أقزام يتصدرون المشهد ويهددون الأوطان
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
تتغير زوايا الرؤيا ومنازل القمر والشمس، وتختلف في الليل عن النهار، لنشاهد بعد نصف قرن من الزمن الصورة الحقيقية لرجال كنت شخصيا أظنهم عمالقة ويظنهم المجتمع مفكرين، لكن مع إنقضاء عام وراء عام بدأت والمجتمعات نعرف حقيقتهم، وأنهم مجرد نمور من ورق وسراب زائف وتماثيل خشبية تصلح للتدفئة في فصل الشتاء، لذا لن تخدعنا بعد اليوم ملابسهم المرتبة الأنيقة ولا كلماتهم المنمقة المليئة بالكذب والخداع والتي يسطرها لهم الغاوون، ولن تنطلي علينا حيلهم الذكية التي اقتنعنا بها حين كنا صمٌ بكمٌ عمي، لكن اليوم تغير الحال وأصبحنا نسمع ونتحدث ونرى، لندرك حقيقة قزميتهم وسوء سريرتهم وحجم خطورتهم.
ظهروا في جميع مناحي الحياة وانتشروا في شتى الأماكن والدول كالسرطان، فنجدهم في السلطتين التنفيذية والتشريعية وفي الجامعات والمدارس والرياضة وادارتها، وفي الثقافة وبين كلماتها وفي الإعلام وفضائياته وصحفه ومواقعه، وهذه النوعية من السرابيين إن وضعناهم على ميزان أبي حنيفة النعمان سنقول: “آنَ لأبي حنيفة أن يمد رجليه”، وسنحورها لتصبح ” آن للشعب أن يمد رجليه”، لأننا شاهدنا خلال القرن الجديد عجائب الفعال وغرائب الأقوال ممن توقعنا منهم خيرا للبلاد والعباد، لنجد أن غالبيتهم جهلاء لا يملكون رؤيا ولا معرفة، وغالبيتهم سطحيون “دونكشوتيون” يبحثون عن الشهرة الشخصية بجهلهم فأرقوا الأوطان بسوء فعالهم.
وحين شككنا في ميزان أبي حنيفة قلنا لنضعهم على ميزان الفيلسوف سقراط لقياس أصحاب المناظر الخداعة في جلسات العلم وقلنا لهم فرداً فردا: “تكلم حتى أراك”، وليتنا لم نفعل ليلطم سقراط قبلنا على خديه في قبره من سوء ما سمع من فكر رقيع استعراضي وضيع، وقلنا لعل ميزان سقراط أعوج أو سقيم فلنضعهم على ميزان علي بن أبي طالب باب مدينة العلم حين قال:”الرجال صناديق مغلقة مفاتيحها الكلام”، لتستمع الشعوب من كذب المسؤولين أصناف وأنواع لم تخطر على فكر بشر ولم نجد لها مثيلاً في كتب التاريخ، فالسياسة نفاق وجهل والاقتصاد فساد وعمولات، والتشريع بالأمر والقهر ونقص بالفكر، والحوار ممنوع الا من قال موافق، والتخطيط الرياضي الثقافي مفقود، والأبواب لهذه المدن موصدة إلا لمن تجاوز فحص الذكاء وثبت غباءه، لندرك بعد مرور سنوات طوال كم كنا حمقى حين ساد أقزام الفكر الأقوام ، وهم أشخاص ظننا حينها أنهم مؤتمنون على الأوطان من حكومات ومجالس أمة ورجال اقتصاد وثقافة وسياحة ورياضة وإعلام، فظلال هؤلاء طويلة وأفعالهم قصيرة، ليغيبوا عن المشهد كلما جن الليل وحين تغيب الشمس يتفرغون لنزواتهم وحياكة خططهم لتثبيت مكانتهم، وفي ذات الليلة تبقى الأوطان تتألم والشعوب تُعاني ولا أحد يُبالي.
آخر الكلام..
لا أقصد شخص بعينه إلا من قال أنا فهو أخبر بسريرته مني، كما كان يهوذا أعلم بسريرته حين قال المسيح لتلاميذه في العشاء الأخير بأن خيانه ستحصل، فقال يهوذا للسيد المسيح: هل انا هو يا سيدي، فقال له أنت قلت، فمن هم أحفاد يهوذا الجدد الذين سيقولون:”هل هم نحن من خان الأمانة”، لذا لا تلوموني إن شككتم بأنكم المستهدفون ولوموا أنفسكم وفكركم القاصر.