من أين جاء هذا الحرج الاجتماعي؟
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –
هل ما زال تناول «العبودية» أو «العبيد» أو «العنصرية ضد السود» في الخليج العربي من المحرمات الممنوع الاقتراب منها أم أنها تمثل حرجاً اجتماعياً؟
سؤال طرحته الباحثة نورة محمد فرج في كتابها «العنصرية في الخليج – إشكالية السواد» والصادر حديثاً عن دار التنوير في بيروت.
أعتقد وبحكم اطلاعي على عدد من الروايات والكتب التي ظهرت في منطقة الخليج تحديداً أن هذا الحرج قد سقط فعلياً بعد أن كسر هذا القيد العديد من الكتب التاريخية والروايات الموثقة وكان منها كتاب الصديق د. هشام العوضي «العبيد في الخليج العربي» وكتاب «الرق وتجارته في الخليج العربي» لخالد السعدون، ورواية « تفاحة في هودج» للرسامة ثريا البقصمي، بل وفي متحف «بيت بن جلمود» في قطر وهو الأول من نوعه في المنطقة والذي عرض تاريخ العبودية في قطر والخليج من خلال الوثائق البريطانية.
وإذا أعيد صياغة السؤال، فكيف يمكن لما اعتبر جزءاً من الحياة الممارسة ما يزيد على 1400 سنة أن يغدو موضوعاً محرجاً؟
تجيب الباحثة نورة فرج، لقد عرفت الثقافة العربية مصطلح «الشعوبية» وهي كراهية مضادة، تماثل العنصرية في عصرنا الحالي، لكن ما نراه في نص المفكر الإسلامي ابن خلدون وما عداه في النصوص التراثية التي تناولت «السَّود» أو العنصريات الأخرى أنها كانت متحررة حول هذه الموضوعات وإن خلت الساحة مؤخراً من دراسة أدبية استخدمت مصطلح السود لدراسة الأدب الحالي.
من أين جاء الحرج؟ هل هو حرج ينبع من ذات الشعوب الخليجية؟ أم هو سياسة غير معلنة من بلدان المنطقة؟ أم هو امتداد لعنصرية مثقفة تجاه هذه الفئة؟ أم أن الأمر يتعلق برغبة العقل الباطن الجمعي بنسيان هذا التاريخ؟
في العقدين الأخيرين شهدنا روايات عربية تناولت إشكالية اللون والتمييز ضد ذوي البشرة السوداء وقد يكون هذا الصعود عائداً إلى رواية المهمشين في الرواية العربية، تلاه فوز أول رئيس أميركي من أصول سوداء عام 2008 وهو باراك أوباما، ثم تبعه فوز روايات عربية ناقشت اللون والعبودية بجوائز حكومية، كان أهمها فوز عبدالرزاق قرناح عام 2021 بجائزة نوبل للآداب وهو روائي أسود مولود في زنجبار. لم يعد محرماً هذا الموضوع وإن كانت المحرمات الأخرى تزداد اتساعاً.
عند تعريفها للعنصرية تصل إلى استنتاج حول ارتباط السود بالعبودية، هو أن السواد لم ينشأ على نحو طبيعي وإنما نشأ بوصفه لعنة، لقد وضعت هذه السلالة تحت رتبة العبودية وأضاف الخيال العربي لهذه الرتبة اللون، فصارا لصيقين ببعضهما.
لقد أرادت الباحثة الجادة اختيار استخدام مصطلح «السود» على أن يكون مفرغاً من أي دلالة، وأهميته تكمن في فحص تاريخ العنصرية في الخليج، في صورتها الفاقعة تاريخياً، من خلال ممارسة الاستعباد ليتسنى لها وللمختصين بعلم الاجتماع فهم العنصرية التي تعاني منها بعض المجتمعات في الخليج.