مَن ينتصر في «معركة الإنجاب» اليهود أم الفلسطينيون؟
بقلم: حمزة عليان
النشرة الدولية –
الخبر الأول: تقول الإحصاءات إنه بعد 105 أيام من الحرب في غزة، أي بعد السابع من أكتوبر 2023، وُلد 20 ألف طفل فلسطيني، أي طفل واحد في الحرب المدمرة كل 10 دقائق (ملخّص منسوب لمندوبة «يونيسيف»).
الخبر الثاني: في السابع من أكتوبر 2023، كانت هناك 60 ألف سيدة حامل، وبعد انقضاء عشرة أشهر، وضعت جميع النسوة حملهن، وسجلت وزارة الصحة الفلسطينية نجاح 55 ألف حالة ولادة.
وبحسبة أرقام بسيطة، أنجب الفلسطينيون في غزة المنكوبة نحو 68 ألف مولود جديد، مقابل حوالي 50 ألفاً قتلوا واستشهدوا طوال الحرب التي امتدت إلى 450 يوماً خسروا فيها 50 ألفاً، وتوالدوا بأكثر مما خسروه من ضحايا بشرية.
يبدو أن الديموغرافيا انتصرت للشعب الفلسطيني، رغم الحروب والنكبات، والمسألة ليست وليدة اللحظة، بل هي صراع مستمر على الأرض والبقاء، وكان ذلك يشكّل «عقدة وهاجساً» للقيادات الإسرائيلية، وأكثرهم وضوحاً في هذا الشأن ما قالته غولدا مائير: «كنت أتمنى أن أصحو كل صباح ولا أجد طفلاً فلسطينياً على قيد الحياة»، وهي كما وصفها ديفيد بن غوريون بأنها «الرجل الوحيد في الحكومة الإسرائيلية»، تشبيهاً لها بشكل الرجال، منزوعة عنها صفتا الأنوثة والأمومة.
في عام 2024 أعلن جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني أن إجمالي عدد الفلسطينيين تضاعف 10 مرات، في حين استُشهد نحو 134 ألف فلسطيني منذ نكبة 1948.
اليوم وصل عدد الفلسطينيين في عموم أنحاء «فلسطين التاريخية» إلى حوالي 7 ملايين و300 ألف نسمة، منهم أكثر من مليونين من عرب 1948 مقابل 7 ملايين و200 ألف يهودي، أي أنّ كفّة الفلسطينيين من حيث العدد لا تزال هي الأكثر، والسباق بين الاثنين محموم.
هذا في الداخل، بينما وصل عدد اليهود المنتشرين حول العالم إلى 15.7 مليون نسمة، في حين أن الفلسطينيين في العالم قاربوا على رقم 14 مليوناً.
وقد اتّجه البعض بالتفسير، كيف يواجه شعب حرب إبادة كما في غزة المنكوبة، وينجب مواليد أكثر مما يخسر؟ هل هو نوع من المقاومة؟ أم أن التعميم غير مفيد، فالبيئة الحاضنة لها صلة بالموضوع، كذلك مستوى المعيشة والتعليم وحالة الفقر وما إلى ذلك؟
لقد امتلك الشعب عنصر قوة هو البقاء على الأرض، وهو بـ«القوة الناعمة» التي تفوّق بها الفلسطينيون وتتجسّد بالتكاثر السكاني، أي زيادة الإنجاب بمعدلات غير طبيعية.
هناك حقائق على الأرض تؤكد أنه بالرغم مما عاناه هذا الشعب من تهجير وقتل وتشريد واحتلال، لا يزال متشبثاً بأرضه… هذا الواقع يدحض مقولة «أرض بلا شعب»، التي تم الترويج لها عبر الدعاية الغربية والسردية الإسرائيلية.
هي ليست «قنبلة ديموغرافية» تجعل الشعب الفلسطيني مفتوناً بفكرة الانتصار أو الاسترخاء، بل حافز لخلق نوعية ومستوى وكفاءة يجعلان منه بالداخل الفلسطيني وفي الشتات عنصر مواجهة يتمتع بمواصفات الشعوب الحية والمتجددة التي لا تموت، والمهم أن يستكمل هذا الجانب بـ«صناعة إنسان فلسطيني» قادر على العطاء والتأثير والحضور في محيطه، وفي بلاد الاغتراب.