الحرب الإيرانية – الإسرائيلية: تقييم مبدئي للموقف
بقلم: سعد بن طفلة العجمي

النشرة الدولية –
أعلنت إسرائيل فجر الجمعة الحرب على إيران، حيث قصفت عشرات المواقع واغتالت قادة عسكريين ونوويين كباراً بينهم رئيس الأركان محمد باقري، ورئيس الحرس الثوري حسين سلامي وآخرون. وأعلنت إسرائيل على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو في تصريح رسمي أن الحملة العسكرية ستستمر أياماً وأنها تستهدف إنهاء البرنامج النووي الإيراني.
بدورها أعلنت إيران أن هذه حرب مفتوحة وليست كالضربات المحدودة والمنضبطة التي تبادلها الطرفان عام 2024. وفيما يلي تقييم أولي للموقف، وذلك أن التقييم الأشمل لنتائج هذه الحرب لن يكون قبل أن ينقشع الغبار وتضع هذه الحرب أوزارها.
– العملية العسكرية استهدفت قادة عسكريين ونوويين كباراً مما يعني اختراقاً استخباراتياً مفجعاً على الجبهة الإيرانية.
– العملية الجوية أثبتت أن الأجواء الإيرانية مستباحة للطيران الإسرائيلي الحربي من دون رادع أو إسقاط لأي من طائرات الجو الإسرائيلي حتى الآن. وشملت الضربات معظم المناطق الإيرانية الشاسعة في عشرات المواقع العسكرية والنووية.
– شلت العملية القدرات الدفاعية الإيرانية وسهلت للطيران الحربي الإسرائيلي الاستمرار بهذه الضربات بكل حرية على مدى الأيام المقبلة، كما صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
الموقف الخليجي
دانت دول الخليج العربي ما سمته “عدواناً سافراً” على إيران، واعتبرت الضربات الإسرائيلية خرقاً للأعراف والقانون الدولي. كذلك أجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان اتصالاً هاتفياً مع نظيره الإيراني عباس عراقجي ليعبر عن تلك الإدانة الشديدة.
كانت دول الخليج تسعى إلى عدم تفاقم الموقف للوصول للحرب كاستراتيجية للسلام تتبناها للاستقرار وتنفيذ مشاريعها التنموية، وهي اليوم تسعى – في الأقل – ألا يصل إليها شرر هذه الحرب أو ما قد يكون أقسى من ذلك على القواعد الأميركية بها، ومن ثم شمول الحرب المنطقة برمتها.
الموقف الأميركي
لعلها المرة الأولى التي تعلن فيها الولايات المتحدة النأي بنفسها عن الهجمات الإسرائيلية على دولة ما، فقد كانت أميركا في السابق تعلن تأييدها للاعتداءات الإسرائيلية وتبررها بالدفاع عن النفس، لكنها هذه المرة وعلى لسان وزير خارجيتها ماركو روبيو قالت إن الهجمات “أحادية الجانب”، وإن واشنطن غير مشاركة فيها، وإن هم الرئيس وإدارته هو حماية المصالح والقواعد الأميركية في المنطقة، كذلك أعلنت الولايات المتحدة نيتها الذهاب إلى مسقط بعد غد الأحد استئنافاً للمحادثات النووية بينها وبين إيران.
ارتباك حول اسم قائد الحرس الثوري الجديد: وحيدي أولا ثم باكبور
ويمكن قراءة هذا النأي على أنه حقيقي ومحرج للولايات المتحدة في الوقت نفسه، لأن إسرائيل أجهضت جهود إدارة الرئيس دونالد ترمب بالتوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران بدلاً من ذلك الذي مزقه عام 2018، أو لعل هذا النأي لذر الرماد في عيون الإيرانيين حماية لقواعدهم ومصالحهم، بل يرى بعض الإيرانيين أن الإعلان عن المحادثات الأحد كان ضمن “خطة تمويه” إسرائيلية – أميركية كي تطمئن طهران بأن إسرائيل لن تحاربها وهي تفاوض الراعي الرسمي لإسرائيل، أي الولايات المتحدة.
مستقبل المحادثات النووية
قد يكون من الصعب على الإيرانيين الذهاب للمحادثات النووية المزمعة مع الولايات المتحدة بمسقط بعد غد، لأن ذهابهم قد يفسره الشارع الإيراني على أنه استسلام “للشيطان الأكبر” بعد هجمات “الشيطان الأصغر”، ناهيك بأن المعطيات النووية قد تغيرت على الأرض، فعن أي محادثات سيذهب إليها الإيرانيون إن كانت مفاعلات نطنز وفوردو وبوشهر وقم وغيرها جرى قصفها وتدميرها؟ وعن أي مخصبات نووية سيتحدث الإيرانيون إن كانت قد أصبحت أثراً بعد عين؟
الموقف الإيراني وردود الفعل
لا شك أن واقع النظام الإيراني في حال لا يحسد عليها، فالاختراق الأمني والسيطرة الجوية والضربات التي لا تزال مستمرة وقت كتابة هذا التقييم، كلها تضعف النظام وتخلخل بنيته، لذا فإنه قد دفع دفعاً إلى خيار الحرب المر إن كان باستطاعته ذلك، فهي بدأت بشن المسيرات، وهددت على لسان المرشد علي خامنئي ووزير داخليته بأنها سترد رداً قاصماً بلا ضوابط أو قواعد.
ويبقى السؤال هنا، هل تقدم إيران على سياسة “عليَّ وعلى أعدائي وجيراني”؟ أم أنها ستحصر الرد على إسرائيل التي اعتدت عليها وخصوصاً أن أياً من جيرانها لم تنطلق منه أي طائرة للعدوان عليها؟
أي أرعن أو مجرم أو مجنون أو طامع يمكن أن يشن الحرب، لكن لا يمكنه التحكم بسيرها ونهايتها كما يشاء. فكيف سيكون حامي وطيس هذه الحرب المخيفة بين إيران وإسرائيل؟ هذا ما قد تكشفه الأيام وربما الساعات المقبلة.