مَن يعثر على مجلة العربي فلهُ جائزة
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –
لم تحظَ مطبوعة كويتية بالاهتمام كما هو الحال مع مجلة العربي، فقد نالت سمعة ومكانة في العالم العربي لم تسبقها بتلك الصورة أي مجلة.
لذلك، يبقى السؤال قائماً: لماذا توقفت عن الطبع منذ نحو تسعة أشهر، كما توقفت أهم إصدارات المجلس الوطني للثقافة؟
التقيت الأسبوع الفائت سفير تونس في الكويت، الأستاذ محمد كريم بودالي، في جلسة ثقافية كان الحاضر الأكبر فيها مجلة العربي. هناك أجيال ليس فقط في الكويت، بل في المنطقة كلها تعلمّت وأدمنت اقتناء وقراءة «العربي»، وهو – أي سعادة السفير – يحتفظ بأكثر من 550 عدداً في مكتبته الخاصة، وعندما تتأخر بالوصول يبادر بالسؤال عنها، خوفاً من أن يفوته أحد أعدادها.
الحنين إلى «العربي» لم يأتِ من فراغ ولا من باب التسلية، بل هو مسألة ذات أبعاد ثقافية ومهنية نجحت فيها المجلة على مدى عقود ومنذ التأسيس وصدور أول عدد لها عام 1958، بأن تحجز لها مكانة في كل بيت عربي من طنجة بالمغرب على الأطلسي إلى الناقورة على «المتوسط» في لبنان.
وجه الكويت الثقافي المشع تمثل بـ «العربي»، وزادت عليه إصدارات عالم المعرفة وعالم الفكر وعالم المسرح والترجمة، هذه البوتقة شكلت معلماً أدبياً ومعرفياً في تاريخ الكويت، وكانت خير سفراء لهذا البلد الذي أنتج أعمالاً ثقافية منحته دوراً لم ينتهِ مفعوله بعد.
الخوف أن يتساقط هذا الإرث الحضاري بفعل بيروقراطية مخيفة قد تأكل الأخضر واليابس، وتنسف كل ما أنتجته الكويت عبر عقود مضت وقدمت فيها نماذج ناجحة في الحقل الثقافي والمعرفي والمهني.
لا أدري ما إذا كانت البيروقراطية هي السبب أم أشياء أخرى، جعلت البعض يتحسر على غياب منارات إعلامية عن المشهد الثقافي، تعمل مؤسسات ودول خليجية على سد الفراغ وتقديم بدائل عنها، وهذا ما نراه ونلمسه.
صحيح أن «العربي» موجودة على Online، لكن هذا الحضور متواضع جداً، في حين أن المطبوعات الأخرى تنام في سبات عميق!
الكويت نالت مسمى عاصمة الثقافة العربية وفق ترتيبات أخرى تسري على كل عواصم الدول العربية، لكنها مفارقة حزينة أن تتصادف المناسبة في ظل غياب أقوى أسلحة الثقافة التي رفعت اسم الكويت عالياً في فضاءات الساحات العربية.
عالم الإصدارات المطبوعة لن ينتهي، والدوريات التي اكتسبت شهرة عالمية لم تتوقف عن التوزيع، وإن واكبت ثورة الاتصالات وتكنولوجيا النشر ولم تتخلف عنها، بل ساهمت بزيادة الانتشار والتوسع الجغرافي وبلغات عديدة شملت أرجاء المعمورة.
ثمة صورة زاهية من «العربي» تعكس قيمتها وأهميتها، وهي أن هناك جهات عديدة تتسابق على اقتناء أعداد تاريخية منها، وهناك آخرون يوفرونها لك على مواقع السوشيال ميديا، أو يقدمون على فهرستها وتوفيرها مجاناً، كما فعل المرحوم محمد الشارخ بأرشفة الأعداد ودوريات عربية أخرى نظراً لما تمثله من قيمة ثقافية ومهنية وأدبية.