نصير شمه.. يكتب عن الحب والموسيقى والحياة

تعاليم الحب – ١

حين يكون الحق سيفًا بلا بصيرة

أيها الإنسان، هل سألت نفسك يومًا: ماذا لو كنتَ على خطأ؟ ماذا لو كانت الحقيقة أوسع من نظرتك، وأعمق من كلماتك، وأرحب من يقينك؟

أن تؤمن بفكرة لا يعني أن تسجن عقلك فيها، أن ترى النور لا يعني أن الآخرين في ظلام، وأن تحمل الحق لا يعني أن تمسك السيف لفرضه.

التطرف في الفكر هو أول خطوة نحو العنف، والعنف هو أول خطوة نحو الهاوية. القوة ليست في الصراخ، وليست في الضرب، وليست في قمع الآخر. القوة الحقيقية هي أن تفهم، أن تحاور، أن تجد طريقًا يتسع للجميع دون أن تهدم الجسور.

الحب ليس شعارًا هشًّا، بل هو أعظم قوة تمنع العالم من الانهيار. من يحب لا يقتل، لا يسحق، لا يتباهى بالدم. من يحب يفتح نافذة للضوء، ولو كان في قلب العاصفة.

اسأل نفسك: هل تريد أن تكون محقًا أم إنسانًا؟ لأن الحب وحده هو الذي يجمع بينهما.

 

تعاليم الحب – ٢     

موسيقى الروح والحب الأعلى

إن كنت تبحث عن الحب، أصغِ إلى الموسيقى … وإن كنت تبحث عن الموسيقى، ابحث عن الحب.

لكن أي حبٍ نقصد؟ وأي موسيقى تُنصت إليها الروح؟ الحب الذي نتحدث عنه ليس توقًا لجسد، ولا حاجةً تُطفأ ثم تعود، بل هو ذلك النور الذي ينساب في الكائنات، ذلك الشعور الذي يجعل للوجود معنى يتجاوز كل غريزة وكل امتلاك.

الموسيقى ليست مجرد أصوات، إنها ذبذبات تتغلغل في الكون، في الريح التي تداعب الأشجار، في صدى الجبال، في إيقاع أمواج البحر، في صمت المساحات اللامحدودة بين النجوم. وكذلك الحب، ليس مجرد عاطفة بين اثنين، بل طاقة تسري في الوجود كله، تربطنا بالأخر، بالحياة، بالله.

الحب الحقيقي يشبه أعظم الألحان، لا يُفسَّر بل يُحس، لا يُقاس بل يُعاش، لا يُقيَّد بل يُطلق الروح إلى فضائها الأوسع. إنه لحظة صافية، فيها يلتقي العاشق بالمطلق، والموسيقي بنغمة الخلق الأولى، والإنسان بحقيقته الأسمى.

من أحب دون أن يسمع موسيقى في داخله، لم يعرف الحب بعد. ومن عزف دون أن يشعر بالحب في نغماته، لم يعرف الموسيقى بعد. لأن الحب والموسيقى وجهان لسرٍ واحد … سرٌّ لا يُكشف إلا لمن أصغى بقلبه أولًا.

نصير شمه
رمضان 2025

 

عوة إلى الحياة

إن الحياة أقدس من أن تُزهق باسم الدين، وأكرم من أن تُستباح تحت راية الطائفة.
كيف صار القتل شهادة، والإقصاء عقيدة، والتنكيل بالآخر قربانًا يُقرّب إلى الله؟
ليس هناك إيمانٌ حقيقي يُبرر سفك الدماء، ولا عقيدةٌ صافية تُشجع على الكراهية. لقد تآلف الناس عبر التاريخ رغم اختلاف أديانهم ومذاهبهم، ولم يكن التنوع يومًا لعنة،
أيها القابضون على نار الفتنة، اسألوا أنفسكم: هل الله بحاجة إلى جنود تقتلون باسمه؟ هل الإيمان يُفرض بالسيف؟ هل حب الوطن يُبنى على جثث أبنائه؟
فالإيمان الذي لا يحترم حياة الإنسان، إيمانٌ ناقص،
والوطن الذي لا يحتضن الجميع، وطنٌ مجروح.
لن نُصلح العالم بالكراهية، ولن نُقيم العدل بالانتقام.
لنعد إلى ضمائرنا التي تقول: “لا تقتل”، إلى إنسانيتنا التي ترى في كلّ شخص أخًا، لا عدوًا.
إننا أمام خيارين ،إما أن نبني معًا، أو أن ننهار معًا. كل قيم وجودنا وإنسانيتنا على المحك وأمام الكون المفتوح والآخر الذي يتربص بنّا، فماذا سنختار؟
الكثير يسأل ماذا يُفيد هذا الكلام مع القتلة، أجيبهم بأن الكلمة لها دوراً مهماً حتى لو كان تأثيرها على واحد بالمليون من الناس، ربما يُسهم بإنقاذ حياة أنسان.

نصير شمه
رمضان

 

العنف ليس حلاً، بل دائرةٌ بلا مخرج

في عالمٍ لا تكفّ رياحه عن العصف، يبدو العنف للبعض طريقًا مختصرًا لاستعادة حقٍّ مسلوب أو ردّ كرامةٍ مهدورة، لكنه في الحقيقة ليس سوى وهمٍ يجرّ خلفه مزيدًا من الظلم والخراب. كل ضربةٍ تخلّف جرحًا، وكل انتقامٍ يوقظ جراحًا جديدة، حتى يصبح البشر أسرى دائرةٍ لا تنتهي، حيث الدم يستدعي الدم، والكراهية تلد كراهيةً أعمق.

القوة الحقيقية ليست في القبضات المشدودة، بل في العقول التي تبني، والقلوب التي تسامح، والإرادات التي تصنع مستقبلًا يتجاوز ثأرات الماضي. فلا شيء يطفئ النار كالماء، ولا شيء يمحو العتمة إلا النور.

لنخرج من هذه الحلقة المفرغة، لنكسر السلاسل التي تكبل أرواحنا بالخوف.

 

الطائفية.. شرخ في جدار الوطن

الطائفية ليست رأيًا، بل سجنٌ يُحاصر العقول، يفرّق القلوب، ويزرع الكراهية بدل التعايش. كل طائفة ليست سوى لون في لوحة الوطن، فإذا تقاتلت الألوان، ضاعت الصورة. لا بقاء لوطن يُقسَّم على أساس الهوية الضيقة، بل يبقى حين نؤمن أن الإنسان أكبر من طائفته، وأن الحب والتعايش هما صوت الأرض الذي لا يكذب.

الوطن لا يحتاج إلى من يدافع عن طائفته، بل إلى من يدافع عن الجميع، لأن سقوط جزء منه يعني سقوطه كله.

نصير شمه
رمضان

زر الذهاب إلى الأعلى