القادة العرب يختتمون قمتهم في بغداد بالمطالبة بإنهاء الحرب على غزة والترحيب برفع العقوبات عن سوريا

طالب القادة العرب، السبت من بغداد، المجتمع الدولي بـ”الضغط من أجل وقف إراقة الدماء” في قطاع غزة حيث يستمرّ القصف الإسرائيلي الكثيف.

وقالوا في البيان الختامي للقمة العربية الرابعة والثلاثين “نحث المجتمع الدولي، ولا سيّما الدول ذات التأثير، على تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية للضغط من أجل وقف إراقة الدماء وضمان إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة دون عوائق إلى جميع المناطق المحتاجة في غزة”.

وطالب البيان المجتمع الدولي بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن العدوان على غزة، وشدد على ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وعلى أهمية التنسيق المشترك لفتح جميع المعابر وتمكين الوكالات الأممية من القيام بدورها، وأكد “مركزية القضية الفلسطينية والدعم المطلق لحقوق الشعب الفلسطيني”.

وأدان بيان قمة بغداد الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، وتحدث عن “ضرورة المضي قدما بعملية سياسية انتقالية شاملة في سوريا” مرحبا بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب برفع العقوبات عن سوريا، وأكد أن العقوبات الاقتصادية والمالية تؤثر على إعادة إعمار سوريا في جميع الجوانب.

وطالب البيان الختامي “بإيجاد حل سياسي لإيقاف الصراع في السودان”، وأكد التضامن مع السودان وشعبه في سعيه إلى حماية أراضيه ووحدته واستقلاله، ورفض التدخل في شؤون السودان الداخلية وتعزيز جهوده في الحفاظ على مؤسساته.

وعبّر البيان عن دعم لبنان للحفاظ على أمنه واستقراره ووحدة أراضيه، وجدد الدعم للمجلس الرئاسي في اليمن ومساندة جهود الحكومة لتحقيق المصالحة وتأييد المساعي الأممية والإقليمية الهادفة إلى التوصل لحل سياسي شامل للأزمة اليمنية.

وحمل البيان دعما لمحادثات إيران والولايات المتحدة بهدف التوصل إلى نتائج إيجابية بشأن البرنامج النووي لإيران.

وعقدت القمة تحت شعار “حوار وتضامن وتنمية”، وسط أجواء سياسية مشحونة وتحديات إقليمية متصاعدة، في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتحول في سوريا، وتواصل الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا ولبنان، واستمرار الحرب في السودان.

وأعرب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عن أمله في أن تنعكس مخرجات قمة بغداد على تعزيز التضامن العربي، وقال عبر حسابه بمنصة إكس “اجتمعنا اليوم في بغداد في القمة العربية الـ34، والتي انعقدت في ظروف إقليمية ودولية تستوجب تعاونا عربيا ودوليا لحل أزماتها”.

وأضاف “نأمل أن تنعكس مخرجات وقرارات القمة في تعزيز تضامننا العربي وترسيخ التكامل بين بلداننا في كافة مجالات التعاون القائم”.

وفي الجلسة الافتتاحية للقمة، أشار عدد من القادة المشاركين إلى التحديات الخطِرة التي تواجه المنطقة العربية، وضرورة العمل المشترك لتجاوزها.

حيث دعا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى عمل عربي جاد لإنقاذ غزة، مؤكدا أن الإبادة الجماعية في القطاع بلغت مرحلة بشعة لم يشهدها التاريخ.

وأكد السوداني -الذي تسلمت بلاده رئاسة القمة العربية- مواقف بلاده الداعمة لوحدة سوريا والرافضة للاعتداء على أراضيها، مبديا ترحيبه بقرار الولايات المتحدة رفع العقوبات عنها، كما شدد السوداني على ضرورة الحفاظ على وحدة السودان وحقن دماء شعبه.

من جهته، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن الشعب الفلسطيني يتعرض لجرائم ممنهجة تهدف إلى إنهاء وجوده في غزة، وحث الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الضغط لوقف إطلاق النار، قائلا “إن مصر تعتزم تنظيم مؤتمر دولي لإعمار القطاع فور توقف العدوان”.

ودعا السيسي إلى استثمار رفع العقوبات الأميركية لتحقيق مصالح الشعب السوري، كما دعا إلى وقف إطلاق النار في السودان، وإلى مسار حل في ليبيا يفضي لانتخابات حرة.

وحضر القمة، إلى جانب القادة والمسؤولين العرب، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز.

وفي كلمته بافتتاح القمة، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن عمليات القتل والتهجير الإسرائيلية جزء من مشروع تقويض حل الدولتين، داعيا إلى عقد مؤتمر دولي في القاهرة لتمويل وتنفيذ خطة إعادة إعمار قطاع غزة.

ودعا عباس إلى تخلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن سيطرتها على غزة وتسليمها وجميع الفصائل السلاح إلى السلطة الفلسطينية.

وأبدى عبّاس استعداده لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية خلال العام المقبل كما جرى سابقاً، فور “توفر الظروف الملائمة”.

فيما وصف رئيس الوزراء الأردني، جعفر حسّان، “ثبات الشعب الفلسطيني على أرضه” على أنه “عنوان المرحلة”.

وقال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في مؤتمر صحفي قبيل أيام من عقد القمة، إن قمة بغداد “ستدعم” قرارات قمة القاهرة.

من جانبه، قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، إن سوريا تعود اليوم إلى حضنها العربي، وأشاد بالخطوات العربية لرفع العقوبات عن بلاده وكسر عزلتها، مؤكدا أن سوريا الجديدة لجميع أبنائها ولا مكان فيها للعزل والتمييز، كما أنها لا تعادي أحدا بل تفتح أياديها للجميع.

واتهم الشيباني أطرافا خارجية، لم يسمّها، بدعم تشكيلات انفصالية ومشاريع طائفية تسعى إلى تقويض مؤسسات الدولة.

وكشف عن إن الإدارة الانتقالية في سوريا تضع “اللمسات الأخيرة” لانطلاق العمل لأجل “برلمان وطني”، وتشكيل لجنة دستورية تكتب دستوراً دائماً.

وأكد الشيباني رفض بلاده أن تكون “في محور ضد محور آخر”، وأن تكون “ساحة لصراعات الآخرين”، مشيراً إلى أن سوريا تشهد “دعماً لتشكيلات انفصالية في البلاد”.

من جهته، قال رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، إن بلاده تعمل على تنفيذ القرار الدولي 1701 تنفيذا كاملا، ودعا إلى الضغط على إسرائيل للانسحاب من جميع الأراضي اللبنانية، منددا بسياستها القائمة على القتل والتهجير، خاصة في غزة. وأبدى استعداد بلاده للتعاون مع سوريا لإعادة اللاجئين السوريين الذين استضافهم لبنان منذ عام 2011 إلى بلداتهم التي “أصبحت آمنة”.

وفي الملف السوداني، قال عضو مجلس السيادة السوداني إبراهيم جابر، إن وقف إطلاق النار في السودان يجب أن يكون مصحوبا بانسحاب قوات الدعم السريع من كل المناطق، ودعا إلى حوار سوداني سوداني يؤسس للوصول إلى الانتخابات.

بدوره، طالب رئيس مجلس القيادة اليمني، القمة العربية بتصنيف جماعة أنصار الله الحوثية “منظمة إرهابية أجنبية”، متهماً إياها بتشكيل “تهديد دائم للسلم والأمن الدوليين”.

فيما أكدت السعودية على ضرورة أمن الممرات البحرية وسلامتها وحرية الملاحة فيها.

وأعلن المغرب إعادة فتح سفارته في دمشق المغلقة منذ 2012.

ورحّب أمين جامعة الدول العربية، برفع العقوبات الأمريكية عن سوريا، مشيراً إلى أن ذلك سيسهم بخلق وضع اقتصادي جديد يعزز من قدرة الشعب السوري على مواجهة المستقبل بثقة.

وشدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونية غوتيريش، على ضرورة وقف الحرب على غزة، والعمل على تثبيت وقف دائم لإطلاق النار في غزة، مؤكداً رفضه لأي خطة تهدف الى التهجير القسري لسكان غزة إلى خارج القطاع، وأيضا رفض المنظمة الدولية لخطة المساعدات الاسرائيلية التي لا تتماشى مع مبادئ القانون الدولي وتهدف لتنفيذ التهجير.

وقال غوتيريش إنه لا شيء يبرر “الهجمات الإرهابية التي قامت بها حماس”، ولا مبرر لـ “العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني”، مضيفاً أن حل الدولتين وحده الذي يستطيع تحقيق سلام مستدام.

كما شدد غوتيريش على ضرورة أن يكون للحكومة اللبنانية كامل السيطرة والسيادة على أراضيها

بينما طالب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، بإنهاء ما وصفها بـ “الكارثة الإنسانية في قطاع غزة” فوراً، مشدداً على أن أرقام الضحايا في حرب غزة “مهولة وغير مقبولة وتنتهك المبادئ الأساسية للقانون الدولي”.

وعقب اختتام جلسة القمة العربية العادية، انطلقت جلسة رئيسية ثانية للقمة العربية التنموية الخامسة.

وجاءت هذه القمة بعد اجتماع طارئ عُقد في القاهرة في مارس الماضي، تبنى خلاله القادة العرب خطة لإعادة إعمار غزة، تتضمن عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، وتمثل طرحاً بديلاً لمقترح قدّمه ترامب يقضي بتهجير السكان ووضع القطاع تحت سيطرة واشنطن.

وتزامنت القمة مع تواصل تكثيف الغارات الإسرائيلية على غزة وتفاقم الأزمة الإنسانية، وفي ختام جولة خليجية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أكّد رغبته في “امتلاك” القطاع.

وتزينت شوارع العاصمة العراقية بغداد، التي تستضيف القمة للمرة الأولى منذ عام 2012، بأعلام الدول العربية الـ 22.

فيما بدت الحياة في شوارع بغداد طبيعية، إذ وجهت الحكومة العراقية بأن تكون شوارع العاصمة خالية من أي مظاهر مسلحة، باستثناء مركبات شرطة المرور والشرطة المحلية، في خطوة تهدف إلى طمأنة الوفود العربية والزوار وإظهار قدر من الاستقرار الأمني والسياسي.

ويُعد هذا المشهد مختلفاً عن القمة العربية السابقة التي استضافتها بغداد عام 2012، حيث فُرض حينها حظر شامل للتجوال وشُددت الإجراءات الأمنية إلى أقصى درجاتها.

وانطلقت، إلى جانب القمة العربية الـ 34، أعمال القمة العربية التنموية الخامسة، حيث سلّم لبنان الذي ترأس القمة التنموية السابقة، رئاسة الدورة الحالية إلى العراق.

زر الذهاب إلى الأعلى