عربات نتنياهو وخيول ويتكوف!
بقلم: رجا طلب

النشرة الدولية –
اتصور ان نتنياهو هو الذي اختار اسم “عربات جدعون” وهو اسم العملية الجارية في غزة من ابادة وقتل، فالرجل مصاب بهوس العظمة والرغبة في تخليد اسمه ليكون اكثر اهمية في تاريخ الفكر الصهيوني وتاريخ دولة الاحتلال من هرتزل وبن غوريون وغولدا مائير و مناحيم بيغن، فجدعون هذا هو قائد عسكري من سبط منشي، وردت قصته في سفر القضاة بالتوراة حيث قاد 300 مقاتل لهزيمة جيش المديانيين الضخم بأمر من الاله، والمديانيون هم عرب من الجزيرة العربية كانوا يقطنون منطقة قريبة من مدينة تبوك الحالية او “مدين”، وتقول الرواية التاريخية أن جدعون بدأ حربه بـ 32.000 مقاتل، لكن الإله أمره بتقليص العدد فبقى 300 فقط وهؤلاء خاضوا المعركة بإيمان ويقظة وانتصروا على قوم مدين الذين هم قطاع طرق ومتجبرين حسب الرواية التوراتية، وعربات جدعون تسمية تحمل دلالات عنصرية ودينية وكأنها تقول ان اهل غزة هم المدينايون وقوم جدعون هم قوم نتنياهو الذي يريد بعدد قليل من الجنود والمؤيدين للحرب على غزة “ارجاع الاسرى” وهزيمة الهمجية التى حدثت في السابع من اكتوبر.
هذه التسمية مرتبطة بشكل عميق بنفسية وعقلية نتنياهو الذي اعلن ومبكرا بعد بدء العدوان على غزة في الثامن من اكتوبر انه يريد تحطيم حماس والمقاومة وتحقيق النصر المطلق، ولو حاولنا رسم صورة للنصر المطلق الذي يتحدث عنه نتنياهو سنجدة مكونا من العناصر التالية:
اولا: سحق حماس والمقاومة وذلك من اجل تحقيق العنصر الثاني.
ثانيا: اعلان حماس والمقاومة الاستسلام وتسليم ما لديها من اسلحة.
ثالثا: خروج القيادات والمقاتلين الى خارج قطاع غزة.
رابعا: البدء في عملية استيطانية واسعة وبوتيرة متسارعة لا تعيد القطاع الى ما قبل 2005 بل تغرقه بالمستوطنات وتبقي مساحة محدودة جدا في جنوبي القطاع على الحدود مع مصر (مشروع غزة الصغيرة).
لذلك ولكون نتنياهو تلقى وهو في كامل ” جبروته “السياسي” لكمة السابع من اكتوبر “وبغض النظر عن كيفية تقيمنا الان لهذه اللطمة او اللكمة فانه ومن اجل ان يدفن خيبة السابع من اكتوبر عليه ان يصنع نصرا مطلقا او كاملا يعيد اليه ليس مصطلح “ملك اسرائيل” الذي اختاره له معسكر اليمين المتطرف قبل عدة سنوات بل يريد ان يكون “جدعون” الذي هزم قوة وصفتها التوراة بانها همجية وطاغية بعدد لا يتجاوز 300 مقاتل فقط في توظيف غير انساني وغير اخلاقي للتوراة واساطيرها.
ولهذا فان نتنياهو الذي يملك حكومة بائتلاف قوي عمره القانوني حسب القانون الاساسي الاسرائيلي حتى ديسمبر من عام 2026 لديه فترة زمنية مدتها اكثر من عام ونصف العام تغريه بامكانية تحقيق “نصره المطلق وتغيير اسمه الى “جدعون”، ولتحقيق هذا الهدف سوف يستمر بالحرب والابادة لكل شيء في غزة “هذا خياره الاستراتيجي” .
والسؤال هنا هل تستطيع ادارة ترامب وعبر الوسيط ستيف ويتكوف ان تنجز صفقة تنهى الحرب؟؟
بكل تاكيد يستطيع لو اراد ترامب ذلك، فهو قادر على ايقافها في اللحظة ولكنه لاعتبارات تتعلق بارتباطه بمجموعات الضغط “الانجيلية” وهي مجموعات المسيحية – الصهيونية التى كانت سببا في فوزه بفترة رئاسته الاولى والثانية ايضا فانه لن يقوم بهذا الضغط لايقاف الحرب خاصة ان هذه المراكز مازالت ترى في اهداف نتنياهو التى اشرت اليها في بداية المقال تراها اهدافا تحقق المصلحة العليا لتعزيز وتثبيت “اسرائيل كدولة دينية يهودية” ستقوم عاجلا ام اجلا “ببناء الهيكل الثالث” في مكان المسجد الاقصى لتعجيل عودة “السيد المسيح” حسب معتقداتهم .
ولذلك واذا ما استمر الوضع السياسي الاسرائيلي على النحو الموجود حاليا واقصد معارضة سياسية هزيلة سواء اكانت هذه المعارضة من اليمين التقليدي المتشدد غير المتدين بزعامة يائير لبيد او حزب “الديمقراطيون” اليساري بزعامة يائير غولان والمكون من بقايا حزب العمل وميرتس وشخصيات يسارية تعارض تحول “اسرائيل” الى دولة يمينية تلغى علمانيتها، اذا استمر الوضع على ما هو عليه الان سيبقى نتنياهو ماضيا في محاولة تحقيق اهدافه خاصة ان مقترحات ويتكوف لعقد صفقة لوقف اطلاق النار ستكون بمثابة وقت اضافي او استراحة لجيش الاحتلال لمدة 60 يوما ليعود بعدها الى حرب ابادة غزة “على صهوة حصان” ستيف ويتكوف .