بعد أن تُطوى صفحة “الرئيس القوي”
بقلم: ايناس كريمة
النشرة الدولية –
لبنان 24 –
قد تكون احدى التحليلات الاساسية التي تسيطر على الاجواء السياسية في هذه المرحلة هي أن صفحة “الرئيس القوي” قد طُويت وأنه مع انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون لن يكون بعد ذلك، أقلّه في الدورة المقبلة، رئيساً ذا تمثيل شعبي كبير وذلك لأسباب عديدة، الامر الذي يزيد من حظوظ شخصيات أخرى ذات مواصفات سياسية مختلفة.
استطاع الرئيس ميشال عون خلال الفترة التي سبقت انتخابه رئيساً للجمهورية، من حيث تحالفاته الثابتة والتسويات التي عقدها في اللحظة الاخيرة، تثبيت فكرة أن الممثل الاقوى في طائفته من حقّه أن يصبح رئيساً للجمهورية كما أن الممثل الاقوى للطائفة السنية يكون عادة رئيساً للوزراء وكذلك بالنسبة للطائفة الشيعية في رئاسة مجلس النواب، الامر الذي احتسبه عون انتصاراً عظيماً للمسيحيين.
لكن هذه المعادلة تعرّضت لانتكاسات قاسية بعد اندلاع الثورة الشعبية في 17 تشرين والتي صوّبت حراكها ضد عهد الرئيس ميشال عون، اضافة الى الانهيار الشامل الذي ألقى بثقله خلال فترة حُكم “الرئيس القوي”، ما هشّم الى حد كبير هذه القاعدة وتسبّب بسقوطها تدريجياً. من هُنا انطلقت النظرية التي تقول بأن الرئيس المقبل لا يمكن أن يكون بالصفات السياسية المشابهة لصفات عون.
ترى مصادر مطّلعة أن عدم وضوح الطرف الاقوى مسيحياً سيلعب دوراً كبيراً في تراجع القاعدة التي أرساها “التيار الوطني الحر” بانتخاب الرئيس القوي، إذ من هو الاقوى في الساحة المسيحية اليوم؟ لا احد يستطيع، بحسب المصادر، ان يحسم ذلك لأن الامر بات يخضع لوجهات نظر واخرى متناقضة، فلا “التيار” الاقوى ولا “القوات”، لا سيما وأن ثمة قوى اخرى متمثلة في المجلس النيابي تمثل جزءاً لا بأس به من المسيحيين في حال استطاعت الانضواء في تكتّل واحد.
الاهم في هذا الموضوع، ان لبنان مقبل على تسوية تساهم بإنقاذه في الساحة السياسية، الامر الذي سيؤدي حتماً الى تغيير في شكل الرئيس المقبل. وإذا كانت التسوية تقضي بالمُضي في خطوات انقاذية جدية فإن هناك اطرافا قد تتنازل عن فكرة إيصال مرشحيها الى سدّة الرئاسة، في مقابل تنازل من الاطراف المواجهة عن مرشحيها أيضاً، ما يعني أن التسوية قد ينتج عنها ولادة شخصيات جديدة غير سياسية أو حزبية.
وبحسب المصادر، لو تنازل “حزب الله” وحلفاؤه مثلاً عن ترشيح شخصية من فريق 8 اذار، وتراجع ايضاً الفريق الاخر عن تسمية احدى الشخصيات المطروحة، يصبح البحث في المنطقة الوسط عن شخصية مقبولة من الجميع، وهذه الشخصية لا تتوافر في أي من الاحزاب السياسية نظراً للاصطفافات الواضحة، لذلك فإن شخصية تكنوقراط ذات علاقات متوازنة مع كل الاطراف ستدخل دائرة البحث مع مراعاة عدم وجود أي ڤيتو سياسي ضدها.