حرب الهند وباكستان 2025: أسلحة تحت التجربة، خسائر فادحة، ورسائل دولية مشفّرة
بقلم: إيهاب البكور

انتهت الحرب الخاطفة بين الهند وباكستان في مايو 2025، والتي استمرت لخمسة أيام فقط، لكنها كانت كافية لتعيد تشكيل المشهد الأمني في جنوب آسيا و حتى في منطقة أوراسيا بشكل عام. فقد تحوّلت حدود كشمير مجددًا إلى ساحة اختبار للأسلحة والتحالفات، وأسفرت عن عشرات القتلى ورسائل دولية واضحة من أطراف خارجية.

اختبار عسكري على نار حقيقية

أطلقت الهند في السابع من مايو 2025، عملية عسكرية حملت اسم “سِندور”، حيث نفّذت القوات الجوية ضربات دقيقة استهدفت تسعة مواقع داخل باكستان، وبحسب وزارة الدفاع الهندية يُعتقد أن هذه المواقع تأوي مجموعات مسلّحة.

استخدمت الهند في هذه العملية مقاتلات “رافال” الفرنسية مزوّدة بصواريخ” SCALP” وقنابل “AASM ” الموجّهة.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة The Economic Times، فإن العملية كانت أول اختبار فعلي لقدرات الهند الجوية في بيئة قتالية فعلية باستخدام أنظمة التسليح الغربية الحديثة.

وجاء في التقرير أبرز المواقع التي استهدفتها الهند في أراضي باكستان وهي:

قاعدة نور خان الجوية (تشاكلالا)، حيث تعرضت لهجوم صاروخي من قبل القوات الجوية الهندية، مما أدى إلى أضرار هيكلية كبيرة فيها، وكذلك تعرضت قاعدة (بهولاري) الجوية، قرب إسلام آباد للإستهداف بصواريخ “براهموس”، ما أدى إلى تدمير طائرة الإنذار المبكر والتحكم (AWACS) الباكستانية، أما الموقع الثالث الذي تعرض للاستهداف من قبل الجيش الهندي فهو(كيرانا هيلز) النووي، ما أثار مخاوف بشأن سلامة المنشآت النووية الباكستانية، حيث أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عدم وجود أي تسرب إشعاعي.

وجاء في التقرير ذكر لمواقع أخرى تعرضت للاستهداف هي مواقع (بهاوالبور)، (كوتلي)، (مظفر آباد)، (باغ)، و(مريدكي).

هذا ومن جهتها ردّت باكستان في العاشر من مايو بإطلاق عملية معاكسة أسمتها “البنيان مرصوص”، حيث استهدفت من خلالها قواعد عسكرية هندية في كشمير. ونشرت باكستان مقاتلات JF-17 وJ-10C التي حصلت عليها من الصين، إلى جانب طائرات مسيّرة هجومية وأنظمة دفاع جوي من طراز HQ-9.

و بحسب صحيفة الغارديان البريطانية و وكالة ABC news أن باكستان استهدفت كل من قاعدة (باثانكوت) الجوية في البنجاب، و كان الاستهداف بواسطة طائرات بدون طيّار، واستهدفت كذلك قاعدة (أدهامبور الجوية) في كشمير الهندية، ومدينة (سريناغار)في كشمير.

نفس التقرير في صحيفة The Economic Times أشار إلى أن هذه المواجهة مثّلت فرصة نادرة لاختبار فعالية الترسانة الصينية في مواجهة التكنولوجيا الغربية، في سياق حرب تقليدية قصيرة.

حصيلة بشرية مؤلمة

وفقًا لما نقلته وكالة رويترز عن الجيش الباكستاني، فقد أسفرت الضربات الهندية عن مقتل 51 شخصًا داخل باكستان، من بينهم 11 جنديًا و40 مدنيًا، معظمهم في مدينة مظفر آباد وقرى حدودية قرب خط السيطرة.

أما بالنسبة للهند، فقد ذكر نفس التقرير في وكالة رويترز أنه قُتل 15 مدنيًا، بينهم أربعة أطفال، جرّاء القصف الباكستاني على مناطق في إقليم جامو وكشمير، وتحديدًا في منطقة بونش. كما سقط جندي هندي وأُصيب 43 آخرون، حسب بيان رسمي لوزارة الداخلية الهندية نقلته وكالة رويترز.

تحالفات ما بين السطور: من يدعم من؟

رغم أن بكين لم تصدر بيانًا رسميًا بشأن الحرب، إلا أن طبيعة الأسلحة المستخدمة من قبل باكستان حملت رسالة واضحة فمشاركة الطائرات والمسيّرات الصينية، بحسب تحليل نشرته صحيفة ال The Economic Times، تعكس شراكة استراتيجية عسكرية ممتدة بين البلدين.

في المقابل، دعت الولايات المتحدة إلى وقف فوري لإطلاق النار، وأجرت اتصالات مباشرة مع الحكومتين، وفق بيان للخارجية الأمريكية نُشر في 10 مايو. كما أكدت على “دعمها لحق الهند في الدفاع عن نفسها ضد التهديدات الإرهابية العابرة للحدود”.

من جهتها، فقد أصدرت إسرائيل بيانًا أكدت فيه “تضامنها مع الهند في مواجهة الإرهاب”، مشيدةً باستخدام الهند “لأساليب دقيقة ومحترفة في استهداف البنية التحتية للمسلحين”، كما ذكرت وسائل إعلام عبرية محلية.

ما بعد الحرب: استقرار هش ومخاوف متجددة من صدامات جديدة.

أثبتت المواجهات الأخيرة بين الهند وباكستان أن أي شرارة يمكن أن تؤدي إلى اشتعال الوضع بشكل شامل في جنوب آسيا. فعلى الرغم من أن الحرب كانت قصيرة هذه المرة، لكنها كانت مليئة بالرسائل: من اختبار الأسلحة إلى عرض العضلات، ومن المواقف الدولية إلى الكلفة البشرية الفادحة.

ويبقى السؤال: هل نحن أمام مواجهة عابرة؟ أم أننا أمام تمهيد لنزاعات جديدة في ظل التنافس بين الصين والولايات المتحدة للسيطرة و إبراز النفس في هذه المنطقة الحساسة؟!

زر الذهاب إلى الأعلى