لا تشتروا منتجات جيوش الذباب الإلكتروني !
بقلم: رنا حداد

النشرة الدولية –
الدستور الأردنية –
كان لعائلة مزرعة واسعة، تربي فيها الخيول و المواشي وتنتج حقولها و بساتينها الخيرات ، وكان رب الاسرة يذهب في بداية كل اسبوع مع أولاده الكبار إلى السوق لبيع محاصيل المزرعة و جني المال وكانوا يتركون احد الابناء ليحرس المزرعة و البيت الذي تبقى فيه النساء.
وكان الشاب مدربا بإحتراف على إستخدام السلاح. وفي أحد الأيام بينما هو يجوب أرض المزرعة و يحمي حدودها مر به مجموعة من الرجال ليكلموه فأوقفهم بسلاحه على مسافة منه، فلاطفوه بكلام معسول و قالوا له بأنهم مسالمين و لا يريدون سوى الخير له، و لم يكن أولئك الرجال إلا عصابة متمرسة في النهب و السرقة و السطو. أروه ساعة يد فاخرة و جميلة، و أغروه وهم يزينون له سلعتهم.
أعجب الفتى بتلك الساعة و أبدى رغبته في إمتلاكها، وحين وثقت العصابة من تعلقه بالساعة و هو يسألهم عن ثمنها، قالوا له بأنهم يعرضون عليه مبادلتها ببندقيته. فكر الفتى قليلا وكاد يقبل لكنه تراجع ليقول لهم : انتظروني إلى يوم آخر.
انصرفت العصابة بعد أن فشلت في خداع الفتى. في المساء حين عاد أبوه و إخوته حكى لهم القصة، و راح يذكر لأبيه فخامة الساعة و جمالها. فقال له أبوه : «طيب أعطهم سلاحك و خذ الساعة، وحين يهاجمونك و يسرقون قطعان ماشيتك و ينهبون مزرعتك، و يغتصبون أمك وأخواتك، انظر في ساعتك الجميلة و قل لهم: وأنت تتباهى آه إنها تشير إلى كذا و كذا من الوقت».
فهم الابن القصة وزادته الحكمة منها تمسكا بسلاحه، ودفاعه عن ارضه امام كل عابر ، بل وأدرك أنه من الغباء الاندفاع وراء العواطف في كثير من الاحيان.
يحدث اليوم أن تعرض عليك جيوش الذباب الالكتروني، منتجات تظهر على السطح ، يخلفها ما يحدث على منصات وسائل التواصل الاجتماعي التي تشبه، بعد كل منعطف ، سيلاً عارماً اجتاح مدينة، فجرف في طريقه أشياء قيمة جداً، وجرف القش والعلب الفارغة.
منتجات ومصطلحات قد تدغدغ عواطفك وتزغزغ نظرك ، مثل ساعة فاخرة ، بريقها احيانا يبعدك عن ان الحكمة تقتضي ألا نتفاعل مع كل ما نسمع، ونقرأ، وألا ننشره والا نعيد نشره ، فهذا موسم الأوهام والضلالات، وموسم لبيع منتجات جيوش الذباب الإلكتروني، وبندقيتك كوطن وكمواطن هي الوعي.
اكبر مشكلة يواجهها وطننا ، وحتى نعالج ، لابد ان نعترف بالمرض، هي اننا لا نجيد احترافية صناعة الوعي والتعامل معها، اذا توفر الوعي باكرا لن تجد من يستطيع تمرير ولا تطويع اي «ابن « او « بنت « من ابناء وطنا الا بما يخدم الصالح العام لوطنه.
لنعترف ايضا ان صناعة الوعي تحتاج اشخاص على قدر الكفاءة والمسؤولية ، حتى لا ندفع الثمن غاليا في بضاعة ومنتجات «فاسدة».
وقمة الوعي الا تغرك «المنتجات البراقة».