويكون بذلك هدم أسطورة شعب الله المختار.

 

​جوهر فكرة الكتاب تقوم على ما يلي: أن كيان دولة إسرائيل لا يستند إلى أصول اليهود العرقية النظرية، ولا إلى ركائز عقائدهم الدينية، وإنما يقوم أساساً بمقتضى القانون الدولي الذي أصدرته الأمم المتحدة سنة 1947، والقاضي بتقسيم فلسطين إلى دولة عربية وأخرى يهودية، وأن هذا التقسيم كان نتيجة لتدفق هجرات اليهود إلى فلسطين لسنوات طويلة… ولقرار دولي لتعويض اليهود عما تعرّضوا له في «ألمانيا الهتلرية»… والتخلص منهم ورميهم في فلسطين.

 

​في هذا الفضاء الفلسطيني الإسرائيلي أهداني الأخ حسان القريّب، والمعروف وسط أعضاء «منتدى الصحبة» بأنه قارئ نهم وأبو الكتب وحاملها، كتاباً آخر اسمه «العشيق الفلسطيني»، صدر عام 2010 من دار نوفل في بيروت، والمؤلف سليم نصيب مولود في بيروت عام 1946، وعمل في الصحافة الفرنسية وأخرج أفلاماً وثائقية عن المساجين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو يهودي عربي. والكتاب يتحدث عن علاقة عشق وغرام بين ثري فلسطيني من أبناء حيفا وغولدا مائير، دامت في الفترة من عام 1929 إلى عام 1933.

 

​وفي العشرينيات كان لبنان وفلسطين يشكلان بلداً واحداً تقريباً قبل ترسيم الحدود بينهما من قبل الفرنسيين والإنكليز.

 

في تلك السنوات كان ألبير فرعون يعيش في بيروت، وهو متحدر من عائلة غنية فلسطينية، وكان يعمل في قطاع الصيرفة، وعاشقاً للخيول، ويعود أحياناً إلى مسقط رأسه في حيفا، تبعد 3 ساعات بالسيارة، وشعر بالضجر من الحياة في بيروت، ليعود إلى حيفا ويستقر فيها متخلياً عن زوجته وولديه، في تلك الفترة انتشرت إشاعة فاضحة بأن له عشيقة يهودية في فلسطين تدعى غولدا مائير.

 

​المؤلف كان على علم بتلك القصة، إذ إن ألبير فرعون جد صديقه فؤاد، وإحدى بنات شقيقة ألبير فرعون تعيش في القاهرة ينتابها شعور دائم بأنها في المنفى، أجبرت على الزواج من ثري مصري، وكان ألبير فرعون يزورها كلما ذهب إلى القاهرة، وكانت مثله تحب الخيل ويحدثها دائماً عن غولدا، إذ لم يكن باستطاعته أن يخبر أحدا غيرها.

 

في تل أبيب لا أثر إطلاقاً لهذه العلاقة، ولدا غولدا مائير وكاتب سيرتها كانوا في حالة ذهول.

 

​قصة مستحيلة، كان لا بد كما يرد في مقدمة الكتاب، من أن تحدث في المساحة الصغيرة، حيث يحدث ما لا يجب أن يحدث، في شريط ضيق لأرض تنبت فيها الزهرة الممنوعة والنبض الغريزي، بل الحياة بحد ذاتها.

زر الذهاب إلى الأعلى