ربح نتنياهو «القمة» وخسرنا المياه
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –
لم نسمع كلمة واحدة من «القيادة السورية الجديدة» عن النصر الاستراتيجي الذي حققه نتنياهو، بوصول جيشه إلى أعلى قمة في جبل الشيخ، وإحكام سيطرته على السفوح المتصلة به.
أهمية الموقع الجغرافي ليست عسكرية فقط، بل بما يختزنه من ثروة مائية، يُطلقون عليه في إسرائيل «عيون الأمة»، ويوفر نحو 1.5 مليار متر مكعب من المياه سنوياً.
إسرائيل باحتلالها هذا الموقع يعطيها ميزة في غاية الأهمية، بكشفها وإطلالها وتحكمها في جنوب لبنان وسلسلة جباله الغربية وسهل البقاع، عدا عن إمساكه بدمشق والجولان وبحيرة طبريا، وصولاً إلى محافظة إربد بالأردن.
وفي هذا الشأن استعنت بخبير المياه الجوفية والصديق المهندس اللبناني سمير الزعاطيطي، صاحب مساهمات ونشاطات في ملف المياه والزلازل، اكتسب مصداقية عالية، باعتباره من المراجع العلمية الموثوق بها.
وهو من أوائل الذين حذَّروا من بناء مشروع «سد المسيلحة» وعدم فائدته في شمال لبنان، وتبناه صهر الرئيس الأسبق ميشال عون النائب والوزير جبران باسيل، بات اليوم صحراء قاحلة، فلا مياه ولا كهرباء ولا من يحزنون، لأنه بني بالموقع الخطأ، وفي منطقة لا تصلح لتخزين المياه.
مياه الثلوج التي تتساقط على قمم جبل الشيخ تنزل باتجاه إصبع الجليل، والقليل منها يذهب إلى نهر الوزاني، لذلك قام الإسرائيليون باستثمار هذه الثروة، وأنشأوا آباراً كبيرة جداً لضخ المياه إلى مناطق الجليل، لأنهم لا يملكون مصدراً للمياه غير ذلك، بل وأنشأوا مزارع سمك نهرية أسموها «طبراني»… فهم يستثمرون حصة لبنان من مياه جبل الشيخ والمياه السطحية عن طريق نهر الوزاني ومياه جبل عامل في الجليل الأعلى اللبناني.
لبنان، كما يراه هذا الخبير، فيه 14 نهراً، عدا الروافد والينابيع، في حين أن فلسطين المُحتلة، ومن شمالها إلى جنوبها، لا يوجد فيها سوى نهر الأردن، والذي ينبع من مرتفعات الجولان ولبنان، وقد باتت تلك المنطقة تحت سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستفيد الوحيد منها.
تقارير البعثات الفرنسية والأمم المتحدة تؤكد أن لبنان هو «مخزن كبير للمياه الجوفية والسطحية»، ولديه 10 مليارات متر مكعب من المياه تسقط عليه سنوياً، و«المتساقطات» تعني الثلوج والأمطار، ومن أصل العشرة مليارات هناك 4.4 مليارات تمثل المياه السطحية والجوفية، والباقي يذهب إلى البحر بالتبخر، والمياه الجوفية تشكِّل ثلثي الثروة المائية، من هنا يصبح لبنان بلد تخزين المياه الجوفية.
تاريخياً، وكما يشرح الخبير اللبناني، فالجامعة اليسوعية أنجزت الكثير من محطات الرصد والخرائط المائية، وكان لهم الفضل بتدريس علم الهيدرولوجيا، أي علم المياه السطحية، علماً أن الفرنسيين هم مَنْ رسموا الخرائط ودرسوا الصخور في لبنان، مثلما اكتشفوا اليورانيوم بالنيجر.
تخيلوا بلد المياه في الشرق الأوسط شعبه يشرب من «التناكر»، لأن ثروته يتقاسمها ثلاثة أطراف، الأول يذهب هدراً بالتبخر إلى البحر، والثاني تشفطه إسرائيل كأمر واقع واحتلال، وما تبقى يوظف لدى منظومة الفساد الحاكمة للنهب والسرقة والحرمنة.