ترامب يختتم جولته الخليجية مع إنجازة لأكبر إلتزامات استثمارية وصفقات تاريخية

وكالات – أنهى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جولته الخليجية بزيارة إلى الإمارات العربية المتحدة، بعدما أبرم خلال محطتي السعودية وقطر صفقات تجارية ضخمة، وأطلق إشارات دبلوماسية تجاه سوريا وإيران.

وقد حملت الزيارة بُعدا استراتيجيا للإمارات التي تسعى إلى توسيع شراكتها مع واشنطن في مجال الذكاء الاصطناعي والتحول إلى مركز عالمي للتكنولوجيا.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الجمعة، إن الإمارات والولايات المتحدة اتفقتا على فتح مسار يسمح للدولة الخليجية بشراء بعض أشباه الموصلات الأكثر تطورا في مجال الذكاء الاصطناعي من الشركات الأميركية.

وتكلل الصفقة جهود أبوظبي بالنجاح مع سعيها إلى أن تصبح مركزا عالميا للذكاء الاصطناعي.

واختتم ترامب جولة في منطقة الخليج زار خلالها السعودية وقطر والإمارات وركزت على الصفقات الاستثمارية. وتعهدت أبوظبي برفع قيمة استثماراتها في مجال الطاقة في الولايات المتحدة إلى 440 مليار دولار في الأعوام العشرة المقبلة.

وغادر ترامب إلى واشنطن بعد اجتماعات مقتضبة مع زعماء الخليج بهدف الحصول على التزامات مالية من الدول الثلاث الغنية المنتجة للطاقة والتي يمكنها أن تعزز الاقتصاد الأميركي وتوفر فرص عمل.

وفي مارس الماضي عندما التقى مسؤولون إماراتيون كبار مع ترامب، تعهدت الإمارات بإطار استثماري حجمه 1.4 تريليون دولار على مدى 10 سنوات في قطاعات أميركية تشمل الطاقة والذكاء الاصطناعي والتصنيع لتعزيز العلاقات المتبادلة.

وقال ترامب في آخر محطة له في جولته الخليجية “نحقق تقدما كبيرا في ما يتعلق بمبلغ 1.4 تريليون دولار أعلنت الإمارات أنها تنوي إنفاقه في الولايات المتحدة”.

وركزت زيارة ترامب، على الأقل بشكل علني، على صفقات الاستثمار وليس الأزمات الأمنية في الشرق الأوسط ومنها حرب إسرائيل في غزة.

واقتصرت جهود ترامب الدبلوماسية على اجتماع مع الرئيس السوري أحمد الشرع، بعد أن قرر رفع العقوبات المفروضة على سوريا بناء على طلب من ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، في تحول كبير في السياسة الأمريكية.

ويشكل اتفاق الذكاء الاصطناعي دفعة للإمارات التي تحاول موازنة علاقاتها مع حليفتها الولايات المتحدة وشريكتها التجارية الأكبر الصين.

ويعكس أيضا ثقة إدارة ترامب في إمكان إدارة الرقائق على نحو آمن بوسائل منها أن تدير شركات أميركية مراكز بيانات بموجب الاتفاق.

وقال ترامب “اتفق البلدان أمس أيضا على تمكين الإمارات من شراء بعض أكثر أشباه الموصلات تطورا على العالم في مجال الذكاء الاصطناعي من شركات أميركية. إنه عقد كبير جدا”.

وأضاف “هذا من شأنه أن يدر المليارات والمليارات من الدولارات من الأعمال، وسيعمل على تسريع خطط الإمارات لتصبح كيانا رئيسيا حقا في مجال الذكاء الاصطناعي”.

وتضمنت الصفقات الجديدة المعلنة مع الإمارات والتي تتجاوز قيمتها 200 مليار دولار التزام قيمته 14.5 مليار دولار من شركة الاتحاد للطيران لشراء 28 طائرة بوينغ أميركية الصنع.

استثمارات الطاقة

أعلنت الإمارات عن التزامها بالاستثمار في الطاقة الأميركية خلال عرض قدمه سلطان الجابر، الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، وهي واحدة من عدد من التعهدات المالية الضخمة التي حصل عليها ترامب من الإمارات والسعودية وقطر.

وقال الجابر لترامب إن حجم الاستثمارات الإماراتية في قطاع الطاقة الأميركي سيرتفع إلى 440 مليار دولار بحلول 2035 ارتفاعا من 70 مليارا في الوقت الراهن، مضيفا أن شركات الطاقة الأميركية ستستثمر أيضا في الإمارات.

وقال الجابر أمام وسيلة عرض لمشروعات في الإمارات تحت شعارات شركات إكسون موبيل وأوكسيدنتال بتروليوم وإي.أو.جي ريسورسيز “تعهد شركاؤنا باستثمارات جديدة بقيمة 60 مليار دولار في التنقيب والإنتاج بقطاعي النفط والغاز، فضلا عن فرص جديدة وغير تقليدية”.

وقال الجابر، الذي يشغل أيضا منصبي الرئيس التنفيذي لشركة أكس.آر.جي الذراع الاستثمارية الدولية لأدنوك‭‭‭ ‬‬‬ووزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، إن شركة أكس.آر.جي تسعى إلى ضخ استثمارات كبيرة في الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة.

سوريا وإيران

ذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) أن رفع العقوبات الأميركية عن سوريا مهد الطريق لاتفاق أُعلن عنه اليوم الجمعة بين الحكومة السورية وشركة دي بي ورلد الإماراتية، ومقرها دبي.

ووقع الجانبان مذكرة تفاهم قيمتها 800 مليون دولار لتطوير ميناء طرطوس السوري.

وأكد ترامب أنه لم يتشاور مع حليفته إسرائيل، عدو سوريا اللدود، بشأن قرار الولايات المتحدة الاعتراف بالحكومة السورية الجديدة، رغم الشكوك الإسرائيلية العميقة إزاء إدارة الرئيس الإسلامي أحمد الشرع.

وقال ترامب للصحفيين على متن طائرة الرئاسة الأميركية، بعد مغادرته أبوظبي بوقت قصير “لم أسألهم عن ذلك. اعتقدت أنه كان القرار الصائب. حظيت بالكثير من الثناء على قيامي بذلك. انظروا، نريد لسوريا النجاح”.

وحث ترامب الشرع على إقامة علاقات مع إسرائيل والانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم، وهي اتفاقيات تطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين والمغرب توسط فيها الرئيس الأميركي خلال ولايته الأولى.

وقال ترامب اليوم إن إيران لديها مقترح أميركي للتوصل إلى اتفاق نووي، وإنها تعلم أن عليها التحرك سريعا، وذلك بعد يوم من قوله إن واشنطن وطهران قريبتان من التوصل إلى اتفاق نووي.

وأوضح للصحفيين “لديهم مقترح. والأهم من ذلك، أنهم يعلمون أن عليهم التحرك سريعا وإلا سيحدث ما لا يحمد عقباه”.

أفادت صحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية الناطقة باللغة الإنكليزية بأن الولايات المتحدة والإمارات تعملان على الإعلان عن شراكة في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا خلال الزيارة.

وتراهن الإمارات على الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تنويع مصادر دخل اقتصادها المعتمد على النفط.

لكن هذه الطموحات تتوقف على الوصول إلى التقنيات الأميركية المتقدمة، بما في ذلك رقائق الذكاء الاصطناعي التي كانت تخضع لقيود التصدير والتي أفادت التقارير أن شقيق رئيس الإمارات مستشار الأمن الوطني الشيخ طحنون بن زايد ضغط من أجلها خلال زيارة لواشنطن في آذار/مارس.

وقبل يومين، ألغى ترامب مزيدا من القيود على رقائق الذكاء الاصطناعي التي فرضها سلفه جو بايدن لعرقلة وصول بكين إلى التكنولوجيا المتقدمة.

ويأمل ترامب في إبرام صفقات تجارية بمليارات الدولارات مع الإمارات ، بعدما قدر في وقت سابق من الدوحة أن الجولة “القياسية” ستجمع ما بين 3,5 و4 تريليون دولار.

وأشاد الرئيس الأميركي أيضا بما وصفه بصفقة قياسية بقيمة 200 مليار دولار لشراء طائرات بوينغ من شركة الخطوط الجوية القطرية.

ووعدت السعودية ترامب باستثمارات بقيمة 600 مليار دولار، تشمل مشتريات أسلحة أميركية اعتبرها البيت الأبيض “الأكبر في التاريخ”.

– سخاء قادة الخليج –

لكن سخاء قادة الخليج أثار جدلا قبيل زيارة ترامب إلى قطر التي عرضت عليه طائرة فاخرة للاستخدام الرئاسي، في ما اعتبره منافسوه الديموقراطيون فسادا صارخا.

وتجنب الرئيس الأميركي التلميح لانتقاد الأنظمة الملكية بشأن حقوق الإنسان.

وكان سلفه الديموقراطي جو بايدن تعهّد في حملته الانتخابية بجعل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان “منبوذا”، عقب تقارير أفادت بأنه أمر بقتل الصحافي والكاتب السعودي المعارض جمال خاشقجي في العام 2018، والذي كان يعيش في الولايات المتحدة.

وبدلا من ذلك، أشاد ترامب ببن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية، باعتباره صاحب رؤية نظرا للاستثمارات الاقتصادية السريعة في المملكة.

كما لبّى ترامب طلبا رئيسيا لبن سلمان بإعلانه رفع العقوبات عن سوريا، وذلك بعد أشهر من إطاحة فصائل معارضة بالرئيس بشار الأد من الحكم.

وكان ترامب قد التقى في الرياض بالرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، والذي كان سابقا زعيم هيئة تحرير الشام التي قادت هجوم الإطاحة بالأسد. وقال الرئيس الأميركي عن الشرع المدرج في قائمة بلاده للمطلوبين، إنه “شاب جذّاب. رجل قوي. ماض قوي. ماض قوي جدا. مقاتل”.

زر الذهاب إلى الأعلى