ماذا بين إسرائيل وإيران؟
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –

استوقفني كثيراً كلام على لسان أمين سر المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران، ويُدعى علي أكبر أحمديان، أن بلاده لم تكن تنوي طوال الـ 45 عاماً الماضية إسقاط إسرائيل وتدميرها أو القضاء عليها!

 

​كذلك الحال مع تصريح «ترامب العظيم»، أنه من غير الوارد التعاون مع إسرائيل في تفتيت إيران أو تفجيرها!

 

​بكلام أوضح، إيران لا تريد تدمير أو القضاء على إسرائيل، وأميركا لا تنوي تفجير إيران، كذلك إسرائيل… إذن هناك رواية أخرى تبيِّن حقيقة العلاقة بين إسرائيل وإيران، وهذا ما وجدته في كتاب «المشروع الأسود بين إيران وإسرائيل» للمؤلفة سارة شريف، الصحافية والباحثة المصرية المتخصصة في الشؤون الإسرائيلية، والتي سبق أن صدر لها كتاب آخر بعنوان «إسرائيل تحترق» عام 2014.

 

​لديها قناعة أن الصراع بين إسرائيل وإيران ليس أيديولوجياً أو سياسياً، وأنها مجرَّد شعارات، فالمصالح الاستراتيجية بينهما تتقاطع في أكثر من مفصل، وخلف الخطاب العدائي المتبادل يوجد تاريخ مثمر من العلاقات المشبوهة.

 

​تعتقد أن أسوأ التصريحات التي أطلقها ساسة في العالم نحو إسرائيل كانت من إيران، وأكثر دولة لم تفعل ما يتفق مع تصريحاتها كانت هي! ربما يملأ العديد من القادة العرب آذاننا بشعارات تحرير فلسطين، وفي النهاية لا يفعلون شيئاً، لكن إيران صوتها أكثر ارتفاعاً، رائدة في رفع شعارات المقاومة، ومحو إسرائيل عن الخريطة، لكنها في النهاية تمد أيديها تحت منضدة الصراخ وتعقد الصفقات!

 

​تؤكد المؤلفة أن وراء خلق الدولتين فكرة دينية، وهذا ما يجمعهما، وهو ما جعل مكانة الدِّين داخل إسرائيل وإيران مهمة، ولها سيادة، فالدِّين هو البداية، وهو المخرج، والمُنقذ، والشمَّاعة التي تعلِّق عليها الدولتان ذنوبهما، وهو أيضاً ما جعل الغريمتين تحكمان بالمبادئ نفسها، فتقعان في فخ التشابه وخندق المصلحة!

 

ثم تناقش التركيبة السكانية للدولتين، ووضع الأقليات في كل منهما، وتسرد تاريخ العلاقات الإسرائيلية – الإيرانية، وتتوسع في الموضوع النووي لكلتا الدولتين، بدءاً بالبرنامج النووي الإسرائيلي، والبرنامج النووي الإيراني، وصولاً إلى الاتفاق النووي مع إيران، وكيف استفادت إسرائيل منه.

 

​أخيراً، تفرد مساحة واسعة للحديث عن اليهود في إيران، والفرس في إسرائيل، و«اللوبي» الإيراني في أميركا وعلاقته باليهود، كذلك «اللوبي» اليهودي اليساري وعلاقته بإيران، وأن هناك 220 شركة إسرائيلية تتعاون مع إيران، و55 شركة إيرانية تتعاون مع شركات إسرائيلية.

 

​الخلاصة التي انتهت إليها بعدما قامت بجمع الأحداث ذات الوجهين، ورصد المواقف ذات المكيالين، وبحثت في التاريخ والجغرافيا والسياسة والدِّين، قرَّرت أن تلتقط الصورة عن بُعد، وعلى قاعدة أن كُل ما يُعلن هو «صورة مقلوبة» عمدت إلى إظهارها «معدولة».

 

​قدَّمت للقارئ شواهد وأدلة على أن ما يحدث أمامنا من حرب كلامية ومواقف صِدامية بين إسرائيل وإيران ليس هو الحقيقة.

 

​الشواهد تُعيد لنا التذكير بفضيحة «إيران – غيت»، أو «إيران – كونترا» في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، وأثناء اشتعال الحرب العراقية – الإيرانية، وفي عهد الرئيس الأميركي رونالد ريغان، والذي عقد اتفاقاً سرياً لتزويد إيران بأسلحة وصواريخ من نوع «تاو»، مقابل إطلاق سراح خمسة محتجزين أميركيين رهائن في لبنان. اللقاء تم بين نائب الرئيس الأميركي، آنذلك، جورج بوش الأب، وبحضور مندوب عن «الموساد» الإسرائيلي، ويُدعى آري بن ميناش، والذي كان له دور في نقل الأسلحة من إسرائيل إلى إيران، والوسيط هو رجل الأعمال السعودي، تاجر السلاح عدنان خاشقجي.

زر الذهاب إلى الأعلى