وتحطمت الطائرات عند الفجر؟
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –
مشهد الطيران الإسرائيلي يجوب إيران من شرقها إلى غربها، ويضرب مواقع عسكرية ومراكز قيادات الحرس الثوري والجيش، ويغتال العلماء فجر يوم 13 يونيو 2025 دون أن تطلق رصاصة واحدة على هذا الهجوم المباغت بتوقيته، أعاد إلى الذاكرة قصة مشابهة حدثت يوم 5 يونيو (حزيران) 1967، وكتاب «وتحطمت الطائرات عند الفجر» الذي حقق شهرة واسعة.
الكتاب من تأليف جاسوس إسرائيلي يدعى باروخ نادل، يعرض فيه كيف اخترقت المخابرات الإسرائيلية عبر هذا الجاسوس الجيش المصري وفاجأته بضرب الطائرات المصرية الجاثمة على الأرض في المطارات العسكرية، دون أن تستطيع طائرة واحدة الإقلاع!
قصص مرعبة نسجها ورواها هذا الكتاب الذي مازال حتى اليوم يجري الاستشهاد به أو استحضاره عند الحديث عن نكسة مصر في مواجهة «العدو» الإسرائيلي.
المفارقة في الحالتين أن عنصر المفاجأة والاختراق من الداخل هو القاسم المشترك بينهما، في حين أن ما سبقهما يناقض ذلك تماماً.
في حالة مصر وحرب 1967 أغلق جمال عبدالناصر مضايق تيران يوم 22 مايو 1967، وأحكم الحصار البحري على إسرائيل، وطلبت مصر من قوات الطوارئ الدولية الانسحاب من المضايق يوم 19 مايو 1967، وكانت أصوات المعركة تدق آذان العالم كله، وأن النصر سيكون حليفنا، والاستعدادات على قدم وساق وسط استعراضات بما نملك من قوات «ودعم جماهيري» إلى آخر ما في هذا النوع من الخطابات المصاحبة بدخول الحرب، يضاف إليها خطابات «الريس» وتعليقات أحمد سعيد.
النتيجة… أن مصر فوجئت بالحرب وتحققت الهزيمة وبقي العرب يعدون العدة إلى أن «فاجأوا» العدو بحرب 1973، وكانت هي أيضاً محدودة، ترجمت على الأرض بفك التشابك بين القوات العربية والإسرائيلية.
ما شاهدناه في إيران على شاشات التلفزيونات صباح يوم الجمعة 13 يونيو 2025 كان مذهلاً إلى أن تغيرت الصورة مساء بعد الضربة الكبرى والموجعة، والتي فاقت بنتائجها حرب 5 «حزيران» 1967.
منذ شهر تحديداً وقبلها بسنوات وإيران تعلن وعلى كل المستويات والقيادات السياسية والعسكرية وأثناء المفاوضات النووية مع أميركا أنها مستنفرة وجاهزة، وسترد الصاع صاعين على أي تهديد إسرائيلي… صحيح أنها كانت ضحية لخديعة مشتركة من قبل إسرائيل وأميركا، وأن ترامب أعلنها بصراحة ووضوح وهو على علم ودراية بكل التفاصيل، لكن عنصر المفاجأة هناك أن إيران استبيحت بالكامل دون أن تطلق رصاصة واحدة على هذا «العدو»، وكانت جاهزة لمنازلته كما تقول… إلى أن تغيرت الصورة بعد أن لملمت جراحها واستعادت توازنها.
لقد تبدلت الصورة تماماً اليوم، فإذا كانت الشخصية الإيرانية نجحت في حياكة السجادة يدوياً وعلى مدى 35 سنة، في إشارة لقوة الصبر والصمود والمثابرة، لكنها اليوم أعطت الفرصة للعدو الإسرائيلي بأن يحيك سجادته بطريقة تكنولوجية متطورة وفي ساعات محدودة.
الحرب لم تنته بعد حتى كتابة هذا المقال، والمنازلة مستمرة، والسؤال: هل يتم تدمير المشروع النووي برمته أم يسقط النظام القائم؟ أم تستعيد إيران قوتها التي فقدتها أم تختلط الأوراق وتدخل أطراف أخرى في الحرب، ومن سيصمد أكثر ويحقق الأهداف التي وضعها في مواجهة مصيرية سترسم خريطة المنطقة من جديد؟